Suleiman_Commentary_July2023-1

قد تستغرق عملية بناء التوافق في الآراء وقتًا طويلًا وقد تعترضها التحديات، وهي تتطلب التزام أصحاب المصلحة المشاركين بالوصول إلى اتفاق. وإدراك التوافق في الآراء، في حالة مشروع فلسطين التحرري، بين الشعب الفلسطيني المجزَّأ قسرًا، أمرٌ في غاية الصعوبة والأهمية معًا من أجل بناء حركة وطنية موحدة. فما هو بالتحديد دور بناء التوافق في الآراء في سياق النضال التحرري؟ 1

يُسلِّط محلل السياسات في الشبكة، جابر سليمان، الضوء على هذه المسألة، ويستمد أمثلةً من منظمة التحرير الفلسطينية وتجربة الفلسطينيين في لبنان. عملَ جابر كمستشار ومنسق لمنتدى الحوار اللبناني الفلسطيني التابع لمبادرة المساحة المشتركة، التابعة سابقًا لمشروع بناء التوافق وتعزيز السلم الأهلي في لبنان المنبثق عن برنامج الأ مم المتحدة الإنمائي في لبنان. وبفضل خبرته الواسعة في ممارسات بناء التوافق في الآراء، يعرض تأملاته بشأن الممارسات التي نجحت، والصعوبات التي نشأت، وكيف يمكن لتلك الجهود في لبنان أن توجِّه عمليةً أوسع لبناء التوافق في الآراء بين الفلسطينيين.

بناء التوافق في سياق النضال الفلسطيني 

يتخذ بناء التوافق الوطني دورًا مهمًا ومتميزًا في سياقات المشاريع التحررية. وتتطلب مواجهة الاستعمار الاستيطاني والاحتلال وحدةً وطنية من أجل بناء حركة تحرر فعّالة. ولا بد من تجاوز الاختلافات السياسية والدينية والعرقية والأيديولوجية من أجل المواجهة الجماعية والموحدة مع المضطهِد. 

إنَّ لبناء التوافق في الآراء أهمية بالغة في السياق الفلسطيني من أجل مقاومة الاستعمار الاستيطاني الصهيوني العازم على محو الشعب الفلسطيني ثقافيًا وماديًا. بل إن منظمة التحرير الفلسطينية انبثقت في 1964 من خلال عملية التوافق الوطني  تحديدًا لتحقيق هذا الهدف. وبالرغم من أن منظمة التحرير  عي في الأساس جبهةً وطنية حسب ميثاقها—تقريبًا على غرار جبهة التحرير الوطني الجزائرية، وجبهة التحرير الوطني لجنوب فيتنام، والمؤتمر الوطني الأفريقي لجنوب إفريقيا—إلا أنها مرّت في فترات عديدة من الانقسام، كما حصل عند توقيع اتفاقات كامب ديفيد لعام 1978، واتفاقات أوسلو عام 1993 وما بعدها. ولا شك في أن العوامل الخارجية أعاقت قدرةَ المنظمة على تحقيق أهدافها التحررية، غير أن الانقسامات الكارثية كانت أيضًا نتيجةً حتمية لقيادة فاشلة حادَت عن الإجماع وتخلّت عن الميثاق الوطني الفلسطيني الذي وضعته المنظمة.

تتطلب مواجهة الاستعمار الاستيطاني والاحتلال وحدةً وطنية من أجل بناء حركة تحرر فعّالة Share on X

بالرغم من المحاولات العديدة لتسوية الانقسامات داخل منظمة التحرير—بما فيها إعلان القاهرة 2005، ووثيقة الوفاق الوطني 2006، واتفاق مكة 2007، واتفاق القاهرة 2011—إلا أنها باءت جميعها بالفشل. ويُعزى السبب الأكبر في ذلك إلى افتقار الفصائل الفلسطينية، ولا سيما فتح وحماس، إلى الإرادةِ السياسية لإيلاء الأولوية لتحقيق التوافق الوطني وتقديمه على أجنداتها الخاصة ومصالحها الضيقة.

