The Political Marginalization of Palestinian Women in the West Bank

ملخص تنفيذي

بالرغم من أن المرأة الفلسطينية اضطلعت على الدوام بدورٍ أساسي في نضال التحرر من النظام الاستعماري الاستيطاني الإسرائيلي، إلا أنها ظلت مهمَّشةً سياسيًا. ويُعد النظام الإسرائيلي القوة المهيمنة التي تقمع المرأة الفلسطينية سياسيًا، غير أنه يجدر بنا أيضًا أن نعرف هوية القوى الفلسطينية والدولية المساهِمة في إضعاف الدور السياسي للمرأة الفلسطينية.

لقد أصبحت وجوه التهميش السياسي الذي تعانيه الفلسطينيات أكثر تعددًا وترسخًا منذ عقد التسعينات حين أحدثت اتفاقات أوسلو تغييرات عديدةً في بُنية المجتمع الفلسطيني وطريقة حُكمه. وكان من جملة تلك التغييرات تحول منظمات المجتمع المدني إلى كيانات مهنية وبيروقراطية، الأمر الذي أحدث مسافةً بينها وبين القواعد الشعبية والمجتمعات المحلية. فقد حَدَت بالمنظمات إلى تحويل تركيزها على المواعيد النهائية للمشاريع، والميزانيات، ومقترحات التمويل، والتقارير السنوية، وكلها تخضع إلى مجتمع المانحين الدولي.

وينعكس هذا التغير بوضوح في اللغة المستخدمة في حقبة ما بعد أوسلو حول حقوق المرأة داخل المجتمع المدني الفلسطيني، حيث إن الكثير من المصطلحات الطنانة المستخدمة لتأمين التمويل للمشاريع هي من وضع المنظمات الدولية التي فرضت معانيها وشروطها. فعلى سبيل المثال، يقتصر مصطلح "التمكين" على التمكين الاقتصادي والاجتماعي والمشاركة في "صنع القرار" وليس تمكين المرأة على مقاومة الاحتلال ووضع رؤية لما بعد الاستعمار. وفي حين أن قولبة الحركة النسائية في منظمات غير حكومية قد سرَّحت العديد من الجماعات ضمن المجتمع الفلسطيني، فإن المرأة لا تزال تتتضرر بسبب النزعات المؤسسية الساعية لاستبعاد المرأة من الحياة السياسية.

إن إدماج المرأة في الحياة السياسية المؤسسية الفلسطينية لا يزال سطحيًا جدًا في مستواه الحالي. فمثلًا هناك سيدة واحدة فقط بين الأعضاء الخمسة عشر في المجلس التنفيذي لمنظمة التحرير الفلسطينية. ومن بين المحافظات الستة عشر في الضفة الغربية وقطاع غزة، هناك محافَظةٌ واحدةٌ فقط هي محافظة رام الله والبيرة ترأسها سيدة. وكذلك الحكومة التي يترأسها محمد اشتية تضم ثلاث وزيرات فقط من أصل 22 منصبًا وزاريًا.

تفتقر المرأة الفلسطينية في الغالب إلى أبسط الضمانات القانونية وأشكال التمثيل السياسي، ما يعني أنها مستضعفة بوجه خاص لدرجة أنها تُستَخدم كسلاح. ولذا فإن التحرش الجنسي والتهديد بارتكاب العنف الجنسي هو سلاحٌ فعّال على وجه الخصوص.

يستخدم النظام الإسرائيلي الأساليب القائمة على النوع الاجتماعي لقمع الفلسطينيات، ومن بينها أسلوب التحرش، والتهديد بالعنف الجنسي، والحبس، ما يساهم في ترسيخ القوالب النمطية حول النوع الاجتماعي والروايات الأبوية التي تستبعد المرأة من الحياة السياسية. تتبع السلطة الفلسطينية أساليبَ مشابهةً لتلك التي تمارسها القوات الإسرائيلية لردع النساء عن المشاركة في النشاطات السياسية. تُعد المظاهرات والاحتجاجات في معظم الأحيان مسرحًا للعنف ضد المرأة. وفي بعض الحالات، تتعرض النساء لعنف جنسي جسدي، حيث تطال الأيادي أجسادهن أثناء المظاهرات.

تجدر الإشارة إلى أن المرأة الفلسطينية لم تصمت على العنف المرتكب ضدها. فلطالما واجهت مثلًا الممارسات التي تستخدم جسدها كسلاح، وذلك بمعرفة حقها في التزام الصمت أثناء الاستجوابات ومن خلال التكتل في جماعات أو أزواج في المظاهرات.

توصيات سياساتية

  • ينبغي للنساء الفلسطينيات والمنظمات والتعاونيات الفلسطينية المدافعة عن حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين أن تخضع لإعادة هيكلة وتتحول إلى حركة نسائية مستقلة تناضل من أجل تحرير المرأة في المجالات كافة.
  •  يجب على المنظمات النسائية أن تجد وسيلةً لاستعادة ارتباطها بالقواعد الشعبية وبخطاب التحرير .
  • يجب على المنظمات والناشطين التصدي لتهميش المرأة في الحياة السياسية. وينبغي للرجال تحديدًا أن يدركوا ديناميات القوة التي تمنع المرأة من المشاركة، وأن يدعموا النساء في مقاومة تلك الديناميات.
  • ينبغي للمرأة الفلسطينية أن تأخذ العبرة من النساء الأخريات في المنطقة اللاتي شاركن مؤخرًا في عمليات التغيير السياسي الهائل.
  • ثمة حاجة مُلحة لإدماج المنظور النسوي في المشروع السياسي الفلسطيني من خلال تبني وثيقة تحرير جديدة لا تتعامل مع المنظور النسوي كنظرية وحسب، بل كممارسة وأسلوب حياة يعمل من أجل تحرير الناس كافة.

