Article - Donor Perceptions of Palestine: Limits to Aid Effectiveness

نظرة عامة

شكَّلت أموال المانحين الغربيين القسطَ الأكبر من مساعدات التنمية المصروفة على الاقتصاد الفلسطيني إبان الفترة 1993 – 2017 والتي فاقت 36.2 مليار دولار. وقد أُنفقت هذه الأموال دعمًا لعملية أوسلو للسلام بقيادة سياسية أمريكية وتوجيه فني من البنك الدولي، وصُرفت إلى حدٍ كبير على بناء المؤسسات الفلسطينية والنمو الاقتصادي والمساعدات الإنسانية.شهدت الأرض الفلسطينية المحتلة في هذه المدة فترات من العنف المفرط، كالانتفاضة الثانية وتجدد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة على نطاق واسع، فضلًا على العنف المنظم والممنهج الذي يشمل الاستعمار الحثيث للضفة الغربية من خلال تشييد مستوطنات إسرائيلية يقطنها مستوطنون دأبوا على شن أعمال عنف ضد الفلسطينيين بلا رادع. إن هذا العنف مقرونًا بالاستيلاء على الأرض وفرض المعوقات الاقتصادية يجعل حياة الفلسطينيين العاديين لا تحتمل ويتسبب في نزوح الكثيرين منهم عن ديارهم. وفي المحصلة، أصبحت المنطقة (ج)، التي تشكل 61% من مساحة الضفة الغربية، ذات أغلبية سكانية من المستوطنين الإسرائيليين، وممنوعةً فعليًا من التنمية الفلسطينية، الأمر الذي يستحيل معه تحقيق الغاية من عملية أوسلو للسلام والمتمثلة في إقامة دولة فلسطينية على الأرض المحتلة في العام 1967.

وفي الوقت نفسه، لا يُسمح للفلسطينيين باختيار قادتهم بأنفسهم، بينما يمر اقتصاد الأرض الفلسطينية المحتلة في حالة مزرية، فهو مختنق في القدس الشرقية، ومأسور في الضفة الغربية، ومحاصر في غزة. وهو يخضع لعملية منهجية من التفريغ وعكس عجلة التنمية، بينما تُستَغل العمالة الفلسطينية لحساب بناء الدولة الإسرائيلية، وليس الفلسطينية. يعاني الاقتصاد الفلسطيني كذلك من هيمنة إسرائيلية بحيث قدرت دراسةً تمت في العام 2015  بأن 72% من أموال المعونة المقدمة للأرض الفلسطينية المحتلة ينتهي بها المطاف في الاقتصاد الإسرائيلي.يتعرض الفلسطينيون أيضًا لإذلال مزمن، وهو من أساليب الحرب الشائعة والتي تؤثر على الصحة العقلية. ويواجهون كذلك أزمات متفاقمة في إمدادات المياه والكهرباء والبنية التحتية والبيئة. وبحلول 2017 كان أكثر من 40% من 4.8 مليون فلسطيني في الأرض الفلسطينية المحتلة في حاجةٍ إلى المساعدة الإنسانية والحماية. كما تدهور الاقتصاد وكذلك القاعدة الانتاجية في قطاع غزة، وتحول هذا الجيب الصغير إلى حالة إنسانية تعتمد بشدة على المعونات. وقد وصلت الاوضاع الى درجةً كبيرة من اليأس والقنوط جعلت الأمم المتحدة تحذر من أن غزة قد تصبح غير صالحة للعيش بحلول 2020.وبالتالي إذا كان إنفاق المانحين الغربيين يستهدف تحفيز التنمية والسلام الإقليمي، فإن نتيجته قد أتت مغايرةً لتلك الأهداف. يُسلِّط هذا التعقيب المزيد من الضوء على مكامن الخطأ عبر تقييم تصورات المانحين الغربيين عن فلسطين/الأرض الفلسطينية المحتلة ومقارنة تلك التصورات من خلال طريقتهم في التحليل لفهم مدى مساهمة المانحين في نشوء الأزمة التي واجهت الفلسطينيين أثناء عملية السلام المزعومة. ويَخلُص إلى أن فرض السيادة الفلسطينية على عمليات المعونة ومؤسساتها هي الخيار الأفضل. يستند هذا التعقيب إلى دراسة أشمل نشرتها منظمة “متابعة الدعم الدولي لفلسطين” وتناولت تصورات تسعة مانحين- كندا، الاتحاد الأوروبي، ألمانيا، صندوق النقد الدولي، النرويج، السويد، المملكة المتحدة، الولايات المتحدة، البنك الدولي- للفترة 2010-2016.1 قيَّمت هذه الدراسة 80 تقريرًا من تقارير المانحين من خلال تحليل كمي للكلمات المفتاحية وتحليل نوعي للوثائق، وأشفعت التقييم بمقابلات مع مسؤولين مشاركين في صنع السياسات.2