تجدر الإشارة إلى أن أبرز مبادرات تحقيق التوافق الوطني التي شهدها التاريخ الفلسطيني قد انبثقت من المجتمع المدني من خلال حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها، التي توجِّهُها اللجنةُ الوطنية الفلسطينية للمقاطعة —الائتلاف الأوسع لمجموعات المجتمع المدني الفلسطيني —والتي وقَّع عليها ما يزيد على 170 منظمة فلسطينية إبان إطلاقها في تموز/يوليو 2005. 

دراسة حالة لبناء التوافق الوطني الفلسطينيون في لبنان 

يتميز السياق اللبناني بكثرة انقساماته الطائفية والسياسية، بيد أنَّ اتفاق الطائف لعام 1989 المعروف رسميًا باتفاق المصالحة الوطنية كان حَدثًا فارقًا وحاسمًا في بناء التوافق الوطني في الآراء واستعادة السلام في لبنان بعد 15 عامًا من الحرب الأهلية. وللأسف، استُبعِدَ الفلسطينيون من عملية المصالحة، رغم أنهم كانوا بلا ريب طرفًا في تلك الحرب. ومع ذلك، برزت محاولات عدة عقب اتفاق الطائف لإحلال المصالحة والتوافق بين اللبنانيين والفلسطينيين في لبنان. 

في أيار/مايو 1991، التقى وزير الخارجية اللبناني فارس بويز برئيس الدائرة السياسية في منظمة التحرير فاروق القدومي على هامش قمة جامعة الدول العربية المنعقدة في القاهرة لمناقشة جهود المصالحة الأولية. وأسفرَ الاجتماع عن تشكيل لجان وزارية لبنانية عدة لبدء الحوار بين الطرفين. وشكَّل الفلسطينيون كذلك وفدًا موحدًا يتألف من منظمة التحرير الفلسطينية والفصائل المعارضة. 

عقدَ الوفدان اجتماعهم الأول في أيلول/سبتمبر 1991، وعرَضَ فيه الطرفُ الفلسطيني مذكرةً بعنوان “حقوق الشعب الفلسطيني المدنية والاجتماعية.” وكان الدافع لإبرام اتفاق المصالحة قائمًا على تسليم الفلسطينيين سلاحَهُم مقابل نيل الحقوق المدنية. وعليه، طلبَ الوفد اللبناني وقتًا لمراجعة الوثيقة والرد على مطالب الفلسطينيين. غير أن الرد لم يأتِ قط، وتوقف الحوار. ويُعزى ذلك إلى غياب الإرادة السياسية اللبنانية للتوصل إلى المصالحة والتوافق ومنح  الحقوق المدنية، وإلى السخط المستمر على الفلسطينيين عقب الحرب. ونتيجة لذلك، عانى الفلسطينيون في لبنان سنواتٍ عديدةً من الاضطهاد في المخيمات اللبنانية وخارجها.

خلال ما تبقى من تسعينيات القرن الماضي ، واصلت منظمة التحرير الفلسطينية جهودها في الحوار مع صانعي السياسة اللبنانيين، وقدمت مذكرة أخرى في عام 1999 بعنوان: “نحو علاقات فلسطينية لبنانية جديدة”. ومع ذلك ، فشل الجانب اللبناني في استخدام المبادرة بأي طريقة ملموسة. 

وهكذا، لم يتم إحياء جهود المصالحة بين اللبنانيين والفلسطينيين مرة أخرى إلا في عام 2005، حيث أَنشأ مكتبُ رئيس الوزراء في تشرين الثاني/نوفمبر من ذاك العام لجنةَ الحوار اللبناني الفلسطيني، وهي هيئة حكومية معنية بالنظر في الجوانب المختلفة للوجود الفلسطيني في لبنان. وحددت مهام اللجنة بالتعاون مع وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين في الشرق الأدنى (الأونروا) لمعالجة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والقانونية والأمنية للاجئين الفلسطينيين في لبنان، وتنظيم حصول الفلسطينيين على الأسلحة في مخيمات اللاجئين وخارجها، والعمل على  استئناف العلاقات مع منظمة التحرير الفلسطينية والأهم من ذلك هو إعادة فتح مكاتب منظمة التحرير في لبنان في 2006 بعد إغلاقها في 1982، ومن ثم رفع التمثيل إلى مستوى سفارة في 2011. 

