Tourism in Service of Occupation and Annexation

ملخص تنفيذي

استخدم الزعماءُ الصهاينة التصويرات الدينية والاستشراقية في أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين لترويج فكرة اليهودي المتفوق والعربي الدوني. وفي عقدي الثلاثينات والأربعينات على وجه الخصوص، استخدمت جمعية تنمية السياحة في فلسطين تلك التصويرات والرسومات لحث اليهود الأوروبيين على الهجرة الدائمة إلى فلسطين. وكان الملصق الشهير المعنون "زوروا فلسطين" في الواقع جزءًا من الدعاية الصهيونية، وتمت طباعته في العام 1936 لتشجيع الهجرة اليهودية إلى فلسطين.

واظبت إسرائيلُ على هذه الممارسة منذ قيامها كدولة في 1948. ولا تزال تستديم رواية التفوق الهيودي-الإسرائيلي في الإنتاج والفكر والبنية التحتية على السكان الفلسطينيين الأقل تقدمًا الذين تواصل قمعهم واضطهادهم. تتجلى هذه الممارسة المؤذية في الحملات الإعلانية التي تنفذها وزارة السياحة الإسرائيلية في القدس والأرض الفلسطينية المحتلة، وبخاصة في المستوطنات. وقد أدانت منظمات عديدة السياحةَ في المستوطنات، ودعت إلى محاسبة الشركات والمصالح التجارية العاملة في المستوطنات عن انتهاكات حقوق الإنسان.

تُعدّ سياحة المستوطنات صناعةً مهمة للدولة الإسرائيلية، ولاسيما في الآونة الأخيرة في ظل سعيها لضم أجزاء من الضفة الغربية وغور الأردن. ولذلك، وافقت إسرائيل في 2016 على تمويل المستوطنات بمبلغ 20 مليون دولار، وقد شدَّد وزير السياحة الإسرائيلي ورئيس الوزراء نتنياهو على ضرورة إنفاق التمويل على تطوير المواقع السياحية وبناء الفنادق في مستوطنات الضفة الغربية غير القانونية. وفي كانون الثاني/يناير 2020، وافق وزير الدفاع نفتالي بينيت على إنشاء متنزهات قومية ومحميات طبيعية في الضفة الغربية في إطار مبلغ يفوق 110 مليون دولار أُنفقت في الربع الأول من العام على مستوطنات الضفة الغربية.

تعزز هذه السياسات الاستعمارية الاستيطانية الادعاءات التوراتية والعنصرية الصهيونية بملكية الأرض، وتَحُول في الوقت نفسه دون وصول الفلسطينيين إلى مواردهم الطبيعية والثقافية والاستفادة منها في تنميتهم الاقتصادية ولاسيما قطاعهم السياحي. فضلًا على أن سياحة المستوطنات تستديم اضطهاد الفلسطينيين وقمعهم. ووفقًا لتقرير أصدرته منظمة التحرير الفلسطينية في كانون الأول/ديسمبر 2017، رخَّصت وزارة السياحة الإسرائيلية ما يزيد على 8,000 مرشد سياحي إسرائيلي ومنحتهم تراخيص لدخول المواقع السياحية المنتشرة في إسرائيل والضفة الغربية، بينما لم تتجاوز نسبة التراخيص الممنوحة للفلسطينيين 0.5% من المجموع.

تتلقى الصناعة الاستعمارية الاستيطانية الإسرائيلية القمعية الدعمَ من تدفق السياح الدينيين المستمر، وبخاصة الصهاينة المسيحيين القادمين من الولايات المتحدة. وبالرغم من أن الكثير من المواقع التاريخية ذات الأهمية الدينية تقع في الأرض الفلسطينية المحتلة، إلا أن إسرائيل تدَّعي إسرائيليتها. وعلى سبيل المثال، هدمت إسرائيل منازل فلسطينية في القدس الشرقية لإقامة "الطريق التوراتي" الذي سيكون جزءًا من متنزه أسوار القدس القومي الفسيح. ومن الأمثلة الأخرى تل شيلوه، وهو موقع أثري يقع شمال رام الله بالقرب من مستوطنة شيلوه، ويأمه عشرات الآلاف من السائحين الصهاينة المسيحيين سنويًا. ويجري تطوير هذه المواقع السياحية وغيرها بتمويل من عائلات أمريكية ثرية تربطها بالحكومة الإسرائيلية علاقات وطيدة.

يعمل برنامج معابر الأمريكي في قطاع السياحة الدينية وهو منمذج على غرار منظمة بيرث رايت إسرائيل الإشكالية. وهو يوفر الفرصة للمسيحيين الأمريكيين الشباب لزيارة إسرائيل في رحلات يدعمها ماديًا ممولون صهاينة ومسيحيون. يُمجِّد البرنامج في رحلاته إسرائيل كدولةٍ حديثة تتجلى فيها الاستمرارية مع الماضي التوراتي دون تعريج يُذكر على تاريخ الأرض الإسلامي أو الفلسطيني مما ينفي علاقة تشريد الفلسطينيين واضطهادهم بقيام إسرائيل.

يضرب برنامج معابر مثالًا للبنية التحتية الأشمل للسياحة الدينية التي تخدم الرواية الصهيونية وأجندة بناء الدولة الإسرائيلية. ويوضح، في الوقت نفسه، تواطؤ السياح الصهاينة المسيحيين في استمرار اضطهاد الفلسطينيين وتشريدهم، وحرمانهم الحقَّ في تنمية اقتصادهم.

