Article - Palestine-Israel: Europe Drowning in America's Failures

ينعقد الاجتماع الشهري لمجلس الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي في بروكسل يوم الإثنين الموافق 18 كانون الثاني/يناير 2016، ومن المتوقع أن يناقشَ الاجتماعُ الخطوات المقبلة التي سيعتمدها الاتحاد الأوروبي بشأن القضية الفلسطينية الإسرائيلية وأن يتخذَ قرارًا بشأنها. ويشعر واضعو السياسات في إسرائيل بالقلق إذ يخشون من توسع الجهود الأوروبية الرامية إلى عزل المستوطنات الإسرائيلية.1
وبينما تعكف أوروبا على مناقشة الخطوات المقبلة، لا بد لها أن تعترف بأن نهج “الولايات المتحدة الأمريكية تقود” المتبع في حل الصراع هو نهج محكومٌ بالفشل الأبدي لأنه يعطي المشروع الاستيطاني الإسرائيلي الوقت لترسيخ نفسه، ويلغي بوتيرة متزايدة إمكانية حلِّ الدولتين. وقد بات من الجلي بعد عقدين من المفاوضات الثنائية الفاشلة برعاية أمريكية أن القيادة الأمريكية لجهود حل الصراع عبثية وتُفضي إلى نتائج عكسية.

إذا كانت سياسة أوروبا تهدف إلى إقامة دولتين لشعبين، فعلى أوروبا أن تتبنى موقفًا سياساتيًا مستقلًا يتجاوز الأمريكيين. وينبغي أن يستتبع جوهر السياسة الأوروبية ما هو أكثر من إحداث تغييرات في مبادئ الاتحاد الأوروبي التوجيهية بشأن المشاركة في برنامج أفق 2020 الذي يستبعد المستوطنات، أو اشتراط وضع علامات على منتجات المستوطنات الإسرائيلية  مع السماح باستمرار التجارة فيها.

وسوف يتوجب على السياسة الأوروبية أن تصيرَ أكثر حزمًا وفرضًا للعقوبات إذا ما أرادت أن تحمِلَ إسرائيلَ على تقديم تنازلات جادة من أجل السلام. فقد أظهرت دراسةٌ أجراها المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية في تموز/يوليو 2015 أن ثمة فرصةً كبيرة لزيادة عزلة المشروع الاستيطاني الإسرائيلي بتوسيع نطاق التفريق القانوني بين إسرائيل والأراضي المحتلة في القانون الأوروبي بحيث يشمل إعادة النظر في “تكامل القطاعين الماليين الأوروبي والإسرائيلي، وصفة المؤسسة الخيرية التي تتمتع بها في الاتحاد الأوروبي المنظماتُ الداعمة للمشروع الاستيطاني الإسرائيلي، وصلاحية الوثائق القانونية التي تصدرها السلطات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة داخل الاتحاد الأوروبي.”

وإذا كان تأثير أوروبا في هذا الصراع لا يكاد يذكر، فذلك يرجع إلى اتكال أوروبا على قيادة مخطئة لفترة طويلة جدًا. وهذا الخطأ المأساوي التاريخي يكلَّف دافعي الضرائب الأوروبيين المليارات، ويُفضي إلى واقعٍ يناقض تمامًا ما أراده صانعو السياسة الأوروبيون. وبعد 23 عامًا، أسفر الاعتماد على “القيادة” الأمريكية إلى إنشاء بانتوستانات فلسطينية كثيرة تحيطها قوة احتلال عسكرية لا تزال تفرض احتلالها وتفلت من العقاب، ويمولها دافعو الضرائب الأوروبيون، إذا ما علمنا أن الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه يتصدرون الآن قائمة الجهات المانحة للفلسطينيين. وما انفكت إسرائيل – المسرورة لأن طرفًا آخر مستعدٌ لدعم احتلالها العسكري ماليًا – تواصل التوسع في مشروعها الاستيطاني وتعززه، بدعم من قطاعات واسعة من عامة الأمريكيين.

تشترك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في هدفٍ يتمثل في حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني ضمن إطار حل الدولتين. غير أن الفشل المتكرر لجهود الوساطة الأمريكية، ومؤخرًا، استقالةَ مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة، يخلق واقعًا مضادًا يُملي بأنه لن يحل السلام – ولا حتى المضي نحو السلام – في المستقبل القريب، أو ربما حتى في حياتنا.