أَطلقت لجنةُ الحوار اللبناني الفلسطيني في كانون الثاني/يناير 2015 حوارًا لبنانيًا داخليًا مكثفًا بين ممثلي الكتل البرلمانية المختلفة لمناقشة حقوق الفلسطينيين في لبنان وأوضاعهم المعيشية. وأطلقت  اللجنة هذا الحوار على أساس أن المصالحة بين اللبنانيين والفلسطينيين تتطلب أولًا توافقًا لبنانيًا حول مسائل أساسية. وتمخَّضَ الحوار عن وثيقة “رؤية لبنانية موحدة لقضايا اللاجئين الفلسطينيين في لبنان،” والتي صدرت في كانون الثاني/يناير 2017. لكن للأسف، لم تلتزم كتل برلمانية مختلفة بأحكام التوافق  كما نصَّت عليها الوثيقة، وهكذا ظلت الرؤية ضمن الإطار النظري، ولم يكن لها تأثيرٌ ملموس في سياسات الدولة اللبنانية تجاه الفلسطينيين. 

بادر الفلسطينيون في لبنان أيضًا إلى إتخاذ خطوات للتوصل إلى المصالحة على سبيل المثال، أصدرَ السفير الفلسطيني في لبنان، عباس زكي، في كانون الثاني/يناير 2008 “إعلان فلسطين في لبنان،” والذي مثَّلَ اعتذارًا عن أي أذى ألحقه الفلسطينيون بلبنان إبان وجود منظمة التحرير الفلسطينية فيه قبل عام 1982. وبعدها بثلاثة أشهر، وردًا على الإعلان الفلسطيني، اجتمعَ ما يزيد على 40 شخصية لبنانية مسيحية في مؤتمر المصارحة والمصالحة–ذكرى 13 نيسان، ذكرى اندلاع الحرب الأهلية، وقابلوا الاعتذار بالاعتذار عن الأذى الذي سبَّبوه للفلسطينيين. 

رفعت تلك المبادرات مستوى الوعي العام، وشجَّعت الحوار في لبنان حول الحاجة إلى التعامل مع الجوانب الأساسية للوجود الفلسطيني في لبنان، وهو ما أتاح استحداث مبادرة المساحة المشتركة، التي أُطلقت في العام 2009 كمشروع تابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في لبنان. وفي 2011، استُحدث منتدى الحوار اللبناني الفلسطيني ضمن المبادرة. ومنذ ذلك الحين، عملَ المنتدى على موالفة وتقريب المجتمعات اللبنانية والفلسطينية، بهدف تغيير التفكير المتحيزوالنمطي لدى الجانبين على حدٍ سواء، والضغط في الوقت نفسه على المشرِّعين وصناع السياسات اللبنانيين لحَثِّهم على مناقشة حقوق الإنسان الأساسية للاجئين الفلسطينيين. وهي مهمةٌ صعبة ولا سيما بالنظر إلى تاريخ العلاقات اللبنانية الفلسطينية المضطرب ، والذي ما انفك يُرسِّخُ التصورات المغلوطة والمخاوف والتوتر بين المجتمعين.