تسعى هذه الدراسة تحديدًا إلى اكتساب فهم أفضل لنظرة المانحين الغربيين إلى عملية أوسلو للسلام والتنمية الفلسطينية والحكم العسكري الإسرائيلي والاستعمار المتواصل للأرض الفلسطينية والعنف الناجم عن ذلك. وتناولت الدراسة روايات المانحين آخذة في الحسبان مبادئ “فاعلية المعونة” و”الدول الهشة والمتضررة بالصراع” و”عدم الإضرار” – وهي مبادئ معونة أساسية تحث المانحين على تقديم المساعدات بطريقة محايدة، وعلى صياغة سياسة المعونة على أساس التحليل الرصين لسياق الصراع. فالتحليل الرصين للدولة الهشة والمتضررة بالصراع أساسي حتى لا يتسبب المانح في الضرر بتدخلات المعونة. ومع ذلك لا يعتبر التحليل الرصين سمةً دائمة في تقارير المانحين الغربيين حول الأرض الفلسطينية المحتلة، وتفتقره بوجه خاص تقارير المانحين المؤثرين الموجودين في أمريكا الشمالية.3

inline_342_https://al-shabaka.org/wp-content/uploads/2019/06/Wildeman-Graph-1.png

المصدر: منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية

تحليل تقارير المانحين: الاحتلال والحقوق والأمن

يمكن ملاحظة الافتقار إلى التحليل الرصين عند المانحين الغربيين في طريقة صياغتهم أو إهمالهم لعمليات أساسية تقوض عملية السلام وحقوق الإنسان الفلسطيني، مثل الاحتلال والاستعمار الاستيطاني على وجه التحديد. ولمعرفة طريقة المانحين في التعبير عن هذه العمليات، بحثت الدراسة عن الكلمات المفتاحية ذات صلة في تقاريرهم.

الكلمات المفتاحية: مستعمرة، مستعمرات، استعماري، استعمار، محتلة، احتلال، مستوطنات، مستوطنون