نظرة عامة

بالرغم من أن المرأة الفلسطينية اضطلعت على الدوام بدورٍ أساسي في نضال التحرر من النظام الاستعماري الاستيطاني الإسرائيلي، إلا أنها ظلت مهمَّشةً سياسيًا. وقد تعددت وجوه هذا التهميش وترسخت أكثر منذ عقد التسعينات حين أحدثت اتفاقات أوسلو تغييراتٍ عديدةً في بُنية المجتمع الفلسطيني وطريقة حُكمه.12

تضمنت تلك التغيرات اعتمادًا غير مسبوق للمجتمع المدني الفلسطيني، بما فيه المنظمات النسائية، على مساعدات المانحين الدوليين، ودعمًا لسلطةٍ فلسطينية فاسدة وسلطوية تُكمِّل الاحتلال الإسرائيلي، بدلًا من أن تواجهه، وتقمع الفلسطينيين رجالًا ونساءً. وبسبب تلك التغيرات، باتت المرأة الفلسطينية اليوم تواجه تحديات أكبر من حيث النشاط والمشاركة السياسية.

تتناول هذه الورقة السياساتية هذه القضايا، وتعرض خلفية تاريخيةً عن مشاركة المرأة الفلسطينية في العمل السياسي، وتبحث في أسباب تهميشها سياسيًا ولا سيما في الضفة الغربية. وتختتم باقتراح بعض السُبل التي يمكن أن تُعين المرأةَ الفلسطينية وحلفاءَها على إيقاف التهميش السياسي وتنشيط دور المرأة في النضال الفلسطيني من أجل التحرير.

المرأة الفلسطينية كفاعل سياسي

لطالما انخرطت المرأة الفلسطينية في السياسة ليس فقط كزوجةٍ وأُختٍ وأُمٍ وإنما كمقاتلة ومنظِّمة وقائدة ذات قدرة على الفعل لا تُقاس بحسب علاقتها بالرجل. والناظر في التاريخ الفلسطيني يجد أن المرأة ظلت على الدوام حاضرةً وفاعلةً في الأوقات السياسية والوطنية الحاسمة، بيد أنها كانت مضطرةً إلى التعامل مع التوترات ما بين العمل النسوي والعمل القومي والنضال المناهِض للاستعمار.

شاركت المرأة الفلسطينية في 1917 في المظاهرات المنددة بإعلان بلفور. وانضوت العديد من المنظمات النسائية لاحقًا تحت مظلة الاتحاد النسائي العربي، الذي التأم في القدس سنة 1929، واستحدث اللجنةَ التنفيذية للمرأة العربية لإنفاذ قراراته، وكانت تلك بداية الحركة النسائية المنظمة في فلسطين.3 كانت الكثير من النساء المشاركات في اللجنة من الطبقتين الغنية والمتوسطة في المدن ولا سيما القدس، وكُن منخرطات في العمل المجتمعي والأعمال الخيرية. ومع ذلك، كانت اللجنة كيانًا سياسيًا أيضًا، تُلقي أعضاؤها الخطابات في مواقع ظلت في العادة مقصورةً على الرجال مثل الحرم الشريف وكنيسة القيامة.

وإبان الانتفاضة الفلسطينية ضد البريطانيين في 1936، خرجت النساء الفلسطينيات أفواجًا في المظاهرات، بل وشاركن في عمليات تهريب السلاح والإمدادات للفدائيين. وحينها اضطلعت المرأة الفلسطينية، سواء الريفية أو العاملة، بدور حيوي، حيث خبأن البنادق في ثيابهن وفي الحقول، وأجتزن مسافات لإخبار الفدائيين بالمعلومات المهمة مثل مواقع الجنود البريطانيين وطُرق الإمداد.4

وبعدها بعقدٍ ونيِّف، مزقت النكبة في 1948 نسيجَ المجتمع الفلسطيني، ودمرت البُنية الاجتماعية والمؤسسية التي شيدتها الحركة النسائية في العقود السابقة. وفي 1964 تأسست منظمة التحرير الفلسطينية ووفرت المأوى المركزي والمؤسسي للعديد من منظمات المجتمع المدني التي أُنشئت قبل النكبة. وأوجدت حركةُ البناء المؤسسي الكثيفة التي تلت ذلك فرصَ عملٍ ووظائف أكثر للنساء. وبالإضافة إلى ذلك، تأسس الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية في 1965 وضم العديد من المنظمات النسائية تحت رايته، وأحيا بذلك الحركة النسائية الفلسطينية. قدَّمت تلك المنظمات الخدمات التعليمية والطبية والقانونية والاجتماعية والمهنية للنساء، واضطلعت بجهود المناصرة والمؤازرة، وأقامت علاقات بغيرها من المنظمات النسائية حول العالم.