يواجه منتدى الحوار اللبناني الفلسطيني كذلك تحدي التغلب على المعوقات التي أحدثتها مؤسسة الحكم اللبنانية، وبخاصة المعوقات المرتبطة بالسياسات اللبنانية التمييزية التي تنظم الوجود الفلسطيني في لبنان. ومع غياب الإرادة عند المشرِّعين والأحزاب السياسية اللبنانية، تأبى النخبة الحاكمة أن تعالج حقوق الفلسطينيين الأساسية في لبنان ضمن سياق منظومة حقوق الإنسان واللاجئين العالمية المحمية بموجب القانون الدولي. ولا شك في أن بعض السبب في ذلك يُعزى إلى خشية مكونات لبنانية مختلفة من بقاء الفلسطينيين وتوطينهم في لبنان وإخلالهم للتوازن الطائفي المتقلقل في البلاد إذا أُعطوا حقوقًا أساسية.

دروس لتوجيه عملية بناء التوافق الفلسطيني 

ثمة أمثلة لمبادرات ناجحة أطلقتها منظمات المجتمع المدني الفلسطيني لبناء التوافق ، والتي يمكن للفلسطينيين أن يستفيدوا منها. 

بصفتي المؤسس المشارك لمركز حقوق اللاجئين (عائدون) في لبنان، شاركتُ في مبادرةٍ برنامج المصالحة وإعادة البناء بالتعاون، الذي أطلقه المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية (مسارات) في رام الله، بدعمٍ من مبادرة إدارة الأزمات الفنلندية. استمرَّ البرنامج من 2012 وحتى 2016، واستضافَ لقاءات في مدنٍ عربية مختلفة شاركت فيها شخصيات رفيعة المستوى من منظمة التحرير الفلسطينية وحركة حماس بالإضافة إلى باحثين وأكاديميين مستقلين. 

نتجَ عن المبادرة كذلك وثيقتان: وثيقة “إعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية،” التي كانت ثمرة جلسات عديدة لبناء التوافق انعقدت في الفترة ما بين كانون الأول/ديسمبر 2012 وآذار/مارس 2013، ووثيقة “الوحدة الوطنية” التي صدرت في شباط/فبراير 2016 وتضمنت خطةً مرحلية انتقالية مفصلة لتحقيق التوافق بين آراء المشاركين. وفي هذا السياق عقد مركزا عائدون ومسارات اجتماعًا في لبنان في حزيران/يونيو 2016 ضمَّ منظمات أهلية لمناقشة هاتين الوثيقتين. وكغيرهما من المبادرات العديدة الأخرى، ما زال هذان المقترحان في عِداد أُطر العمل النظرية التي لا تزال تنتظر التنفيذ.

وإن عمليةَ بناء التوافق في الآراء، في جوهرها، هي إنجازٌ قيِّمٌ في حد ذاتها. فبدلًا من التركيز على النتيجة النهائية...يتحتم إبراز الوسائل التي يتسنى من خلالها إدراك هذا الهدف Share on X

في آب/أغسطس 2015، عقد مركزا عائدون ومسارات اجتماعًا تشاوريًا حول السُبل المتاحة لتفعيل التمثيل الشعبي وصياغة موقف موحد للفلسطينيين في لبنان. وكانت بمثابة مبادرة شعبية لتوحيد وتفعيل وإعادة بناء اللجان الشعبية التي تشكَّلت في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين عندما كانت منظمة التحرير الفلسطينية فاعلةً في لبنان. وكان لهذا الاجتماع أهميةً خاصة بالنظر إلى انقسام المخيمات سياسيًا بين لجان منظمة التحرير بقيادة فتح ولجان أخرى تنتمي لفصائل قوى الائتلاف الوطني بقيادة حماس. وقد حضرَ الاجتماع ممثلون من منظمة التحرير، وقوى الائتلاف، ومنظمات المجتمع المدني، وأسفرَ عن تشكيل لجنةٍ من عشرة أعضاء تضم ممثلين لتلك الأطراف الثلاثة.

وفي حين أن تلك الجهود لاقت المصير نفسه الذي لاقته مبادرات المصالحة وبناء التوافق في الآراء الأخرى نظرًا لتعقيد عملية المصالحة نفسها، إلا أنَّ بعض النجاحات قد تحقَّقت ويمكن استخلاص دروس منها.

