سوف ينظر الفاعلون المختلفون في الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، وما تسمى عملية السلام، إلى إدارة الرئيس الأميركي المرتقب، جو بايدن، أنها مختلفة عن سابقتها، مع أن موقفها “وسيطا غير نزيه في عملية السلام” سيظل المتغير الثابت على غرار الإدارات الأميركية السابقة. ولا شك في أن إدارة بايدن سوف تنتهج السياسةَ الأميركية المجرَّبة الفاشلة نفسها إزاء إسرائيل/ فلسطين في مسعاها لإحلال السلام، وإنْ أحدثت تغييرات شكلية طفيفة.سوف يكون معيار نجاح الإدارة الجديدة متدنيًا بعد السنوات الكارثية من حُكم ترامب. ولكن من الأهمية بمكان ألا نظن أن سياستها “ستختلفُ كثيراً أو جذرياً” عن سياسة سابقتها، كما أخذت بعض الجهات الفاعلة تروِّج. أحاجج هنا بأن سياسة الإدارة الأميركية الجديدة لن تختلف كثيراً، بل ستواصل العمل على إنجازِ ما أخفقت الإدارات السابقة، الديمقراطية والجمهورية على السواء، في تحقيقه على مر العقود الماضية في ما يتعلق بالفلسطينيين والسلام.
ليس هذا المنظور “رفضويا” ولا “تشاؤميا” كما قد يصفه بعضهم، وإنما هو قائمٌ على تتبع الإخفاقات الأميركية طوال العقود السالفة، وعلى حُكمٍ مستنير مبني على الآراء المستنتجة عن بايدن من حملته الانتخابية، ومن عمله نائبا للرئيس أوباما ثمانية أعوام، فعودة “القديم المعتاد” ليست خبرًا جيدًا للسلام أو العدالة، ناهيك عن الحرية والمساواة للفلسطينيين. وبحسب فريق العمل في مجلة 972+، فإن “بايدن يهدّد بالعودة إلى سياسة الشرق الأوسط القديمة التي غالبًا ما يقتصر خطابها المصطف مع الحقوق الفلسطينية على كلامٍ تقتبسه الصُحف، ولكن من دون أن يقترن بأي فعلٍ حقيقي”.

بالتأكيد، لن يكون بايدن مخلِّص الفلسطينيين، ولا صانع السلام، ولكنه سيكون، على الأرجح، مُنقذَ ما تسمى عملية السلام (مع التركيز على كلمة عملية). سوف تُنفق إدارته أموالًا طائلة، وتبذلَ طاقاتٍ هائلةً لأجل إحيائها فقط، وليس للتوصل إلى أي شكلٍ من السلام الحقيقي الدائم. وهذا لا ينطبق على رئاسة بايدن فقط، وإنما على الإدارات الأميركية السابقة كلها. وفي هذا الصدد، يقول علي أبو نعمة، من موقع الانتفاضة الإلكترونية، إن “نتنياهو كان صادقًا في عبارات الترحيب التي هنأ بها بايدن، لأنه يعلم أن الرئيس الأميركي القادم لن يألو جُهدًا في العمل من أجل إسرائيل، مثلَ دأب مَن سبقه من ديمقراطيين وجمهوريين”.