Israel’s West Bank Operation: Causes & Consequences

أدى اختفاء الشبان الإسرائيليين الثلاثة في منتصف حزيران/يونيو 2014 بينما كانوا في طريق عودتهم من مستوطنةٍ يهودية في الضفة الغربية المحتلة إسرائيليًا إلى غليان الوضع غير المستقر أصلاً.1
وفي وقتٍ يتنامى فيه الغضب الفلسطيني بسبب الإضراب العام عن الطعام الذي يخوضه السجناء في خضم المبادرات التشريعية الإسرائيلية التي تهدف لإجازة تغذيتهم قسرًا، شنَّ الجيش الإسرائيلي أشرس هجماته على الضفة الغربية منذ انتهاء الانتفاضة الفلسطينية الثانية (2000-2005).

وجَّهت الحكومة الإسرائيلية اللومَ إلى حركة حماس دون أن تتريث وحمَّلتها مسؤولية الاختطاف المزعوم، ولكنها لم تقدم أي دليلٍ حتى الآن يُثبت اتهامها بعد مضي أسبوعين على الحادثة تقريبًا. والحقيقة أنه ادعاءٌ سياسي جلي صدَرَ حتى قبل أن تتمكن قوات الأمن الإسرائيلية من التحقيق جديًا في الحادثة. وبالمثل، حمَّل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الرئيسَ الفلسطيني محمود عباس مسؤوليةً مباشرةً عن مصير الشبان الإسرائيليين المفقودين، رغم أن آخر مكان معلومٍ لتواجدهم كان منطقةً تقع تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي الحصرية في الضفة الغربية المحتلة، ولا يوجد دليلٌ على أن الشبان نُقلوا لاحقًا إلى منطقة خاضعة لسيطرة السلطة الفلسطينية – علمًا أن مناطق السلطة الفلسطينية كلها ظلت على كل حال مسرحًا مفتوحًا لعمليات القوات الإسرائيلية منذ ما يزيد على عقدٍ من الزمان.

الواضح هو أن البحثَ عن الشبان المفقودين – في أحسن أحواله – هدفٌ ثانوي للحملة المسعورة المنظمة التي تشنها إسرائيل حاليًا في الضفة الغربية طولًا وعرضًا. فلا أحد، مثلًا، يعتقد جادًا أن الشبان المفقودين نُقلوا من الخليل إلى جنين أو سلفيت في أقصى شمال الضفة الغربية. تتمثل الأهداف الرئيسية للحملة، والتي لا يتورع القادة الإسرائيليون عن البوح بها، في توجيه ضربة كبيرة لحركة حماس في الضفة الغربية، والأهم من ذلك تقويض اتفاق المصالحة الفلسطينية الأخير حتى يبدأ في الانهيار. وتأمل إسرائيل أيضًا إلى إضعاف محمود عباس ليصبحَ أكثر إذعانًا لها واعتمادًا عليها واستجابةً لمطالبها حين تُستأنف المفاوضات الثنائية أو حين تنفذ إسرائيل تدابيرَ أحاديةً في الضفة الغربية. ولا ينبغي استبعاد تجدد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

تنبأ الكثيرون أن تسعى إسرائيل أيضًا لإثارة القلاقل والاضطرابات داخل البيت الفلسطيني بينما لا يزال الفلسطينيون مشتتين ويفتقرون إلى التنظيم الكافي، ويتسنى إنهاكهم بسهولة أكبر. وقد تُسفر الحملة الإسرائيلية كذلك عن احتجاجات متواصلة ضد السلطة الفلسطينية، والتي تُغضبُ قواعدها بمواصلة التنسيق الأمني غير المشروط مع إسرائيل – وهي علاقة وصفها عباس مؤخرًا بأنها “مقدسة“.

لم تأت هذه التطورات طبعًا من فراغ. فإسرائيل تواجه عزلةً دبلوماسيةً متنامية، حتى بات أقرب حلفائها اليوم يحذرونها من عواقب انتهاكاتها الصارخة لحقوق الفلسطينيين والقانون الدولي؛ في حين اعترف الجميع بالحكومة الفلسطينية الجديدة، على الأقل ضمنيًا، دون إكثار الحديث عن العقوبات التي رافقت اتفاقات المصالحة السابقة. ومن وجهة نظر إسرائيل، فإن تحويل الرواية من استعمار إلى إرهاب – مع أن جنودها قتلوا للتو خمسة فلسطينيين منهم صبي في الخامسة عشرة من عمره – له مزايا جلية.