كندا، الولايات المتحدة، صندوق النقد الدولي، البنك الدولي

لم تذكر كندا الاستعمار أو الاحتلال أو المستوطنين أو المستوطنات في تقارير إحصائية ملأت 1000 صفحة في الفترة 1998 – 2016 ولا في التقارير المرفوعة إلى البرلمان في الفترة 2008 – 2016. وبالمثل، لا تكاد بعض الكلمات المفتاحية تُذكَر في 160 صفحة من تقارير مكتب محاسبة الحكومة الأمريكي في الفترة 2010 – 2015: فكلمة الاستعمار لم تُذكَر مطلقًا، في حين ذُكر الاحتلال مرةً واحدة (كاقتباس لعنوان تقرير صادر عن السلطة الفلسطينية)، وكلمة المحتلة ست مرات، وكلمة المستوطنين مرة واحدة، وكلمة المستوطنات أربع مرات.على الرغم من أن صندوق النقد الدولي في الفترة 2010 – 2017 قد ذكَرَ المستوطنات 31 مرة في 587 صفحة تشكِّل 16 تقريرًا مرفوعًا إلى الاجتماعات نصف السنوية للجنة الاتصال المخصصة (AHLC)، التي يقرر فيها المانحون مساعدات التنمية الفلسطينية، إلا أن متوسط الإشارات يكون بذلك أقل بقليل من مرتين لكل تقرير. إن ندرة الإشارات تثير الاستغراب لأن المستوطنات تشكل عقبة أساسية أمام التنمية الفلسطينية. وتكاد تقارير صندوق النقد الدولي تخلو من كلمات الاستعمار والاحتلال والمستوطنين، بينما ترد كلمة المحتلة في إحدى الحواشي وكجزء من عنوان تقرير للأونروا، وترد كلمة الاحتلال مرة واحدة كتعبير عن اعتقاد لدى صندوق النقد الدولي (جرى تفنيده) بأن اقتصاد الأرض الفلسطينية المحتلة استفاد من الاحتلال الإسرائيلي في الفترة الممتدة من 1967 حتى مطلع تسعينيات القرن الماضي.يمكن القول إن البنك الدولي يمثل المحرك الفكري الأهم لمساعدات المعونة وبناء المؤسسات الفلسطينية. وهو عمومًا يستخدم لغةً أكثر مطابقة للسياق مقارنةً بكندا والولايات المتحدة وصندوق النقد الدولي، فكثيرًا ما يُقرُّ بعيش الفلسطينيين تحت الاحتلال وبأن المستوطنات الإسرائيلية تقوِّض عملية بناء الدولة.

إذا كان إنفاق المانحين الغربيين يستهدف تحفيز التنمية والسلام الإقليمي، فإن نتيجته قد أتت مغايرةً لتلك الأهداف Share on X

ذكر البنك الدولي كلمة الاستعمار مرة واحدة في 739 صفحة في 19 تقريرًا في الفترة 2009 – 2017، رُفعت معظمها لاجتماعات لجنة الاتصال المخصصة، وكان ذلك في مقتبس لعنوان تقرير أصدره معهـد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس) بعنوان: “القاعدة الاقتصادية للمستوطنات الإسرائيلية الاستعمارية في الضفة الغربية.” وذكر البنك كلمة مستوطن 19 مرة وكلمة مستوطنات 68 مرة. ومع ذلك فإن خمسة تقارير فقط من تقارير البنك الدولي التسعة عشر تستخدم فعليًا كلمة مستوطن، بينما ترد كلمة مستوطنات في نصف التقارير فقط. كان أطول تقارير البنك الدولي التي استعرضتها الدراسة عبارة عن تقييم من 239 صفحة لعمل البنك في الأرض الفلسطينية المحتلة في الفترة 2001 – 2009، وقد ورد ذكر كلمة مستوطنين ثلاث مرات وكلمة مستوطنات مرتين. وبالإضافة إلى ذلك، قلَّت وتيرة إقرار البنك الدولي بوجود المستوطنين والمستوطنات في الفترة 2009-2017، رغم النمو الاستيطاني المستمر والسريع. وقلَّما أشار البنك إلى الاحتلال أو الأرض المحتلة، وما كانت إشاراته في معظم الأحيان إلا لأنه يستشهد بعنوان تقرير أو اسم مؤسسة ترد فيه كلمة الاحتلال أو المحتلة. وقد اختفت الإشارات إلى الاحتلال تمامًا من تقارير البنك الدولي بعد العام 2012.

وبخلاف تقرير البنك الدولي العارض، فإن المرء حين يقرأ التقارير الصادرة من هؤلاء المانحين الأربعة قد ينسى أهمية قضايا الاحتلال والمستوطنات، أو يغفل وجودها أصلًا.