نشرت الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل نداءً من أجل سياحة أخلاقية، تطلب فيه من السائحين عدم زيارة المواقع السياحية في الأرض الفلسطينية المحتلة التي تديرها السلطات الإسرائيلية. كما أصدرت منظمات مسيحية فلسطينية أدلةً سياحية لتشجيع السياح المسيحيين على دعم شركات السياحة الفلسطينية. وفي الولايات المتحدة، هناك منظمات مثل "آي ويتنس فلسطين" توفر بدائل للسياح لزيارة الأرض المقدسة دون المساهمة في صناعة السياحة الإسرائيلية. توصيات أخرى:

  • ينبغي لمنظمات المجتمع المدني، ولا سيما المنظمات الدينية في الولايات المتحدة، أن تُقيم من منظور نقدي دورَ السياحة الصديقة لإسرائيل في شرعنة الضم غير القانوني وانتهاكات حقوق الإنسان.
  • بوسع المنظمات المناصرة لفلسطين في الجامعات الأمريكية أن تضطلع بدورٍ رئيسي في معارضة سفر الطلاب إلى الأرض الفلسطينية المحتلة. ويمكن اتخاذ رحلة برنامح معابر كهدفٍ رئيسي في الحملات لمنع التواطؤ مع الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان.
  • ينبغي أن تدركَ السلطات التنظيمية وصناع السياسات الحاجةَ إلى إنهاء التعاملات مع الكيانات الإسرائيلية الواقعة فيما وراء الخط الأخضر. وينبغي، على أقل تقدير، مطالبة الشركات والمصالح التجارية العاملة في الأرض الفلسطينية المحتلة بتبني تدابير تنظيمية رادعة تضمن عدم مساهمتها في مشاريع الاستيطان الإسرائيلي غير القانوني أو التربح منها.

تضطلع السياحة، ولاسيما السياحة الدينية، بدورٍ مباشرٍ في زيادة السرقات الإسرائيلية للأرض الفلسطينية وإضفاء الشرعية عليها. وفي حين تنتهك مساعي الضم التي تبذلها حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة المدعومة من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نظامَ حقوق الإنسان العالمي والقانون الدولي انتهاكًا صارخًا، فإن السياحة الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية المحتلة تفتح الباب للتوسع في السرقات وتجعل السُّياح وشركات السياحة من المتواطئين. ولذلك انتقدت منظماتٌ عديدةٌ السياحةَ داخل المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية، ودورَ الشركات في توسع المستوطنات.1

يناقش هذا الموجزُ دورَ السياحة ومساهمَتها في نهوض الحركة الصهيونية في الماضي، وتعزيز المشروع الاستيطاني الاستعماري للدولة الإسرائيلية في الوقت الحاضر، ولاسيما من خلال الترويج لأفكار توراتية عن انتماء اليهود الأزلي لأرض فلسطين، ونشر روايات عنصرية حول التفوق اليهودي-الإسرائيلي على العرب إداريًا وعقليًا. إن تمجيدَ إسرائيل في الإعلانات السياحية الإسرائيلية كدولةٍ حديثةٍ مذهلة ذات ماضٍ توراتي واستمرارية بفضل إرادة إلهية إنما يُخفي أفعالها المستمرة ضد الفلسطينيين من تهجيرٍ وقمع واستغلال.

يستند هذا الموجز إلى الأدبيات المنشورة حول إشكالية السياحة الدينية في إسرائيل وفلسطين، ويعرض دراسة حالة لتوضيح الجوانب الوخيمة لهذه الصناعة. ويُلقي نظرةً أيضًا على دور السياحة في حرمان الفلسطينيين حقَّهم في تطوير قطاعهم السياحي بما ينفعهم اقتصاديًا، حيث تحُول إسرائيل دون وصول الفلسطينيين إلى مواقعهم الأثرية والدينية والطبيعية. وأخيرًا، يشير هذا الموجز السياساتي إلى المبادرات الفعالة الرامية إلى تعزيز الوعي حول مَضار صناعة السياحة الإسرائيلية، ويقدم توصيات لتمكين السائحين والحُجاج والمجتمع المدني الدولي من دعم الفلسطينيين في تقرير مصيرهم من خلال السياحة الأخلاقية.

دور السياحة في الاستعمار الاستيطاني الصهيوني

ما انفك المشروعُ الاستعماري الصهيوني، منذ وضع مؤسسوه أعينهم على فلسطين في أواخر القرن التاسع عشر، يدَّعي التفوقَ الإداري والعقلي كذريعةٍ لاستيطان الأرض.2 فألقى دافيد بن غوريون، أحد زعماء الحركة الصهيونية وأول رئيس وزراء لإسرائيل، خطابه الشهير في 1944 بعنوان مقتضيات الثورة اليهودية، وأشار فيه إلى أن العمال اليهود سيصبحون المعلمين الذين سيجلبون “المعارف الثقافية والعلمية والتقنية الحديثة” لكي “تزدهر الأرض المقفرة”. ويتجلى ذلك في الرسومات والتصويرات الصهيونية من مطلع القرن العشرين التي تعكس فكرة تفوق التنمية اليهودية واليد العاملة العبرية. وقد ردَّد موشيه شيرتوك، ثاني رؤساء الوزراء في إسرائيل، هذه الفكرة بآرائه المُحتقِرة للعرب: “ما قَدِمنا إلى أرضٍ خالية لنرثها، بل جئنا لنحتلَّ بلدًا من شعب يقطنها ويحكمها بلغته وثقافته الهمجية.”3

استخدمت الإعلانات الصهيونية الأولى التي أنتجتها جمعية تنمية السياحة في فلسطين المشاهد الحية والرمزية الدينية لتشجيع اليهود الأوروبيين على الهجرة إلى فلسطين، ومن أمثلتها البارزة ملصق “زوروا فلسطين” الذي رسمه فرانز كراوس في 1936. ولم يكن هدف الملصقات التي أنتجتها الجمعية تشجيعَ الزيارات المؤقتة، وإنما تشجيع الهجرة الدائمة.

