شهدت هذه الموجة من التصعيد تطورا تكتيكيا ملحوظا على أداء المقاومة الفلسطينية والتي أدارات المعركة بحرفية كبيرة من حيث القدرة على اختراق القبة الحديدية وإصابة مبنى في عسقلان بشكل مباشر، إضافة لرسالة حافلة الباص والتي أرادت على ما يبدو من خلالها المقاومة أن توجه رسالة للحكومة والجيش الإسرائيلي، بأن غزة لن تكون نزهة لكم.

نجحت الجهود المصرية في تثبيت التهدئة، ولجم التصعيد الإسرائيلي الأخير والذي جاء كعادته باستهداف المباني والابراج السكنية والتي يعتبرها الاحتلال الإسرائيلي” بنك أهداف” له، وسادت حالة من التذمر داخل الشارع الإسرائيلي، خصوصاً عقب استقالة وزير الجيش ليبرمان من منصبه، وانسحاب كتلته البرلمانية من الائتلاف اليميني الحاكم في إسرائيل. الموافقة الإسرائيلية على التهدئة عقب الأداء الممنهج والتكتيكي للمقاومة في إدارة موجة التصعيد وإلحاق الأذى فعليا بقوة الردع الإسرائيلية، والتي ظهرت كما لو أنها فقدتها على أرض الواقع، أثار ولا يزال يثير موجة من الأسئلة حول دوافع إسرائيل لقبول التهدئة. علماً بأنها في كل العدوانات السابقة كانت تخرج تحت كثافة النيران والدمار الذي تضرب به قطاع غزة.

لكن يبدو أن هناك جملة من المحددات فرضت نفسها على الموقف الإسرائيلي تمثلت في التغاضي عن المضي قدمًا في مواصلة اعتدائها في موجة التصعيد الأخيرة. المحدد الاول يرتبط بالسعي الدؤوب لفرض قبولها ليس كقوة اقليمية فحسب في المنطقة، وإنما كقوة مهيمنة وصديقة للدول العربية التي بدأت في التطبيع العلني معها سواء من خلال التطبيع الرياضي كما حدث في دولة الإمارات المتحدة أو في قطر من خلال ووفود رياضية ترأستها وزيرة الثقافة الإسرائيليّة ميري ريغيف والتي لا تترك مناسبة، إلّا وتعمل على إبراز وإشهار عنصريتها، وكرهها للعرب والفلسطينيين. ما تخشى إسرائيل فقدانه إذا دخلت في حرب مفتوحة مع قطاع غزة هو ان تتسبب مشاهد القتل والدمار في إحراج الحكومات العربية أمام شعوبها الأمر الذي من شأنه أن يُراجع خطوات التطبيع مع الدول الخليجية على وجه التحديد.