تبدّلات عقدين: تسليع المقاومة السلمية
يرتبط مأزق المقاومة الفلسطينية ارتباطاً عضوياً بمأزق السياسة الفلسطينية وفجوة الشرعية. وفي ظل ترهّل الحقل والفكر السياسي وغياب القيادة الممثِّلة، تزداد درجة التشنّج والاحتقان بين حقلي المقاومة والسياسة؛ وإن كان ترابطهما العضوي يعني أنهما بالأصل مكمّلان لبعضهما البعض، خصوصاً في ظل العيش تحت شرط كولونيالي استعماري.
فالفعل السياسي يجب أن يكون فعلاً مقاوماً مشتبكاً مستجيباً لتطلّعات الجماهير. ولكن هذا الترابط النظري بين المقاومة والسياسة تبّدّل عبر العقدين الماضيين بموجب مقتضيات المرحلة وشخوصها وأولوياتها وشروط المانحين وإفرازات علاقات القوى بين المستعمَر والمستعمِر.
على سبيل المثال، بعد نشوء السلطة الفلسطينية وما رافق ذلك من أزمة هوياتية لقيادتها ما بين العمل كبيروقراطية إدارية أو كامتداد لثورة عادت للوطن، لم تستطع تلك السلطة تجريم المقاومة المسلّحة أو تقزيم الفعل والسلوك المقاوم (بعمومه وليس بتسلّحه فقط) رغم المراوغات المتعدّدة تحت سقف العملية السلمية البائسة.