ركَّزت المنظمات الصهيونية استثمارها إبان الموجات الأولى من الاستيطان الصهيوني في فلسطين في قطاع الفنادق، حيث دَشَّنت العشرات منها في الفترة بين 1917 و1948. والأهم أن جمعية تنمية السياحة في فلسطين استخدمت خرائط فلسطين لإظهار المواقع اليهودية التوراتية على التضاريس الموجودة أصلًا، فأرست بذلك أساسًا مرئيًا يساهم في تخيل الاستمرارية اليهودية في فلسطين منذ القِدم وحتى الزمن الحاضر وفي تخطيط الاستيطان الاستعماري على نطاق واسع بما يطمس واقع المِلكية الفلسطينية.

واستخدم الصهاينة علمَ الآثار في سعيهم الدؤوب لشرعنة ادعاءاتهم بملكية الأرض. وترى عالمة الأنثروبولوجيا نادية أبو الحاج في كتابها البارز “وقائع على الأرض” أن المنظمات الصهيونية والمجتمع الإسرائيلي الأول ركَّز في عقدي الخمسينات والستينات على علم الآثار “كهواية وطنية” كانت أساسيةً “لتشكيل المخيلة الوطنية الاستعمارية وإثبات ادعاءاتها بملكية الأرض.”4 وأشار إدوارد سعيد إلى أن الصهاينة اجتهدوا في محو فلسطين والفلسطينيين من السجل التاريخي من خلال السياحة القائمة على علم الآثار الانتقائي وتصويرات المستشرقين للعرب والفلسطينيين.5 وبعبارة أخرى، استُخدم علم الآثار كأداة لإضفاء الشرعية من خلال الترفيه السياحي والجماعي، وإرساء الأساس لأكثر الوجهات السياحية شعبيةً في الوقت الحاضر.

تمسكت دولة إسرائيل، منذ قيامها في 1948، بالأجندة الصهيونية ورواية التفوق في الإنتاج والفكر والبنية التحتية على السكان الفلسطينيين الذين تواصل اضطهادهم من خلال الاحتلال العسكري والتشريد المستمر. وعلاوةً على ذلك، تستديم وزارة السياحة الإسرائيلية اليوم مفاهيم التقدم الإسرائيلي والتفوق العقلي بموازاة ادعاءات تاريخية توراتية واهية وداحضة تُعطي إحساسًا زائفًا بالاستمرارية مع الماضي.

إن استخدام إسرائيل المستمر للروايات التوراتية التي تستبعد الفلسطينيين في الجولات الرسمية والسياحية واضح بشكل خاص في القدس، مركز السياحة الدينية، حيث يستهدف المرشدون السياحيون الإسرائيليون الزوار المسيحيين واليهود من خلال جداول الرحلات وأوصاف للمواقع المتعلقة حصرياً بالتاريخ اليهودي-المسيحي. وفي 2011، وصفت وزارة السياحة حي المسلمين في القدس كما يلي: “يوجد في حي المسلمين كنائس ومساجد، ولا تزال فيه العديد من البيوت والمدارس اليهودية،” وأغفلت الوزارة أن المنازل اليهودية في هذا الحي حِيزت مؤخرًا، وغالبًا بواسطة المستعمرين المستوطنين الصهاينة المتطرفين المدعومين من الجيش الإسرائيلي.6

وَعدت الحكومة الإسرائيلية في الآونة الأخيرة بضم غور الأردن وأجزاء من الضفة الغربية، بينما شددت وزارة السياحة الإسرائيلية على السياحة في مستوطنات الضفة الغربية كأحد مجالات الاستثمار الاستراتيجي. وهذا يشمل السياحة في المستوطنات غير القانونية بموجب القانون الدولي والتي تسيطر عليها إسرائيل، ويستثني المدن والبلدات الفلسطينية التي يُحظر على الإسرائيليين دخول معظمها بقرار من الدولة الإسرائيلية.

إن الحملات السياحية الإسرائيلية في الضفة الغربية وتطوير المواقع السياحية الأثرية في الأرض الفلسطينية المحتلة هي بمثابة سرقة غير قانونية جديدة للأرض الفلسطينية. فانخراط السياحة سابقًا وحاضرًا في المشروع الاستيطاني غير القانوني يُسرِّع وتيرة الضم الإسرائيلي ضمن المشروع الاستعماري الصهيوني الأشمل، ويساهم في حرمان الفلسطينيين حقَّهم في العيش على أرضهم وتقرير مصيرهم.

الآثار المضرة المترتبة على سياحة المستوطنات

تُشكّل المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية في الأرض الفلسطينية المحتلة تهديدًا لحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم، بالإضافة الى حرمانهم من الوصول إلى مواردهم الثقافية والطبيعية والاستفادة منها. ويؤدي استغلال المستوطنين لتلك الموارد لأغراض السياحة إلى إعاقة التنمية الاقتصادية الفلسطينية، والذي يخلق حالةٍ من الاعتماد على المساعدات الأجنبية، مما يؤدي الى ازدهار المشروع الاستيطاني الاستعماري الإسرائيلي. أي أن نجاح مشروع إسرائيل الاستعماري واستدامته من خلال سياحة المستوطنات يتوقف على الاضطهاد الاقتصادي والعسكري الأوسع الممارَس على الفلسطينيين من خلال المستوطنات.