وبعد احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة في 1967، أخذ الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية يُلبي أمسَّ احتياجات المرأة الفلسطينية والأطفال الفلسطينيين بوسائل عديدة منها إنشاء المراكز الصحية ودور الأيتام. وفي أواخر الستينات، استولت حركة فتح على الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية وظلت تهيمن عليه منذ ذلك الحين. وبخلاف بعض الفصائل السياسية اليسارية، افتقرت فتح إلى موقفٍ جلي أو رؤية واضحة إزاء المرأة الفلسطينية. ورغم ذلك، نجحَ الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية في افتتاح فروع له في الشتات، حيث نشط دوره بوجه خاص في الدول العربية التي تؤوي أعدادًا كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين. ولا يزال الاتحادُ فاعلًا اليوم كمؤسسة ضمن منظمة التحرير الفلسطينية.

وفي الفترة نفسها التي تأسَّس فيها الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، انخرطت المرأة الفلسطينية أيضًا في المقاومة المسلحة، وقامت معظم فصائل العمل السياسي والقتالي الرئيسية بإنشاء معسكرات تدريبية خاصة بالثائرات الفلسطينيات. ومن  المناضلات المعروفات ليلى خالد التي كانت عضوًا في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين اليساري، واسترعت الاهتمام العالمي لدورها كقائدة لعملية ميدان داوسون، حيث أضحت أول امرأة تختطف طائرة. ومن ثم أصبحت متحدثةً على صعيد التضامن الدولي. ومن البارزات أيضًا من أعضاء الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين شادية أبو غزالة التي كانت من أوائل النساء الفلسطينيات المشاركات في المقاومة المسلحة في أعقاب 1967. وقد استشهدت أثناء تحضير عبوةٍ ناسفة. وهناك أيضًا دلال المغربي، من حركة فتح، والتي شاركت في عملية عسكرية في 1978 واستشهدت خلال العملية التي أسفرت عن مقتل 38 إسرائيلي مدني.

كَسرت ليلى خالد وشادية أبو غزالة ودلال المغربي العديد من الأعراف القومية والتقاليد التي قَصَرت دورَ المرأة في النضال من أجل التحرير على رعاية أبنائهن وأزواجهن سواء المقاتلين أو المأسورين. وعلى الرغم من أن التنظيم والمشاركة في المقاومة المسلحة ساعد في تفنيد الافتراضات التقليدية حول دور الرجل والمرأة، إلا أن التوترات بين تحرر المرأة وبين العمل القومي ظلت راسخةً. بل إن الكثيرين من الزعماء الفلسطينيين يفضلون التحرر الوطني على تحرر المرأة الفلسطينية لدرجة أن هذا الموقف صار العرفَ السائد. 

وبعد عقدين من الزمن، أظهرت صور النساء والفتيات وهن يرشقن الحجارة ويتحدين الجنود ويتقدمن المسيرات في الانتفاضة الأولى علامات واعدةً تُبشِّر بإعادة هيكلة اجتماعية. وفي تلك الفترة عكفت المنظمات النسائية على تعزيز مشاركتها في العمل الاجتماعي والسياسي، الأمر الذي أتاح للمرأة حركةً أوسع خارج حدود بيتها بحجة النضال، وأدخلها مواقعَ كانت في السابق حِكرًا على الرجال، مثل الاجتماعات السياسية والخطوط الأمامية في المظاهرات، مما ساهم حتمًا في تراجع السلطة الأبوية ضمن العائلة.

كثيرًا ما يُتغنى بالانتفاضة الأولى في أدبياتها والذاكرة الجمعية، ليس فقط بالمقاومة والتنظيم المجتمعي، بل أيضًا بدور المرأة في النضال. غير أنه لا بد من الإشارة إلى أن بعض النساء واجهن ردة فعل من المجتمع على مشاركتهن السياسية. فعلى سبيل المثال، حظيت أسيرات كثيرات بالتمجيد أثناء فترة أسرهن، ولكن بعد خروجهن واجهن في معظم الأحيان معوقات اجتماعية مثل عدم الحصول على فرصة للزواج أو العمل. فضلًا على أن المرأة ظلت تُقاس بنسبتها إلى أعلام الرجال، كأم فلان وزوجة فلان، كما توضِّح الكثير من الملصقات السياسية من تلك الفترة.

وبعد الانتفاضة الأولى بسنوات عدة، ضمَّ الوفد الفلسطيني المشارك في مؤتمر مدريد سنة 1991 امرأتين، هما حنان عشراوي وزهيرة كمال، من أصل 21 عضو. غير أن الوفد المفاوض على اتفاقات أوسلو بعدها بسنوات لم يضم أي امرأة. لم يقتصر التهميش في أوسلو على المرأة الفلسطينية، حيث استُبعد اللاجئون في الشتات وكذلك الفلسطينيون المواطنون في إسرائيل أيضًا. لقد أوجدت أوسلو إطارَ عملٍ ضيق يعمل على تمكين القيادات الفلسطينية الذكورية في المنفى، بدلًا من تمكين الشعب الفلسطيني ككل. وبسبب هذا الاستبعاد تفاقمت التوترات بين النضال الوطني وبين الحركة النسائية.

