حُكم القوة في فلسطين
خلال الأسابيع القليلة الماضية دمرت الجرافات الإسرائيلية، حوالي 15 دونمًا من الأراضي الزراعية الفلسطينية في منطقة وادي السمن جنوب الخليل في الضفة الغربية المحتلة. ثم دمرت الجرافات الإسرائيلية 15 دونمًا أخرى من الأراضي الزراعية الفلسطينية في قرية بتير الواقعة غرب بيت لحم، حيث اقتلعت 60 شجرة زيتون. وبعدها قطع المستوطنون الإسرائيليون 40 شجرة زيتون مملوكة لفلسطينيين من قرية المغير في قضاء رام الله وسط الضفة الغربية. وقد شهدت هذه القرية تصعيدًا في اعتداءات المستوطنين الإسرائيليين، مثل دهس قطعان الأغنام واقتلاع الأشجار والاستيلاء على الأراضي وحرق المساجد.
وقد تكرّر مشهد هذا التصعيد السافر في العنف الاستيطاني في قرية المغير، حيث يستمر المستوطنون بمهاجمة القرية. وأعربت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان عن "قلقها العميق إزاء تواصل الاعتداء وبشاعة العنف". إذ يُخلِّف العنف الاستيطاني الإسرائيلي تداعيات اجتماعية واقتصادية، كما يوضح مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في إشارته إلى "أن المستوطنين الإسرائيليين يقوِّضون سبل العيش المعتمِدة على الزيتون في مناطق عديدة بالضفة الغربية، إذ يقتلعون أشجار الزيتون ويخرّبونها، ويروِّعون المزارعين في موسم الحصاد ويعتدون عليهم جسديًا". يُضيف المكتب أيضًا أن متوسط عدد حوادث العنف الشهرية ازداد بتحريضٍ من المستوطنين بنسبة 57% في 2018 مقارنة بعام 2017، وبنسبة 175% مقارنة بعام 2016.
وتفيد منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية "بتسيلم" أيضًا، بخصوص الأعمال التخريبية التي يرتكبها المستوطنون الإسرائيليون، بأن "أعمال العنف والتخريب التي يرتكبها المستوطنون تجري بغطاءٍ كامل من السلطات الإسرائيلية، حيث يشارك الجنود الإسرائيليون أحيانًا في هذه الاعتداءات؛ وفي أحيان أخرى، يقفون متفرّجين لا يحرّكون ساكنًا. ولا تبذل الشرطة جهدًا يُذكر للتحقيق في هذه الحوادث، ولا تتخذ الإجراءات اللازمة للحيلولة دون وقوعها أو إيقافها عند وقوعها". ويضيف تقرير "بتسيلم" أن حوادث العنف الاستعماري الاستيطاني في الضفة الغربية، تُفيد إسرائيل لأن "العنف الاستيطاني يُجرِّد الفلسطينيين تدريجيًا من الأراضي في الضفة الغربية، ما يمهد الطريق أمام الدولة لكي تستولي على الأرض والموارد".
يستكشف كتاب جديد لصاحب المقال "فلسطين وحُكم القوة: المقاومة المحلية مقابل الحوكمة الدولية" الهياكل والعمليات التي تفسر تجليات العنف هذه، وكذلك المقاومة الفلسطينية لها. ويتناول الكتاب، خصوصا، تداعيات الاستعمار الاستيطاني والنيوليبرالية في فلسطين اليوم، وأشكال المقاومة اليومية التي تتصدّى لمنطق الحوكمة النيوليبرالية والاستعمار الاستيطاني وأنظمتهما. توضح القصص الحية التي وردت أعلاه كيف أن للأرض دورًا مركزيًا في النضالات ضد الاستعمار الاستيطاني. ويلقي الكتاب نظرةً فاحصة على إرث الاستعمار الاستيطاني في فلسطين، وكيف أنه دمَّر ليستبدل، وغيَّر المسميات ليمحي ويطمس.