تشكِّل حملة إسرائيل العسكرية، بالنسبة للشعب الفلسطيني بأسره، تحديًا من أخطر التحديات التي يواجهها منذ وقوع الانقسام بين فتح وحماس عام 2007. وسيواجه الفلسطينيون داخل الأراضي المحتلة وخارجها تحديًا يتمثل في إيجاد سُبلٍ للاستجابة بما يعزز موقفهم بدلاً من تعقيد الأمور. فيجب عليهم، أولاً وقبل كل شيء، أن يعيدوا بناء المؤسسات الوطنية بناءً صحيحًا بحيث تتطور تلك المؤسسات لتصبح حركةَ تحرر وطني شاملة وممثلة ودينامية قادرة على صياغة استراتيجية متماسكة وفعالة وعلى تنفيذها على الأرض وحول العالم على حدٍ سواء.

ثانيًا، يجب على الفلسطينيين اتباعُ استراتيجيةِ تدويلٍ جادةٍ تقوم على إحراز حقوقهم غير القابلة للتصرف، وفي مقدمتها الحق في تقرير المصير على أساس التوافق الدولي السائد في الآراء والقانون الدولي. وهذه مقاربةٌ تتعارض مع عملية أوسلو، وبالتالي تقتضي نبذها بلا رجعة.

بالرغم من جسامة هذه التحديات، فإن تذليلها والتغلب عليها ليس مستحيلًا البتة. إن تنفيذ استراتيجيةٍ فلسطينية دينامية تنفيذًا سليمًا يمكن أن يحوِّل السرقات الإسرائيلية المتواصلة للشعب الفلسطيني إلى سلاحٍ فعال ضد قادتها المتطرفين، وسلبهم المزايا البنيوية التي يسعون إلى تحقيقها من مشروعهم الاستعماري وحملاتهم المسعورة المنظمة كالتي شهدناها في الأسبوعين الماضيين. وكما هي الحال دائمًا، ينبغي أن يتمثل الهدف الرئيسي في منع إسرائيل من الإفلات من العقاب في تعاملها مع الشعب الفلسطيني، ومحاسبتها على الانتهاكات التي اقترفتها، واتباع المساءلة الفعالة والجادة.

  1. تتوفر كافة إصدارات الشبكة باللغتين العربية والانجليزية (اضغط/ي هنا لمطالعة النص بالإنجليزية). لقراءة هذا النص باللغة الفرنسية، اضغط/ي هنا. تسعد الشبكة لتوفر هذه الترجمات وتشكر مدافعي حقوق الإنسان على هذا الجهد الدؤوب، وتؤكد على عدم مسؤوليتها عن أي اختلافات في المعنى في النص المترجم عن النص الأصلي.
معين رباني كاتب مستقل ومحلل متخصص في الشؤون الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي. هو من كبار الباحثين في مؤسسة الدراسات الفلسطينية ، يساهم في تحرير مجلة(Middle...
في هذه المقالة