تهميش المرأة الفلسطينية سياسيًا

استمر التوتر ما بين القومية والنسوية في الفترة التالية لأوسلو، واقترن بوقوف المرأة الفلسطينية في مواجهة قوى متعددةٍ تسعى إلى قمع مشاركتها في الحياة السياسية. وأكبر تلك القوى هي النظام الإسرائيلي الذي ما انفك يقمع المرأة الفلسطينية منذ نشأته من خلال أشكال العنف الذي يمارسه ضد النساء، وتمكينه الهياكلَ الأبويةَ عبر جهوده الحثيثة لاستعمار الأرض وتجزئتها وتشتيت مجتمعاتها. ومن الأهمية بمكان أيضًا أن نعرف هوية القوى الفلسطينية والدولية المساهِمة في إضعاف الدور السياسي للمرأة الفلسطينية.

قولبة الحركة النسائية في منظمات غير حكومية

استحدثت اتفاقات أوسلو إطارَ عمل جديد “للسلام” و”بناء الدولة”، وأحدثت كذلك تحولًا جذريًا في المجتمع المدني الفلسطيني، ومن ضمنه الحركة النسائية. فقد تدفقت المساعدات الأجنبية إلى فلسطين، وأدخلت المجتمع المدني في حالةٍ من الاعتماد على الرعاية الخارجية. وفي حين كانت الأحزاب السياسية الداعم الأكبر لمنظمات المجتمع المدني قبل أوسلو، فإن هذه العلاقات تعرضت لإضعافٍ متعمد وتعطيلًا لهذه الروابط في حقبة ما بعد أوسلو. ويُطلق العديد من الباحثين على هذه العملية مصطلح “قولبة المنظمات غير الحكومية”، وتصفها إصلاح جاد بوصفٍ مناسب باعتبارها الظروف التي تتحول ضمنها “القضايا ذات الاهتمام الجمعي إلى مشاريع معزولة عن السياق العام التي تنشأ ضمنه، وذلك دون مراعاة العوامل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المؤثرة فيها”.

 إن تحويل منظمات المجتمع المدني إلى كيانات مهنية وبيروقراطية أحدثَ مسافةً بينها وبين القواعد الشعبية والمجتمعات المحلية. حيث بات التركيزُ منصبًا على المواعيد النهائية للمشاريع، والميزانيات، ومقترحات التمويل، والتقارير السنوية، وكلها تخضع إلى مجتمع المانحين الدولي. إنَّ التحولَ إلى أجندةٍ يقودها المانحون أبعدَ منظماتٍ كثيرةً عن الخطاب السياسي حول التحرير والقومية. وقد خضعت العديد من المنظمات داخل الحركة النسائية إلى هذا التحول.

الكثيرون من الزعماء الفلسطينيين يفضلون التحرر الوطني على تحرر المرأة الفلسطينية Share on X

يتجلى هذا التغير بوجه خاص في اللغة المستخدمة في حقبة ما بعد أوسلو حول حقوق المرأة داخل المجتمع المدني الفلسطيني، حيث إن الكثير من المصطلحات والعبارات الطنانة المستخدمة لتأمين التمويل للمشاريع هي من وضع وكالات الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية التي فرضت معانيها وشروطها. وعلى سبيل المثال، يقتصر مصطلح “التمكين” على التمكين الاقتصادي والاجتماعي والمشاركة في “صنع القرار” وليس تمكين المرأة على مقاومة الاحتلال ووضع رؤية لِما بعد الاستعمار. بل إن مشاريع كثيرة تركز حصرًا على تمكين الأُسر اقتصاديًا، وتهدف إلى مساعدة المرأة لتصبح أقل اعتمادًا من الناحية المالية على المعيلين من الذكور. ويتناقض هذا تناقضًا صارخًا مع التعاونيات الكثيرة التي أسستها النساء قبل أوسلو بهدف الاستقلال اقتصاديًا عن إسرائيل، وكانت بمثابة شكلٍ من أشكال المقاومة، ومن أمثلتها التعاونيات النسائية الانتاجية التي أسسها اتحاد لجان المرأة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة إبان الانتفاضة الأولى.

ومن الأمثلة الأخيرة لهذا التحول الذي قاده المانحون حملة “حقوقي قوة لنا” التي أطلقتها لأسبوع واحد في مطلع 2019 وكالات تابعة للأمم المتحدة ومنظمات دولية ومنظمات فلسطينية غير حكومية، حيث هدفت الحملة إلى “رفع الوعي بحقوق المرأة الاساسية” وبالعنف الأسري على وجه الخصوص. وركزت الحملة على خمسة مجالات هي حق المرأة في حياةٍ خالية من العنف، وحقها في الحصول على العدالة، وحقها في الحصول على المساعدة، وحقها في المساواة في الفرص، وحقها في حرية الاختيار. ولم تذكر الحملةُ الاحتلالَ العسكري الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة، ولا بُنيان الفصل العنصري، كعوامل رئيسية تساهم في الانتهاكات المرتكبة بحق المرأة الفلسطينية. بل إن البيانات الصحفية والأدبيات الأخرى للحملة لم تذكر كلمة “الاحتلال” أو “إسرائيل،” ناهيك عن “الفصل العنصري” أو “الاستعمار.” وهذا يعكس توجه خطاب المعونة الدولية ومجتمع المانحين إلى الحديث عن “المشاكل” و”المعوقات” لحقوق المرأة ضمن فراغ سياسي لتفادي أي انزعاج إسرائيلي. وهذا مثالٌ جليّ يُبين كيف أن الاعتماد على مجتمع المانحين جعل المنظمات الفلسطينية شريكةً على مضض في تحييد كفاح المرأة الفلسطينية سياسيًا.