الاتحاد الأوروبي، النرويج، السويد، المملكة المتحدة

تتباين نتائج الدراسة بين المانحين في أمريكا الشمالية وبين المانحين في أوروبا، الذين استخدموا أوصافًا مطابقةً للسياق بدرجة أكبر. فرغم أن النرويج نادرًا ما ذكرت المستوطنين والمستوطنات – 15 مرة فقط في 236 صفحة من التقارير في الفترة ما بين 2013 و2017 – إلا أنها ذكرت كلمة احتلال 116 مرة وكلمة محتلة 27 مرة. وفي حين ذكر الاتحاد الأوروبي كلمة مستوطنين ثمان مرات فقط في 199 صفحة من تقارير 2014-2015، فإن كلمة مستوطنات وردت 57 مرة، وكلمة احتلال 72 مرة، وكلمة محتلة 163 مرة.عرضت السويد تقارير رصينة بشكل لافت في 183 صفحة في الفترة 2012 – 2015، حيث ذكرت كلمة مستوطنين ثمان مرات، والمستوطنات 33 مرة والاحتلال 53 مرة، والمحتلة 41 مرة. أمّا المملكة المتحدة، وبخلاف مستعمراتها سابقًا وشقيقاتها ثقافيًا في أمريكا الشمالية، فقد ذكرت في 32 صفحة من التقارير في الفترة 2011 – 2015 كلمة مستوطنين 12 مرة، ومستوطنات 17 مرة، واحتلال 7 مرات، ومحتلة 11 مرة. ومن ثم ليس من السهل التغافل عن السياق الأشمل عند قراءة تقارير هؤلاء المانحين.

الكلمة المفتاحية: الحقوق

كندا، الولايات المتحدة، صندوق النقد الدولي، البنك الدولي

لم تذكر الولايات المتحدة الحقوق الاقتصادية الفلسطينية في تقارير مكتب محاسبة الحكومة، ومن أصل 10 حالات ذُكرت فيها حقوق الإنسان، تعلَّقت 4 منها بحقوق الإنسان الإسرائيلي. وبالمثل، لم تذكر كندا الحقوق الاقتصادية الفلسطينية وأشارت إشارةً مبهمة إلى حقوق الإنسان في 3 مناسبات فقط. وذكر صندوق النقد الدولي حقوق الإنسان مرةً واحدة والحقوق الاقتصادية 9 مرات.لقد أظهر البنك الدولي مجددًا فرقًا ضئيلًا بذكره حقوق الإنسان 18 مرة، والحقوق الاقتصادية 9 مرات. لكن هذا لا يزال عددًا قليلًا نسبيًا من الإشارات إلى صراعٍ يتسم بالعنف المفرط وانتهاكات حقوق الانسان، وبارتباط نموذج بناء السلام فيه بالنمو الاقتصادي منذ زمن بعيد.

الاتحاد الأوروبي، النرويج، السويد، المملكة المتحدة

في المقابل، ذكرت النرويج حقوق الإنسان 214 مرة والاتحاد الأوروبي 400 مرة في عدد صفحات أقل من التقارير مقارنةً بكندا والولايات المتحدة وصندوق النقد الدولي مجتمعين. وفي الوقت نفسه، ذكرَ الاتحاد الأوروبي الحقوق الاقتصادية 30 مرة، لكن النرويج ذكرتها مرة واحدة فقط. ومجددًا ابتعدت المملكة المتحدة عن أمريكا الشمالية بالإشارة إلى حقوق الإنسان في 49 مناسبة، من ضمنها إشارات عديدة إلى حقوق اللاجئين. ولم تذكر المملكة المتحدة الحقوق الاقتصادية. وأبدت السويد قلقًا عميقًا حيال وضع حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة بالإتيان على ذكرها 511 مرة، ولكنها ذكرت الحقوق الاقتصادية مرةً واحدة فقط. وانفردت السويد أيضًا دون المانحين بإظهار دعمها للجهود المناصرة للحقوق الفلسطينية.

