تلقى الفلسطينيون، أخيراً، الأنباء من موسكو بشأن المصالحة الفلسطينية وآفاق حكومة الوحدة الوطنية بكثير من الشك، فقد سئموا من اجتماعاتٍ لا تُفضي إلا إلى مزيدٍ من التشرذم والفُرقة الفلسطيني، خصوصاً بين حركتي فتح وحماس اللتين أهلكتا المشروع الوطني الفلسطيني في السنوات العشر الماضية، باقتتالهما على سلطة وهمية وانتفاعات فئوية نخبوية. فلا تملك الحركتان أي رغبةٍ (أو قدرة) بالتوصل إلى اتفاق مصالحةٍ حقيقيٍّ، قابل للتطبيق، لأن الحركتين منتفعتان من الواقع الراهن، خصوصاً في ظل غياب أشكال المحاسبة الشعبية والمساءلة المحلية أو تغييبها. فلا يعقل أن يعلن أحد المجتمعين في موسكو عن التوجه للرئيس الفلسطيني خلال 48 ساعة من الاجتماع، من أجل البدء بمشاورات لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية. ولكن، تمضي الأيام وكأن شيئاً لم يكن. هذا الاستخفاف بعقول ومشاعر الفلسطينيين ومشروعهم الوطني الجامع مؤشر إضافي إلى درجة بُعد القيادات الفلسطينية عن الشعب، ولعمق فجوة التمثيل والشريعة، ولاهتراء النظام السياسي الفلسطيني الذي لا يملك أي مقومات، أو ميكانيكيات، للمحاسبة والمساءلة.