وفي حين أن قولبة المجتمع المدني في منظمات غير حكومية قد أسفرت عن تسريح مجموعات كثيرة في المجتمع الفلسطيني، إلا أن المرأة تظل المتضرر الأكبر بسبب النزعات الأبوية المؤسسية الساعية لاستبعاد المرأة من الحياة السياسية.

إدماج المرأة صوريًا في المؤسسات

إن عودة منظمة التحرير الفلسطينية إلى الضفة الغربية وقطاع غزة واختزالها لاحقًا في السلطة الفلسطينية قد أحبط الكثيرين على الأرض، ولا سيما الناشطات على المستوى الشعبي من الانتفاضة الأولى اللاتي خسرن أدوارهن القيادية لمصلحة الساسة الذكور في معظمهم، وهنا يبرز مجددا التوتر بين النضال الوطني وتحرر المرأة. ولتخفيف هذه التوتر، استحدثت السلطة الفلسطينية في 2003 وزارةَ شؤون المرأة التي أنشأت في الفترة 2012-2014 في عهد الوزيرة هيفاء الآغا وحدات معنية بالمرأة في الهيئات الحكومية الفلسطينية كافة. ويُفتَرض بهذه الوحدات أن تتصدى لمشاكل المرأة، ولا سيما مشاركتها في الحياة السياسية المؤسسية، بيد أن جهود تلك الوحدات ومخرجاتها لا تزال ضئيلة. وعلى الأرجح أن استحداث تلك الوحدات جاء استيفاءً لبعض المتطلبات، ولا سيما التي يفرضها المانحون، واستجابةً للضغوط المحلية والدولية الداعية إلى إقامة هيكلٍ سياسي أكثر توازنًا بين الجنسين. 

قولبة المجتمع المدني الفلسطيني في منظمات غير حكومية قد أسفرت عن تسريح مجموعات كثيرة، ولكن المرأة تظل المتضرر الأكبر Share on X

إن إدماج المرأة في الحياة السياسية المؤسسية الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة لا يزال سطحيًا جدًا في مستواه الحالي. وعلى الرغم من تطبيق الكوتا النسائية البالغة 20% في المجلس التشريعي الفلسطيني منذ 2006، بعد جهد جهيد من الناشطين الفلسطينيين والمنظمات النسائية، إلا أن هذه النسبة لا تزال متدنية. وهناك هيئات أخرى أيضًا تضم في عضويتها نساءً بنسب أقل من تلك. فمن بين الأعضاء الخمسة عشر في المجلس التنفيذي لمنظمة التحرير الفلسطينية، هناك سيدة واحدة فقط هي حنان عشراوي. ومن بين المحافظات الستة عشر في الضفة الغربية وقطاع غزة، هناك محافَظةٌ واحدةٌ فقط هي محافظة رام الله والبيرة ترأسها سيدة، هي ليلى غنَّام. وكذلك الحكومة التي تشكلت في نيسان/أبريل برئاسة محمد اشتية تضم ثلاث وزيرات من أصل 22 منصبًا وزاريًا، وهن وزيرة الصحة مي كيلة، ووزيرة السياحة رولا معايعة، ووزيرة شؤون المرأة أمل حمد. وتنتمي هؤلاء النساء جميعهن، باستثناء عشراوي، إلى حركة فتح. وهذا غير مستغرَب بالنظر إلى هيمنة فتح على المشهد السياسي الفلسطيني وجهود الرئيس محمود عباس في الآونة الأخيرة لتركيز السلطة في يد حزبه.

إن هذه المساعي الرامية إلى تركيز السلطة تعكس السياسة المتأصلة في السلطة الفلسطينية، وتحديدًا قيادة الرجل الواحد، والحكم بالمراسيم الرئاسية، وعدم الفصل بين السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية. فضلاً على أن غياب الديمقراطية قد فتح الباب للواسطة والمحسوبية، حيث مضى أكثر من عقد من الزمن على انتهاء ولاية عباس. ولهذا لا نستغرب ترسُّخ النزعات الأبوية في عهد السلطة الفلسطينية.

حاولت السلطة الفلسطينية النهوض بوضع المرأة الفلسطينية في 2014 حين انضمت إلى اتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) دون إبداء أي تحفظات. وكانت أول بلد في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يفعل ذلك، واعتبرها المجتمع الدولي إشارة تدل على تقدم واضح على صعيد حقوق المرأة. غير أن هناك بعض المشاكل التي تجعل من انضمام السلطة إلى الاتفاقية أقل بريقًا مما قد يبدو. أولاً، لم يُنشر نص اتفاقية سيداو في الجريدة الرسمية للسلطة الفلسطينية، وبهذا تظل غير مُلزمة للقانون المحلي. ثانيًا، أصدرت المحكمة الدستورية العليا، المخولة بتنظيم مكانة الاتفاقيات الدولية في النظام القانوني الفلسطيني، قرارًا في تشرين الثاني/نوفمبر 2017 يتيح للمحاكم الامتناع عن تطبيق الاتفاقيات التي تخالف القانون الفلسطيني. وهذا يسمح بإصدار صلاحيات تنفيذية غير مستندة إلى لوائح تنظيمية ويسمح للجهاز التشريعي باستدامة السلطة الأبوية المسيطرة.

