أمن المحتل أولا.. عسكرة المساعدات للفلسطينيين
تنبع حاجة الفلسطينيين للمساعدات الدولية بشكل رئيسي من العقود الطويلة المرتبطة باستمرار الاحتلال العسكري الإسرائيلي، والنزاع معه. وتكرس هذه المساعدات المعسكرة والمقدمة لكل من إسرائيل والفلسطينيين هذا النزاع، وتطيل من عمره وتساهم في ديمومته.
فعلى المستوى الكلي، تعتبر المساعدات للفلسطينيين معسكرة، لأنها تأتي في سياق دعم الحكومات الغربية إسرائيل من دون وجه حق، بما في ذلك الحصانة للانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الفلسطينيين، حيث يعزز توفير المساعدات العسكرية وإقامة عمليات تجارية عسكرية وغيرها من التعاملات الاقتصادية والثقافية والسياسية قدرة إسرائيل على احتلال الفلسطينيين واستعمارهم وتجريدهم من أملاكهم، فالمساعدات الدولية تدعم، بشكل مباشر، تكاليف العدوان العسكري الإسرائيلي، في حين أن الدعم السياسي الدولي يحمي إسرائيل من عواقب عدم الامتثال للقانون الدولي الذي يكفل حقوق الفلسطينيين، وبالتالي تصبح الأطراف الفاعلة في مجال المساعدات متواطئة في الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الفلسطينيين. إذ قدمت حكومة الولايات المتحدة الأميركية، على سبيل المثال، حوالي 135 مليار دولار دعما ثنائيا (غالبيته عسكري) لإسرائيل، ما جعل الأخيرة أكبر متلق للمساعدات الخارجية الأميركية منذ الحرب العالمية الثانية. وعلى نقيض ذلك، قدمت الولايات المتحدة حوالي خمسة مليارات دولار من الدعم للسلطة الفلسطينية منذ تأسيسها.
ويجادل منتقدو الدعم العسكري الأميركي لإسرائيل بأن هذا الدعم يخالف القانون المحلي الأميركي، ومن الممكن أن يعتبر انتهاكاً للمادة الأولى المشتركة بين اتفاقيات جنيف، والتي تلزم الدول الثالثة بضمان احترام القانون الإنساني الدولي في كل الظروف. وفضلاً عن ذلك، يصبح هذا الدعم انتهاكاً واضحاً للقواعد الأساسية للقانون الدولي، حين ينقل إلى المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، وبذلك يعيق أي احتمال لسلام دائم.