لمحة عامة
يتناول مستشار الشبكة سليم تماري في هذه المداخلة الجذور التاريخية لتقديس مدينة القدس، وكيف أن تقديسها يُخفي التغيرات المؤثرة في الوضع الحالي للمدينة وفي مستقبلها. ويرى تماري بأن المقترحات بشأن مستقبل القدس تتجاهل جوهر الصراع على المدينة في آليات القهر الاستعماري وهو الأمر الذي يجب معالجته وإيجاد حلٍّ منصف وعادل له.
القدس في”وثائق فلسطين”
كشفت “وثائق فلسطين” بأن القدس احتلت مكانةً مركزيةً في الاتفاقات الضمنية بين رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت.1 وتُظهر الوثائق بأن السلطة الفلسطينية تراجعت كثيرًا عن مواقفَ سابقةٍ اتخذتها منذ مؤتمر مدريد للسلام المنعقد في عام 1991. فلقد كانت المواقف الفلسطينية والعربية السابقة حيال القدس مبنيةً على قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 242 الصادر في أعقاب حرب حزيران/يونيو 1967 والذي يعتبر القدس الشرقية أرضًا محتلة لا يختلف وضعها عن وضع الضفة الغربية أو قطاع غزة أو هضبة الجولان السورية. وعلاوة على ذلك، فإن ترتيب “الأرض مقابل السلام” الذي يقع في صميم القرار رقم 242 ينطبق أيضًا على القدس الشرقية المحتلة.
ومن المنظور الفلسطيني الرسمي، فإن موافقة منظمة التحرير الفلسطينية على صيغة الدولتين في عام 1988 قدمت “حلًا” لوضع القدس كعاصمة لدولتين – دولة إسرائيل والدولة الفلسطينية المرتقبة. وأصبحت القدس في هذه المرحلة موضوعَ معادلةٍ متكافئةٍ ظاهريًا لترتيبات سياسية تبادلية تصبح بموجبها القدس الغربية عاصمةً لإسرائيل، وتصبح القدس الشرقية عاصمةً للدولة الفلسطينية.
ومع ذلك، وبتوقيع اتفاقات أوسلو في عام 1993، أُجِّل موضوع القدس إلى مفاوضات الوضع النهائي إلى جانب قضايا الحدود والمستوطنات واللاجئين. وإبان المرحلة الثانية من المفاوضات في أواخر عقد التسعينات من القرن المنصرم، تحوّل التركيز لينصب على “الوضع الخاص” للقدس. وقد انبثق هذا الوضع من طابعها المقدس، ووجود ما يسمى بالحوض المقدس، ومصالح الأطراف الأخرى ومنها الأردن والعالم الإسلامي بمجمله والأوروبيون والفاتيكان. وقد أخرج هذا الوضع الخاص المفاوضات بشأن القدس من إطار قرار مجلس الأمن رقم 242 بعد أن كان يتسنى معالجة مسألة القدس ببساطة بموجب هذا القرار القاضي بإعادة الأراضي إلى ما كانت عليه قبل الحرب.
وفي أعقاب فشل مفاوضات كامب ديفيد وطابا في عام 2000، تحوَّل السجال على المدينة من نزاعٍ على مستقبلها إلى مسألة انسحاب إسرائيل من القدس الشرقية الفلسطينية.
وفي تلك الأثناء، تقدّم فيصل الحسيني وزير السلطة الفلسطينية لشؤون القدس المتوفى في أيار/مايو 2001، وديفيد فاسرشتاين استاذ التاريخ في جامعة فانديربلت، كلٌ على حدة، باقتراحٍ واحدٍ مفاده تطبيق نموذج روما الذي نصت عليه معاهدة لاتران في عام 1929 باعتباره الحل الأنسب للقدس. فبموجب تلك المعاهدة، اعترفت إيطاليا بسيادة الكرسي الرسولي على مدينة الفاتيكان، في حين اعترفت الفاتيكان بروما كعاصمةٍ لإيطاليا. ومُنِح سكان المدينتين حرية الحركة والتنقل. غير أن وضع القدس كان أقرب إلى برلين المقسَّمة منه إلى روما “المنشقَّة” نظرًا لاستمرار إسرائيل في تطويق القدس.
من السياسي إلى المقدس
كيف اختُزِلت المطالبات العالمية بشأن القدس في نزاع على رقعةٍ صغيرة وعلى الإدارة الدينية للأماكن المقدسة؟ لقد حدث ذلك نتيجة الغزو والاحتلال الإسرائيلي في عام 1967 والذي أفضى في نهاية المطاف إلى تفعيل مبدأ قدسية المدينة كرؤيا أساسية لوضعها.