جسد المرأة كسلاح

تفتقر المرأة الفلسطينية في الغالب إلى أبسط الضمانات القانونية وأشكال التمثيل السياسي، ما يعني أنها مستضعفة بوجه خاص لدرجة أنها تُستَخدم كسلاح. التحرش الجنسي والعنف الجنسي هو موضوع حسَّاس في المجتمع الفلسطيني، وغالبًا ما توصم المرأة التي تتعرض للتحرش أو العنف الجنسي بوصمة عار. ولذا فإن التحرش الجنسي والتهديد بارتكاب العنف الجنسي هو سلاحٌ فعّال على وجه الخصوص. وقد عَمد النظامُ الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية على حد سواء إلى استخدام هذا العنف لثني النساء عن الانخراط في النشاط السياسي.

ما برح النظام الإسرائيلي منذ قيامه يستخدم الأساليب القائمة على النوع الاجتماعي استخدامًا ممنهجًا لقمع الفلسطينيين. وهذا يساهم في ترسيخ القوالب النمطية حول النوع الاجتماعي والروايات الأبوية التي تستبعد المرأة من الحياة السياسية أو تستهدف الناشطات سياسيًا. يتجلى الاستهداف بطرق عديدة تشمل التحرش، والتهديد بالعنف الجنسي، والحبس، حيث يُعدُّ الوسيلةَ الأنجع في الحد من العمل السياسي. فما انفكت القيادات النسائية السياسية يتعرضن للحبس على يد الاحتلال الإسرائيلي، بمن فيهن العضو في المجلس التشريعي خالدة جرار.

 تتعرض النساء الفلسطينيات أثناء الاحتجاز إلى العنف القائم على النوع الاجتماعي في محاولة “لكسرهن”. وعلى سبيل المثال، أمضت ختام السعافين، رئيسة لجان اتحاد المرأة الفلسطينية، ثلاثة أشهر قيد الاعتقال الإداري الإسرائيلي. وأفادت بأن الجنود الإسرائيليين التقطوا لها صورًا بهواتفهم أثناء الاعتقال وأخضعوها لتفتيشات عارية غير ضرورية. ومن المعروف أيضًا أن سلطات السجون الإسرائيلية تحرمُ المعتقلات من استخدامَ الفوط الصحية وتحد من قدرتهن على استخدام الحمامات أثناء فترة الحيض.

إن إدماج المرأة في الحياة السياسية المؤسسية الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة لا يزال سطحيًا جدًا في مستواه الحالي Share on X

وغالبًا ما تنطوي جلسات الاستجواب التي يجريها الجنود الإسرائيليون أو الأجهزة الأمنية الإسرائيلية على تحرش جنسي أو تهديد بارتكاب العنف الجنسي لإكراه النساء والفتيات على التوقيع على اعترافات أو إعطاء معلومات. ويتجلى ذلك في فيديو مسرَّب لجلسة تحقيق مع الشابة عهد التميمي في كانون الأول/ديسمبر 2017 والتي اعتُقلت لصفعها جنديًا إسرائيليًا اقتحم منزلها وشارك قبلَها في مداهمة أسفرت عن إصابة ابن عمها بعيار ناري في رأسه. وأثناء الاستجواب تحرَّش المحققان بعهد لفظيًا حيث أطلقا بعض التعليقات حول جسدها.

وفي السنوات الأخيرة، أخذت السلطة الفلسطينية في التضييق أكثر على الأنشطة والفعاليات التي تتحدى استبدادها، مستخدمةً في سبيل ذلك أساليبَ قاسية مثل الاعتقال والاستجواب والمراقبة وتقييد الحركة والهجمات الإلكترونية. وتتبع كذلك أساليبَ مشابهةً لتلك التي تمارسها القوات الإسرائيلية لردع النساء عن المشاركة في النشاطات السياسية.

تُعد المظاهرات والاحتجاجات في معظم الأحيان مسرحًا للعنف ضد المرأة، حيث تكيل قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية شتائمَ وتستخدم إيحاءات ترقى في معظم الأحيان إلى درجة التحرش الجنسي اللفظي، بينما يُخبر رجالُ الأمن النساءَ أن مكانهن البيت وليس الشارع. وهذا الزعم مستمدٌ من مفاهيم الشرف والعار، تلك المفاهيم العالمية الكارهة للنساء التي يمكن استخدامها أيضًا ضد عائلات النساء. فمن المعروف أن الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية تزور آباء النساء والفتيات “لمناقشة” نشاطهن. ولهذا تداعيات خطيرة لبعض النساء، حيث يحمل عائلاتهن على منعهن من المشاركة في الأنشطة السياسية. وفي بعض الحالات ذهبت الأجهزة الأمنية لأماكن عمل الناشطات وتحدثت إلى أرباب عملهن في محاولة لطردهن من العمل. وهذا النوع من الأذى يتم بسهولة أكبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يمكن نشر الشائعات والافتراءات بسرعة ودون معرفة مصدرها بحيث يكاد يستحيل دحضها.

وفي حالات أكثر حِدّة، تتعرض النساء لعنف جنسي جسدي، حيث تطال الأيادي أجسادهن أثناء المظاهرات. وهذا ما حصل أثناء تظاهرة احتجاجية في حزيران/يونيو 2018 طالبت السلطةَ الفلسطينية برفع العقوبات عن غزة، حيث قام مناصرو فتح بالتحرش في النساء والاعتداء عليهن بناءً على طلب القوى الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية. إن التحرش الجنسي بالنساء في هذه الأماكن يهدف إلى معاقبتهن وردعهن عن المشاركة، ويدفع الناشطين الذكور إلى ثني الناشطات عن المشاركة خوفًا على سلامتهن.

