مقال - سياسة عباس القصيرة النظر في غزة

تعكس جهود رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، الرامية إلى زيادة عزلة حماس – بخفض الرواتب وقطع الكهرباء عن قطاع غزة – الديناميات الإقليمية في عهد ترامب. فقد حشدت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر لعزل قطر، وهي مستثمر كبير في قطاع غزة ومؤيد لجماعة الإخوان المسلمين في مصر وحركة حماس في غزة.
تفادت غزة أزمة الكهرباء، في مفارقة ساخرة، بفضل استعداد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لتزويد محطة توليد الكهرباء في غزة بالوقود كإجراء مؤقت بالرغم من احتجاجات عباس. وقد توسَّط لأجل إصدار القرار محمد دحلان، عدو حماس التقليدي الذي سعى لإزالة حماس من السلطة في أعقاب انتخابها الديمقراطي.

استراتيجية عباس الخاطئة

لا يزال عباس ملتزمًا بفرضية الحصار المضروب على غزة منذ 2007 ومفادها أن زيادة عزلة حماس ومفاقمة معاناة الفلسطينيين في غزة سوف تزعزع حكم حماس وتدفع الفلسطينيين إلى الانتفاض ضد الحركة – حتى لو تمخض عن ذلك “انهيار تام،” كما وصفت منظمات حقوق الإنسان ما حدث من تقليص إمدادات الكهرباء.

يفترض هذا المنطق أن بمقدور السلطة الفلسطينية أن تستأنف إدارة قطاع غزة بعد إضعاف حكم حماس. وهذا مستبعد لسببين:

  • إسرائيل تستفيد من الفصل الجغرافي والسياسي في الأراضي الفلسطينية، ولذلك قوضت المحاولات السابقة الرامية إلى الوحدة، بطرق عدة منها التدخل العسكري. وكان اتفاق الشاطئ المبرم في 2014 بين حماس وفتح من الدوافع وراء شن العدوان العسكري الإسرائيلي على القطاع في العام نفسه.
  • عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة تعني استئناف التنسيق الأمني ​​مع إسرائيل. ولكي يحدث ذلك، لا بد من نزع سلاح حماس. وهذا أمرٌ مستبعد حتى مع تشديد العزلة لأنه سيقود إلى معركة وجودية بالنسبة إلى حماس، والتي يمكن أن تمهد الطريق لجولة أخرى من النزاع المدني المسلح.

مضامين إجراءات عباس الأخيرة

  • تبرهن على استعداد عباس لتبني منطق العقاب الجماعي الذي يقوم عليه الحصار وإدامة معاناة مليوني فلسطيني من أجل مصالح فصائلية. وهذا أمر مستنكر أخلاقيًا لا يليق بالزعيم المزعوم للنضال الفلسطيني.
  • تُمأسس الانقسام بين قطاع غزة والضفة الغربية، وتدفع غزة إلى التقرب من مصر، ما يساعد في تحقيق سياسة إسرائيل المتمثلة في تفريق الأراضي الفلسطينية وحكمها.
  • تخلق فرصة لقيام تحالف بين دحلان وحماس، ولعودة دحلان إلى المؤسسة السياسية الفلسطينية وهو الذي يرى الكفاح الفلسطيني من منظار سياسة الأمن والأمننة التي تمليها الولايات المتحدة وإسرائيل.