وليتضحَ حجم مشروع إسرائيل الاستعماري في الأرض الفلسطينية المحتلة، لا بد من توضيح مدى التفاوت في الوصول إلى الأرض والموارد بين الفلسطينيين والدولة الإسرائيلية. تستأثر المنطقة (ج) بما يزيد على 60% من أرض الضفة الغربية، وتخضع هذه المنطقة لسيطرة إدارية وعسكرية إسرائيلية تامة. وبحسب تقرير أصدره مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في 2017، فإن أكثر من 10% من أراضي الضفة الغربية تقع ضمن الحدود البلدية للمستوطنات، وهي تشكِّل منطقةً عازلة إضافية في محيط المستوطنات يُحظر على الفلسطينيين دخولها. وفي حين أن مساحة المستوطنات لا تتجاوز 5% من أرض الضفة الغربية، إلا أن أشار تقرير مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في 2013 أن ما يربو على 43% من الضفة الغربية يخضع لولاية مجالس المستوطنات الإسرائيلية، التي تسيطر على 86% من مساحة غور الأردن والبحر الميت.

إن الحملات السياحية الإسرائيلية في الضفة الغربية وتطوير المواقع السياحية الأثرية في الأرض الفلسطينية المحتلة هي بمثابة سرقة غير قانونية جديدة للأرض الفلسطينية Share on X

نشرت مؤسسة الحق، وهي منظمة فلسطينية غير حكومية مستقلة تُعنى بحقوق الإنسان، تقاريرَ عدة حول الاستغلال الاقتصادي للأرض والموارد الفلسطينية في الضفة الغربية وتسخيرها لأجل سياحة المستوطنات. وتشير في تقريرها الصادر في نيسان/أبريل 2020 إلى تورط شركات سياحية وبلدانها في المشروع الاستيطاني في الضفة الغربية، وغيرها من الأراضي المحتلة. وبفضل تلك التقارير، غدت الشركات السياحية العاملة في المستوطنات الإسرائيلية مثل Airbnb مستهدفةً في الحملات الشعبية الداعية إلى سحب الاستثمار منها ومحاسبتها على انتهاكات حقوق الإنسان. وعلاوةً على ذلك، انتقدت منظمة العفو الدولية شركات عدة لعملها في المستوطنات الإسرائيلية وتربُّحها من ذلك، ومنها أسماء كبيرة في صناعة السياحة مثل TripAdvisor –  Expedia- Airbnb -Booking.com .

وفي كانون الأول/ديسمبر 2017، أصدرت دائرة شؤون المفاوضات التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية تقريرًا يوثق الآثار السلبية التي يُلحقها تطوير السياحة في المستوطنات على قطاع السياحة الفلسطيني. ويشدِّد التقرير على أن انتقال المنطقة (ج) إلى السيطرة الفلسطينية، كما تنص اتفاقات أوسلو، سيُفضي إلى نمو كبير في الاقتصاد الفلسطيني بما يعادل 35% من الناتج المحلي الإجمالي بحسب تقديرات تقرير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية لعام 2017. ومع ذلك، عندما إسرائيل وافقت في 2016 على تمويل المستوطنات بمبلغ 20 مليون دولار، فأكدا وزير السياحة الإسرائيلي ورئيس الوزراء نتنياهو أن هذا المبلغ محدَّد للمواقع السياحية ولبناء الفنادق في مستوطنات الضفة الغربية. وفي كانون الثاني/يناير 2020، وافق وزير الدفاع نفتالي بينيت على إنشاء متنزهات قومية ومحميات طبيعية في الضفة الغربية في إطار مبلغ يفوق 110 مليون دولار أُنفقت في الربع الأول من العام على مستوطنات الضفة الغربية، وهو أكبر مبلغ منذ عشر سنوات.

تجتهد إسرائيل أيضًا في منع الفلسطينيين من التنمية الاقتصادية في قطاعهم السياحي بإعاقة حركة السائحين، والفلسطينيين العاملين في السياحة، والمركبات السياحية. وقد وثقت منظمة التحرير الفلسطينية في تقريرها الصادر في كانون الأول/ديسمبر 2017 التفاوتَ في إصدار التراخيص لدى وزارة السياحة الإسرائيلية، حيث فاق عدد الرخص الصادرة للمرشدين السياحيين الإسرائيليين للدخول إلى المواقع المنتشرة في إسرائيل والضفة الغربية 8,000 رخصة، بينما لم تتجاوز نسبة التراخيص الممنوحة للفلسطينيين 0.5%. فضلًا على أن السلطة الفلسطينية تقدمت بطلبات للحصول على تراخيص لتطوير ما يزيد على 10 مواقع سياحية في الضفة الغربية، ولكن إسرائيل رفضت تلك الطلبات كما فعلت إزاء مساعٍ فلسطينية مماثلة في القدس الشرقية.

تمثل هذه العراقيل التي تعترض التنمية الفلسطينية استمرارًا للروايات الصهيونية الأولى عن التفوق في القدرة على إعمار الأرض، وهي نبوءة محقَقة الذات تُستخدَم كدليل على قَدَرهم المكتوب في التوراة. وقد أمست المستوطنات الإسرائيلية، بالإضافة إلى كونها مواقع ربح للشركات، ساحةً لتعزيز “ارتباط الشعب اليهودي بأرض إسرائيل”.

السياحة الدينية تدعم الاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي

تُعد السياحة الدينية أساسيةً للرواية الصهيونية عن الحقوق التوراتية واستمرارية الاستيطان اليهودي في فلسطين. وتستأثر المدن الفلسطينية المتمثلة في بيت لحم وأريحا ونابلس ورام الله والخليل، والقرى مثل سبسطية وبرقين بأهميةٍ دينية كُبرى في الأثر الإبراهيمي. وتُعدُّ الكثير من تلك المواقع مراكزَ للسياحة المسيحية التي لا تزال تلعب دورًا مهمًا في ترويج الروايات الاستعمارية الصهيونية ولاسيما عند السياح القادمين من الولايات المتحدة. وبالرغم من أن تلك المواقع التاريخية تقع في الأرض الفلسطينية المحتلة وتُعد أساسيةً لجذب الحُجاج لدعم قطاع السياحة الفلسطيني، إلا أن إسرائيل تدَّعي إسرائيليتها.