بدأت عملية الاختزال هذه إبان الاحتلال والانتداب البريطانيين على فلسطين (كانون الأول/ديسمبر 1917 – مايو/أيار 1948). ففي عام 1918، أسّس حاكم القدس العسكري السير رونالد ستورز “جمعية محبي القدس.” وقامت هذه الجمعية من خلال تركيزها على المحافظة على الآثار الدينية بالترويج للفكرة القائلة بإن القدس مدنيةٌ لديانات ثلاث بدلًا من أن تكون أرضيةً مدنيةً للمواطنة. كما قوَّضت الجمعية الجهود الساعية من أجل المواطنة باعتبارها أساسًا للوعي الحديث للتضامن والتكافل المدني – وهو تطورٌ حاسمٌ في المجتمع المدني بعد إصدار الدستور الديمقراطي في عام 1908.
ورغم أنه كان للحركة الصهيونية موقفٌ سلبي اتجاه هيمنة الطابع القروسطي على تركيب مدينة القدس الاجتماعي، فإنها أوجدت مع مرور الزمن علاقةً استراتيجية رغم التناقضات التي شابتها في الغالب بين الروابط اليهودية مع الأرض المقدسة وفِكرها العلماني المناهض لرجال الدين. انعكس هذا الموقف الصهيوني في موقفين، أولاهما إخراج اليهود من دائرة الانتماء العرقي القومي العربي والفلسطيني، وثانيهما أن العلاقات اليهودية المُبطِّنة “بالأرض المقدسة،” كما تجسدها عبارة “العام المقبل في القدس،” غدت تُترجم إلى تطلعات إقليمية وقومية.
نلاحظ تقاربٌ مشابه لدى الحركة القومية العربية حيث اختلطت مشاعر القومية العربية بإحياء الفكر الديني. فعلى سبيل المثال، برز ذلك التقارب بجلاء في تطور المهرجانات الشعبية الدينية مثل النبي موسى لتصبح منابرَ قوميةً لمقاومة الصهيونية وفكرة إقامة وطنٍ قومي يهودي على أرض فلسطين.
انبثقت من هذا المفهوم مقترحاتٌ عديدة هدفت إلى معالجة هذا المأزق، ومن أوائلها مخططات الانتداب البريطاني. وقد تبلور ذلك في خطط التقسيم الأولى الواردة في تقرير بيل الصادر سنة 1937 بعد انفجار الثورة العربية في عام 1936.2
وعقب احتلال إسرائيل لمدينة القدس في عام 1967، انبثقت فكرة “الحوض المقدس” وهو مفهومٌ وضعه عددٌ من علماء الاجتماع الأوروبيين في التسعينات من القرن الماضي لحصر الصراع في منطقةٍ صغرى متنازعٍ عليها. واشتمل تعريف الحوض المقدس على القدس القديمة وقبر راحيل ومقبرة مأمن الله. وكان هدف ذلك هو فصل الصراع الديني المذهبي عن الصراع حول الارض ومعالجتها بانفصال.3
وكانت هذه الفرضيةُ تقول إنه بمجرد حصر الطعون الدينية في تبعية المواقع المقدسة، فإنه سيتسنى للأطراف التعامل مع باقي الأراضي على أساس المطالبات التي كانت خاضعةً للتنازلات الدبلوماسية ضمن إطار “الحدود الآمنة” اي حدود 1967. وكان هناك افتراضٌ ثانٍ يقول إن معظم المواقع المقدسة تقع في مناطقَ خالصةٍ لطرف دون آخر، وبذلك يصبح التعامل مع “مشكلة” الأمكنة المقدسة أكثر سهولة.
ولكن الواقع يختلف عن هذه الفرضية، فليست كل المواقع الدينية خالصةً لطرف دون الآخر. فهناك العديد من المواقع التي يطالب بها المسلمون واليهود في الوقت نفسه، وأبرزها الحرم القدسي الشريف وجبل الهيكل ووقبر راحيل والحرم الإبراهيمي. وهناك مواقع إسلامية أخذ اليهود مؤخرًا يطالبون بها (النبي روبين والنبي صموئيل) ومواقع يهودية يطالب بها المسلمون (النبي يعقوب). وهناك أيضًا مواقع لأنبياء يعود ولكن هناك إجماع بأنها إسلامية (النبي موسى).