لقد استطاعت المكونات الفلسطينية الرئيسية الثلاثة في لبنان—فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وفصائل الائتلاف الوطني ومنظمات المجتمع المدني—أن تتفق على رؤيةٍ موحدة إزاء الوجود الفلسطيني في لبنان والمسائل المرتبطة به في مجال حقوق الإنسان والأوضاع المعيشية. أي أن الفصائل الفلسطينية ومنظمات المجتمع المدني نجحت في التغلب على حالة الانقسام الفلسطيني—أو حيَّدتها—من أجل عرض مطالبهم الموحدة على الدولة اللبنانية. وقد نجحوا في ذلك في أكثر من مناسبة. وإن عمليةَ بناء التوافق في الآراء، في جوهرها، هي إنجازٌ قيِّمٌ في حد ذاتها. فبدلًا من التركيز على النتيجة النهائية—أي تحقيق التوافق الوطني في الآراء أو عدم تحقيقه—يتحتم إبراز الوسائل التي يتسنى من خلالها إدراك هذا الهدف. التوافق هو هدفٌ بعيد الأجل؛ وبناؤه من خلال هذه المبادرات يجلبُ للمشاركين فيه الثقة والألفة ويُحفِّزُ إعادةَ التفكير الجذري بالنماذج السياسية الراهنة. 

بالطبع، هذا الوضع داخل فلسطين المستَعمرة يختلف عن الوضع في الشتات، وتتطلب مواجهة الاستعمار الاستيطاني يوميًا مقاربةً خاصة لبناء التوافق. فالتغلب على التجزئة الجغرافية القسرية للفلسطينيين في فلسطين المستعمرة والشتات سيكون الخطوة الأولى. فضلًا على أن إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية وإعادة بنائها كجبهة وطنية موحدة سيتطلب جهدًا كبيرًا من ممثلي التجمهات  الفلسطينية حول العالم—وذلك أمٌر مستبعد في ظل استمرار الانقسام السياسي الفلسطيني. 

إن النجاحات التي حققها الفلسطينيون في لبنان تنم عن قوة بناء التوافق . فقد تداعت الفصائل السياسية ومنظمات المجتمع المدني للتوافق على مطالب تعرضها على الدولة اللبنانية، انطلاقًا من علمها بأن انتظار تبلور الوفاق في المستوى القيادي بين القوى المهيمنة سيقود بلا شك إلى استمرار الانقسام. وهذا الواقع لا يزال قائمًا إلى اليوم، ويشير إلى ضرورة تبني مقاربةٍ تصاعدية تنطلق من القاعدة الشعبية إلى المستوى القيادي من أجل تحقيق التوافق الفلسطيني.

  1. لقراءة هذا النص باللغة الفرنسية، اضغط/ي هنا. تسعد الشبكة لتوفر هذه الترجمات وتشكر مدافعي حقوق الإنسان على هذا الجهد الدؤوب، وتؤكد على عدم مسؤوليتها عن أي اختلافات في المعنى في النص المترجم عن النص الأصلي.
جابر سليمان هو باحث ومستشار مستقل في مجال دراسات اللجوء واللاجئين. منذ العام 2011، يعمل كمستشار ومنسق لمنتدى الحوار الفلسطيني اللبناني في مبادرة الفضاء المشترك،...
في هذه المقالة

