لطالما كانت مراقبة الفلسطينيين جزءًا من مشروع إسرائيل الاستعماري، غير أن أساليب المراقبة باتت أكثر انتشارًا واقتحامًا لخصوصية الفلسطينيين بفضل التكنولوجيا الجديدة. تستخدم إسرائيل وسائل التواصل الاجتماعي على وجه الخصوص لمراقبة ما يقوله الفلسطينيون ويفعلونه كأفراد، ولجمع المعلومات وتحليلها بشأن مواقف عموم الفلسطينيين وتوجهاتهم.
دفعت هبة الغضب الفلسطيني التي انطلقت في تشرين الأول/أكتوبر 2015 ردًا على التوغلات الإسرائيلية في المسجد الأقصى إسرائيلَ لمراقبة حسابات الفلسطينيين على مواقع التواصل الاجتماعي على نطاق غير مسبوق. واعتقلت إسرائيل على إثرها نحو 800 فلسطيني بسبب تعليقاتهم المنشورة ولا سيما على موقع الفيسبوك.
كانت تلك الاعتقالات نتيجة استخدام خوارزميات لبناء شخصيات تعتبرها إسرائيل شخصيات لمهاجمين محتَملين. تخترق إسرائيلُ أيضًا حسابات الفيسبوك للوصول إلى معلومات خاصة توظفها في ابتزاز المستخدمين الفلسطينيين. وإسرائيل قادرةٌ على اقتحام الحياة الخاصة للفلسطينيين على هذا النحو لأنها تسيطر على البنية التحتية للاتصالات التي تستخدمها شركات الاتصالات والإنترنت الفلسطينية.
يفتخر موقع فيسبوك بأنه منصة مفتوحة مُسخَّرة لخدمة الجميع. ولكنه منحازٌ لإسرائيل. تنص إحدى قواعده المتعلقة بإدارة المحتوى، مثلًا، على أنه: "لا ينبغي للناس أن يؤيدوا أو يمثلوا أو يُثنوا على شخص... ينتمي لمنظمة إرهابية أو أي منظمة مكرَّسة في المقام الأول لترويع السكان أو الحكومة أو تستخدم العنف في مقاومة الاحتلال المفروض من دولةٍ معترفٍ بها دوليًا." وعلى هذا الأساس فرضَ موقع فيسبوك رقابة على ناشطين وصحفيين في مناطق محتلة ومتنازع عليها. ولا يشمل تعريفه للإرهاب إرهابَ الدولة الذي تمارسه إسرائيل على الفلسطينيين.
ليست إسرائيلُ الوحيدة التي تضطهد الفلسطينيين مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أقرَّت السلطة الفلسطينية مؤخرًا قانون الجرائم الإلكترونية بدعوى مكافحة جرائم الإنترنت رغم أنه في الواقع يحُد من حرية الفلسطينيين في التعبير عن أنفسهم على صفحات الإنترنت إذ يتهددهم بالاعتقال في حال انتهاك مسميات فضفاضة مثل "السلم الأهلي" و"النظام العام."
توصيات سياساتية
- يجب على السلطة الفلسطينية أن تلغي قانون الجرائم الإلكترونية. وبدلا من قمع الفلسطينيين بسبب تعبيرهم عن آرائهم السياسية، يجدر بالسلطة الفلسطينية أن تحمي شعبها من إسرائيل التي تعتقلهم وتحاكمهم بتهم التحريض والإرهاب التي لا أساس لها.
- يجب أن تضطلع منظمات المجتمع المدني الفلسطيني بمسؤوليتها في رفع مستوى الوعي بالحقوق الرقمية، ولا سيما الأمن الرقمي.
- يجب على المجتمع المدني والإعلام الفلسطيني أن يفضحَ ممارساتِ إسرائيل غير الأخلاقية في مراقبة الفلسطينيين وحجب حريتهم في التعبير وقمعها، وأن يحشدَ الدعمَ والمؤازرة لمناهضة تلك الممارسات.
- يجب على الفلسطينيين أن ينشئوا تحالفات مع المنظمات الدولية المعنية بحماية الحقوق الرقمية التي يمكن أن تساهم في الضغط على شركات وسائل التواصل الاجتماعي والحكومة الإسرائيلية لوقف انتهاكاتها.