مُقاربة تقوم على استبدال مفاهيمي للحقوق الوطنية الفلسطينية، فالحياة الكريمة والاقتصاد المُنتعش والحق في الصحّة والتعليم التي نصّ عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والتي جزء كبير منها واجبات ومسؤولية سلطة الاحتلال تجاه السكان الواقعين تحت الاحتلال، جاءت لتحلّ مكان الحق في تقرير المصير، وعودة اللاجئين، وإنهاء احتلالها، وإقامة الدولة الفلسطينية عاصمتها القدس، وكافة الحقوق السياسية الأخرى.
مُقاربة تقوم على التوجّه للشعب الذي يعاني على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والغذائي والصحّي من تأثير الاحتلال والحصار عبر تجاوز نُخَبه الوطنية وقيادته السياسية، سواء سلطة أو فصائل، من خلال استحضار التاريخ القريب لفكرة روابط القرى، والقيادات المحلية، التي تقبل بكل ما يُطرَح من عطايا الإدارة الأميركية. تحاول الإدارة الأميركية على اللعب بورقة خلق الفجوة ما بين القيادات الفلسطينية والشعب الفلسطيني عبر شعار الفساد والحوكَمة كما جاء في تصريحات كوشنير ورفاقه، وهو ما لا يمكن إنكاره فلسطينياً، ولكن تلك الإدارة ساهمت بنفسها في تفشّيه.
الملفت للنظر أن تلك المُقاربة لم تأت بجديد، بل هي تجميع لمبادرات أميركية وإسرائيلية سابقة طُرِحت في سنوات ماضية، وهي تجمع ما بين رؤية كسينجر وزير الخارجية الأميركي الأسبق الذي كان قد طرح فكرة التوطين للاجئين الفلسطينيين في الدول العربية، وما طرحه مناحيم بيغين رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق بمنح الفلسطينيين حكماً ذاتياً محدوداً في الأراضي الفلسطينية لا يتجاوز في معناه السياسي البُعد الإداري للفلسطينيبن في إدارة شؤون حياتهم. وأيضاً ما جاء في رؤية نتنياهو رئيس الوزراء الحالي في كتابه مكان في الشمس في تسعينات القرن الماضي حول السلام الاقتصادي، ورؤية شمعون بيريز من قبل حول " شرق أوسط جديد".
ما قدّمته ورشة المنامة من رؤية اقتصادية للحل عبر مشاريع البنية التحتية وتحسين قطاعيّ الصحّة والتعليم، أبعدت بشكل مُتعمّد أيّ مشروع اقتصادي له صبغة سيادية للفلسطينيين، كإنشاء مطار أو ميناء. بل أبقت الفلسطيني مرهوناً بغيره في هذا الجانب من خلال الاعتماد على جيرانه العرب. وهذا ما يؤكّد أن المُقاربة الأميركية في بُعدها الاقتصادي، تؤسّس إلى محلية فلسطينية لا ترتقي بأية حال من الأحوال إلى كيانية فلسطينية حقيقية.