يجلس من يراقب للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي هذه الأيام على حافة كرسيه بانتظار كيفية تعامل حكومة الائتلاف الإسرائيلية الجديدة التي يجري تشكيلها فيما يتعلق بالضوء الأخضر الذي منحته إياه إدارة ترامب لضم المزيد من أجزاء الضفة الغربية، الا انه وبغض النظر عما إذا كانت ستتم عملية ضم أم لا، فان اسرائيل خسرت من الآن.خلقت زيارة وزير الخارجية مايك بومبيو إلى إسرائيل الأسبوع الماضي، والتي استمرت 16 ساعة، اشارات تنبيهية حمراء للبعض. هل من الممكن أن يكون رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وقد أسكرته السلطة والإفلات من العقاب قد أخذ بزمام “صفقة القرن” الخاصة بترامب وسيطبقها بأسرع مما ترغب به الإدارة الأميركية؟ من الواضح أن العالم لم يقتنع بأي جزء من خطة ترامب الفاشلة “السلام نحو الازدهار” – لا الفلسطينيين ولا الدول العربية ولا الاتحاد الأوروبي ولا حتى أنصار إسرائيل بما في ذلك المخلصين منهم.
كتب ديفيد هالبفينغر ولارا جيكس في النيويورك تايمز قائلين: “إذا أعطت الولايات المتحدة من خلال مقترح الرئيس ترامب للسلام للسيد نتنياهو الضوء الأخضر حول عملية الضم، فمن المحتمل أن هذا الضوء قد تحول الآن إلى الأصفر.” (النيويورك تايمز، 13 أيار 2020). كذلك أشار الكاتبان إلى أن “المفتاح حسب قول المسؤولين والخبراء يكمن في التوقيت. لقد جاءت [زيارة بومبيو] عشية تولي الحكومة الجديدة التي تبدو منقسمة حول فورية ضم حوالي 30% من الضفة الغربية المحتلة.”

بعد ذلك، جرى وبسرعة تأجيل قيام الحكومة الإسرائيلية الجديدة حلف اليمين من مساء الخميس المخطط له إلى يوم الأحد، الأمر الذي أثار المزيد من الشكوك حول تأثير زيارة بومبيو المحدد في هذه الأمور الإسرائيلية الداخلية. وإن كان هناك تأثير فعلاً، فليست هذه هي المرة الأولى التي تتدخل فيها الولايات المتحدة في الشؤون السياسية الإسرائيلية، بل قد يكون عدم تدخلها هو الاستثناء..

كلمات كبيرة

على الجانب الفلسطيني، قال رئيس الوزراء محمد اشتية في مؤتمر صحفي مساء الخميس في رام الله إن الرئيس محمود عباس سوف يرأس اجتماعاً للقيادة الفلسطينية يوم السبت “لاتخاذ القرار المناسب.” وقد قال اشتية عن الحكومة الإسرائيلية الجديدة والتي أوشكت على أن تحلف اليمين: “سوف نصغي لبرنامجها السياسي الذي ينادي بضم أراضِ فلسطينية وفرض السيادة [الإسرائيلية] على المستوطنات.” الفرضية هنا هي أنه إذا تم الإعلان عن برنامج سياسي كهذا فسوف يتصرف الفلسطينيون فوراً دون الانتظار لأول شهر تموز، وهو التاريخ الذي اتفق أطراف التحالف الإسرائيلية عليه قبل القيام بأية عملية ضم.

لقد غدت مثل هذه التصريحات التهديدية هذه أمراً نمطيا في فلسطين، ولكن الفرق هذه المرة هو أن مشاعر الجمهور الفلسطيني هي أن القيادة الفلسطينية اعترفت أخيراً أنها وصلت نهاية المطاف والجزء الاخير من حبل معاهدات أوسلو وأنها قد تكون في عجلة من أمرها لأن تتصرف أخيراً حتى لا يتم شنقها بهذا الحبل عندما تقرر إسرائيل رسمياً تركه.

كذلك يظهر الاتحاد الأوروبي، الذي عمل على ضمان معظم السنوات الخمس والعشرين من فشل الولايات المتحدة في عملية سلام الشرق الأوسط، مضطرباً وغاضباً من التحركات الإسرائيلية للضم المحتمل. فقد كتب هيو لوفات، وهو زميل في السياسة في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية: “سوف يتسبب ضم الضفة الغربية بوضع نهاية لحلّ الدولتين المفضّل لدى الاتحاد الأوروبي. يتوجب على المعايير الدولية وقوانين الاتحاد الأوروبي نفسها الآن أن تشكّل قاعدة لعلاقات ما بعد الضم مع إسرائيل.” ويضيف لوفات: “سوف يتخطى الضم، بغض النظر عما إذا بدأ بمربع استيطاني واحد أو بمعظم المنطقة ج، عتبة من المستحيل تقريباً العودة عنها. قد تكون مجمل التداعيات التي تطلقها حركة كهذه بطيئة في حدوثها ولكنها حقيقية، وسوف يتحدّى هذا مصداقية الاتحاد الأوروبي ووثاقة علاقته بالموضوع، وسوف يُفشل كذلك أساسيات النظام العالمي المرتكزة على القانون الدولي ، وبالذات عدم جواز ضم الأراضي من خلال استخدام القوة.” ويتكهن لوفات أنه “بعد عملية الضم، سوف يعيش الفلسطينيون تحت نظام فصل عنصري أكثر وضوحاً.” ليس من العجيب أن يتحدث الاتحاد الأوروبي للمرة الأولى عن عقوبات اقتصادية محتملة ضد إسرائيل إذا تابعت التقدّم في أي شكل من أشكال الضم.