(نُشرت أول مرة في أيار/مايو 2010)
ملاحظة من المحرر
انطلقت حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات قبل 10 سنوات، وصارت بمثابة قيادةٍ فلسطينية وموجِّهٍ استراتيجي للتحركات العشوائية الرامية إلى مقاطعة إسرائيل حول العالم. تنتهز الشبكة هذه المناسبة لتعيد نشر الورقة السياساتية التي كتبها المستشار السياساتي عمر البرغوثي، والتي يتناول فيها المبادئ والاستراتيجيات الأساسية التي تقوم عليها حركة المقاطعة والتي لم تتغير منذ نشأت الحركة.
يفسر المقال لماذا لم تتبنَّ الحركةُ صيغةً سياسيةً معينة؛ ويُبرز “الدعوة الواضحة” للإسرائيليين ذوي الضمائر الحية لتأييد النداء، ويشير إلى الجهود التي يبذلها اليسار الصهيوني لتقويضه؛ وإلى أحد الأسباب الرئيسية لنجاح الحركة وهو الحرية في تصميم أنشطة حركة المقاطعة وفعالياتها بحسب سياقاتها المختلفة وعلى نحو تدريجي ومستدام. وفي حين أن معارضي حركة المقاطعة يتهمونها بالسعي إلى “تدمير إسرائيل،” يوضح الكاتب أن هدف الحركة هو مساءلة إسرائيل أمام القانون الدولي، وتحميل المجتمع المدني الغربي مسؤوليته في هذا الصدد نظرًا لتواطؤ الحكومات الغربية في تمكين إسرائيل من انتهاك الحقوق الفلسطينية.
مواضيع مرتبطة
لمحة عامة
في حين انصب اهتمام وسائل الإعلام منذ الأشهر القليلة الماضية على انتفاضة فلسطينية ثالثة توشك أن تندلع ردا على توسيع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية، يرى المحلل السياسي في الشبكة، عمر البرغوثي، بأن حركة شعبية سلمية ذات نطاق أوسع قد بزغت من الأراضي الفلسطينية المحتلة وما انفكت تتنامى وتنتشر في كافة أنحاء العالم. يستعرض الكاتب قيام حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات وتطورها بما في ذلك نهجها القائم على الحقوق (في مقابل النهج القائم على الحلول) ومرجعية القانون الدولي، وقيادتها الجماعية، ودعوتها للإسرائيليين أصحاب الضمائر الحية، وترويجها لاستراتيجيات نضالية عصرية وفعالة وحساسة للسياق في كل موقع.
بواعث المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات
يدرك مناصرو حقوق الفلسطينيين حجم القوة الكامنة للحملة الفلسطينية الرامية لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارت منها وفرض العقوبات عليها، وهم ليسوا وحدهم من يدرك ذلك، فالمعادون لتلك الحقوق يعون هذه الحقيقة أيضاً. فقد حذر المدير التنفيذي للجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (إيباك) أثناء انعقاد مؤتمر اللجنة في أيار/ مايو 2009 أن جهود المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات آخذة في الوصول إلى عموم الأمريكيين و”تهيئ الأرضية للتخلي [عن إسرائيل].” 1
إن المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات تتحدى ولا شك “الطبيعة الجوهرية” لإسرائيل. لقد انطلقت حملة المجتمع المدني الفلسطيني الهادفة إلى مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارت منها وفرض العقوبات عليها بتاريخ 9 تموز/ يوليو 2005. 2وتُمهد الحملة، الممتدة جذورها على مر قرن تقريباً من المقاومة المدنية ضد الاستعمار الاستيطاني الصهيوني، لمرحلة جديدة نوعياً في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي وسياسة إسرائيل الاقتلاعية ونظام التمييز العنصري (الأبارتهايد) الذي تكرسه.3