تجدر الإشارة إلى أن المرأة الفلسطينية لم تصمت على العنف المرتكب ضدها. فلطالما واجهت مثلًا الممارسات التي تستخدم جسدها كسلاح، وذلك بمعرفة حقها في التزام الصمت أثناء الاستجوابات ومن خلال التكتل في جماعات أو أزواج في المظاهرات. وثمة أسلوب آخر تتبعه النساء يتمثل في الفصل الذهني، حيث تقول إحدى الناشطات للكاتبة: “أنا أهيئ نفسي ذهنيًا قبل المظاهرة، فأقول لنفسي ’جسدي اليوم ليس ملكي.‘”

تحرير الشعب الفلسطيني بكافة أطيافه

لا يهدف هذا التحليل السياساتي إلى التغزل بفترة ما قبل أوسلو، ولكنه يتناول تهميش المرأة الفلسطينية سياسيًا وكيف تَسارعَ مع ترسخ الاحتلال العسكري، وازدياد وتيرة القمع الذي تمارسه السلطات الفلسطينية، وضعف الرابط بين المجتمع المدني والقواعد الشعبية. وبالإضافة إلى ذلك، بات مشروع التحرير الفلسطيني برمته مجزءًا جغرافيًا واجتماعيًا وسياسيًا، ما يُسفر عن حالة من الضعف التاريخي. وبينما تدور النقاشات حول الجهود الرامية إلى إحيائه، يتعين على الفلسطينيين الإجابة على السؤال التالي: هل يستطيع الفلسطينيون مواصلة الدرب نحو التحرير بينما نصف الشعب مهمَّش ومستبعَد من العملية؟

انطلاقًا من هذا الوعي، تهدف التوصيات التالية إلى كسر التهميش السياسي وإعادة تفعيل النضال التحرري من خلال العمل النسوي:

1. ينبغي للنساء الفلسطينيات والمنظمات والتعاونيات الفلسطينية المدافعة عن حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين أن تخضع لإعادة هيكلة وتتحول إلى حركة نسائية مستقلة تناضل من أجل تحرير المرأة في المجالات كافة، بما فيها المجال السياسي والاقتصادي والاجتماعي. إن حاجة النساء إلى الاستقلال أمرٌ لا بد منه في هذا السياق الأبوي، حيث تسود الهيمنة الذكورية في المجالات كافة. والاستقلال التنظيمي لا يعني الفصل بين النضالات، وإنما يوفر للنساء الحيز اللازم لإعمال الفِكر في سُبل التحرير ضمن حرية أكبر وإطار جماعي. لا بد لحقوق النساء أن تكون فردية وجماعية، ويجب ألا تنفصل عن الحق الجماعي للشعب الفلسطيني في التحرر من الاستعمار الاستيطاني.

2. يجب على المنظمات النسائية أن تجدَ وسيلةً لاستعادة ارتباطها بالقواعد الشعبية وبخطاب التحرير. وتتمثل إحدى الطُرق الممكنة لتحقيق ذلك في العودة إلى النشاط الجمعي والتصدي للنخبوية ضمن شبكة المنظمات غير الحكومية من خلال رفع مستوى الديمقراطية والتمثيل في العمليات المتبعة. ويقتضي ذلك أيضًا العملَ نحو الاكتفاء الذاتي لإضعاف سطوة المانحين وتمهيد الطريق للسيادة الاقتصادية، وقد ينطوي ذلك على تطبيق نظام قائم على اشتراكات الأعضاء.

3. يجب على المنظمات والناشطين التصدي لتهميش المرأة في الحياة السياسية. وينبغي للرجال تحديدًا أن يدركوا ديناميات القوة التي تمنع المرأة من المشاركة، وأن يدعموا النساء في مقاومة تلك الديناميات. فعلى سبيل المثال، ينبغي للرجال في الاجتماعات والنقاشات والمظاهرات أن يتنحوا لإفساح المجال للنساء كي يتبوأن أدوارًا قيادية. وبدلًا من ثني النساء عن الوقوف في الخطوط الأمامية خشيةَ استخدام أجسادهن كسلاح ضدهن، ينبغي للرجال أن يفكروا مع النساء لابتكار أساليب تحول دون استخدامهن كسلاح.

4. مع مراعاة السياق المحدد للاستعمار الاستيطاني، ينبغي للمرأة الفلسطينية أن تأخذ العبرة من النساء الأخريات في المنطقة اللاتي شاركن مؤخرًا في عمليات التغيير السياسي الهائل كما في تونس والسودان. ومن الأهمية بمكان أيضًا أن نعيد بناء العلاقات التضامنية التاريخية كعلاقتنا مع الحركة النسائية الكردية، على سبيل المثال، بدلًا من التوجه نحو الغرب، من أجل التعلم والتطور بالقدوة.

5. ما انفكت القومية الفلسطينية تتركز حول الصور الذكورية المتجسدة في المقاتل أو الأسير، بينما يكون الحديث عن المرأة في معظم الأحيان بحسب قرابتها بذاك الرجل. وهذا يُسفرعن سياسة تحرير لا تُقصي النساء وتهيمن عليهن وحسب، بل تُجحف بحق الرجال وتظلمهم. ولذلك ثمة حاجة مُلحة لإدماج المنظور النسوي في المشروع السياسي الفلسطيني من خلال تبني وثيقة تحرير جديدة لا تتعامل مع المنظور النسوي كنظرية وحسب بل كممارسة وأسلوب حياة يعمل من أجل تحرير الناس كافة.

