رسالة إلى الفنان حمزة نمرة بمناسبة زيارته للضفة الغربية المحتلة
أخاطبك بشكل شخصي، وليس كناشط مقاطعة، وكمعجب جديد بدأت الاستماع لأغانيك مع تقديمك لبرنامج أسبوعي على فضائية "العربي". وكأي فلسطيني أثار إعادة تقديمك لأشهر أغاني تراثنا من "ظريف الطول" إلى "يمه مويّل الهوى" و "يا يّمه في دقة عبابنا" إعجابي، مما حفزني للاستماع لباقي أغانيك القديمة بعد شعوري، مع غيري، بفراغ كبير مع موت محمد منير وعلي الحجار فنيًا وأخلاقيًا لأسباب تعرفها جيدًا.
لا شك أنك تعلم أن زيارتك لمدينة رام الله لتقديم حفل بها قد أثارت العديد من العواصف داخل مصر بشكل خاص، وفي العالم العربي بشكل عام. التساؤل البديهي يدور حول اعتبار هذه الزيارة نوعا من أنواع التطبيع، أم تضامنا مع أهل فلسطين المحتلة. من الطبيعي أن هناك من سيعتبرها تطبيعًا واضحًا، وقد يذهب أبعد من ذلك ويصف الزيارة بـ"الخيانة"، كونها تأتي في هذا التوقيت بالذات مع الترويج لـ"صفقة القرن" التي لا شك عندي أنك تعارضها بشدة. ولكن، وفي الطرف الآخر، هناك من سيعتبرها مساندة للصمود الفلسطيني في مواجهة التهويد والاستعمار والنضال ضد احتلال الضفة الغربية منذ عام 1967.
ومن الطبيعي أن أعتبر أن الأهم في هذا الموضوع هو الموقف الفلسطيني. ومن الجدير بالتذكير هنا، بأن المرجعية لتعريف التطبيع هي اللجنة الوطنية للمقاطعة التي تضم الغالبية الساحقة لتحالفات مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني بالإضافة لهيئة العمل الوطني الإسلامي. وكانت اللجنة قد اعتمدت التعريف الذي عملت على صياغته الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل، التي أتشرف بعضويتي في لجنتها الاستشارية، والذي ينص على أن "التطبيع هو المشاركة في أي مشروع أو مبادرة أو نشاط، محلي أو دولي، مصمم خصيصًا للجمع (سواء بشكل مباشر أو غير مباشر) بين فلسطينيين (و/أو عرب) وإسرائيليين (أفرادا كانوا أم مؤسسات)، ولا يهدف صراحة إلى مقاومة أو فضح الاحتلال وكل أشكال التمييز والاضطهاد الممارس على الشعب الفلسطيني. وأهم أشكال التطبيع هي تلك النشاطات التي تهدف إلى التعاون العلمي أو الفني أو المهني أو النسوي أو الشبابي، أو إلى إزالة الحواجز النفسية، ...".
وباعتماد معايير المقاطعة المخصصة للعالم العربي، فإن اللجنة الوطنية الفلسطينية لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمار منها، في تصريح مقتضب نشرته على صفحتها، "لا تعتبر أن زيارة الفنان حمزة نمرة إلى الضفة الغريبة عبر تصريح دخول تطبيعًا وفق معايير مناهضة التطبيع المقرة من قبل الغالبية الساحقة من المجتمع الفلسطيني منذ العام 2007".
وكما تعلم فإن اللجنة لا تعتبر ما قمت به تطبيعًا على أساس تفرقتها بين الختم على "التصريح" الخاص الذي تصدره سلطات الاحتلال، والختم على جواز السفر كدولة "طبيعية". ولكن، وهنا مربط الفرس، فإن اللجنة الوطنية تعتبر أيضا أن مواقف لجان وحملات المقاطعة في الدول العربية ملزمة لسكان هذه الدول حتى وإن كان سقف التعريف أعلى مما اعتمدته لجنة المقاطعة الوطنية نفسها. وبناء عليه، يجدر بنا أن نأخذ بالحسبان موقف النقابات والأحزاب والقوى الشعبية والفنية وحركة المقاطعة في مصر، والذي هو موقف واضح وضوح الشمس. حيث أنها ومنذ توقيع اتفاقيات كامب ديفيد في أواخر سبعينيات القرن المنصرم، بل منذ زيارة الرئيس المصري الأسبق، محمد أنور السادات، دأبت على التأكيد في أكثر من مناسبة على الموقف الشعبي المصري الرافض لأي شكل من أشكال التطبيع مع إسرائيل بما في ذلك زيارة الأراضي الفلسطينية المحتلة.