أحدث المنشورات

 السياسة
هدفت عملية طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول/ أكتوبر إلى إحياء المقاومة الفلسطينية المسلحة، وإعادة القضية الفلسطينية إلى صدارة الاهتمام العربي والعالمي بعد أن طالها التهميش لسنوات. وقد وجهت العملية ضربةً موجعة إلى قدرة إسرائيل على الردع، وهزت صورتها كموطئ قدم استعماري مضمون، مُكلَّف بحماية المصالح الإستراتيجية الغربية. وكشفت أيضًا عن تصدعات في عَقدها الاجتماعي العسكري القائم على قدرة النظام على حماية سكانه المستوطنين. وفي حين فرضت العملية واقعًا سياسيًّا جديدًا على النظام الإسرائيلي، فإنها جاءت بكلفة باهظة على أرواح الفلسطينيين؛ إذ أسفر العدوان الإسرائيلي الإبادي على غزة عن واحدة من أبشع الأزمات الإنسانية في التاريخ الحديث. غير أن موجة التضامن العربي المأمولة التي كان يُتوقع أن تتبع العملية لم تتحقق أو تُترجم إلى تغيرات سياساتية ملموسة. بل على العكس، كشفت هذه اللحظة عن الروابط العميقة بين بعض الأنظمة العربية ومشروع إسرائيل الاستيطاني الاستعماري، المتجذرة في المصالح المتبادلة واستدامة الأنظمة القائمة، وكشفت عن عداءٍ مشترك تجاه المقاومة الفلسطينية. ويرى التعقيب أن هذه التحالفات، التي استمرت بفعل القمع والتعاون الإستراتيجي والاقتصادي بين الأنظمة العربية وإسرائيل والتي عززتها الهيمنة الأمريكية، حوَّلت ما كان يمكن أن يُستغَل لعزل النظام الإسرائيلي إلى فرصةٍ لتكثيف توسعه الاستعماري وهيمنته الإقليمية.
Al-Shabaka Tariq Dana
طارق دعنا· 22 يوليو 2025
كشفت الإبادة الجماعية المستمرة التي يرتكبها النظام الإسرائيلي في غزة عن فشل الأطر القانونية الدولية في حماية المدنيين، ما شكَّل انهيارًا غير مسبوق في الوظيفة الحمائية للقانون الدولي. فعلى الرغم من أن اتفاقية الإبادة الجماعية تُلزِم الدول بمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، وأن اتفاقيات جنيف تفرض حماية المدنيين تحت سلطة الاحتلال، فإن هذه الآليات أثبتت عجزها في غياب الإرادة السياسية اللازمة لإنفاذها. في هذا السياق، أطلقت ثماني دول من الجنوب العالمي -جنوب إفريقيا، ماليزيا، ناميبيا، كولومبيا، بوليفيا، السنغال، هندوراس، وكوبا- مجموعة لاهاي، وهي مبادرة قانونية ودبلوماسية تهدف إلى إنفاذ القانون الدولي ومساءلة النظام الإسرائيلي. وتتناول هذه المذكرة السياساتية جهود مجموعة لاهاي في مواجهة حالة الإفلات الممنهج من العقاب الذي يتمتع به النظام الإسرائيلي، وتُبرز الإمكانات التي يتيحها التحرك الجماعي للدول في مساءلة المنتهكين للقانون الدولي، رغم القيود البنيوية التي تحد من إنفاذه.
Al-Shabaka Munir Nuseibah
منير نسيبة· 08 يوليو 2025
 السياسة
في يوم الخميس، 19 حزيران/يونيو 2025، وقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام موقع الضربة الإيرانية قرب بئر السبع، وقال للصحفيين: "ما نعيشه اليوم يذكّرني حقًّا بما تعرّض له الشعب البريطاني أثناء قصف لندن (البليتز) في الحرب العالمية الثانية. نحن نُقصف اليوم بطريقة مماثلة". كانت البليتز حملة قصف جوي مكثفة شنَّتها ألمانيا النازية ضد المملكة المتحدة في الفترة بين أيلول/سبتمبر 1940 وأيار/مايو 1941. أراد نتنياهو بهذه المقارنة الدرامية استعطافَ الغرب وتأمين حصول حكومته على دعمٍ غير مشروط في عدوانها غير المبرر على إيران الذي يشكل تصعيدًا عسكريًّا وانتهاكًا جديدًا للقانون الدولي. ومثل تلك المراوغات الخَطابية ليست بشيءٍ جديد، بل هي نمط راسخ في الخطاب السياسي الإسرائيلي الذي يصوِّر إسرائيل كضحية دائمًا ويصف خصومها بالنازيين المعاصرين. لطالما راودت نتنياهو طموحاتٌ بضرب إيران بدعمٍ مباشر من الولايات المتحدة، غير أن التوقيت ظلّ دائمًا العنصر الحاسم. وعليه، فلا ينبغي النظر إلى هذه اللحظة على أنها مجرّد عدوان انتهازي، بل كجزء من إستراتيجية أوسع محسوبة بعناية. فشنّه هذه الحرب غير المبرّرة اليوم، نابع من حالة الإفلات غير المسبوقة من العقاب التي يتمتع بها، التي تزامنت مع تحوّلات إقليمية متسارعة أعادت تشكيل موازين القوى في المنطقة، إلى جانب الهشاشة المتفاقمة في المشهد السياسي الداخلي الإسرائيلي. يتناول هذا التعقيب التصعيدَ الأخير في هذا السياق، ويُسلّط الضوء على الدوافع السياسية التي تقف خلف شنّ الحرب في هذا التوقيت تحديدًا.
Al-Shabaka Yara Hawari
يارا هواري· 26 يونيو 2025
Skip to content