ولن يتسنى للقيادة الفلسطينية والمجتمع المدني الفلسطيني استثمارَ قوة المرأة الفلسطينية في النضال الفلسطيني من أجل الحرية والعدالة والمساواة إلا من خلال هذه الإجراءات.

  1. تشكر الكاتبة مكتب فلسطين/الاردن التابع لمؤسسة هاينريش-بول على شراكته وتعاونه مع الشبكة في فلسطين. الاراء الواردة في هذا الموجز السياساتي هي آراء الكاتبة ولا تعبر بالضرورة عن رأي مؤسسة هاينريش-بول.
  2. لقراءة هذا النص باللغة الفرنسية أو باللغة الأسبانية، اضغط/ي هنا أو هنا. تسعد الشبكة لتوفر هذه الترجمات وتشكر مدافعي حقوق الإنسان على هذا الجهد الدؤوب، وتؤكد على عدم مسؤوليتها عن أي اختلافات في المعنى في النص المترجم عن النص الأصلي.
  3. أستخدم مصطلح “الحركة النسائية” في هذا الموجز السياساتي في معناه العام للإشارة إلى مجموعة المنظمات العاملة من أجل تعزيز حقوق المرأة في فلسطين.
  4. فيحاء عبد الهادي، “أدوار المرأة الفلسطينية في الثلاثينات، والمساهمة السياسية للمرأة الفلسطينية،” البيرة: مركز المرأة الفلسطينية للأبحاث والتوثيق، 2005، 84.
يارا هواري هي مديرة الشبكة بالمشاركة. عملت سابقًا كزميلة سياساتية للشبكة في فلسطين وكمحللة رئيسية في الشبكة. نالت درجة الدكتوراه في سياسة الشرق الأوسط من...

أحدث المنشورات

 السياسة
بعد عام من المعاناة تحت وطأة العنف والدمار المستمرين ، يقف الفلسطينيون عند لحظة مفصلية. تتناول يارا هواري، في هذا التعقيب، الخسائر الهائلة التي تكبدها الشعب الفلسطيني منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023 والفرص المنبثقة عنها للعمل نحو مستقبل خالٍ من القمع الاستعماري الاستيطاني. وترى أنّ الوقت قد حان الآن لكي تتحول الحركة من رد الفعل إلى تحديد أولوياتها الخاصة. وكجزء من هذا التحول، تحدد يارا ثلاث خطوات ضرورية: تجاوز التعويل على القانون الدولي، وتعميق الروابط مع الجنوب العالمي، وتخصيص الموارد لاستكشاف الرؤى الثورية لمستقبل متحرر.
Al-Shabaka Yara Hawari
يارا هواري· 22 أكتوبر 2024
منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، قتلت القوات الإسرائيلية ما يزيد عن 40,000 فلسطيني في غزة، وجرحت 100,000 آخرين، وشرَّدت كامل سكان المنطقة المحتلة تقريبًا. وفي ذات الوقت شرَعَ النظام الإسرائيلي في أكبر اجتياح للضفة الغربية منذ الانتفاضة الثانية مما أدى إلى استشهاد ما يزيد عن 600 فلسطيني واعتقال 10,900 آخرين. كما وسعت إسرائيل نطاق هجومها الإبادي الجماعي في لبنان، مما أسفر عن مقتل ما يزيد على ألف شخص ونزوح أكثر من مليون آخرين. يسلط هذا المحور السياساتي الضوء على مساعي الشبكة في الاستجابة لهذه التطورات على مدار العام الماضي، من وضع أحداث السابع من أكتوبر في سياق أوسع للاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي، إلى استجواب آلة الحرب الإسرائيلية متعددة الأوجه، إلى تقييم العلاقات الإقليمية المتغيرة بسرعة. هذه المجموعة من الأعمال تعكس جهد الشبكة المستمر في تقديم رؤية فورية للوضع الفلسطيني.
لا تنفك شركات الأسلحة البريطانية تتربّح من بيع الأسلحة لإسرائيل من خلال التراخيص الصادرة من الحكومة البريطانية، حيث بلغ إجمالي هذه الصادرات منذ العام 2008 ما يقدر بنحو 740 مليون دولار، وهي ما تزال مستمرة حتى في ظل الإبادة الجماعية الجارية في غزة. يشعر البعض بتفاؤل حذر إزاء احتمال فرض حظر على الأسلحة بعد فوز حزب العمال في انتخابات يوليو/تموز 2024، وبعدَ أن وعدَ بالانسجام مع القانون الدولي. في سبتمبر/أيلول 2024، علقت الحكومة البريطانية 30 ترخيصاً من أصل 350 ترخيصاً لتصدير الأسلحة إلى إسرائيل. ويرى الناشطون وجماعات حقوق الإنسان أن مثل هذا القرار محدود للغاية. وبناء على ذلك، تُفصِّل هذه المذكرة السياساتية الالتزامات القانونية الدولية الواقعة على عاتق بريطانيا وكذلك المناورات الحكومية الممكنة فيما يتصل بمبيعات الأسلحة لإسرائيل.
شهد الحموري· 15 سبتمبر 2024
Skip to content