وثمة العديد من المواقع الإشكالية المتضمنة في مسارات رحلات السياحة الدينية الصهيونية، مثل هيروديون وهو موقعٌ أثري ومتنزه قومي في الضفة الغربية تطاله الحفريات التخريبية وعمليات انتشال القطع الأثرية رغم اعتراضات السلطة الفلسطينية وانتفاء الأساس القانوني. وتتسبب تلك الحفريات أيضًا في قطع المياه عن القرى القريبة لفترات تصل إلى ثلاثة أسابيع في كل مرة. ومن تلك المواقع أيضًا “موديعين عيليت”، التي اعترفت الحكومة الإسرائيلية بها كمدينةٍ إسرائيلية رغم كونها مستوطنةً غير قانونية مبنية على أراض تابعة لقرية بلعين الفلسطينية، في انتهاك صارخ للقانون الدولي وحتى القانون الإسرائيلي نفسه. ومثل قناطر وادي البيار، وهي خربة رومانية عمرها 2000 عام، تُسوِّقها إسرائيل كموقعٍ تراثي إسرائيلي مع أنها تقع على أرض فلسطينية محتلة لتعزيز روايات التاريخ اليهودي القديم بغرض استدامة احتلال الأرض وشرعنته. وفي العام 2014 وحده، أَدرَّت الجولات السياحية لموقع القناطر عائدات بلغت 4.5 مليون دولار.

ومن الأمثلة الأخرى متنزه أسوار القدس القومي المُشيَّد في القدس الشرقية المحتلة والذي يُستَخدم بين الحين والآخر لتبرير هدم منازل الفلسطينيين بذريعة إخلاء المجال لإنشاء “الطريق التوراتي.” وهناك أيضًا تل شيلوه، وهو موقع أثري في الأرض الفلسطينية المحتلة يجذب عشرات الآلاف من السائحين المسيحيين سنويًا، أنشئ فيه متنزه توراتي بتمويل من عائلة فاليك في الولايات المتحدة، التي تدعم مجموعات المستوطنين اليمينية وتنمية المستوطنات. إن استيلاء إسرائيل على هذه المواقع – ومواقع كثيرة أخرى متوزعة في أنحاء القدس الشرقية المحتلة مثل مدينة داوود (سلوان) وحديقة الجثمانية (جبل الزيتون) وطريق الآلام (البلدة القديمة) – واستخدامها في السياحة الدينية يعزز الروايات الصهيونية عن الانتماء اليهودي الأزلي لتفنيد ما يتعلق بتشريد الفلسطينيين.

تمثل هذه العراقيل التي تعترض التنمية الفلسطينية استمرارًا للروايات الصهيونية الأولى عن التفوق في القدرة على إعمار الأرض، وهي نبوءة محقَقة الذات تُستخدَم كدليل على قَدَرهم المكتوب في التوراة Share on X

وفي هذا السياق، دأب كبار المموّلين الصهاينة ومناصرو دولة إسرائيل منذ عقود على ترويج السياحة الدينية إلى إسرائيل تحت شعار التواصل بين الأديان أو دعم إسرائيل أو الحج. ومن المانحين وجامعي التبرعات الرئيسيين شخصيات مثل ناتي سايدوف وشيلدون أديلسون وستيف جرين وإيرا رينيرت وروجر هيرتوغ وسيمون فاليك وعائلة فاليك بالإضافة إلى السفير الأمريكي الحالي في إسرائيل، ديفيد فريدمان، وهؤلاء يمولون تطوير المستوطنات الإسرائيلية – بما في ذلك تطويرها سياحيًا من خلال إقامة مصانع النبيذ – وتمويل جهود المناصرة والتثقيف الصهيونية المؤازِرة لإسرائيل في الولايات المتحدة. وتجدر الإشارة إلى أن العديد من هؤلاء المانحين هم ممولون موثَّقون للجماعات اليمينية المتطرفة والمعادية للمسلمين في الولايات المتحدة.

حين يستمر السياح الدينيين في المشاركة في هذه المشاريع غير القانونية والعنصرية، فإنهم يصبحون جزءًا من نشر الاستراتيجية الاستعمارية الاستيطانية الصهيونية، بتقديم الدعم المادي لسرقة الأرض الفلسطينية واحتلالها والانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان الفلسطيني. وتوضح دراسة الحالة التالية الضررَ الذي ألحقته صناعة السياحة المسيحية الصهيونية بالفلسطينيين.

برنامج معابر (باسيجيز Passages): دراسة حالة في السياحة المسيحية الصهيونية

برنامج معابر (باسيجيز Passages) هو برنامج تابع لمنظمة أمريكية مختصة بالسياحة الدينية تَعدّ زيارةَ إسرائيل “واعتناق قصة إسرائيل كجزء من المعتقد الشخصي… طقسًا من طقوس العبور لكل مسيحي.” يحظى هذا البرنامج بدعمٍ كبير من الممولين المسيحيين واليهود المحافظين، وهو متاح في 157 جامعة ومنظمة في الولايات المتحدة. ومع أن معظم تلك الجامعات هي جامعات مسيحية، إلا أنها تضم جامعات حكومية كبيرة مثل جامعة تكساس الزراعية والميكانيكية وجامعة ولاية فلوريدا وجامعة مينيسوتا وغيرها. ويضم البرنامج حوالي 7,000 خريج في جميع أنحاء الولايات المتحدة. وليس من المستغرب أن البرنامج يمتلك صِلات علنية بالحكومة الإسرائيلية ويُقال إنه من بنات أفكار السفير الإسرائيلي في الولايات المتحدة رون ديرمر، الذي استضاف حفل تدشينها في السفارة الإسرائيلية في واشنطن العاصمة سنة 2015 بحضور السفير الأمريكي للولايات المتحدة في إسرائيل، ديفيد فريدمان والسفير الإسرائيلي السابق إلى الولايات المتحدة، مايكل أورين.