الكلمات المفتاحية: الأمن والإرهاب

كندا، الولايات المتحدة، صندوق النقد الدولي، البنك الدولي

انهمكت كندا والولايات المتحدة في حماية أمن إسرائيل من العنف الفلسطيني، وليس أمن الفلسطينيين من العنف الإسرائيلي، وبذلك قلبتا العلاقة فعليًا بين المحتل ودولة الاحتلال. أظهرت التقارير الأمريكية تركيزًا على الإرهاب بذكره 165 مرة وعلى الأمن بذكره 259 مرة. وفي حالات قليلة أُشير تحديدًا إلى أمن إسرائيل (مرتين)، وإلى الأمن القومي الأمريكي (9 مرات). أمّا الأغلبية الساحقة من 245 استخدامًا فكانت فضفاضة ولا تشير إلى مجموعة محددة بعينها. ومع ذلك فإنها كانت معنيةً بشكل واضح بالحد من عنف الفلسطينيين، حيث وصفوا الإرهاب بشكل حصري تقريبًا بأنه صنيع فلسطيني. وأمّا الأمثلة الثلاثة التي ذكر فيها أمن الفلسطينيين، فكانت الإشارة إلى أمنهم الغذائي وليس أمنهم من العنف.أشارت التقارير الكندية إلى الأمن 27 مرة. وقلما ذكرت الجهة المستفيدة من هذا الأمن، مع أن السياق يوحي بتركيزه على إيقاف العنف الفلسطيني. وعلى غرار الولايات المتحدة، لا تقترح الإشارات الأربع إلى الأمن الفلسطيني حمايةَ الفلسطينيين من العنف، وإنما توفير الأمن الغذائي لهم.

المانحون في أوروبا كانوا أكثر استخدامًا لأوصاف مطابقة للسياق من نظرائهم في أمريكا الشمالية Share on X

جاء صندوق النقد الدولي على ذكر الإرهاب 27 مرة. ويمثل مفهوم الأمن عمومًا أولويةً في تقارير الصندوق حول التنمية الفلسطينية. وهو يشير إلى الأمن الفلسطيني من العنف تحديدًا في مرتين، بينما يذكر أمن إسرائيل 8 مرات. ورغم عدم وضوح الجهة المستفيدة من الأمن على وجه التحديد في 74 إشارة أخرى، فإن نبرة صندوق النقد الدولي تتشابه مع النبرتين الكندية والأمريكية، المهتمة في احتواء العنف الفلسطيني وليس الإسرائيلي.

نَزَعَ البنك الدولي إلى التركيز على الاقتصاد الفلسطيني والوضع الأمني. وفي هذه الناحية أيضًا، يظهر البنك الدولي أكثرَ ابتعادًا عن كندا والولايات المتحدة وصندوق النقد الدولي، حيث يذكر الأمن الفلسطيني من العنف في 17 مثالًا. غير أن البنك الدولي يميل إلى الغموض بخصوص الجهة المستفيدة من الأمن في 53 إشارة، وتُرجح إشارته إلى الأمن الإسرائيلي في 41 حالة، أي أكثر من ضعفي الحالات.

الاتحاد الأوروبي، النرويج، السويد، المملكة المتحدة

يتناول المانحون الأوروبيون عمومًا الأمنَ بطريقة مختلفة في تقاريرهم مقارنةً بنظرائهم في أمريكا الشمالية.فبينما أقرت النرويج بالأمن الإسرائيلي في ثلاث مناسبات، أكدت على ضرورة الأمن الفلسطيني من العنف 37 مرة.وفي الوقت نفسه، وفي 48 مرة ذُكر فيها الأمن دون إشارة واضحة إلى مجموعة محددة، أعطت النرويج الانطباع بأن الأمن من العنف لا يسري على مجموعة واحدة بعينها، وإنما على كل الشعوب.ووصفت النرويج أيضًا كيف أن الشرعية السياسية للسلطة الفلسطينية تضعف بسبب عجزها عن توفير الأمن لمواطنيها.أشار الاتحاد الأوروبي إلى أمن الفلسطينيين في 44 مرة وذكر الإرهاب مرتين فقط.وأظهرت تقاريره قلقًا إزاء أمن الفلسطينيين من العنف، بما في ذلك من الانتهاكات التي تمارسها القوات الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية،التي استثمرت دولٌ كالولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا مواردَ كبيرة في تدريبها. وبالرغم من أن الاتحاد الأوروبي لا يشير إلى أمن مجموعة وطنية أو عرقية محددة في 61 مناسبة، إلا أن تركيزه على أمن الإنسان يوحي بعدم الانحياز لصالح أي مجموعةٍ بعينها.كما تناولت تقارير الاتحاد الأوروبي بالتفصيل كيف تقويض السياسات الأمنية الإسرائيلية الاقتصاد الفلسطيني وعمليات بناء الدولة، وبالتالي عملية أوسلو للسلام.ذكرت المملكة المتحدة الإرهاب 3 مرات فقط في مَعرض الإشارة إلى الأمن. وفي 37 من أصل 39 إشارة إلى الأمن، لم تخص المملكة المتحدة بالذكر مجموعةً محددة. واشتملت التقارير البريطانية على رغبة في إثارة مسألة الممارسات الأمنية الإسرائيلية، حيث انتقدت على سبيل المثال سياسات إسرائيل التي تضر “الاقتصاد ومستويات معيشة الناس العاديين في غزة من دون تحقيق أهدافها الأمنية.” واشتملت الانتقادات البريطانية للسياسات الإسرائيلية أيضًا الاستخدام الإسرائيلي المتكرر للحجز الإداري لحبس الفلسطينيين دون اتهام.