لقد قطعت هذه الحملة العالمية ذات القيادة الفلسطينية، والمنبثقة استجابةً للنداء الفلسطيني الداعي للمقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (نداء المقاطعة اختصاراً) أشواطاً كبيرة على صعيد الوصول إلى عموم المجتمع الغربي على مدى السنوات القليلة الماضية. وتؤكد الحملة العالمية للمقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على تبني خطاب جديد قائم على الحقوق في التعامل مع قضية فلسطين. ومن خلال ذلك، تفضح الحملة على نحو قاطع ازدواجية المعايير والمعاملة الاستثنائية التي ما فتئت الولايات المتحدة ومعظم الدول الغربية تتبعها، بدرجات متفاوتة، في تعاملها مع إسرائيل منذ إقامتها من خلال حملة الطرد والتشريد القسري التي خُططت بعناية ونُفذت بطريقة منهجية ضد الغالبية العظمى من الشعب الفلسطيني إبان النكبة في عام 1948. 4 وقد بلغ التواطؤ الغربي الرسمي ذروته عندما تجاهلت الدول الغربية مجتمعةً الفتوى التاريخية التي أصدرتها محكمة العدل الدولية في 9 تموز/ يوليو 2004 والتي أكدت فيها على أن الجدار الإسرائيلي والمستعمرات تعتبر مخالفة للقانون الدولي – وذلك في وقت كان الفلسطينيون لا يزالون يعانون من الاجتياح العنيف الذي قامت به إسرائيل في عام 2002 والذي أدى إلى إعادة السيطرة الإسرائيلية المباشرة على مدن ومخيمات لاجئين واقعة في الضفة الغربية المحتلة. وكان هذا العامل هو الباعث المباشر على إطلاق النداء الداعي للمقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات بعد مرور عام واحد على قرار لاهاي.
النهج القائم على الحقوق
يحدد نداء المقاطعة الحقوق الأساسية الخاصة بالشرائح الرئيسية الثلاث المكونة للشعب الأصلاني في فلسطين. وعلى أساس القانون الدولي والمبادئ العالمية لحقوق الإنسان، يحث النداء على اتباع أشكال مختلفة من مقاطعة إسرائيل حتى تمتثل امتثالاً كاملاً لالتزاماتها بموجب القانون الدولي عن طريق:
1- إنهاء احتلالها واستعمارها لكل الأراضي العربية [المحتلة عام 1967] وتفكيك الجدار،
2- الاعتراف بالحق الأساسي بالمساواة الكاملة لمواطنيها العرب الفلسطينيين،
3- احترام وحماية ودعم حقوق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم واستعادة ممتلكاتهم، كما هو منصوص عليه في قرار الأمم المتحدة رقم 194.
يُعبِّر نداء المقاطعة، والذي يحمل توقيع أكثر من 170 منظمة وحزب سياسي واتحاد نقابي وحركة جماهيرية فلسطينية، عن التطلعات الجماعية للشعب الفلسطيني من خلال التأكيد على أن تحقيق المطالب الأساسية الثلاثة التي يدعو لها النداء هو فقط ما من شأنه أن يفي بالحد الأدنى من متطلبات الشعب الفلسطيني من أجل ممارسة حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير.
لقد هيأ نداء المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات “الأرضية” لتجاوز السياسة الفلسطينية الرسمية الفاشلة التي تختزل حقوق الشعب الفلسطيني في تحصيل بانتوستانات خاضعة للسيطرة الإسرائيلية العامة. وهو يمثل رداً شعبياً فلسطينياً على التنازلات المتوالية التي قدمتها ما تسمى بالقيادة على صعيد الحقوق الأساسية. لقد قام مسؤولون فلسطينيون، يفتقرون الولاية الديمقراطية ويسعون وراء مظاهر السلطة والمصالح الاقتصادية الضيقة والامتيازات على مر سنوات من “عملية سلام” مصممة ومدارة بأيد أمريكية وإسرائيلية، بالتنازل فعلياً عن حق العودة كما عرفته الأمم المتحدة. كما قبلوا باحتلال إسرائيل واستعمارها لمناطق رئيسية في الضفة الغربية ومن ضمنها مناطق في القدس الشرقية وشطب فلسطينيي عام 1948 حملة الجنسية الإسرائيلية من التعريف الأساسي للشعب الفلسطيني، وهو ما أضفى شرعية بصورة غير مباشرة على نظام الفصل العنصري الإسرائيلي. وتخلى هؤلاء كذلك عن التفوق الأخلاقي الفلسطيني بقبولهم التناظر بين “مطالبات كلا الطرفين؛” وتماشوا مع حملة العلاقات العامة الإسرائيلية التي تصور صراعها الاستعماري مع الشعب الفلسطيني بأنه لا يعدو أكثر من كونه نزاعاً على أرض مُختَلفٍ عليها.
