في القدس: تسارع آلة الهدم والتهويد الإسرائيلية تحت الغطاء الاميركي
وفر الإعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة موحدة لدولة إسرائيل ونقل السفارة الأمريكية الى المدينة المقدسة الغطاء السياسي لكافة السياسات الإقصائية الإسرائيلية لتحقيق أهدافها الاستراتيجية تهويد المدينة. في سبيل ذلك تسعى سلطات الاحتلال الى استهداف الوجود الفلسطيني عبر مصفوفة من البرامج والإجراءات والخطط للاستفراد بالمدينة المقدسة وسكانها. وما يحدث الأن في وادي الحمص في منطقة صور باهر، ما هو إلا ترجمة فعلية وفورية إسرائيلية لهذا الغطاء الأمريكي ودعمه للإجراءات والممارسات الإسرائيلية في المدينة المحتلة.
فرضت إسرائيل جملة من الإجراءات على مدار تاريخ احتلالها للمدينة المقدسة. إجراءات هدفت في المقام الأول إلي تهويد المدينة عبر إحاطتها بالمستوطنات، والطرق الالتفافية، وفي المقام الثاني خلق بيئة طاردة للسكان في استهداف واضح ومباشر للوجود الفلسطيني فيها، عبر ما يعرف بسياسة التوازن الديمغرافي في مدينة القدس.
تقوم سياسة التوازن الديمغرافي التي اتبعتها إسرائيل على قاعدة تصنيف السكان الفلسطينيين، ومنع أي نشاط فلسطيني له علاقة بإعطاء وجه فلسطيني للمدينة وإغلاق المؤسسات الفلسطينية في المدينة على غرار ما حدث لبيت الشرق. وذلك منعاً لأي تماهي سياسي صريح مع الفلسطينيين في الأرض المحتلة. والذي إن ثبت فإنه يحمل معه خطر الطرد الى الضفة الغربية وفقدان الحق في زيارة القدس.
تشدد إسرائيل من قبضتها على المدينة في محاولة لإضعــاف الفلســطينيين سياســياً واحتواء ثقلهم الديموغرافــي بطــرق مختلفــة، وذلك بحسب تقرير الأمم المتحدة (الإسكوا) الذي صدر قبل عام. أشار التقرير الى ان واحــدة مــن طــرق اضعاف الفلسطينيين تقوم على منــحهم وضعية الإقامــة الدائمــة في القدس كأجانــب لديهم امتياز الإقامة، التي هي معرضة للإلغاء او السحب في أي وقت، وليس الحق فيها باعتبارهم سكان البلد الأصليين.
تركت وضعية نصف المواطنة تلك هشاشة على واقع الفلسطينيين المقيميين في القدس، وتشترك مؤسسات الحكم في إسرائيل في إدامة هذه الهشاشة سواء من خلال قوانين وتشريعات إسرائيلية مثل مشروع قانون يجيز لوزير الداخلية إلغاء إقامة من يقرر من أهالي القدس المحتلة، أو من خلال إجراءات حكومية للمصادقة على بناء وحدات استيطانية جديدة. وجاء هدم 13 منزل في حي وادي الحيص في بلدة صور باهر في الحي الذي يمتد الى ما وراء حدود بلدية القدس في الضفة الغربية بعد هدم سبعين وحدة سكنية تحت حجج واهية لقوننة أداة الهدم والتدمير الإسرائيلية التي تديرها حكومة نتنياهو ورعاة الاستيطان من الإدارة الاميركية. يضاف الى ذلك كله إطلاق يد المستوطنين للتغول في المدينة، وتسخير القضاء الإسرائيلي لتشريع ما تقوم به الجماعات الاستيطانية الإسرائيلية من عمليات لوضع يدها بالقوة على عدة منازل في بلدة سلوان جنوبي القدس.
لا تقتصر الهجمة الإسرائيلية في المدينة المقدسة على السكان كأفراد أو مباني بل امتدت لتطال قطاع التعليم في المدينة، وهو ما أشار إليه رئيــس بلديــة القــدس الســابق نــير بــركات بتصريحــات قــال فيهــا "إننــا نســتهدف ثــورة في التعليــم في القــدس نريــد منهــا دمــج العــرب في المجتمــع الإسرائيــلي". ومــن ضمــن مــا تهــدف إليــه الخطــة التعليمية للاحتلال الإسرائيلي هو أسرلــة التعليــم في القــدس من خلال اغلاق المــدارس العربية في القدس والتضيــق عــلى النظــام التعليمــي في المدينــة المقدســة، وفرض المناهــج الإسرائيليــة على المدارس القائمة. وبحسب التقرير السنوي للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان للعام 2018، فإن المحاولات الإسرائيلية للسيطرة على المدينة طالت معــالم مهمــة مــن المنهــاج الفلســطيني لتمريــر مخطــط أسرلــة التعليــم في القــدس وتغيير المنظومــة التعليميــة التي تساهم في صياغــة الهويــة الوطنيــة. هذا بالإضافة الى الحملة التي شنها ضد مــدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، ومطالبة الوكالة بإلغاء مسئوليتها عن مخيم شعفاط وهو المخيم الوحيد للاجئين في القدس. وهذا غير منفصل عما تتعرض له وكالة الغوث عموماً من تضييق وتهديدات بقطع الدعم المالي عنها وحلها نهائياً، والتي تتبناها الإدارة الأمريكية الحالية.