الا ان هناك جانبٌ إيجابي لفصل البيئة المقدسة عن النزاع بشأن الأراضي. ففي حين أنه يستحيل فعليًا عزل مستقبل القدس عن مستقبل باقي الصراع العربي-الإسرائيلي، فإنه يمكن التعامل مع المطالبات القائمة على أساس ديني في سياق رؤية مشتركة. فتكون القدس كيانًا منفصلًا جديدًا ينشأ فيه بفضل ازدواج الجنسية والمواطنة المدنية كيانٌ داخلَ المدينة يمكن أن يكون النموذج المستقبلي لدولة واحدة مشتركة إثنياً (اي ثنائية القومية). ولا ينطوي هذا على ازدواج السيادة بل يُعلِّق كلتا السيادتين الإسرائيلية والفلسطينية على المدينة. وفي جوهر هذا المقترح يقع تدويل المدينة، وهو أمر سوف يحظى بموافقة “المجتمع الدولي” ولا سيما الأوروبيين وربما العالم الإسلامي.
تطبيق قواعد الاستبعاد
استبقت إسرائيل المواقف الفلسطينية وأجهضتها عبر سلسلةٍ من إجراءاتٍ طبقتها على المدينة المهزومة عسكريًا بعد عام 1967. وكان أول تلك الإجراءات إقامة “القدس الكبرى” من خلال إعادة ترسيم حدود المدينة لتضم المستوطنات اليهودية (التي وصِفت بأنها “أحياء”). وقد بدأت هذه العملية سنةَ 1970 ورافقها تقييد متعمد للنمو الطبيعي للأحياء العربية في القدس الشرقية.
وكإجراءٍ ثانٍ شُرِّعت حقوقُ إقامةٍ متباينة بين القدس والضفة الغربية تُمثِّلها بطاقات هويةٍ زرقاء (مقيمون) وخضراء (فلسطينيون من الأراضي الفلسطينية المحتلة) وحمراء (مستهدفون أمنيًا). فالسكان الفلسطينيون القاطنون ضمن حدود القدس الموسعة – المحرومون بموجب شروط أوسلو من الحصول على بطاقات الهوية وجوازات السفر الفلسطينية الصادرة من السلطة الفلسطينية – ظل بحوزتهم بطاقات هويةٍ إسرائيليةٍ زرقاء منحتهم حقوق الإقامة ولم تعطهم حقوق المواطنة. وظلّ وضعهم معلّقًا. أما الفلسطينيون المقيمون في المحيط الخارجي لمنطقة القدس الكُبرى فقد أُعطوا بطاقات خضراء منعتهم من دخول المدينة.
وفي إجراء ثالث، كرّست إسرائيل التفوق الديموغرافي اليهودي في القدس في إطار قانونٍ أصدرته. فقد رأت لجنة وزارية معنية بشؤون القدس (تُسمى “لجنة غافني”)، في عام 1973، بأنه لا ينبغي السماح لنسبة السكان العرب مقابل السكان اليهود بأن تتجاوز 26/73 في المئة لصالح السكان اليهود.4
وبحلول 1998، أصبحت القدس مدينةً محظورةً على الفلسطينيين القاطنين في الضفة الغربية وغزة. وأصبحت زيارة اسطنبول أو باريس أو لندن أيسرَ للمواطن الفلسطيني القاطن في نابلس أو رام الله أو بيت لحم من زيارة القدس.
وجرى تطبيق قواعد الاستبعاد هذه بواسطة قوانين تقسيم المناطق، وحقوق الإقامة القانونية، وتصاريح البناء، وإنشاء المناطق الخضراء، وأخيرًا بناء الجدار الذي يقطع الضفة الغربية ويضم فعليًا إلى إسرائيل عشرات الألوف من الدونمات. وفصَلَ القانون الإسرائيلي سكان المحيط الخارجي للمدينة (حملة البطاقات الخضراء) عن عرب القدس الشرقية الذي حصلوا على حقوق الإقامة ولم يحصلوا على حقوق المواطنة. وقد عززت اتفاقات أوسلو عمليات الفصل هذه وأضفت عليها طابعًا شرعيًا.
وفي الواقع، حصل تحوّلٌ استراتيجي كبير في وضع المدينة بعد توقيع اتفاق أوسلو (1993-2000) حين جرى ترسيخ نظامٍ لعزل المدينة على أرض الواقع عن ظهيرها الفلسطيني في الضفة الغربية. أما نقاط التماس بين السكان المدنيين الفلسطينيين والجيش الإسرائيلي فقد جرى عزلها بواسطة طرق التفافية ونقاط تفتيش و “وثائق مرور” (للتنقل بين المنطقتين) والجدار الإسرائيلي.
