فلسطين في الجنائية الدولية: مسار بطيء وعدالة مُسيسة *
بعد أكثر من عام على أخذ فلسطين صراعها مع إسرائيل الى مستوى قانوني جنائي دولي عبر الانضمام إلى عضوية المحكمة الجنائية الدولية، ومنذ ان بدأ مكتبُ المدعي العام بالمحكمة دراستَه الأولية "للوضع في فلسطين"، ورغم أن الرفض الإسرائيلي شبه الكامل للتعاون مع المحكمة قد أعاق الدراسة، يبدو ان إسرائيل ليست العائق الوحيد أمام إحقاق العدالة، بل إن مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لعب دوراً رئيساً في وضع العراقيل أمام المضي قدماً في النظر في الملف المقدم من قبل فلسطين.
منذ ان أودعت السلطة الفلسطينية في العام ٢٠٠٩ إعلان الانضمام لعضوية المحكمة الجنائية لدولية، بموجب المادة ١٢ من نظام روما الأساسي، وعبَّرت فيه عن قبولها لممارسة المحكمة الجنائية الدولية لولايتها القضائية للتحقيق بالجرائم التي ارتكبتها إسرائيل على الأراضي الفلسطينية، تملَّص مكتب المدعي العام من إجراء الدراسة الأولية اللازمة بذريعة عدم تمتع فلسطين بمكانة "دولة." وفي أول تقرير أصدره مكتب المدعي العام سنة ٢٠١١ بشأن أنشطة الدراسات الأولية، أشار الى ان الصفة الممنوحة لفلسطين من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة هي صفة "مراقب" وليس "دولة " والى أنه يحتاج إلى البت في وضع فلسطين كدولة حتى تستطيع فلسطين أن تودع الإعلان. وفي تقرير العام التالي، خلص مكتب المدعي العام إلى أن منظمةً دولية كالأمم المتحدة فقط تستطيع البت فيما إذا كانت فلسطين دولة، وبالتالي رفضَ المضيَّ قدمًا في فتح دراسة أولية والنظر في الوثائق التي تم تقديمها من قبل السلطة الفلسطينية إلى حين البت في مسألة "الدولة." هذا التأخير في قبول عضوية فلسطين في المحكمة الدولية واجه انتقادات شديدة، لا سيما أن اختصاصات مكتب المدعي العام الممنوحة له لا تشمل توجيه أسئلة قانونية حول كينونة الدولة لغرض إيداع الإعلان.