أمريكا تشدُّ على يد الاحتلال. وأوروبا تدعمه ماليًا عن غير قصد. وهذا المنطق المؤسف هو وصفٌ دقيق للواقع الراهن. ولأن الولايات المتحدة ما فتئت تدعو إلى عدم التدخل، وتقول إن “القرار بيد الطرفين،” لا يكاد يوجد دافع يحمل إسرائيل، صاحبة السلطة المطلقة، على التنازل، في حين يُترك الفلسطينيون ليأسهم بلا حولٍ ولا قوة، رغم أنهم من المفترض أن يكونوا “محميين” بموجب القانون الدولي.

في حين ينشغل المعلقون في الحديث عن عملية السلام الميتة، ويوزعون اللوم على هذا وذاك لفشلها، قلةٌ فقط يجرؤون على قول ما لا يخفى على أحد وهو أن أمريكا جزء من المشكلة، وليس الحل. فتعنت إسرائيل وانتهاكها الصارخ لحقوق الإنسان يزداد لإيمانها بأنها مهما فعلت، فإن الولايات المتحدة ستحميها دومًا من أي تأنيب جاد، في حين ينبع يأس الفلسطينيين من قناعتهم بأن دعم أميركا الغامر لإسرائيل يجعل المفاوضات عقيمة، لأن إسرائيل لا تكاد تجد ما يحملها على التنازل حين يُغدَقُ عليها بالمال والسلاح والدعم السياسي كما هي الحال الآن.

ومن الأمثلة أن إدارة أوباما استخدمت في شباط/فبراير 2011 حق النقض لإجهاض قرار في الأمم المتحدة يعلن عدم قانونية المستوطنات الإسرائيلية رغم أن 130 دولة شاركت في تقديم القرار الذي حظي بدعم سائر أعضاء مجلس الأمن الأربعة عشر. وفي أيار/مايو من العام نفسه، وقفَ أعضاء الكونغرس الأمريكي لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو 29 مرة مصفقين بحرارة وهو ينبذُ على الملأ موقفَ الرئيس أوباما الذي يرى أن حدود 1967 يجب أن تكون أساس التسوية النهائية. وعلى النقيض، اتجه الأوروبيون نحو الاعتراف بدولة فلسطين. وقد صار اعتراف السويد والفاتيكان بفلسطين رسميًا الآن، في حين أن برلمانات المملكة المتحدة وآيرلندا وإسبانيا وفرنسا ولوكسمبورغ والبرلمان الأوروبي قد وافقت جميعها على الاعتراف بفلسطين.

وباختصار، تقدم الولايات المتحدة دعمًا قويًا لإسرائيل، بينما يحاول الاتحاد الأوروبي تنظيف الفوضى التي تخلفها التجاوزات الإسرائيلية والنفاق الأمريكي اللامحدود. اجتماع الاثنين هو فرصةٌ لدراسة ما يمكن أن يفعله الاتحاد الأوروبي لتغيير هذا الواقع.

لقد حان الوقت كي تشمِّر أوروبا عن ساعديها، وتمارس سياسة الأقوى، وتتولى التعامل مع المحتل، دون انتظار القيادة الأمريكية كي تحقق النتائج. وفي تجارب البوسنة وكوسوفو وتيمور الشرقية وجنوب أفريقيا عبرة إذ تقترح أن توليفةً مضبوطة من العقوبات والعزلة الدولية، وكملاذ أخير، القوة العسكرية سوف تُجبر المحتل أو نظام الفصل العنصري على تغيير سلوكه.

يجب على الاتحاد الأوروبي أن يرتقي إلى مستوى الحدث، وأن يُظهر للشعوب التي يمثلها أن الأموال والمصداقية الأوروبية أكثر أهمية من الانخراط في تمثيليات التجرد والحياد الأمريكية. فمن الواضح أن أمريكا لا تشعر بتأنيب الضمير لا أخلاقيًا ولا سياسيًا إزاء بقاء إسرائيل كقوة احتلال. وحالما تُقرّ أوروبا أخيرًا بهذا الواقع وتتصرف على أساسه، فإنها سوف تجد القوة والشرعية لاقتراح سياسات خاصة بها تتماشى مع أهدافها للجوار الأوروبي، ومعاييرها الأخلاقية، وقوانينها.

