التصورات المتوقعة لمستقبل السلطة الفلسطينية
الرغم من أن السلطة الفلسطينية لا تزال، شكلياً، في صميم السياسة الفلسطينية، على الصعيدين الداخلي والخارجي، غير أنها لم تُحدِث بعد ٢٢ عاماً على تأسيسها سوى تغييرات حقيقية قليلة في طريقة حكم الضفة الغربية. بل إن دور السلطة الفلسطينية في الحكم ضعيف وليس له قيمة من الناحية العملية.
هذا الضعف بالتالي سيؤثر في الوضع السياسي الراهن. فالسلطة الفلسطينية، بحسب التفكير التقليدي، والتي تضطلع بدورٍ أساسي في حكم الأرض الفلسطينية المحتلة، غالباً ما توصَف بأنها إنجازٌ وطني لأنها مكَّنت الفلسطينيين من حكم أنفسهم، لأول مرة، على الأرض الفلسطينية. وهي أيضاً الطرف المُحاوِر المفضَّل لدى المجتمع الدولي، بالمقارنة مع منظمة التحرير الفلسطينية. أما بالنسبة إلى إسرائيل، فهي الجهة المسؤولة عن حفظ الأمن والنظام العام في الضفة الغربية.
تولي حكومة السلطة الفلسطينية الحالية اهتماماً بالمسائل الداخلية في المقام الأول، بينما ينفرد الرئيس والمقربون منه في عملية التفاوض مع إسرائيل وإدارة العلاقة بالمجتمع الدولي، رغم أن ذلك من مسؤوليات منظمة التحرير الفلسطينية. وكثيراً ما لا توافق اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية على الخطوات والقرارات التي يُقدِمُ عليها الرئيس، كاستئناف المحادثات مع إسرائيل دون تجميد الاستيطان. ومثل هذه الأمثلة تشير بشكل واضح إلى نقطة أساسية مفادها غياب الجسم السياسي الفلسطيني الحقيقي والمتماسك أو العامل بانسيابية في الأرض الفلسطينية المحتلة. فالفضاء السياسي الفلسطيني لا يزال ممزقاً ويفتقر إلى سلطةٍ تنفيذية موحدة داخل السلطة الفلسطينية وإلى نظام حكم محدد. ولا تزال السلطة الفلسطينية تعوِّل على أفرادٍ يشغلون مناصب معينة، ولا سيما على علاقاتهم بمجتمع المانحين الدولي الذي يدعم ما يسمى عمليةَ السلام، ولا تزال تحافظ على تعاونها وتنسيقها الأمني مع إسرائيل.