مسؤولية «الأونروا» عن اللاجئين الفلسطينيين لا تُختزل بسداد علاج «كوفيد ــ 19»
سُجّلت أول حالة إصابة بجائحة «كوفيد ـــــ 19» في مخيم ويفل (الجليل) للاجئين الفلسطينيين في بعلبك / لبنان قبل عدّة أيام. نُقلت الحالة إلى مستشفى رفيق الحريري في بيروت، فيما ثبت بعد الفحوصات التي أُجريت على أربعة أفراد من المخالطين للحالة، إصابتهم بـ«كوفيد ـــــ 19»، وتمّ وضعهم تحت الحجر الصحي.
يؤوي مخيم ويفل، ما يقارب من 8,000 لاجئ فلسطيني في مربّعات سكنية صغيرة غير صحية، تفتقر إلى الضوء والتهوئة. تقبع الأغلبية العظمى من أماكن سكن اللاجئين على أطلال ما تبقّى من ثكنة قديمة للجيش الفرنسي. ومع محدودية الوصول إلى فرص عمل، في معظمها تعتمد على العمل المياوم في مجال الزراعة والبناء، خسرت العديد من الأسر مدخولها على أثر الإغلاق التام، لتجنّب تداعيات انتشار جائحة «كوفيد ـــــ 19» في المخيم. تلك الأعمال المياومة، كانت بالكاد تكفي لتأمين بعض احتياجاتهم المعيشية الأساسية لإعالة أسرهم.
أعلن مجلس الوزراء اللبناني في الخامس عشر من شهر آذار / مارس الماضي، حالة التعبئة العامة في مواجهة انتشار جائحة «كوفيد ــــــ 19»، ثمّ مُددت الحالة حتى الخامس من شهر أيار / مايو. واتخذت السلطات اللبنانية عدداً من الإجراءات الوقائية لتحاشي الانتشار السريع للجائحة، ومن ضمنها خطة طوارئ اجتماعية لإغاثة العائلات الفقيرة التي تضرّرت من الإغلاق، إلا أنّها لم تشمل اللاجئين الفلسطينيين بالرغم من تأثّرهم اقتصادياً من حالة الإغلاق. التزم اللاجئون الفلسطينيون في لبنان في المخيمات وخارجها الحجر المنزلي. وكنتيجة للشلل الذي رافق حالة إغلاق مرافق الحياة الأساسية، فَقَد الكثير منهم المصدر الأساسي لتأمين احتياجاتهم المعيشية الأساسية.
لم يكن الوضع المعيشي للاجئين الفلسطينيين بأفضل حال قبل انتشار الجائحة. عانوا على مدى عقود من الزمن، من التهميش والتمييز المؤسّساتي الممنهج الذي أعاق حصولهم على الحقوق الإنسانية الأساسية. تفشّي جائحة «كورونا» ضاعَف من معاناتهم، كما ساهم التدهور الاقتصادي وتراجع قيمة الليرة اللبنانية مقابل الدولار، واستهداف مورد رزق العاملين منهم في شهر آب / أغسطس الماضي، ضمن الخطة التي أطلقها وزير العمل اللبناني السابق لمكافحة العمالة الأجنبية، في الإمعان في إفقارهم وتهميشهم.
من جهتها، كانت وكالة «الأونروا» قد أعلنت عند بداية انتشار الجائحة، خطّة طوارئ شرعت من خلالها إلى إغلاق منشآتها، وتوجّهت بحملات توعية داخل المخيّمات والتجمّعات الفلسطينية. كذلك، تكفّلت بتغطية ٩٠٪ من النفقات الصحية المتعلقة بفحص وعلاج «كوفيد ــــــ 19». وفي حين استطاعت «الأونروا»، أخيراً، توفير خمسة ملايين دولار من الدول المانحة، لدعم اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، في خطة إغاثية وجّهتها لدعم شريحة من الفلسطينيين الأكثر فقراً، فقد تجاهلت في خطتها الإغاثية باقي اللاجئين الفلسطينيين، الذين بدورهم تضرّروا من الجائحة والإغلاق.