كشف البحث الذي أجرته منظمةُ أصدقاء سبيل أمريكا الشمالية (فوسنا) عن برنامج معابر، بالتشارك مع بضع منظمات جامعية متضامنة مع الفلسطينيين، عن الجداول الإشكالية المتبعة في رحلاتها السياحية بما فيها المواقع والروايات الصهيونية المسيحية التي تروى للسائحين من بداية الرحلة وحتى نهايتها.7 يُمجِّد برنامج معابر في رحلاته إسرائيل كدولةٍ حديثة تتجلى فيها الاستمرارية مع الماضي التوراتي على نحو يُخفي تشريد الفلسطينيين واضطهادهم وينفي علاقته بقيام إسرائيل. وتعكس هذه الرواية الصهيونية استغلالَ إسرائيل للسياحة الدينية في إثبات صحة مشروعها الاستعماري وتمكينه، وفي تأطير الوضع القائم تأطيرًا زائفًا كنزاع على الأراضي (بين متفوقين وهمجيين) وليس كاحتلال.

يشمل جدول الرحلة زيارات إشكالية لمرتفعات الجولان المحتلة ومواقع البؤر الاستيطانية السابقة للجيش الإسرائيلي، ويهدف أيضاً حسبما تُفيد فوسنا إلى إبراز اضطهاد المسيحيين في الشرق الأوسط والتهديد المتصوَّر الذي تعيشه إسرائيل، حيث تُكرَّس عدة أيام في الرحلة لزيارة مواقع إسرائيل المهدَّدة من جيرانها، بما فيها زيارة إلى مدينة سديروت المُطلة على قطاع غزة. غير أن سديروت ليست ذات أهمية دينية للزوار المسيحيين، وهي معروفة بالآراء اليمينية المتطرفة التي يعتنقها سكانها، فهم الذين جلسوا على كراسي الحدائق لمشاهدة القصف الإسرائيلي على قطاع غزة إبان عدوان 2014 الذي راح ضحيته أكثر من 2000 فلسطيني و73 إسرائيلي.

لا يُخفي برنامج معابر هدفه من إذكاء المشاعر المؤيدة لإسرائيل عند القادة المسيحيين الصاعدين في الولايات المتحدة. وهو منمذج على غرار منظمة بيرث رايت إسرائيل، أو تاغليت، التي تقدم رحلات ممولة بالكامل لإسرائيل لترويج دعاية محددة للشباب اليهود الأمريكيين، والتي شهدت في السنوات الأخيرة معارضةً من حملات وطنية تقودها منظمات يهودية تقدمية في الولايات المتحدة بسبب وصفها المضلل لإسرائيل. غير أن الانتباه الذي تسترعيه رحلات برنامج معابر أقل بكثير، كما أن الموارد المكرسة لتوثيق زياراتها الإشكالية وللتصدي لها أقل بكثير.

الأهم من ذلك أن رحلات برنامج معابر تركز على التجربة الدينية المسيحية في الأرض المقدسة، وتهدف صراحةً إلى ربط التواجد في إسرائيل بدعم الدولة الإسرائيلية، فيُبرز جدول رحلة المنظمة فعاليات تتضمن التحدث إلى الجنود الإسرائيليين، وزيارة الكنيسيت الإسرائيلي، وتجارب ثقافية لفهم “ثقافة البيئة الريادية” في اسرائيل و”محرك الاقتصاد” الاسرائيلي. وفي الوقت نفسه، يُغفل جدول الرحلة – أو يتناول سطحيًا – التاريخ الإسلامي والفلسطيني في المنطقة، ولا يصور الاحتلال غير القانوني للعديد من المواقع الدينية المدرجة على جدول الزيارات في الضفة الغربية على أنه مشكلة. بل ثمة رواية عن الاضطهاد المسيحي واليهودي وعن اضطهاد إسرائيل كملاذ ديني تخدم مشروع ترسيخ غيرية المسلمين المبنية على كراهيتهم، وهو المشروع السائد في العديد من وسائل الإعلام الأمريكية.

تعكس شهادات المشاركين في رحلات برنامج معابر الآراء التي تنتقيها هذه الشركة السياحية، وليس من المستغرب أنها تُبرز هذه الشهادات على موقعها الإلكتروني. وعلى سبيل المثال، يكتب أحد المشاركين في الرحلات: “لم أعد الشخص نفسه الذي كنت قبل سفري إلى إسرائيل. فلدي الآن دافعٌ جديد لأقف مع إسرائيل، وأنا أستشعر أن خطة الرب لي بعد هذا التحدي هي أن أدعم الأرض المقدسة في مهنتي المستقبلية. وقلبي يتشوق للاتحاد مع إسرئيل، وهذا كله بفضل برنامج معابر.” وبما أن التطلع السياسي “للوقوف مع إسرائيل” ينطوي ضمنًا على استعداء الانتقادات الموجهة لدولة إسرائيل، فإن الرحلةَ كبرنامج مرتكز إلى الإيمان والمعتقد تنجح في الخلط بين التعلق التوراتي والروحاني بالأرض المقدسة وبين المشروع الاستعماري الصهيوني العلماني.

