ملخص تنفيذي
##إخفاق مستمر: سياسات البنك الدولي للأراضي الفلسطينية المحتلة
[تحميل ملف الملخص التنفيذي](http://www.al-shabaka.org/wp-content/uploads/2014/05/TartirWildeman_ExecSum_Ar_Oct_2012.pdf) (PDF)
للاطلاع على الورقة كاملةً وقراءة المزيد أو تحميلها [انقر هنا](http://www.al-shabaka.org/ar/policy-brief/economic-issues/%D8%A5%D8%AE%D9%81%D8%A7%D9%82-%D9%85%D8%B3%D8%AA%D9%85%D8%B1-%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%86%D9%83-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D9%8A-%D9%84%D9%84%D8%A3%D8%B1%D8%A7%D8%B6%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84%D8%B3%D8%B7%D9%8A%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AD%D8%AA%D9%84%D8%A9).
يُشخّص تقرير البنك الدولي بشأن النمو "[نحو استدامة اقتصادية لدولة فلسطينية مستقبلية: تعزيز النمو بقيادة القطاع الخاص](http://siteresources.worldbank.org/INTWESTBANKGAZA/Resources/GrowthStudyEngcorrected.pdf)" الحالةَ الراهنة للاقتصاد الفلسطيني، والعقبات التي يواجهها، ومواطن ضعفه الرئيسية، وتشوهاته الهيكلية والبنيوية. ويقدم التقرير أيضًا توصيات سياساتية يزعم أنها ستقود إلى تنميةٍ اقتصاديةٍ مستدامة تستند إلى نموذجٍ للنمو يعتمد على التصدير والقطاع الخاص.
وجاءت استنتاجات التقرير الصريحةُ بشأن حالةِ الاقتصادِ الفلسطيني الراهنةِ كما كان متوقعًا إلى حدٍ كبير، إذ تصفه بالهش والمعتمِد على المساعدات الخارجية. ويقولها التقرير صراحةً إن هذا النمو القائم على المعونة غير مستدام، ولا سيما أن مستويات المعونة تلك مُرشحةٌ للتراجع بمرور الوقت. أمّا الأمر المستغرب في التقرير فلا يكمن في تشخيصه السلبي للاقتصاد الفلسطيني وإنما في توصياته. فهو يكشف أن البنك الدولي قد فشلَ مرةً أخرى إذ لم يأخذ في الاعتبار ظروفَ الاحتلال الفعلية والسياسات التاريخية التي ظلت الحكومة الإسرائيلية تنتهجها ضد الفلسطينيين. ولهذا الفشل عواقبُ وخيمةٌ.
يؤثر البنك الدولي تأثيرًا هائلًا في طُرق المانحين في تقديم المعونة في فلسطين المحتلة، بل إنه مَن صمّم نظام المعونة الذي اعتمده المجتمع الدولي إبان عملية أوسلو للسلام في مطلع التسعينيات من القرن الماضي. وظل البنك الدولي منذئذٍ يصف للمانحين توصياتٍ سياساتيةً لا تأخذ في الاعتبار التاريخَ والواقعَ الإنساني للفلسطينيين المكافحين من أجل البقاء على مدى عقودٍ من الاحتلال العسكري الغاشم. وتبالغ توصيات البنك تلك في تقدير قدرةِ السلطة الفلسطينية على تنفيذ السياسات والتحكم في الاقتصاد، بينما تتجاهل افتقار السلطة إلى السيادة السياسية، وانعدام سيطرتها على أراضيها، واعتمادها شبه الكامل في التمويل على الجهات المانحة الخارجية.
ولا يبدو أيضًا أن البنك الدولي قد وعى الآثار السلبية التي خلّفها الاندماج الاقتصادي القسري مع إسرائيل على الاقتصاد الفلسطيني. فبفضل الاندماج، تمكنت إسرائيل من استغلال السوق الفلسطينية الأسيرة المعزولة عن العالم الخارجي، واقتاتت كطفيلٍ على الاقتصاد الفلسطيني الأضعف من اقتصادها بكثير. وفي الوقت نفسه، استُخدم الاتحادُ الجمركي الذي أنشئ بموجب بروتوكول باريس كأداةٍ في يد الحكومةِ الإسرائيلية لحجب الأموال عن الفلسطينيين لمعاقبتهم على أي سياسةٍ لا تحظى بموافقة إسرائيل، وحذت حذوها في اتباع هذه الممارسة الجهاتُ المانحةُ الرئيسية التي تولي أولويةً لعلاقتها بإسرائيل.
لا يمارس الفلسطينيون أي سيطرةٍ فعلية على أرضهم، حيث يتحكم الجيش الإسرائيلي بالضفة الغربية وقطاع غزة، ويشن غارات متكررة عليها، ويحُدّ بشدة من تدفق السلع ومرور المسافرين. لقد عكفت حكومةُ إسرائيل منذ بداية أوسلو على إعاقة عملية السلام وتخريبها، إلا أن المجتمعَ الدولي والكثيرَ من الهيئات الدولية البارزةِ المشاركةِ في "عملية السلام" كالبنك الدولي لم يحاسبوها على مكرها وخداعها.
لا، بل إن البنك الدولي تبنّى سياسةَ تحييد اللغة المستخدمة في نقده آثارَ الاحتلال، إذ يوظِّف عبارات مُلطِّفة تقلل من شأنها. وهو يتجه، في الوقت نفسه، إلى فلسطين والفلسطينيين بحثًا عن أسبابٍ لتفسير فشل توصياته. ويتجاهل البنك أخطاءَه تجاهلًا وبيلًا، ويُعلِّق الفشل على غياب القرار الفلسطيني في مجال السياسات. وغالبًا ما تكون التوصيات السياساتية التي يقدمها البنك غير دقيقةٍ سياقيًا لدرجةِ أن تنفيذها يغدو سخيفًا وخطيرًا، والتوصيات الواردة في تقرير النمو الأخير تضرب خيرَ مثالٍ لذلك.
إن من الأهمية بمكان أن ندرك مدى حتمية فشل معظم المشورات السياساتية الصادرة عن البنك الدولي لأن توصياته تشكل الأساس الذي ينطلق منه المانحون الدوليون في تصميم [برامجهم للمعونة](http://lnweb90.worldbank.org/oed/oeddoclib.nsf/DocUNIDViewForJavaSearch/3F3D58D22EC51BB3852567FC0057B000/$file/185precis.pdf). فمن غير المجدي وضعُ برامج مساعداتِ للفلسطينيين دون اعتبار الآثار الكاملة المترتبة على الاحتلال والمشروع الاستعماري الاستيطاني. وليس لتقرير النمو الأخير فائدةٌ غير أنه يكشف عن أن الاقتصاد الفلسطيني يعيش حالةً حرجةً من التلف والعطب. إن عجز البنك الدولي عن تقديم توصيات سياساتية ترتبط بالسياق الفلسطيني وتأخذ بعين الاعتبار آثارَ الاحتلال يجعلُ مشورتَه غيرَ ذات صلةٍ بالواقع. وقد آن الأوان للبحث عن نماذجَ معونةٍ بديلةٍ لا تبتكر أساليبَ جديدةً تُعين الفلسطينيين على تحمِّل أعباء الحياة في ظل الاحتلال، وإنما تتصدى لسياسات الاحتلال الجائرةِ وتسعى لوضع حدٍ لها وإنهاء الاحتلال. وهذا وحده ما يمكن أن يُفضي إلى نموٍ اقتصادي حقيقي وتنمية مستدامة.