تجلى دور الولايات المتحدة الأمريكية كوسيط غير نزيه للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين كما لم يتجلَّ من قبل في المؤتمر الصحفي الذي عقده الشهر الماضي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. كان اللقاء بين هذين الزعيمين نقطةَ تحول بالنسبة للفلسطينيين. فمنذ انطلاق عملية السلام، كانت هذه هي المرة الأولى التي يصرح فيها رئيسٌ أميركي على الملأ بأن حل الدولتين ليس الإطار الوحيد القابل للتطبيق من أجل السلام، بحسب صحيفة نيويورك تايمز.قضى الرئيس ترامب، في دقائق معدودة، على عقودٍ من الدبلوماسية والأمريكية المتعهَّدة بعناية، وإنْ كانت معيبةً ومتحيزة إلى حدٍ بعيد. ومع ذلك، علينا أن ننتظر لنرى ما إذا كان مفهوم ترامب الجديد سوف يستتبع تحوَّلا حقيقيًا في فترته الرئاسية عن صيغة حل الدولتين المعيبة. وسارَع نتنياهو إلى طرح رؤيةٍ بديلة، لم يقدر ترامب – أو لم يرغب – في رفضها. فقد أعلن نتنياهو أن على الفلسطينيين، كشرط مسبق للسلام، أن يعترفوا بإسرائيل كدولة يهودية ويذعنوا لاستمرار السيطرة الأمنية الإسرائيلية على كامل الأراضي الواقعة غرب نهر الأردن. ألمح الزعيمان أيضًا في رؤيتهما المشتركة إلى اعتماد نهج إقليمي من أجل فرض اتفاق أو إطار على الفلسطينيين، بموازاة تطبيع العلاقات بين إسرائيل وحلفاء الولايات المتحدة العرب في المنطقة.
كان إطار نتنياهو المقترح بمثابة التعبير الأوضح لواقع الدولة الواحدة، إذا كان هنالك واحدة. وتنطوي نسخته على دولة تحتفظ فيها إسرائيل بالسيطرة الإقليمية المطلقة على أرض فلسطين التاريخية كاملةً، دون منح سكان الأرض الفلسطينيين أي حقوق سياسية. هذه الرؤية ليست جديدة. فحتى رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل، إسحق رابين، الذي يوصف بأنه رجل سلام، أعلن في خطابه أمام الكنيست بشأن التصديق على اتفاقات أوسلو للسلام، “نريد لهذا [الكيان الفلسطيني] أن يكون كيانًا أدنى من دولة.”