التحدي والتحدي الأكبر لحكومة محمد اشتية
لأسباب مشروعة ومنطقية، يدور الكثير من النقاش حول حكومة الدكتور محمد اشتية وقدرتها على "إعادة غزة الى حضن الشرعية الوطنية" كما أشار كتاب تكليفه الصادر من الرئيس محمود عباس. فالانقسام أرهق الجميع وحوله الى كابوس وطني ربما جعل الفلسطينيين يرون كل شيء آخر من خلاله، فمن الطبيعي أن يتركز كل هذا الاهتمام على الانقسام ويجعلهم يتساءلون كيف سيعيد اشتية غزة الى "الشرعية الوطنية"، ومنذ متى كانت غزة أصلاً خارج هذه الشرعية، وهي كباقي أجزاء الجسد الفلسطيني في الوطن والشتات مشرعة للعمل الوطني أصلاً. التحدي الأكبر لحكومة اشتية وللمجتمع الفلسطيني من الانقسام رغم أهمية انهائه هي حملة تجويع وتركيع الشعب الفلسطيني الأمريكية التي يقودها بالإضافة الى الرئيس ترامب صهره جيرد كوشنر والممثل الأمريكي الخاص للمفاوضات الدولية
جيسون غرينبلات والسفير الأمريكي في إسرائيل ديفيد فريدمان. هذه الحملة استعرت مؤخراً وستبقى وتيرتها بتزايد مستمر حتى الانتخابات الامريكية القادمة في نوفمبر ٢٠٢٠ أو أن يهزم هذا الثالوث قبل ذلك أو يستسلم الفلسطينيين ويوافقون على ما يعرف بـ "صفقة القرن" والذي جاء رفضهم لها كسبب رئيسي لهذه الحملة غير المسبوقة على الأقل منذ اتفاق أوسلو ١٩٩٣. فإنهاء الانقسام اذاً هو تحدٍ لحكومة اشتية، أما صياغة برنامج عملي وواقعي قادر على مقاومة وهزيمة حملة الإدارة الامريكية لتجويع الشعب الفلسطيني فهو التحدي الأكبر.
تهدف الحملة الامريكية لتكثيف الضغوط على الشعب الفلسطيني وتجويعه ومحاربته بلقمة عيشه حتى يوافق في نهاية المطاف على السلام الاقتصادي وقبول ما يعرف بـ "صفقة القرن" والتي تضمن له مساعدات اقتصادية بقيمة حوالي ٢٥ مليار دولار. فكيف للفلسطينيين ان يقبلوا الصفقة وهم بوضع اقتصادي مقبول، وعليه فقد كان لا بد من تجويعهم كما يخطط جرينبلات ومجموعته. هناك تسلسل منطقي لتطور قرارات السياسة الامريكية تستند لمؤشرات حقيقية تقود الى مثل هذا الاستنتاج. فسلسلة الضغوط الأمريكية يمكن رؤيتها بوقف المساعدات عن الاونروا، ووقف المساعدات لغير اللاجئين، واغلاق مكاتب الوكالة الامريكية للتنمية في فلسطين ودمج القنصلية الامريكية بالسفارة في القدس ثم أخيراً باقتطاع ما يعادل رواتب الاسرى والشهداء من الميزانية الفلسطينية، رغم علمهم فيما سيفضي اليه مثل هذا القرار وانه لا يوجد قائد فلسطيني سيوافق على اقتطاع هذه المخصصات حتى لو كان المبلغ الذي سيدفع للأسرى والشهداء هو آخر دولار تمتلكه القيادة الفلسطينية.