تؤكد إحدى المشاركات بأن رحلتها إلى إسرائيل لم تكن مميزة لأنها زارت المواقع التوراتية وحسب، بل لأنها منحتها الفرصة للتعرف إلى إسرئيل “كدولة حديثة”. ويعكس هذا الوصف الأجندة الصهيونية الهادفة إلى ترويج النظرة إلى شعب إسرائيل ودولتهم ككيان مذهل ومتطور تكنولوجيًا والتي غالبًا ما تُقارن بآراء استشراقية للعرب على أنهم متخلفون. وكتبت مشاركةٌ أخرى بأن رحلتها “جعلت إسرائيل والشعب اليهودي حاضرةً دائمًا في خاطري حين أفكر في معتقدي المسيحي… فصرتُ أجدُ نفسي أتحدث عن إسرائيل إلى كُل مَن يرغب في الاستماع.” تحمل شهادات بعض المشاركين شعورًا بالعمل الصادق المشترك بين الأديان إزاء “النزاع” ولكن مع إبداء الإعجاب الدائم في الوقت نفسه بدولة إسرائيل الحديثة.

حين يستمر السياح الدينيين في المشاركة في هذه المشاريع غير القانونية والعنصرية، فإنهم يصبحون جزءًا من نشر الاستراتيجية الاستعمارية الاستيطانية الصهيونية Share on X

إن القاسم المشترك بين تلك الشهادات هو التلخيص المتقن للدعاية الصهيونية حول التقدم المتفوق في الشرق الأوسط، ورواية العناية الإلهية المتجسدة في الدولة اليهودية، والعلاقة الصريحة بين التاريخ التوراتي والقديم وبين دولة إسرائيل – دون مناقشة تُذكر لفترة الألفي عام الممتدة بين هذا التاريخ وذاك والتي تزخر بملامح التاريخ الإسلامي وتشريد الفلسطينيين بفعل المشروع الاستعماري الاستيطاني الصهيوني. وهذا التأطير يطمس اضطهاد إسرائيل للفلسطينيين ويبرره.

يوضح برنامج معابر البنية التحتية الأشمل للسياحة الدينية التي تخدم الرواية الاستعمارية الصهيونية وأجندة بناء الدولة الإسرائيلية. ويتجلى هذا بوجه خاص في سياق مساعي الضم المتزايدة التي يبذلها نتنياهو، فأقام علاقات سياسية وطيدة مع الإنجيليين الأمريكيين الذين يُعرِّفُ نحو 80% منهم عن أنفسهم بأنهم صهاينة مسيحيون. إن برنامج معابر هو واحد من برامج عديدة تدّعي الترويج للحوار بين الأديان بينما تجتهد في الحشد الصريح لدعم مشروع إسرائيل الاستعماري الماضي والحاضر في فلسطين. فهذه الرحلات تعمل على كتم التاريخ والروايات الفلسطينية وتكذيبها، وتقدم الدعم المادي لقطاعٍ سياحي يعمل على أرض فلسطين المحتلة دون سند قانوني، وتقوِّض محاولات الفلسطينيين الرامية إلى تحقيق استمرارية اقتصادية مستدامة.

بدائل وتوصيات

نشرت الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل في 2019 نداءً من أجل سياحة أخلاقية أطلقته منظمات أهلية فلسطينية. يطلب البيان من السياح “عدم الإضرار” بتجنب زيارة المواقع الدينية والتاريخية في الأرض الفلسطينية المحتلة التي تديرها السلطات الإسرائيلية أو التي تُروَّج على أنها مواقع إسرائيلية. وعلى نحو مماثل، أصدرت منظمات مسيحية فلسطينية دليلًا سياحيًا يدعو السياح المسيحيين إلى دعم شركات السياحة الفلسطينية مثل شركة “Walk Palestine” أو فلسطين سيرًا على الأقدام، التي طرحها مركز سراج لدراسات الأرض المقدسة في بيت ساحور، وتجنب البرامج السياحية الإسرائيلية أو المواقع التي تديرها إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة.

تقدم منظمات أمريكية أيضًا مثل منظمة آي ويتنس فلسطين بدائل للحجاج وغيرهم من السائحين الراغبين في زياة فلسطين ولكن دون المشاركة في الاضطهاد والاحتلال الإسرائيلي. وهناك عدد متزايد من مبادرات “التجول في فلسطين” المطروحة في جامعات مثل هارفارد وكامبريدج وبيركلي، وهي توفر فرصًا للسياحة الأخلاقية في فلسطين تتفادى الترويج لإسرائيل باسم الدين ورفد صناعة السياحة الإسرائيلية بالمساهمات المادية. ومن شأن هذه البدائل وغيرها أن تعززَّ حقوق الإنسان الفلسطيني وكرامته، وتقدمَ نماذج يمكن للمجتمع المدني أن يحذو حذوها في بحثه عن بدائل.

توصيات أخرى:

