لم يعد يخفى على أحدٍ حقيقة أن حلّ الدولتين قد انتهى إلى الأبد، وذلك بعد أن أفضى ربع قرنٍ من عملية أوسلو العقيمة إلى وقائع على الأرض لا يمكن إنكارها أو تجاهلها.«فالاحتلال العسكري» كمصطلح يُستخدم لوصف الوجود الإسرائيلي على الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، أصبح مصطلحاً بائداً ومُضلِّلاً. فما نجده على الأرض بإقرار الجميع هو توليفة معقّدة من الاستعمار الاستيطاني والفصل العنصري جعلت حياة الفلسطينيين مستحيلة في كيان سيادي مستقل. أما المتطلبات المسبقة الأساسية لقيام الدولة الفلسطينية فهي في الواقع العملي غير موجودة. وفي حين بات الجسم السياسي الفلسطيني يعاني من انقسام حاد ويفتقر إلى الاستقلالية الحقيقية، تعاني القواعد المناطقية والاجتماعية من شدة التجزؤ والتشرذم، وتم ترك فلسطينيي الشتات واللاجئين بدون تمثيل. أما الاقتصاد، فما زال أسيراً ومعتمداً في هيكله على اقتصاد الاحتلال والمساعدات الدولية.
تشير الإجراءات الأخيرة المنسَّقة خطواتها بين الولايات المتحدة وإسرائيل، مثل نقل السفارة الأميركية إلى القدس، وقطع المساعدات كلياً عن وكالة الأونروا وإغلاق مؤسساتها في القدس، وقبلها إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، إلى أن الولايات المتحدة وإسرائيل قد تخلَّتا فعلياً عن حل الدولتين الوهمي بهدف منح إسرائيل الهيمنة الكاملة على حساب الحقوق الفلسطينية الأساسية غير القابلة للتصرف.

وبالرغم من أن الاتحاد الأوروبي وغيره من الفاعلين في المجتمع الدولي ما يزالون متمسكين قولاً لا فعلًا بحل الدولتين، فإنهم عاجلاً أم آجلاً سيدركون أن الجمود قد وصل إلى نقطة اللاعودة بالرغم من كل المعونة والمساعدات التي أُنفقت حتى الساعة على بناء المؤسسات الفلسطينية. وهذا يعني أنه ما عاد من أفق لاستخدام شعار حلّ الدولتين كأداة فعّالة لإدارة الصراع إلى أجل غير مسمى. وفي حين أن «صفقة القرن» التي اقترحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب تحمل إجحافاً بغيضاً صريحاً بحق القضية الفلسطينية، إلا أنها قد تتسبب عن غير قصد في إحراز تقدمٍ كبير نحو بدائل أخرى.