يتجنب نداء المقاطعة تبني أي صيغة سياسية معينة، وإنما يُصِرّ على ضرورة أن يشتمل أي حل عادل وقانوني على الحقوق الأساسية الثلاثة غير القابلة للاختزال الواردة أعلاه. وهذا النداء بمثابة منبر يوحد الفلسطينيين في كل مكان في مواجهة التفتيت المتسارع ويناشد المجتمع المدني الدولي من خلال استحضار المبادئ العالمية للحرية والعدالة والمساواة في الحقوق التي رفعتها حركة مناهضة الفصل العنصري في جنوب إفريقيا وحركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة وغيرهما الكثير.
وبهذا جرَّت حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات إسرائيل وجماعات الضغط التابعة لها ذات القدرات المالية الهائلة إلى ساحة قتال، إن صح التعبير، تُحيّد فيها قوة إسرائيل العسكرية وقدراتها المالية بالقوة الأخلاقية الذي يتسم به النضال الفلسطيني من أجل تقرير المصير والعدالة والحرية والمساواة، مما يسهم في تعزيز احتمالات الانتصارعلى إسرائيل بشكل حقيقيّ. وتمثل المقاطعة النموذج الكلاسيكي لتغلب الحق على القوة، إذ يتنامى إدراك الرأي العام الدولي بأن إجرامية إسرائيل وإفلاتها من العقاب يضعان عبئاً أخلاقياً على أصحاب الضمير الحي للتصرف بسرعة وفعالية ولباقة ودقة سياسية.
القيادة والمرجعية الفلسطينية الجماعية
أوجد قيام اللجنة الوطنية الفلسطينية لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها في عام 2008 مرجعيةً فلسطينيةً موحدة وقوة موجِّهة للحركة العالمية للمقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات. وتضم اللجنة الوطنية للمقاطعة ائتلافاً واسعاً من الأحزاب السياسية والنقابات والتحالفات والشبكات الفلسطينية القيادية التي تمثل الشرائح الأساسية الثلاث المكونة للشعب الفلسطيني وهي شريحة اللاجئين الفلسطينيين؛ وشريحة الفلسطينيين القاطنين في الضفة الغربية المحتلة (بما فيها القدس) وقطاع غزة؛ وشريحة الفلسطينيين المواطنين في إسرائيل.5
ثمة مكون هام لنداء المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات غالباً ما يتم تجاهله ألا وهو الدعوة الواضحة للإسرائيليين ذوي الضمائر الحية من أجل تأييد النداء، وهو ما يُقر بالدور الهام الذي يمكن أن يضطلع به الإسرائيليون المناهضون للاستعمار والعنصرية – أي المناهضون للصهيونية – من حيث وضع حد لإفلات إسرائيل من العقاب الجنائي وإنهاء نظام الفصل العنصري.
وثمة مجموعة متنامية باطراد تضم إسرائيليين يهود من ذوي المبادئ ممن يؤيدون المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات ويعترفون كلياً بهذه المرجعية الفلسطينية.6 وهناك من الناحية الأخرى بعض الأصوات الصهيونية “اليسارية” التي قدمت مؤخراً نسخها الخاصة بها من “المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات” وذلك بعد أن أخذت الحركة تترك أثراً ملموساً على عموم المجتمع الغربي. وفي حالات عديدة، تجاهلت تلك الأصوات أو حاولت تقويض النداء الفلسطيني للمقاطعة وقيادته الفلسطينية باعتبارهما المرجعية للحركة العالمية، وذلك في محاولة لتصوير نفسها كمرجعية بديلة متمركزة في إسرائيل. أما غايات هؤلاء فواضحة وهي إنقاذ وكالتهم المفقودة، والتي لا أساس لها أصلاً، وشعورهم المبالغ فيه بأحقية التكلم نيابةً عن الفلسطينيين؛ وإحباط أي تحديات تواجه نظام الفصل العنصري الإسرائيلي والنموذج الإسرائيلي القائم على حرمان اللاجئين حقوقهم من خلال حصر حقوق الفلسطينيين في “إنهاء الاحتلال” مقابل إسقاط “كافة المطالبات”؛ وتقييد مبادرات التضامن حتى تلتزم بأجنداتها الانتقائية ذات الدوافع الإيديولوجية.
