«الوطنية الفلسطينية» وحركة المقاطعة
تشهد المرحلة الحالية عملية موت «الوطنية الفلسطينية» بتعريفها السائد الذي فرضته البورجوازية الفلسطينية ليعبّر عن مصالحها الطبقية، والذي تميز تاريخياً بالانتقال من شعارات ثورية تحررية تسعى لتحرير «الوطن السليب» وعودة اللاجئين إلى القرى والمدن التي طهروا عرقياً منها، وإلحاق هزيمة تاريخية بالمشروع الاستعماري الصهيوني ثم بناء دولة ديمقراطية لكل سكانها، إلى القبول ببانتوستان على جزء من أرض فلسطين التاريخية.
وفي الوقت نفسه، تشهد المرحلة الحالية عملية مخاض لحراك قاعدي جديد يتميز بقدرة على تخطي الحدود الفصائلية المُقيدة للإبداع المقاوم. يتحرك هذا الحراك أفقياً وباستراتيجية تمكنه من احتواء واستيعاب القطاعات الشعبية العريضة وتحدي الاحتلال والأبارثهيد، وايضاً بأسلوب يتميز بالسعي إلى الوعي الوطني ولكن ليس على حساب الوعي الاجتماعي.
إن الرد الذي بدأ بالتبلور على تصفية القضية الفلسطينية، من خلال الاعتراف الأميركي بالقدس «عاصمة لإسرائيل»، وتصويت «الليكود» على ضم الضفة الغربية، ومحاولة إنهاء حق اللاجئين في العودة، وإصدار الكنيست الإسرائيلي المزيد من القوانين العنصرية، هو مقاومة شعبية بالمعنى الشامل للكلمة، وكذلك مشاركة كل قوى الشعب الفلسطيني مع حركة مقاطعة تتنامى بشكل يقضّ مضاجع القيادات الإسرائيلية. ولكن المؤسف، ومن منطلق نقدي، هو عدم انخراط الكثير من القوى الفصائلية (الوطنية) في المقاومة الشعبية انخراطاً فعلياً بل لفظياً فقط، وهذا يعود إلى استعلاء الفصائل في التعامل مع أشكال المقاومة كونها لا تمر من تحت عباءتها الأيديولوجية، أو بسبب عدم نضجها وعدم انفتاحها واطلاعها على التجارب النضالية الأممية الأخرى.