سجَّل نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس في أيار/مايو 2018 سابقةً خطيرة شجّعت إسرائيل على الإمعان في ضم الأرض الفلسطينية، ووجهت الدعوة إلى دول أخرى لخرق التزاماتها بموجب القانون الدولي. ومع أن الخطوة لاقت إدانةً من دول كثيرة، إلا أن دولًا أخرى حذت حذو الولايات المتحدة وفتحت سفارات لها في القدس. وسار التطبيع بسلاسة نسبية.
لطالما ظل المجتمع الدولي عاجزًا عن تأمين حقوق الفلسطينيين القانونية والتاريخية في القدس الشرقية والغربية على حد سواء. ومنها حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة، وحق استعادة الممتلكات، والحقوق السياسية كاملةً، بالإضافة طبعًا إلى التحرر من الاحتلال.
دأبت الأمم المتحدة والكثير من أعضاء المجتمع الدولي على إدانة ضم القدس الشرقية في 1967، في حين استمرت إسرائيل في ترسيخ سيطرتها على المدينة على الأرض من خلال التشريعات والقوانين. إن التطبيع الأخير للسيادة الإسرائيلية على القدس كاملة يُرسل الرسالة المعهودة بأن إسرائيل لن تواجه أي تبعات بسبب ضم الأرض الفلسطينية أو حتى انتهاك القانون الدولي.
فقد أخذ الاتحاد الأوروبي منحى خطابيًا جليًا إزاء القدس متماشيًا مع القانون والإجماع الدولي. ولكن هذا الرد الخجول من الدول الثالثة يدل على غياب إرادتها من حيث الالتزام بمسؤولياتها والتصدي لإسرائيل.
لا تنحصر المسألة في تخلي الدول الثالثة عن مسؤولياتها، بل تتعداها إلى حد التواطؤ، كما هي حال الاتحاد الأوروبي المتواطئ في الانتهاكات الإسرائيلية من خلال الروابط التجارية والتمويلية العديدة، مثل برنامج "أُفق 2020،" وهو برنامج بحثي ابتكاري تبلغ ميزانيته 80 مليار يورو.
غير أن الانقسامات داخل الاتحاد الأوروبي حيال القضية الفلسطينية تفرض تحديات. فبولندا وهنغاريا، على سبيل المثال، تحكمهما حكومتان متشددتان حليفتان لإسرائيل. وتحول ديناميات الاتحاد الأوروبي الداخلية دون اتخاذ أي إجراء فعال بشأن فلسطين.
وبالرغم من هذه القضايا والتحول العالمي نحو اليمين، ما يزال ثمة متسعٌ للاتحاد الاوروبي كي يضغط على إسرائيل. إن قوة الدعم الشعبي الأوروبي لحقوق الفلسطينيين وسيادتهم، وحقيقة أن الاتحاد الأوروبي مبني على القانون الدولي وحقوق الإنسان، تجعل من الاتحاد الأوروبي أحد الميادين القليلة المتبقية للسعي لإحراز حقوق الإنسان الفلسطيني في الساحة السياسية الدولية.
توصيات سياساتية:
1. ينبغي للاتحاد أن يحضَّ أعضاءه على إصدار بيانات فردية تدين نقل السفارة الأمريكية.
2. ينبغي للممثلة السامية للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي أن تؤكد وجوب التزام الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بمسؤولياتها كدول ثالثة وذلك بالامتناع عن التواطؤ في جرائم الحرب الإسرائيلية أو الانتهاكات الأمريكية للقانون الدولي.
3. يجب على الاتحاد الأوروبي أن يُعيد تقييم المبادئ التوجيهية لبرنامج أُفق 2020 المتواطئة أصلًا في جرائم الحرب الإسرائيلية.
4. يجب على الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء أن يطبقوا عدم الاعتراف الدولي بالسيادة الإسرائيلية على القدس.
5. على غرار السابقة التي شهدها العام الماضي حين طالبت ثمان دول أعضاء في الاتحاد الاوروبي بتعوضيات من إسرائيل بدل الألواح الشمسية الممولة من الاتحاد الأوروبي التي صادرتها إسرائيل من أحد المجتمعات البدوية، ينبغي للاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء منفردة أن ترفع دعاوى قضائية من أجل الحصول على تعويضات مالية من إسرائيل كلما أقدمت الأخيرة على تدمير إنشاءات أو مشاريع أوروبية.
6. يجب على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أن تؤكد حقوق الفلسطينيين القانونية والتاريخية في القدس بشطريها الشرقي والغربي.