وكما هي الحال في النضال ضد نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، فإن حركات التضامن الحقيقية تعترف وتسترشد بقيادة المُضطَهَد من أجل إنهاء الاضطهاد، فهو ليس بكائن خامد وإنما فاعل راشد يؤكد على تطلعاته وحقوقه واستراتيجيته في سبيل بلوغ تلك التطلعات والحقوق.7
الاتساق الأخلاقي والاستراتيجيات محددة السياق
يقوم نداء المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على ما أنجزته مبادرات فلسطينية ودولية عديدة تدعو إلى مقاطعة إسرائيل و/أو سحب الاستثمارات منها، ولا سيما تلك المبادرات المنبثقة بعد انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لمناهضة العنصرية في ديربان بجنوب أفريقيا في عام 2001. وفي حين أن الاتساق الأخلاقي والالتزام بحقوق الإنسان العالمية هما المبدآن الجوهريان للحركة العالمية الرامية لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها، فإن جهود المقاطعة تقوم عملياً على ثلاثة مبادئ أساسية هي: مراعاة الحساسية للسياق، والتدرج، والاستدامة. فأصحاب الضمائر الحية من الأكاديميين/ات والمفكرين/ات والناشطين/ات في مجال حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني في أي بلد، كما تدرك الحركة، هم الأعلم بكيفية تطبيق مبادرات المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات بصورة أكثر فعالية في ظل الظروف الخاصة بهم، مع النظر بعين الاعتبار إلى واقعهم السياسي والقيود المفروضة عليهم والقدرات التي يمتلكونها.
اعتُمدت العديد من التوصيات بالمقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات في منتدى المجتمع المدني المنعقد في بيلباو في بلاد الباسك (إسبانيا) في تشرين الثاني/ نوفمبر 2008، بمشاركة العشرات من المنظمات الفلسطينية والأوروبية والإسرائيلية التقدمية المؤيدة لجهود المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات.8 وتندرج بعض هذه التوصيات في الأولويات التالية التي تتبناها حملة المقاطعة، والتي تعكس الخبرات الجماعية للحركة، المتراكمة منذ نشأتها في عام 2005:
- الدعوة لمقاطعة عامة لكافة المنتجات والخدمات الإسرائيلية إلى أن تمتثل إسرائيل امتثالاً كاملاً لالتزاماتها بموجب القانون الدولي؛9
- الدعوة لمقاطعة كافة المؤسسات الأكاديمية والثقافية والسياحية الإسرائيلية المتواطئة في إدامة الاحتلال الإسرائيلي ونظام الفصل العنصري.10 وهذا يتطلب رفع مستوى الوعي لدى الأكاديميين/ات والفنانين/ات والعاملين/ات في الحقل الثقافي بشأن الدور الذي تلعبه هذه المؤسسات في إدامة الظلم والقهر الاستعماري؛
- تطبيق مبادئ استثمارية أخلاقية لدى النقابات العمالية والمنظمات الدينية والمجالس المحلية وصناديق التقاعد الوطنية ومؤسسات أخرى عن طريق سحب الاستثمارات من السندات الإسرائيلية (Israel Bonds) وكافة الشركات والبنوك والمؤسسات المالية التي تتربح من انتهاكات إسرائيل للقانون الدولي وحقوق الشعب الفلسطيني أو التي تتواطأ مع ارتكاب تلك الانتهاكات. لقد أصدرت شخصيات فلسطينية مسيحية بارزة في الآونة الأخيرة وثيقة عُرفت باسم “وقفة حق – كايروس فلسطين” تدعو الكنائس حول العالم إلى “قول كلمة حق واتخاذ موقف حق” كما تؤيد صراحةً جهود المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات باعتبارها “وسائل لتحقيق السلام والعدل والأمن؛”11
