فلسطين 2016: الخرافة والواقع
هل يمكننا أن نتصور فلسطين محررة من نظام الفصل العنصري الإسرائيلي والاحتلال العسكري والهيمنة الاقتصادية وهدم المنازل والاعتقالات التعسفية، ومن التهديد بالمنع من دخولها أو التعرض للمضايقة عند العودة إليها؟ قد يكون بالامكان بطريقة ما تصور ذلك، الا أن التحدي القائم يكمن في كيفية الانتقال من الواقع الراهن إلى تحقيق هذه الرؤية.
فالواقع الراهن يتجسد في اقتصاد مُجبَر هيكلياً على الاعتماد على الاقتصاد الإسرائيلي والمساعدات الدولية والانضواء تحتهما. هذا الاقتصاد نفسه غير قادرٍ على استغلال موارده كالغاز الطبيعي في البحر قبالة قطاع غزة، والطيف الكهرومغناطيسي، والمحاجر. في حين يخضع موظفو المؤسسات المانحة للسوق الفلسطينية القائمة بالأساس على المعونة العاجزة عن بناء نظم رعاية صحية فاعلة أو تحديث النظام التعليمي، كي لا تُضطر المدارس للعمل بنظام الفترتين، أو التخطيط للقطاعات الاقتصادية التنافسية التي بوسعها أن تنافس في الأسواق العالمية. اما المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية، فهي الاخرى غارقةٌ في عالم طلبات مقترحات المشاريع، والأطر المنطقية، والتقارير المرحلية، وتقارير المراجعة، وتقارير الرصد والتقييم. وتلك المنظمات بمعظمها لا يعرف عالمًا آخر، وموظفوها يعملون من أجل تسديد قروضهم العقارية، ناهيك عن قروض سياراتهم، ومدارس أبنائهم، وهواتفهم المحمولة، وأجهزتهم المنزلية.