لقد ترتب على هذا الانسحاب الحضري الاستراتيجي نتيجةٌ رئيسيةٌ تتمثل في جعل المقاومة المدنية (على غرار الانتفاضة الأولى) مستحيلةً بالنسبة للأغلبية الساحقة من الفلسطينيين القاطنين في المناطق الحضرية والريفية المحصورة (أ) و (ب) و (ج) في الضفة الغربية. وللمفارقة، فإن الانسحاب (حيث كان يُفترض به أن يكون تدبيرًا أمنيًا بالنسبة لإسرائيل) قد مهّد الطريق لزيادة عسكرة السياسية الفلسطينية من مناطق الحكم الذاتي. كما أخرج الانسحاب الفلسطينيين في الأراضي المحتلة من دائرة الاقتصاد السياسي لدولة إسرائيل، وحكم على الفلسطينيين في القدس بالدفاع عن أنفسهم في قضايا الحياة اليومية.
والفلسطينيون المواطنون في إسرائيل هم فقط من ظل جزءًا من التكوين الاجتماعي في إسرائيل. أما المحصِّلة النهائية فكان تحويل القدس إلى غيتو.5
المستقبل؟
تنزع النماذج المطروحة للتعامل مع مستقبل القدس في ظل الاحتلال لأنْ تكون مُجردة وغير قابلة للتطبيق، كما إن لها سوابق في مدنٍ متنازع عليها قسّمتها الحروب (برلين ونيقوسيا) أو النزاع الديني/الإثني داخل الدولة نفسها (بلفاست). ولا يمكن لهذه النماذج أن تنطبق على الوضع في القدس إلا بعد معالجة القضية الأشمل بشأن الأراضي بين إسرائيل والفلسطينيين. إن النزاع الإثني، والفضاء الديني المشترك، وحرية الوصول، وأحادية أو ازدواجية الجنسية هي مسائل لا يمكن معالجتها إلا بعد التوصل إلى حلّ بشان التفرد والسيطرة الاستعمارية.
وفي حالة القدس، اقترِحَت الصيَغُ التالية، المذكورة آنفًا، كبدائل في مقترح مادي لمستقبل المدينة:
• الوضع السابق القائم على الفرمان العثماني الصادر في 1852، والمكفول في مؤتمر برلين المنعقد في 1878. وهذا المبدأ ممكن إذا اعترفت كل جماعةٍ بحصرية الأماكن الدينية التابعة للأخرى. إن وجود أكثر من موقعٍ مقدسٍ محلَّ النزاع في القدس أثار مقترحًا في مفاوضات كامب ديفيد سنةَ 2000 مفاده أنه في حالة الحرم القدسي الشريف فإن “السيادة لله،” في حين أن إدارة الأماكن المقدسة سوف تتبع الفرمان العثماني. (وهو النموذج المعروف بترسيخ الامر القائم- ستاتوسكو)
• التقسيم العمودي للحرم الشريف كحلٍّ للنزاع بين اليهود والمسلمين. اقترِحَت هذه الصيغة في كامب ديفيد وحظيت بتأييد الرئيس الأمريكي بيل كلنتون في عام 2000. وفي رأيي، هذا المقترح كارثي لأنه يقترح إعطاء المنطقة السطحية للمسلمين ويضمن لليهود إمكانية الوصول إلى المناطق الواقعة تحت الأرض تحت الحرم الشريف والسيطرة عليها.
• المبدأ الروماني (نسبة الى مدينة روما) الذي يرتأي سيادتين منفصلتين متفقتين. والمحصِّلة هنا هي دولتان، سيادتان (كما هي حال الفاتيكان والجمهورية الإيطالية) ولكنهما تتشاركان في إدارة المدينة. يفترض هذا الحل بأن الطرفين قد توصلا إلى اتفاق بشأن مسائل الأراضي وترسيم الحدود؛ ولا يمكن تطبيق هذا الحل بالعكس، أي دون التوصل إلى اتفاقٍ أولًا.
• مقترح الحوض المقدس الذي يحصر النزاع على القدس في منطقة الحوض المقدس – أي المدينة القديمة والمنطقة المحيطة بها مباشرةً (بيت لحم وجبل الزيتون ومقبرة مأمن الله). يُحيي هذا المقترح في جوهره مقترح الكيان المنفصل الوارد في خطة التقسيم المنبثقة من الأمم المتحدة في 1947. ويهدف هذا المقترح إلى تقليل مساحة القدس وإخضاع ما تبقّى منها لمنطق القرار 242 الصادر من مجلس الأمن. يمكن لهذا المقترح أن ينجح إذا وافق الإسرائيليون والفلسطينيون على السواء بتدويل المدينة، وهو أمر مستبعد.