بوسع المرء أن يتخيل مدى الاختلاف الذي قد يبدو عليه نموذج تنمية يقوده الفلسطينييون أنفسهم مقارنةً بنموذج طوره المانحون الغربيون والبنك الدولي Share on X

ذكرت السويد الإرهاب 9 مرات فقط، وأمن إسرائيل 28 مرة، وأمن الفلسطينيين 18 مرة، والأمن عمومًا 7 مرات. ولا تعد مناقشتها بمثابة رد فعل اتهامي للفلسطينيين، إذ إن من أصل المرات التسع التي استُخدمت فيها كلمة الإرهاب، أشارت السويد في 7 مرات إلى أن التدابير الأمنية الإسرائيلية ضد الفلسطينيين قد تتسبب في زيادة معدلات وقوع الإرهاب؛ وأشارت في مناسبة واحدة إلى إساءة استخدام المصطلح لدى الساسة الإسرائيليين اليمينيين المتطرفين؛ وذكرت في مناسبة أخرى أن الساسة الإسرائيليين يستخدمون هذه الكلمة “لإظهار الحزم” أثناء الانتخابات. وعلاوةً على ذلك، أشارت السويد 7 مرات إلى انتهاكات إسرائيل بحق الفلسطينيين، مثل التعذيب والاستجواب واستخدام الدروع البشرية والعقاب الجماعي وأمن المستوطنات وهدم المنازل.