- الدعوة إلى سحب الاستثمارات من الشركات الإسرائيلية أو الدولية المتورطة في ارتكاب انتهاكات ضد القانون الدولي وحقوق الإنسان و/أو مقاطعة منتجاتها مقاطعةً واقعية. من أمثلة هذه الشركات شركة إلبيت سيستمز، الشركة البريطانية للطيران والفضاء (BAE)، وشركة فيوليا، وألستوم، وإيدن سبرينغز، وأغريكسكو-كرمل، أهافا، ليف ليفيف دياموندز، موتورولا، وشركة كاتربيلر، وغيرها؛
- تشجيع رحلات الحج الأخلاقية إلى الأراضي المقدسة بأن تتعامل وفود الحجيج مع وتُفيد بشكل مباشر الفنادق والمطاعم والحافلات الفلسطينية والأدلاء السياحيين الفلسطينيين وغيرهم وحرمان إسرائيل وشركات طيرانها ومؤسساتها العنصرية من العائدات المجزية المتأتية من هذا الحج؛
- ممارسة الضغط من قبل الرأي العام من أجل نبذ الصندوق القومي اليهودي وحرمانه من وضعه القانوني الراهن كمنظمة خيرية معفاة من الضرائب في معظم البلدان الغربية؛
- حشد تأييد المجالس المحلية والحكومات الإقليمية والضغط عليها كي تطبق بصرامة القوانين المحلية والدولية التي تحثها على استثناء الشركات التي تنخرط في ارتكاب “سوء سلوك جسيم” – ولا سيما على صعيد حقوق الإنسان – من عقود القطاع العام؛
- ممارسة الضغط الفعال على المسؤولين الحكوميين والأحزاب السياسية للاستجابة لدعوة منظمة العفو الدولية إلى تطبيق حظر فوري على توريد السلاح “لكافة أطراف النزاع”؛12
- الدعوة إلى تعليق جميع اتفاقيات التجارة الحرة وغيرها من الاتفاقيات التجارية التفضيلية المبرمة مع إسرائيل تعليقاً فورياً بسبب انتهاكاتها للقانون الدولي وحقوق الشعب الفلسطيني؛13
- ممارسة الضغط من أجل التنفيذ الفوري وغير المشروط للتوصيات الواردة في تقرير غولدستون الذي اعتمده مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة وكذلك الجمعية العامة والغالبية الساحقة من منظمات حقوق الإنسان الدولية الرئيسية من أجل محاسبة إسرائيل على ارتكابها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
لا تدعو الحملة العالمية للمقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات في سعيها لمجابهة الظلم الإسرائيلي إلى معاملة إسرائيل وفقاً لمعايير أعلى أو أدنى من تلك المعايير التي تنطبق على أي دولة أخرى ترتكب جرائم وانتهاكات مماثلة تخرق القانون الدولي. ورغم أن إسرائيل ليست بأي حال من الأحوال أكثر المعتدين فظاعة ووحشية على الصعيد العالمي، إلا إنها المعتدي الدائم الوحيد الذي ما فتئ يُعامَل بوصفه عضواً فخرياً في النادي الغربي “للدول الديمقراطية”، في حين تُستحضر المحرقة النازية، من دون أن يكون لها صلة، لتستخدم كستار للتغطية على هذا التواطؤ الفج. إن ما تتمتع به إسرائيل اليوم من وضع استثنائي وقدرة على الإفلات من العقاب منقطعيّ النظير يسمح لها بمواصلة تنفيذ أجندتها القائمة على الفصل العنصري والتطهير العرقي والإبادة الجماعية البطيئة والتدريجية ضد السكان الأصليين في فلسطين دون أي اعتبار للقانون الدولي أو تخوف من احتمال فرض عقوبات عليها لانتهاكه. وكما صرَّح بعض المفكرين التقدميين اليهود مؤخراً فإن عبارة “يجب ألا تتكرر أبداً!”، في إشارة إلى المحرقة والإبادة الجماعية، يجب دائماً أن تعني: يجب ألا تتكرر أبدا ضد أي طرف.14
