يعاني الفلسطينيون القابعين تحت وطأة الاحتلال جراء التغيرات المناخية أكثر من غيرهم من الشعوب الأخرى، فقدرة الفلسطينيين على التكيف مع المتغيرات المناخية تواجه العديد من العقبات التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي الاستعماري على الأرض الفلسطينية، والتي تحد من وصولهم إلى الموارد واتخاذ تدابير تدعم تكيفهم مع تغير المناخ، وتقف حائلاً امام إدخال التعديلات المطلوبة في النُظم البشرية أو الطبيعية استجابةً لتأثيرات التغير المناخي. فوجود إسرائيل، كقوة احتلال على الارض، لا يعفيها من مسؤوليتها قانونًا عن تلبية احتياجات السكان الواقعين تحت احتلالها، وهذه المسؤولية تشمل بموجب اتفاقية لاهاي الرابعة الوصاية على الموارد الطبيعية.

في الحالة الفلسطينية، تُعزى التحديات التي تواجه جهود التعامل مع تغير المناخ إلى المشهد السياسي المُجزأ في فلسطين، والذي تؤثر فيه ثلاثة أطراف فعالة مختلفة ومتنافرة، وهي اسرائيل التي تتحكم في القدس المحتلة ومرتفعات الجولان والمنطقة (ج) وغور الأردن في الضفة الغربية، والسلطة الفلسطينية التي تسيطر على المنطقتان (أ) و(ب) في الضفة الغربية، وحركة حماس التي تدير قطاع غزة. أسفر هذا الواقع السياسي والاجتماعي على الأرض الفلسطينية عن تفاوتٍ كبير في مدى التأثر بتغير المناخ والقدرة على التعامل معه، او الخروج بتخمينات منسَّقة حول آثاره بسبب شُح البيانات وغياب الاتساق في عملية جمعها. وبالرغم من أن آثار التغير المناخي تتشابه عمومًا بين تلك المناطق الثلاث، إلا أن جُل التركيز السياسي والبحثي، العام والمناخي، يتعامل مع الأرض الفلسطينية المحتلة بمعزلٍ عن أرض فلسطين التاريخية.

مؤخراً، أظهرت الأرقام والإحصائيات التي نشرت حول الآثار المدمرة للتغير المناخي على الأرض الفلسطينية الخطر المحدق بسكانها. ولكن هذا لا يعفي الاحتلال الإسرائيلي من اعتباره الخطرَ غير البيئي الأكبر المحدِق بالفلسطينيين في الأرض الفلسطينية المحتلة، وهو على قدرٍ من التغلغل لدرجة أن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي يُعده “خطرًا” بيئيًا بحد ذاته، فالقيود المفروضة على حرية حركة الناس والبضائع، وجدار الفصل العنصري، والاستيلاء على الأراضي، والتوسع الاستيطاني، وعنف المستوطنين، وسوء إدارة السلطة الفلسطينية، جميعها عوامل تهدد أمن الفلسطينيين المائي والغذائي، وبالتالي تزيد قابليتهم للتأثر بتغير المناخ. وبالرغم من تطوير الفلسطينيين لأدوات وأساليبَ قصيرة الأجل للتعامل مع هذه السيطرة الإسرائيلية المتفشية، الا ان تلك الأساليب غالباً ما تكون على حساب الاستدامة بعيدة الأمد وعلى حساب الصحة العامة التي باتت تواجه خطرًا كبيرًا.

لقد أفضت سياسات وممارسات الاحتلال الإسرائيلي الى إضعاف قدرة الفلسطينيين على الصمود، وجاهزيتهم أمام تهديد التغير المناخي، في الوقت الذي تتمتع فيه إسرائيل بقدرة جيدة على التكيف مع آثار التغير المناخي بشكل يجعلها أقل عرضةً للتأثر والتضرر. يُعزى بعض الفضل في جاهزية إسرائيل لمواجهة التغييرات المناخية إلى القرار الذي أصدرته الحكومة الاسرائيلية في العام 2009 والذي دعت خلاله الى وضع خطة تكيف وطنية. وقد أسفرت تلك العملية عن إنشاء المركز الإسرائيلي المتخصص لمعلومات تغير المناخ الذي يعمل على جمع المعرفة العلمية والسياسات لرفد التخطيط الوطني وإدماج استراتيجيات التكيف في المخططات الرئيسية وخطط العمل في مجالات مثل المياه، والطاقة، والتنوع البيولوجي، والزراعة، والصحة العامة، والبناء المُستدام. ولا تقتصر سياسات إسرائيل المناخية على التكيف فقط مع تلك المتغيرات، فقد أعلنت إسرائيل قُبيل انعقاد مؤتمر باريس للتغير المناخي في 2015 هدفًا لخفض الانبعاثات بحلول 2030 مثل خفض استهلاك الكهرباء بنسبة 17% وتوليد 17% من كمية الكهرباء المستهلكة من مصادر طاقة متجددة، وخفض 20% من الانبعاثات الناجمة عن وسائل النقل. وفي 2016، أقرَّت الحكومة الإسرائيلية خطةً وطنية لتقليل انبعاث غازات الدفيئة وزيادة كفاءة استخدامات الطاقة.

وينظر المجتمع الدولي إلى إسرائيل كدولة متقدمة تكنولوجيًا ورائدة في الإدارة الخضراء، غير أن هذه السمعة الحسنة تُنافي السياسات المضرة بيئيًا المفروضة على السكان الفلسطينيين الخاضعين للاحتلال، وتُناقِض استمرار إسرائيل في نهب الموارد.