طيف من وجهات النظر

الكلمات المفتاحية ليست سوى عنصر واحد من عناصر التحليل في الدراسة الأشمل المذكورة آنفًا، وهي مفيدة في تسليط الضوء على تصورات سياسية وتحليلية مهمة لدى المانحين. بيد أن التقييم الإجمالي لوثائق المانحين يعرض طيفًا من وجهات النظر، تعكس التباين في مدى التزام المانحين الغربيين بمبادئ فاعلية المعونة وتبني تحليل رصين في تقاريرهم الرسمية. كندا والولايات المتحدة وصندوق النقد الدولي هم المانحون الأكثر تراجعًا، ويُرجَّح أن يُلحقوا الضرر بالأرض الفلسطينية المحتلة بسبب الاعتماد على التحليل الركيك والحزبي، بما يقود إلى سياسات مضللة تقوِّض التنمية الفلسطينية والسلام الإقليمي. وفي المقابل، تتبنى السويد والنرويج والاتحاد الأوروبي تحليلًا سياقيًا أكثر رصانةً واكتراثًا لمبادئ المعونة. وبين هؤلاء وهؤلاء يأتي البنك الدولي والمملكة المتحدة.إن إعادة ترتيب هرمية المانحين، بإعطاء المانحين في الاتحاد الأوروبي دورًا قياديًا أكبر يفوق دور نظرائهم في أمريكا الشمالية، قد يفيد الفلسطينيين وفرص تحقيق السلام. ولكن مع أن تحليل الاتحاد الأوروبي كان في بعض الأحيان مباشرًا أكثر في تحديد المشاكل وتشخيصها، إلا أن ذلك لم يُفضِ بالضرورة إلى إجراءات ملموسة. وكما ذكرت المفوضية الأوروبية في 2014، “بصرف النظر عن السياسات التصريحية المتحمسة، والدعم المالي الهائل، والحوار، وتوظيف وسائل أخرى، لم يكن للتعاون مع الاتحاد الأوروبي أثرٌ كبير في الحد من العقبات الرئيسية الماثلة أمام تحقيق حل الدولتين.”وهكذا فإن الحل الأمثل قد لا يتمثل في إعادة ترتيب هرمية القيادة بين المانحين الغربيين، وإنما في البحث عن القيادة لدى العالم غير الغربي. ومع ذلك فإنه لا شيء يمكن أن يكون أفضل من احترام الملكية والقيادة الفلسطينية الحقة لعملية المعونة المقدمة إليهم، واحترام سيادة الفلسطينيين على مؤسساتهم. وبوسع المرء أن يتخيل مدى الاختلاف الذي قد يبدو عليه نموذج تنمية يقوده الفلسطينييون أنفسهم مقارنةً بنموذج طوره المانحون الغربيون والبنك الدولي.هناك حاجة لمزيد من الأبحاث حول المانحين وتدخلاتهم إذا ما أُريد للمعونة أن تخدم احتياجات الفلسطينيين. ويجب أن يضطلع بهذه الأبحاث – مثل الدراسة التي يستند إليها هذا التعقيب – باحثون مستقلون منفصلون عن المانحين. فالأبحاث تعطي المانحين فرصةً للتأمل في طريقتهم في تأطير المعونة المقدمة إلى الفلسطينيين ومدى الآثار الحقيقة، السلبية في الغالب، التي يُخلِّفها نهجهم على الأرض. وبالقدر ذاته من الأهمية، يجب أن يكون تحليل المانحين أكثر شفافية ومتاحًا بسهولة للفلسطينيين. فبزيادة الشفافية والضغوط فقط يمكن إقناع المانحين بعدم الإضرار بحياة الشعب الفلسطيني، أو على الأقل الإضرار بها بدرجة أقل، إنْ لم يسهموا في تحسينها فعلًا.

  1. يمكن الاطلاع على الدراسة الكاملة التي يستند إليها هذا التعقيب على الموقع الإلكتروني لمنظمة متابعة الدعم الدولي لفلسطين باللغتين الإنجليزية والعربية.

  2. تجدر الإشارة إلى أن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ليسا مانحين في حد ذاتهما، إلا أنهما يمارسان تأثيرًا مهمًا في عملية المعونة، بما في ذلك من خلال التقارير التحليلية حول التنمية الفلسطينية واقتصاد الأرض الفلسطينية المحتلة، التي تساعد في إعداد أجندة معونة المانحين. وتساعد كلا المؤسستين في صياغة خطط تطوير السلطة الفلسطينية، مثل خطة الإصلاح والتنمية الفلسطينية، ويقدمان المشورة للمانحين في اجتماعات لجنة الاتصال المخصصة، التي يقرر فيها المانحون مساعدات التنمية الفلسطينية. علاوة على ذلك، يتولى البنك بشكل مباشر إدارة مليارات الدولارات من أموال المعونة ويضع الإطار القانوني للنشاط الاقتصادي الفلسطيني والعلاقات الاقتصادية لفلسطين مع إسرائيل. وقد اقتُبِست بعض بنود هذا الإطار في القانون الفلسطيني، مثل المادة 21 من القانون الأساسي للسلطة الفلسطينية التي تنص على أن “النظام الاقتصادي في فلسطين يقوم على أساس مبادئ اقتصاد السوق الحر.”
  3. لا تعرض تقارير المعونة صورة محايدة أو شفافة للأعمال الروتينية التنظيمية أو عمليات صنع القرار أو التشخيصات المهنية. وهي بطبيعتها سياسية ومصممة لغايات محددة، مثل تبرير سياسة ما أو إقامة الحجة لتوفير التمويل. وتجدر الإشارة إلى أن تحليل صناع السياسات لسياق الأرض الفلسطينية المحتلة، حتى عند المانحين الأكثر تراجعًا، يمكن أن يكون أكثر رصانةً من المطروح في التقارير الرسمية. وهذا واضح في بعض المقابلات المتضمنة في الدراسة الأشمل، وهو استنتاج المؤلف أيضًا بعد سنوات من التحاور والنقاش مع صناع السياسة.
العضو السياساتي في الشبكة، جيريمي وايلدمان، يعمل باحثًا مشاركًا في قسم العلوم الاجتماعية والسياسية بجامعة باث، حيث يعكف حاليًا على البحث في سياسة المانحين تجاه...