يتحمل المجتمع المدني الغربي مسؤولية استثنائية من أجل محاسبة إسرائيل وفقاً للقانون الدولي نظراً لمستوى التواطؤ منقطع النظير الذي تمارسه الحكومات الغربية في إدامة نظام القهر الاستعماري والعنصري الإسرائيلي من خلال مقدار الدعم الدبلوماسي والاقتصادي والأكاديمي والثقافي والسياسي الهائل الذي تقدمه باسم المواطنين الغربيين وباستخدام الأموال المتأتية مما يدفعونه من ضرائب. فالتواطؤ الكبير يقتضي مسؤولية أخلاقية كبيرة. وفي حين أن العديد من الأنظمة العربية – بما فيها شرائح في السلطة الفلسطينية – تتواطأ أيضاً في تنفيذ الأجندة الإسرائيلية الأمريكية في المنطقة، فإن تأثيرها يقل أهمية إلى حد بعيد عن تأثير الدول الغربية في إدامة نظام القمع الإسرائيل ذي الأبعاد الثلاثة.15
وإذا ما وضعنا التواطؤ والواجب الأخلاقي جانباً، فإن مسؤولية تقديم الدعم لحملة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها والترويج لهذه الحملة تنبع أيضاً من المصلحة المشتركة. ففي حين تموِّل الولايات المتحدة وغيرها من الدول الغربية حروب إسرائيل التي لا تنتهي ونظامها القائم على الفصل العنصري بمليارات الدولارات كل عام، لا يزال ملايين الأطفال في الغرب يقطنون مساكن غير لائقة ويتلقون رعاية صحية غير كافية أو معدومة وتعليم هزيل في ظل مؤسسة رسمية تحرمهم فعلياً إذا ما كبروا من المشاركة الفاعلة في العملية السياسية الديمقراطية. إن التحول التقدمي في أولويات الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي من توجيه هذه الموارد البشرية والمادية الوطنية الهائلة لخدمة الحروب والهيمنة الإمبريالية على الساحة الدولية إلى الاستثمار في الرعاية الصحية الشاملة، ومشاريع السكن الكريم، وإرساء نظام مدرسي يفضي إلى التطور والتعلم السياقيّ الناقد، وخلق وظائف لائقة، وعكس آثار الضرر المدمر الذي لحق بالبيئة، ليس بحد ذاته أمراً حسناً بالنسبة لشعوب الغرب وحسب وإنما بالنسبة للعالم أيضاً – للعراق وأفغانستان وباكستان وأمريكا اللاتينية وإفريقيا وبالتأكيد لفلسطين.
تمثل الحركة العالمية لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها من أجل حقوق الشعب الفلسطيني وجهاً تقدمياً ومستداماً وأخلاقياً وفعالاً ومناهضاً للعنصرية من أوجه المقاومة المدنية غير العنيفة في سبيل إدراك حقوق الإنسان الفلسطيني. وما فتئ وجه المقاومة هذا يتشكل بوصفه باعثاً سياسياً رئيسياً وركيزة أخلاقية لحركة اجتماعية دولية قوية ونشطة قادرة على وضع حد لشريعة الغاب وإرساء سيادة القانون وإعادة التأكيد على حقوق كافة البشر في الحرية والمساواة والعيش الكريم.
إن المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات قد تثبت بالفعل أنها أقوى وسائل المقاومة الشعبية الفلسطينية على الإطلاق.
- http://www.aipac.org/Publications/SpeechesByAIPACLeadership/HowardKohr.pdf
- http://bdsmovement.net/?q=node/52
- للاطلاع على تحليل معمق حول نظام الفصل العنصري والاستعماري الإسرائيلي، انظر وثيقة الموقف الاستراتيجي التي نشرتها اللجنة الوطنية الفلسطينية لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها والمعنونة “الاتحاد في مقاومة الأبرتهايد، الاستعمار الاحلالي والاحتلال،” تشرين الأول/ أكتوبر 2008: http://bdsmovement.net/files/English-BNC_Position_Paper-Durban_Review.pdf
- لمعرفة المزيد عن التشريد القسري الممنهج للفلسطينيين، انظر: إيلان بابيه، التطهير العرقي لفلسطين، ون ورلد (أكسفورد: 2007).