لا يمكن حلّ قضية القدس بمعزلٍ عن كامل الصراع العربي-الإسرائيلي. فهناك في القدس توجد كافة القضايا العالقة في القضية الفلسطينية (اللاجئون، وإرجاع الممتلكات، وترسيم الحدود، والترتيبات الأمنية) ولكن على نطاق أصغر. ومع ذلك، يتسنى فصل بعض هذه القضايا وتناولها بطريقة مقدورٍ عليها كوسيلة للنظر في إمكانية تطبيقها وتعميمها على الصراع برمته. فعلى سبيل المثال، يمكن التعامل مع قضايا الوصول إلى الأماكن المقدسة والإقامة والسيطرة الإدارية في سياق التدويل ولكن بعد التوصل إلى اتفاق على ترسيم الحدود بين إسرائيل والفلسطينيين.
تكمن المشكلة في نموذج الحوض المقدس (المفضي إلى تفاهمات متبادلة) ونموذج النزاع الإثني (المفضي إلى حل الصراع عبر الحلول الوسط مثل “نحن جميعًا أبناء إبراهيم”) في أنهما يتجاهلان السمات الراسخة والمهيمنة المتمثلة في العلاقات الحالية غير المتكافئة في المدينة. وعلى وجه التحديد، يقوم النزاع في المدينة على التوزيع غير العادل للموارد وعدم التكافؤ والقهر الاستعماري. إن التصدي لهذه القضايا وتصويبها هو السبيل الوحيد الذي يمكن من خلاله تطبيق المفاهيم المُستعارة المتمثلة في المواقع الدينية المشتركة وفكرة المدينة المفتوحة تطبيقًا صحيحًا.
- See Trilateral Meeting Minutes 15 June 2008, http://transparency.aljazeera.net/document/2825 and Gregg Carlstrom, “The Biggest Yerushalayim,” Al-Jazeera English, 23 January 2011. http://english.aljazeera.net/palestinepapers/2011/01/2011122112512844113.html. ↩
- See Wendy Pullan and Lefkos Kyriacou, “The Work of Charles Ashbee: Ideological Urban Visions with Everyday City Spaces” Jerusalem Quarterly 39 (Autumn 2009): 51-61. ↩
- See a Canadian overview of this theme in Michael J. Molloy, Michael Bell, and John Bell, A Special Regime for the Old City of Jerusalem, Windsor University, 2008
http://www.uwindsor.ca/joci ↩ - تبنّت الحكومة الإسرائيلية في عام 1973 هذه التوصية الصادرة من اللجنة الوزارية لدراسة معدلات التنمية في القدس (المعروفة باسم “لجنة غافني”) والتي قضت بأنه “لا بد من الحفاظ على التوازن الديموغرافي بين اليهود والعرب كما كان مستواه في نهاية عام 1972،” أي 73,5 في المئة يهود و26,5 في المئة فلسطينيون. وعلى مرّ السنوات، أكدّت جميع الحكومات الإسرائيلية عبر اللجنة الوزارية لشؤون القدس على ذلك الهدف باعتباره مبدءًا موجِّهًا لسياسة التخطيط البلدي، وأساس الخطط الديموغرافية والحضرية التي تضعها الوزارات الحكومية. انظر منظمة بتسليم، A Policy of Discrimination: Land Expropriation Planning and Building in East Jerusalem, Comprehensive Report, May 1995 (eastsidestory.ps/pdf-files/12PolicyofDiscrimination12.doc, accessed June 5, 2011) ↩
- جرى تقسيم الضفة الغربية بموجب شروط اتفاقات أوسلو إلى ثلاثة مناطق: (أ) و (ب) و (ج)، بحيث تكون السلطة الفلسطينية مسؤولة عن الأمن وتتمتع باستقلال نسبي في المنطقة (أ)، وتتشارك مع إسرائيل في الواجبات الأمنية في المنطقة (ب)، في حين تضطلع إسرائيل بمسؤوليات أمنية في المنطقة (ج) التي تغطي ما يقارب 60 في المئة من مساحة الضفة الغربية وتضم المستوطنات الإسرائيلية والقواعد العسكرية وشبكة الطرق الخاصة باليهود حصرًا ونقاط التفتيش والجدار. وتجدر الإشارة إلى أنه رغم الاستقلال النسبي الذي تتمتع به السلطة الفلسطينية في المناطق (أ) و(ب)، فإن إسرائيل تسيطر على كامل الضفة الغربية. ↩