ملخص تنفيذي
المزارعون الفلسطينيون: معقلٌ أخير للمقاومة
للاطلاع على الورقة كاملةً وقراءة المزيد أو تحميلها انقر هنا.
المناطق الصناعية الفلسطينية: الخطر الجديد
تُمثِّل الزراعة الأسرية الصغيرة آخر معاقل المقاومة في وجه نظامٍ سياسي عالمي تُحركه الرأسمالية ويعمل على إذابة هويات الشعوب وتجريدها من سيادتها الغذائية لضمان هيمنة النخب السياسية والاقتصادية على الموارد البشرية والطبيعية على حد سواء.
بذلت إسرائيل منذ تأسيسها في 1948 جهودًا حثيثةً "لتحديث" المزارعين الفلسطينيين من خلال إدخال بذور وأساليب جديدة حدَّت من استقلالهم وفضَّلت الكمية على النوعية من أجل تلبية احتياجات المشروع الصهيوني الجديد.
لا يقتصر التهديد الذي يواجهه المزارعون الفلسطينيون اليوم على الاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي لأراضيهم، بل يشمل الحملة المتنامية التي تشنها السلطة الفلسطينية من أجل مصادرة الأراضي لغايات بناء المناطق الصناعية والتي تزعم أنها ستساعد المزارعين وتؤمن فرصَ العمل.
تساهم هذه المناطق الصناعية في تجريد الاقتصاد الفلسطيني من قدراته التحويلية؛ وتوسيع رقعة الهيمنة الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية المحتلة؛ وزيادة اعتمادِ الفلسطينيين على إسرائيل من حيث السلع وأسواق العمل؛ وتشريد الزراعة الأسرية الصغيرة، وهي القوة التي استدامت الشعب الفلسطيني والثقافة الفلسطينية لأجيال.
الزراعة في ظل الاحتلال وتطاول النيوليبرالية
ما انفكت إسرائيل منذ العام 1967 تُغرق القطاعَ الزراعي الفلسطيني بالمبيدات الكيماوية ومبيدات الأعشاب والأسمدة. وهي تدعو إلى اعتماد الزراعة أحادية المحصول التي تجعل المزارعين لقمةً سائغةً للوسطاء الذين يفرضون عليهم الأسعار وأنواع المحاصيل. وقد دفعت إسرائيل القطاع الزراعي كذلك نحو زراعة المحاصيل كثيفة العمالة في بيوت زراعية تستخدم المواد الكيماوية بكثافة والعمالة الرخيصة.
تشير الجولة الأخيرة من محادثات "السلام" التي توسطت بها الولايات المتحدة الأمريكية بين منظمة التحرير الفلسطينية/السلطة الفلسطينية وإسرائيل إلى أن هناك أهوالًا أخرى تتربص بالمزارع الفلسطيني.
تتبنى مبادرة الاقتصاد الفلسطيني التي أطلقها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري نهجًا إنمائيًا نيوليبراليًا تقليديًا نزوليًا من القمة إلى القاعدة يطرح حلولًا اقتصاديةً لمشاكل سياسية. وتندرج الزراعة ضمن مبادرة الاقتصاد الفلسطيني كواحد من ثمانية "قطاعات رئيسية" تستهدفها التنمية في المقام الأول من خلال المناطق الصناعية.
مَن المستفيد؟ ليس المزارع في جنين بالتأكيد
استملكت السلطة الفلسطينية في العام 2000 ما مجموعه 933 دونمًا (230.5 فدان) "للصالح العام" من أجل بناء منطقة جنين الصناعية. وفي هذا السياق، تعكف السلطة الفلسطينية على إخراج المزارعين من منطقة واحدة على وجه الخصوص – الرباعيات – بموجب قانون الاستملاك العام، الذي يتيح للحكومة شراءَ الأراضي بأسعار منخفضة إلزامية تحقيقًا "للصالح العام".
غير أن بعض المزارعين يرفضون التخلي عن مصدر رزقهم لأجل إنشاء منطقة صناعية ستمحو أسلوب حياتهم وتدمر مواردهم الطبيعية والاقتصادية. وقد رفعَ حوالي 20 مزارعًا دعوى قضائية ضد السلطة الفلسطينية يطعنون في مطالبتها بالأرض لاستخدامها للمنفعة العامة.
وبالرغم من جهودهم، تسلَّم المزارعون في نيسان/إبريل 2014 أوراقًا رسمية تجبرهم على قبول التعويض عن أراضيهم، والتي رفضوا بيعها في وقت سابق.
من جنين إلى أريحا
لا تعتمد مدينة أريحا الصناعية الزراعية على التعاون بين المستعمَر والمستعمِر وحسب، بل إن المدينة نفسها تقع في وادي الأردن الخصيب، الذي تريد إسرائيل السيطرة عليه في ظل أي دولة فلسطينية مستقبلية. ولأن لإسرائيل اهتمامًا بالغًا في هذا المجال، فإن العديد من الأراضي الزراعية المجاورة تخضع لسيطرة المستعمرات اليهودية، التي يُتوقع أن تكون من المستفيدين الرئيسيين من المنطقة الصناعية على حساب المزارعين الفلسطينيين.
يعيش المزارعون حالةً من القلق لأنهم يعتقدون بأن هذه المناطق الصناعية ليست مصممةً لكي تكون منتجة، بل لتكون بمثابة مرافق للتعبئة والتغليف لخدمة الإنتاج الغزير للحقول الزراعية. أمّا مزارعهم الأسرية الصغيرة فلا تستطيع أن ترفد عمليات صناعية ضخمة من هذا القبيل.
نداء إلى المجتمع المدني
يحتاج المزارعون الفلسطينيون إلى دعاة أشداء في الدفاع عن حقوقهم ضد سياسات إسرائيل و"الدولة" الفلسطينية. تُعد مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني والمنظمات غير الحكومية الفلسطينية جهاتٍ فاعلةً محليةً أقدر على الوصول المباشر إلى المنظمات والجهات المانحة الدولية التي تؤثر في سياسة التنمية في فلسطين، وبذلك يجب عليها أن تساعد في:
-
تأمين الدعم والموارد لمساندة المزارعين في كفاحهم لمقاومة المناطق الصناعية.
-
إتاحة سُبل ووسائل للمزارعين للتصدي للسلطة الفلسطينية، ولا سيما نظامها القضائي الذي يحرِم هؤلاء المزارعين حقوقَهم.
-
تطوير مشاريع بالتنسيق مع قادة المجتمع المحلي لدعم المزارعين ببنية تحتية بديلة لزيادة الإنتاج، والتسويق المحلي، وسلاسل الأنشطة المحلية المُضيفة للقيمة.
-
تنظيم حملة توعية عامة لتعرية خرافة مشروع بناء الدولة، الذي يخدم أجندةً نيوليبرالية عالمية على حساب المزارع الفلسطيني.