أحدث المنشورات

 السياسة
في يوم الخميس، 19 حزيران/يونيو 2025، وقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام موقع الضربة الإيرانية قرب بئر السبع، وقال للصحفيين: "ما نعيشه اليوم يذكّرني حقًّا بما تعرّض له الشعب البريطاني أثناء قصف لندن (البليتز) في الحرب العالمية الثانية. نحن نُقصف اليوم بطريقة مماثلة". كانت البليتز حملة قصف جوي مكثفة شنَّتها ألمانيا النازية ضد المملكة المتحدة في الفترة بين أيلول/سبتمبر 1940 وأيار/مايو 1941. أراد نتنياهو بهذه المقارنة الدرامية استعطافَ الغرب وتأمين حصول حكومته على دعمٍ غير مشروط في عدوانها غير المبرر على إيران الذي يشكل تصعيدًا عسكريًّا وانتهاكًا جديدًا للقانون الدولي. ومثل تلك المراوغات الخَطابية ليست بشيءٍ جديد، بل هي نمط راسخ في الخطاب السياسي الإسرائيلي الذي يصوِّر إسرائيل كضحية دائمًا ويصف خصومها بالنازيين المعاصرين. لطالما راودت نتنياهو طموحاتٌ بضرب إيران بدعمٍ مباشر من الولايات المتحدة، غير أن التوقيت ظلّ دائمًا العنصر الحاسم. وعليه، فلا ينبغي النظر إلى هذه اللحظة على أنها مجرّد عدوان انتهازي، بل كجزء من إستراتيجية أوسع محسوبة بعناية. فشنّه هذه الحرب غير المبرّرة اليوم، نابع من حالة الإفلات غير المسبوقة من العقاب التي يتمتع بها، التي تزامنت مع تحوّلات إقليمية متسارعة أعادت تشكيل موازين القوى في المنطقة، إلى جانب الهشاشة المتفاقمة في المشهد السياسي الداخلي الإسرائيلي. يتناول هذا التعقيب التصعيدَ الأخير في هذا السياق، ويُسلّط الضوء على الدوافع السياسية التي تقف خلف شنّ الحرب في هذا التوقيت تحديدًا.
Al-Shabaka Yara Hawari
يارا هواري· 26 يونيو 2025
 السياسة
في خضمّ هذا التصعيد، تصبح ديناميكيات القوى الدولية والإقليمية وعلى رأسها الولايات المتحدة، والصين، وروسيا، وتركيا عاملاً حاسماً في تحديد مسار الصراع. ويعد دعم الولايات المتحدة للكيان الصهيوني بمثابة انحراط فعلي في الحرب كيف يمكن أن يؤثر هذا التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران على موازين القوى في الشرق الأوسط؟ وما هي تبعات الحرب على القضية الفلسطينية؟ في مختبر السياسات هذا، ينضم إلينا الدكتور بلال الشوبكي، وزيد الشعيبي، مع الميسر فتحي نمر، لمناقشة الأبعاد الدولية والاقليمية للحرب على إيران.
في 26 أيار/مايو 2025، تم إطلاق نظام توزيع المساعدات الجديد المدعوم من إسرائيل في غزة، الذي يجري تأمينه من قِبَل شركات أمنية أمريكية خاصة. تسبب هذا النظام في قتل أكثر من 100 فلسطيني، أثناء محاولتهم الوصول إلى نقاط توزيع المساعدات الواقعة قرب مواقع عسكرية على حدود رفح، وسط ظروف غير إنسانية. وتُثير هذه الخسائر الفادحة تساؤلات مهمة حول سلامة نظام المساعدات الجديد ودور الشركات الأمنية الأمريكية التي تعمل تحت إشراف مباشر من قوات الاحتلال الإسرائيلي. يُبيّن هذا الموجز السياساتي أن خصخصة المساعدات والأمن في غزة تمثّل انتهاكًا للمبادئ الإنسانية الأساسية، إذ تُحوِّل المساعدات إلى أداة للسيطرة السياسية، والتطهير العرقي، وإدامة الاستعمار. كما تهدّد حياة الفلسطينيين من خلال ربط الحصول على المساعدات بظروف قسرية، وتسهيل التهجير القسري، وتوفير غطاء قانوني وأخلاقي لانتهاكات الاحتلال. كذلك، تُسهم هذه الخصخصة في تهميش وتقويض دور المؤسسات المحلية والدولية، وعلى رأسها الأونروا، التي لعبت دورًا محوريًّا في دعم اللاجئين الفلسطينيين في غزة طوال عقود.
الشبكة جودة
صفاء جودة· 10 يونيو 2025
Skip to content