عن الخطابات المعادية للسامية ومسؤولية الهيئة الوطنية لمسيرة العودة
تصادف عقد حلقة تدريبية في جامعة الأقصى عن الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني باللغة الإنجليزية وأفضل أشكال التضامن الأممي، مع التصريحات الإشكالية التي تم إطلاقها في أحد مخيمات العودة التابعة لمسيرة العودة الكبرى عن علاقة الفلسطينيين باليهود، كيهود، وكيفية التعامل معهم من ناحية، وأشكال النضال التي يجب اتباعها ضد دولة الاستعمار الاستيطاني والأبارتهايد من خلال ملاحقة اليهود أينما كانوا. ولا شك أن هذه المصادفة شكلت مادة محفزة للنقاش.
الهيئة الوطنية لمسيرات العودة لم تصدر حتى اللحظة أي بيان بخصوص الخطاب المعادي للسامية الذي تم إلقاءه يوم الجمعة الماضية في أحد مخيمات العودة، مع أن المخيم تابع لها وكل الفعاليات تتم تحت إشرافها. وأخطر ما تم الإدلاء به في الخطاب المذكور هو الحديث عن مصنع الأحزمة الناسفة، والذي يعزز الدعاية التي بررت قتل المدنيين الأبرياء الذين يتظاهرون بطريقة لاعنفية منذ بداية المسيرة المجيدة. إن عدم إصدار الهيئة الوطنية بيانًا شديد اللهجة يضع مصداقيتها على المحك كجسم يمثل إرادة شعبية بالتصدي للقمع الإسرائيلي والعمل على تطبيق قرار الأمم المتحدة 194 الذي يدعو لعودة اللاجئين وتعويضهم. بل إن ذلك يعزز الدعاية الإسرائيلية، في إطار الحملات الدعائية التي تشنها وزارة الشؤون الإستراتيجية ووزارتي الخارجية والأمن من أنه لا يوجد متظاهرون مدنيون، وأن المسيرة يتم توجيهها من قبل حركة حماس فقط. ويتناقض أيضًا مع الفكرة الأساسية للمسيرة كونها مبادرة أطلقها المجتمع المدني الفلسطيني بكل قطاعاته وقواه الحية.
البيان الوحيد الذي صدر متأخرًا جدًا وبشكل خجول عن حركة المقاومة الإسلامية "حماس" يفتقر لآليات المحاسبة. وفي حدود علمي فإن الخطوات التي يتم اتخاذها إذا قام عضو قيادي في حزب ما بإطلاق تصريحات تخالف المبادئ الأساسية، بالذات الفكرية، للحزب، يتم تجميد عضويته وتشكيل لجنة تحقيق ونشر ما تتوصل له اللجنة، ثم المحاسبة. وإذا كانت النتيجة بأن ما صرح به القيادي يشكل خطرًا على السلم الاجتماعي يتم فصله. والحقيقة أن ذلك لم يكن متوقعًا من قبل حركة حماس لأسباب تتعلق بطبيعة التنظيم وتوجهه الأيديولوجي وسيطرته الكاملة على قطاع غزة.