  1. تتوفر كافة إصدارات الشبكة باللغتين العربية والانجليزية (اضغط/ي هنا لمطالعة النص بالإنجليزية). لقراءة هذا النص باللغة الفرنسية أو باللغة الإيطالية، اضغط/ي هنا أو هنا. تسعد الشبكة لتوفر هذه الترجمات وتشكر مدافعي حقوق الإنسان على هذا الجهد الدؤوب، وتؤكد على عدم مسؤوليتها عن أي اختلافات في المعنى في النص المترجم عن النص الأصلي.
العضو السياساتي للشبكة موسى جريس فلسطيني من الجليل، حاصلٌ على درجة الماجستير في العلاقات الدولية من جامعة ويستمينستر (بدرجة الاستحقاق)، واشتملت دراسته على منحة بحثية من...
يقطن سام بحور مدينتي البيرة ورام الله في فلسطين. ويعمل في تقديم الاستشارات التجارية وإدارة المعلومات التطبيقية، وهو مختص في تطوير قطاع الأعمال وتحديدًا قطاع...

أحدث المنشورات

 السياسة
بعد عام من المعاناة تحت وطأة العنف والدمار المستمرين ، يقف الفلسطينيون عند لحظة مفصلية. تتناول يارا هواري، في هذا التعقيب، الخسائر الهائلة التي تكبدها الشعب الفلسطيني منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023 والفرص المنبثقة عنها للعمل نحو مستقبل خالٍ من القمع الاستعماري الاستيطاني. وترى أنّ الوقت قد حان الآن لكي تتحول الحركة من رد الفعل إلى تحديد أولوياتها الخاصة. وكجزء من هذا التحول، تحدد يارا ثلاث خطوات ضرورية: تجاوز التعويل على القانون الدولي، وتعميق الروابط مع الجنوب العالمي، وتخصيص الموارد لاستكشاف الرؤى الثورية لمستقبل متحرر.
Al-Shabaka Yara Hawari
يارا هواري· 22 أكتوبر 2024
منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، قتلت القوات الإسرائيلية ما يزيد عن 40,000 فلسطيني في غزة، وجرحت 100,000 آخرين، وشرَّدت كامل سكان المنطقة المحتلة تقريبًا. وفي ذات الوقت شرَعَ النظام الإسرائيلي في أكبر اجتياح للضفة الغربية منذ الانتفاضة الثانية مما أدى إلى استشهاد ما يزيد عن 600 فلسطيني واعتقال 10,900 آخرين. كما وسعت إسرائيل نطاق هجومها الإبادي الجماعي في لبنان، مما أسفر عن مقتل ما يزيد على ألف شخص ونزوح أكثر من مليون آخرين. يسلط هذا المحور السياساتي الضوء على مساعي الشبكة في الاستجابة لهذه التطورات على مدار العام الماضي، من وضع أحداث السابع من أكتوبر في سياق أوسع للاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي، إلى استجواب آلة الحرب الإسرائيلية متعددة الأوجه، إلى تقييم العلاقات الإقليمية المتغيرة بسرعة. هذه المجموعة من الأعمال تعكس جهد الشبكة المستمر في تقديم رؤية فورية للوضع الفلسطيني.
لا تنفك شركات الأسلحة البريطانية تتربّح من بيع الأسلحة لإسرائيل من خلال التراخيص الصادرة من الحكومة البريطانية، حيث بلغ إجمالي هذه الصادرات منذ العام 2008 ما يقدر بنحو 740 مليون دولار، وهي ما تزال مستمرة حتى في ظل الإبادة الجماعية الجارية في غزة. يشعر البعض بتفاؤل حذر إزاء احتمال فرض حظر على الأسلحة بعد فوز حزب العمال في انتخابات يوليو/تموز 2024، وبعدَ أن وعدَ بالانسجام مع القانون الدولي. في سبتمبر/أيلول 2024، علقت الحكومة البريطانية 30 ترخيصاً من أصل 350 ترخيصاً لتصدير الأسلحة إلى إسرائيل. ويرى الناشطون وجماعات حقوق الإنسان أن مثل هذا القرار محدود للغاية. وبناء على ذلك، تُفصِّل هذه المذكرة السياساتية الالتزامات القانونية الدولية الواقعة على عاتق بريطانيا وكذلك المناورات الحكومية الممكنة فيما يتصل بمبيعات الأسلحة لإسرائيل.
شهد الحموري· 15 سبتمبر 2024
Skip to content