- تضم اللجنة الوطنية الفلسطينية لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها: تحالف القوى الوطنية والإسلامية، الاتحاد العام لعمال فلسطين، الاتحاد العام لنقابات العمال الفلسطينيين، شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، الهيئة الوطنية للمؤسسات الأهلية، اتحاد النقابات المستقلة، اتحاد الجمعيات الخيرية، ائتلاف حق العودة، مبادرة الدفاع عن فلسطين وهضبة الجولان المحتلتين، الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، اتحاد المزارعين، الحملة الشعبية لمقاومة جدار الفصل العنصري، ، اللجنة الوطنية للمقاومة الشعبية، الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل، اللجنة الوطنية العليا لاحياء ذكرى النكبة، الائتلاف الأهلي للدفاع عن حقوق الفلسطينيين في القدس، الائتلاف من اجل القدس، اتحاد الجمعيات الخيرية الفلسطينية، الراصد الاقتصادي، اتحاد مراكز الشباب في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين.
- انظر على سبيل المثال: http://boycottisrael.info وأيضاً http://www.alternativenews.org
- يقدم إعلان القاهرة، الذي أعده وتبناه ممثلون عن جماعات تضامن من أكثر من 40 بلد شاركوا في احتجاجات في القاهرة ضمن مسيرة الحرية لغزة، مثالاً بارزاً على التضامن القائم على المبادئ: http://cairodeclaration.org/
- http://www.bdsmovement.net/?q=node/213
- للاطلاع على الطروحات الداعية إلى عدم حصر المقاطعة استراتيجياً في “منتجات المستوطنات” انظر: http://electronicintifada.net/v2/article9948.shtml
- لمعرفة المزيد عن المقاطعة الأكاديمية، انظر www.PACBI.org. كما أصدر مركز المعلومات البديلة مؤخراً دراسة توثق الأوجه العديدة لتواطؤ الوسط الأكاديمي الإسرائيلي في الاضطهاد التي تمارسه إسرائيل ضد الفلسطينيين: http://alternativenews.org/publications/econoccupation/2223-the-economy-of-the-occupation-23-24-academic-boycott-of-israel.html
- http://www.kairospalestine.ps/sites/default/Documents/English.pdf
- بغض النظر عن النقد المشروع للمعادلة المعيبة أخلاقياً وقانونياً التي تقدمها منظمة العفو الدولية والتي تساوي بين سلطة الاحتلال من ناحية والشعب القابع في ظل الاحتلال ومقاومته من الناحية الأخرى، فإن هذه الدعوة لا تزال تنطوي على فرض حظر على تجارة الأسلحة مع إسرائيل وعلى حظر شحن السلاح لها عبر مرافئ الدول ومجالاتها الجوية.
- تعد اتفاقية الشراكة المبرمة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل وكذلك اتفاقية التجارة الحرة بين السوق المشتركة لأمريكا الجنوبية وإسرائيل من بين الأهداف ذات الأولوية القصوى.
- انظر على سبيل المثال تصريحات ناعومي كلاين في هذا الصدد في محاضرة ألقتها السنة الماضية في رام الله وغطتها صحيفة هآرتس، Yotam Feldman, Noami Klein: Oppose the State Not the People, Haaretz, 2 July 2009: http://www.haaretz.com/hasen/spages/1097058.html
- تلعب السلطة الفلسطينية ككيان دوراً لا غنى عنه في إضفاء الشرعية على ادعاءات إسرائيل وتبييض صفحتها مما ترتبكه من انتهاكات للقانون الدولي وما تقترفه من جرائم حرب. إن من شأن حل السلطة الوطنية تدريجياً وتولي قيادة منظمة التحرير الفلسطينية بالسبل الديمقراطية وبالانطلاق من القاعدة وإعادة هيكلتها بغية إعادة تنصيبها بوصفها الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني أينما كان ومن ضمنه كافة الأحزاب السياسية الرئيسية الوطنية والإسلامية أن يحرم إسرائيل أثمن مصادر قوتها وأن يساعد في تقويض نظامها المُضطَهد للشعب الفلسطيني.