  • ينبغي لمنظمات المجتمع المدني، ولا سيما المنظمات الدينية في الولايات المتحدة، أن تُقيم من منظورٍ نقدي دورَ السياحة الصديقة لإسرائيل في شرعنة الضم غير القانوني وانتهاكات حقوق الإنسان الفلسطيني.
  • بوسع المنظمات المناصرة لفلسطين في الجامعات الأمريكية أن تضطلع بدورٍ رئيسي في معارضة سفر الطلاب إلى الأرض الفلسطينية المحتلة وغيرها من الأراضي المحتلة. ويمكن اتخاذ رحلة برنامج معابر هدفًا رئيسيًا في الحملات لمنع التواطؤ مع الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان، كجزءٍ من حملة أشمل تهدف إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي باشتراط امتثال إسرائيل للقانون الدولي قبل حصولها على المعونة العسكرية الأمريكية.
  • ينبغي أن تدركَ السلطات التنظيمية وصُناع السياسات الحاجةَ إلى إنهاء التعاملات مع الكيانات الإسرائيلية الواقعة فيما وراء الخط الأخضر. وينبغي، على أقل تقدير، مطالبة الشركات والمصالح التجارية العاملة في الأرض الفلسطينية المحتلة بتبني تدابير تنظيمية رادعة تضمن عدم مساهمتها في مشاريع الاستيطان الإسرائيلي غير القانوني أو التربح منها.
  1. لقراءة هذا النص باللغة الفرنسية أو باللغة الأسبانية، اضغط/ي هنا أو هنا. تسعد الشبكة لتوفر هذه الترجمات وتشكر مدافعي حقوق الإنسان على هذا الجهد الدؤوب، وتؤكد على عدم مسؤوليتها عن أي اختلافات في المعنى في النص المترجم عن النص الأصلي.
  2. Rashid Khalidi, The Hundred Year’s War on Palestine: A History of Settler Colonialism and Resistance, 1917-2017 (New York: Metropolitan Books, 2020), 7.
  3. Benny Morris, Righteous Victims: A History of the Zionist-Arab Conflict,1881-2001 (New York: Vintage Books, 2001), 91.
  4. Nadia Abu El-Haj, Facts on the Ground: Archaeological Practice and Territorial Self-Fashioning in Israeli Society (Chicago: University of Chicago Press, 2001), 2.
  5.  Edward Said, The Question of Palestine (New York: Vintage Books, 1992), 158.
  6.  24588, “The Old City of Jerusalem; Whose Heritage? Tourism, Narratives and Orientalism” (unpublished thesis, 2011) page 22, typescript.
  7. حصلت منظمة أصدقاء سبيل أمريكا الشمالية ومنظمات جامعية تضامنية مستقلة على جدول من جداول رحلات منظمة العبور وأطلعت عليه الكاتبة لأغراض كتابة هذا الموجز السياساتي. وهذ الجدول غير منشور، ولكن المعلومات الواردة في هذا القسم حول رحلات برنامج معابر مأخوذة مباشرةً منه.
هالة أحمد باحثة وكاتبة وخبيرة في الاتصالات في مجال السياسات. أصبحت مؤخرًا رئيسة الشؤون التشريعية بصفتها نائب الرئيس للسياسات في معهد جين فاميلي، وهو معهد...
في هذه المقالة

أحدث المنشورات

 السياسة
بعد عام من المعاناة تحت وطأة العنف والدمار المستمرين ، يقف الفلسطينيون عند لحظة مفصلية. تتناول يارا هواري، في هذا التعقيب، الخسائر الهائلة التي تكبدها الشعب الفلسطيني منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023 والفرص المنبثقة عنها للعمل نحو مستقبل خالٍ من القمع الاستعماري الاستيطاني. وترى أنّ الوقت قد حان الآن لكي تتحول الحركة من رد الفعل إلى تحديد أولوياتها الخاصة. وكجزء من هذا التحول، تحدد يارا ثلاث خطوات ضرورية: تجاوز التعويل على القانون الدولي، وتعميق الروابط مع الجنوب العالمي، وتخصيص الموارد لاستكشاف الرؤى الثورية لمستقبل متحرر.
Al-Shabaka Yara Hawari
يارا هواري· 22 أكتوبر 2024
منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، قتلت القوات الإسرائيلية ما يزيد عن 40,000 فلسطيني في غزة، وجرحت 100,000 آخرين، وشرَّدت كامل سكان المنطقة المحتلة تقريبًا. وفي ذات الوقت شرَعَ النظام الإسرائيلي في أكبر اجتياح للضفة الغربية منذ الانتفاضة الثانية مما أدى إلى استشهاد ما يزيد عن 600 فلسطيني واعتقال 10,900 آخرين. كما وسعت إسرائيل نطاق هجومها الإبادي الجماعي في لبنان، مما أسفر عن مقتل ما يزيد على ألف شخص ونزوح أكثر من مليون آخرين. يسلط هذا المحور السياساتي الضوء على مساعي الشبكة في الاستجابة لهذه التطورات على مدار العام الماضي، من وضع أحداث السابع من أكتوبر في سياق أوسع للاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي، إلى استجواب آلة الحرب الإسرائيلية متعددة الأوجه، إلى تقييم العلاقات الإقليمية المتغيرة بسرعة. هذه المجموعة من الأعمال تعكس جهد الشبكة المستمر في تقديم رؤية فورية للوضع الفلسطيني.
لا تنفك شركات الأسلحة البريطانية تتربّح من بيع الأسلحة لإسرائيل من خلال التراخيص الصادرة من الحكومة البريطانية، حيث بلغ إجمالي هذه الصادرات منذ العام 2008 ما يقدر بنحو 740 مليون دولار، وهي ما تزال مستمرة حتى في ظل الإبادة الجماعية الجارية في غزة. يشعر البعض بتفاؤل حذر إزاء احتمال فرض حظر على الأسلحة بعد فوز حزب العمال في انتخابات يوليو/تموز 2024، وبعدَ أن وعدَ بالانسجام مع القانون الدولي. في سبتمبر/أيلول 2024، علقت الحكومة البريطانية 30 ترخيصاً من أصل 350 ترخيصاً لتصدير الأسلحة إلى إسرائيل. ويرى الناشطون وجماعات حقوق الإنسان أن مثل هذا القرار محدود للغاية. وبناء على ذلك، تُفصِّل هذه المذكرة السياساتية الالتزامات القانونية الدولية الواقعة على عاتق بريطانيا وكذلك المناورات الحكومية الممكنة فيما يتصل بمبيعات الأسلحة لإسرائيل.
شهد الحموري· 15 سبتمبر 2024
Skip to content