الفراغ المعماري في رام اللّه
فضاء العمل في رام الله هو حيّز هلامي، يمتدّ، يتشعّب، ويتداخل مع المدينة. غالباً ما يضجّ بالحركة من الساعة الثامنة وحتى الخامسة، ليهدأ تدريجياً ويسوده السكون، فيما عدا بعض الاستثناءات، والمناوبات الليلية. تصل أعلى تضاريسه الطابق الثامن والعشرين، أما أكثرها انخفاضاّ فتنحدر تحت مستوى سطح الأرض المحفور حديثاً ببضعة أمتار، حيث يقوم عمال بناء بإرساء أساسات لبناية أخرى. هو فراغ متواصل ومتجانس في بعض الأجزاء من المدينة، كحي الماصيون ومنطقة الإرسال، ليتفرّع ويتجزأ عند اختراقه مركز المدينة متعدد الاستعمالات، فيحتلّ طابقاً أو اثنين من بناية، أو بيتاً من العشرينيات. تفوح منه رائحة معطّر الجو المخفّف بهواء المكيّف في الصيف، أو الممتزج برائحة غاز غير محترق، منبعث من مدفئات يستعان بها في حالات تعطل التدفئة المركزية المتكررة شتاءً. يمكنه التمدّد واحتواء مئات الأمتار المربعة وعشرات الطوابق، أو التقلّص ليقتصر على مقطورة سائق شاحنة يغادر المدينة لتسليم شحنة من المشروبات الغازية، أو بقعة يقف عليها شخص يتفقد بريده الإلكتروني على هاتفه المحمول.