أحدث المنشورات

 السياسة
بعد عام من المعاناة تحت وطأة العنف والدمار المستمرين ، يقف الفلسطينيون عند لحظة مفصلية. تتناول يارا هواري، في هذا التعقيب، الخسائر الهائلة التي تكبدها الشعب الفلسطيني منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023 والفرص المنبثقة عنها للعمل نحو مستقبل خالٍ من القمع الاستعماري الاستيطاني. وترى أنّ الوقت قد حان الآن لكي تتحول الحركة من رد الفعل إلى تحديد أولوياتها الخاصة. وكجزء من هذا التحول، تحدد يارا ثلاث خطوات ضرورية: تجاوز التعويل على القانون الدولي، وتعميق الروابط مع الجنوب العالمي، وتخصيص الموارد لاستكشاف الرؤى الثورية لمستقبل متحرر.
Al-Shabaka Yara Hawari
يارا هواري· 22 أكتوبر 2024
منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، قتلت القوات الإسرائيلية ما يزيد عن 40,000 فلسطيني في غزة، وجرحت 100,000 آخرين، وشرَّدت كامل سكان المنطقة المحتلة تقريبًا. وفي ذات الوقت شرَعَ النظام الإسرائيلي في أكبر اجتياح للضفة الغربية منذ الانتفاضة الثانية مما أدى إلى استشهاد ما يزيد عن 600 فلسطيني واعتقال 10,900 آخرين. كما وسعت إسرائيل نطاق هجومها الإبادي الجماعي في لبنان، مما أسفر عن مقتل ما يزيد على ألف شخص ونزوح أكثر من مليون آخرين. يسلط هذا المحور السياساتي الضوء على مساعي الشبكة في الاستجابة لهذه التطورات على مدار العام الماضي، من وضع أحداث السابع من أكتوبر في سياق أوسع للاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي، إلى استجواب آلة الحرب الإسرائيلية متعددة الأوجه، إلى تقييم العلاقات الإقليمية المتغيرة بسرعة. هذه المجموعة من الأعمال تعكس جهد الشبكة المستمر في تقديم رؤية فورية للوضع الفلسطيني.
لا تنفك شركات الأسلحة البريطانية تتربّح من بيع الأسلحة لإسرائيل من خلال التراخيص الصادرة من الحكومة البريطانية، حيث بلغ إجمالي هذه الصادرات منذ العام 2008 ما يقدر بنحو 740 مليون دولار، وهي ما تزال مستمرة حتى في ظل الإبادة الجماعية الجارية في غزة. يشعر البعض بتفاؤل حذر إزاء احتمال فرض حظر على الأسلحة بعد فوز حزب العمال في انتخابات يوليو/تموز 2024، وبعدَ أن وعدَ بالانسجام مع القانون الدولي. في سبتمبر/أيلول 2024، علقت الحكومة البريطانية 30 ترخيصاً من أصل 350 ترخيصاً لتصدير الأسلحة إلى إسرائيل. ويرى الناشطون وجماعات حقوق الإنسان أن مثل هذا القرار محدود للغاية. وبناء على ذلك، تُفصِّل هذه المذكرة السياساتية الالتزامات القانونية الدولية الواقعة على عاتق بريطانيا وكذلك المناورات الحكومية الممكنة فيما يتصل بمبيعات الأسلحة لإسرائيل.
شهد الحموري· 15 سبتمبر 2024
Skip to content