ماذا بوسع الفلسطينيين أن يفعلوا

  • محاسبة القيادة في الضفة الغربية على استخدام الفلسطينيين في غزة كرهينة سياسية، وإبراز عدم شرعية الحصار باعتبارها امتدادًا للاحتلال وشكلاً من أشكال العقاب الجماعي. وينبغي للفلسطينيين، على وجه الخصوص، أن يطالبوا القيادة في الضفة الغربية بتولي مسؤوليتها عن الفلسطينيين كافة، بمن فيهم أولئك الموجودون في غزة، وأن يذكِّروها بهذه المسؤولية.
  • الدفع باتجاه اتخاذ تدابير اقتصادية تخفف من حدة الأزمة الإنسانية في غزة بالتزامن مع الدعوة إلى حل سياسي للنزاع على نطاق أوسع.
  • الحرص على أن أي تدابير يُعاد تفعليها لحل الجمود الفلسطيني-الإسرائيلي لا تهمش قطاع غزة أو تصنفه كشاغل إنساني فقط يمكن أن تديره مصر أو سلطةُ حكم ذاتي محلية.
طارق بقعوني هو رئيس مجلس إدارة الشبكة. عَمِلَ زميلًا سياساتيًا للشبكة في الولايات المتحدة في الفترة 2016-2017. وعَمِلَ في رام الله لدى مجموعة الأزمات الدولية...
في هذه المقالة

أحدث المنشورات

في 5 تشرين الثاني/نوفمبر 2024، صوَّت الناخبون الأمريكيون لدونالد ترامب رئيسًا لولاية ثانية في الانتخابات الرئاسية الستين. وفي حين لا تزال العديد من أوجه خطط السياسة الخارجية للإدارة القادمة غير مؤكدة، فإن تبعاتها الكارثية على الشعب الفلسطيني ستستمر بلا شك. وفي هذه الحلقة النقاشية، يُقدِّم محللو الشبكة طارق كيني الشوا وعبد الله العريان وأندرو كادي وهناء الشيخ رؤيتهم إزاء ترامب مقارنةً بسلفه، وتأثير رئاسته على السياسة الأمريكية في المنطقة العربية، وما تعنيه لفعاليات التضامن مع فلسطين في الولايات المتحدة، وتأثيرها المادي على الأرض في فلسطين.
 السياسة
بعد عام من المعاناة تحت وطأة العنف والدمار المستمرين ، يقف الفلسطينيون عند لحظة مفصلية. تتناول يارا هواري، في هذا التعقيب، الخسائر الهائلة التي تكبدها الشعب الفلسطيني منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023 والفرص المنبثقة عنها للعمل نحو مستقبل خالٍ من القمع الاستعماري الاستيطاني. وترى أنّ الوقت قد حان الآن لكي تتحول الحركة من رد الفعل إلى تحديد أولوياتها الخاصة. وكجزء من هذا التحول، تحدد يارا ثلاث خطوات ضرورية: تجاوز التعويل على القانون الدولي، وتعميق الروابط مع الجنوب العالمي، وتخصيص الموارد لاستكشاف الرؤى الثورية لمستقبل متحرر.
Al-Shabaka Yara Hawari
يارا هواري· 22 أكتوبر 2024
منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، قتلت القوات الإسرائيلية ما يزيد عن 40,000 فلسطيني في غزة، وجرحت 100,000 آخرين، وشرَّدت كامل سكان المنطقة المحتلة تقريبًا. وفي ذات الوقت شرَعَ النظام الإسرائيلي في أكبر اجتياح للضفة الغربية منذ الانتفاضة الثانية مما أدى إلى استشهاد ما يزيد عن 600 فلسطيني واعتقال 10,900 آخرين. كما وسعت إسرائيل نطاق هجومها الإبادي الجماعي في لبنان، مما أسفر عن مقتل ما يزيد على ألف شخص ونزوح أكثر من مليون آخرين. يسلط هذا المحور السياساتي الضوء على مساعي الشبكة في الاستجابة لهذه التطورات على مدار العام الماضي، من وضع أحداث السابع من أكتوبر في سياق أوسع للاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي، إلى استجواب آلة الحرب الإسرائيلية متعددة الأوجه، إلى تقييم العلاقات الإقليمية المتغيرة بسرعة. هذه المجموعة من الأعمال تعكس جهد الشبكة المستمر في تقديم رؤية فورية للوضع الفلسطيني.
Skip to content