المقال - مطبات المصالحة بين فتح وحماس

اقترحت الصين مؤخراً خطةً جديدة من أربع نقاط لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. فهل هذا تحولٌ كبير إلى مسارٍ جديد يتحدى الهيمنة الأمريكية والسلبية الأوروبية؟ أم أن الصين تسعى فقط وراء مصالحها الاقتصادية تحت ستار صنع السلام؟
تعتبر الصين تاريخيًا من الدول المنحازة إلى الجانب الفلسطيني. ولكن منذ عقدي الثمانينات والتسعينات، ولا سيما بعد انتهاء حقبة ماو وتبني الصين سياسة الانفتاح الاقتصادي المسماه بـ “الباب المفتوح” ومحاولتهم لتصوير أنفسهم كدولة “حيادية” و”مسؤولة” منفتحة على جميع الأطراف وبالأخص منذ مشاركتهم في مؤتمر مدريد للسلام عام 1991، باتت السياسة الصينية تجاه إسرائيل وفلسطين أكثر انسجامًا وسياسة المجتمع الدولي والوضع الراهن. ومنذ تولي الرئيس شي جينبينغ السلطة في 2013، أصبحت الصين تلعب دور فاعل في اقتراح خططٍ لإحلال السلام.

يتجلى الدور الصيني المبادِر في زيارات شي والرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي زار الصين في 2013، ثم مؤخراً في تموز/يوليو 2017 حيث التقى بالرئيس الصيني في بكين. وفي 2016، قام شي بجولة في الشرق الأوسط وألقى خطابًا في الجامعة العربية أكد فيه حرص الصين على حل القضية الفلسطينية.

وأثناء زيارة عباس الأخيرة، اقترح شي خطةً من أربع نقاط، على غرار الخطة التي طرحها في 2013. تتبنى خطة 2017حلَّ الدولتين، وتدعو الطرفين إلى مواصلة المفاوضات. وبينما تقر الخطة بالتخوفات الأمنية لدى إسرائيل إزاء قيام دولة فلسطينية، فإنها تدعو إسرائيل إلى وقف أنشطتها الاستيطانية في فلسطين المحتلة. تُردد الخطة أيضًا المضامين الواردة في ورقة سياساتية حكومية منشورة في 2016 وتنص على أن الصين تؤيد إقامة دولة فلسطينية ضمن حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

من العناصر الجديدة في خطة 2017 تركيزها على المجال الاقتصادي، حيث تدعو إلى إحلال “السلام من خلال التنمية الاقتصادية،” وتعرض أن تقوم الصين بتسهيل الحوار الاقتصادي بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. يخدم هذا التركيز هدفَ الصين المتمثل في زيادة مشاريعها وتأمينها في المنطقة، كما يتجلى من مبادرتها الطموحة “الحزام والطريق” التي تهدف إلى ربط الصين بالقارة الأوروبية عن طريق انشاء مشاريع بنى تحتية وتجارية عبر ممرات بحرية وبرية تعبر 68 دولة في آسيا وأفريقيا والشرق الأوسط وبتكلفة تبلغ حوالي 150 مليار دولار.

إن الصينَ، بانخراطها اقتصاديًا في مشاريع مشتركة مع فلسطين وإسرائيل، تقوِّض الجهود الفلسطينية الرامية إلى تغيير الوضع الراهن Share on X

صرَّح السفير الصيني لدى الأمم المتحدة، ليو جيه يى، في تموز/يوليو بأن “الصين تَعتبر فلسطين وإسرائيل شريكيْن مهميْن في مبادرة الحزام والطريق. وهي مستعدة للعمل ضمن مفهوم التنمية من أجل السلام بهدف دفع فلسطين وإسرائيل للانخراط في تعاون ينفع كلا الطرفين.” وعلى سبيل المثال، تأهلت شركة الصين الوطنية لاستيراد التقنية وتصديرها، وهي شركة مملوكة للدولة، للجولة الأخيرة من التنافس على تنفيذ المرحلة الأولى من مشروع “قناة البحرين” الذي تشارك فيه إسرائيل والسلطة الفلسطينية والأردن.

وهكذا فإن مبادرة السلام الصينية الأخيرة تستند إلى مبادئ وآليات المبادرات الدولية السابقة المتعلقة بالصراع، بل وتعززها من خلال اهتمامها باستراتيجيات “السلام الاقتصادي” الذي تتغنى به الولايات المتحدة في الوقت الحالي.إن الصينَ، بانخراطها اقتصاديًا في مشاريع مشتركة مع فلسطين وإسرائيل بينما لا يزال الوضع السياسي على حاله، تقوِّض الجهود الفلسطينية الرامية إلى تغيير الوضع الراهن ومحاسبة إسرائيل على نظامها الاستعماري الاستيطاني القائم منذ عقود وانتهاكاتها المستمرة للقانون الدولي.

توصيات سياساتية:

  • لكي تضطلع الصين بدورٍ قيادي فاعل في حل القضية الفلسطينية، لا بد أن تتجاوز المبادرات الدولية السابقة وأن تتحدى الهيمنة الأمريكية على “عملية السلام،” وأن تُقرَّالآليات التي تتحدى سياسات الوضع الراهن.
  • يجب على الصين أن تسحبَ استثماراتها من الشركات الإسرائيلية المتواطئة في انتهاكات القانون الدولي مثل شركة تصنيع الألبان والحليب تنوفا وشركة أهافا لتصنيع مستحضرات التجميل المستخرجة من البحر الميت.
  • بإمكان الصين والدول الآسيوية الأخرى أن تدعم فلسطين في تحدي الأجندة الإسرائيلية والدولية، ولكي يحصل ذلك على الفلسطينيين توسعة نفوذهم في تلك البلدان بالانخراط معهم في المشاريع الثقافية والأكاديمية والاجتماعية والاقتصادية المشتركة.

وما لم تنفذ الصين وفلسطين هذه التغييرات، لن تضطلع الصين بدور قيادي في الصراع، ولن يطرأ أي تحول حقيقي في أوساط الفاعلين الدوليين.

العضو السياساتي في الشبكة، زيد الشعيبي، يشغل منصب منسق الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل (باكبي-PACBI) في المنطقة العربية وفلسطين. حصل على درجة الماجستير في...
في هذه المقالة

أحدث المنشورات

 السياسة
بعد عام من المعاناة تحت وطأة العنف والدمار المستمرين ، يقف الفلسطينيون عند لحظة مفصلية. تتناول يارا هواري، في هذا التعقيب، الخسائر الهائلة التي تكبدها الشعب الفلسطيني منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023 والفرص المنبثقة عنها للعمل نحو مستقبل خالٍ من القمع الاستعماري الاستيطاني. وترى أنّ الوقت قد حان الآن لكي تتحول الحركة من رد الفعل إلى تحديد أولوياتها الخاصة. وكجزء من هذا التحول، تحدد يارا ثلاث خطوات ضرورية: تجاوز التعويل على القانون الدولي، وتعميق الروابط مع الجنوب العالمي، وتخصيص الموارد لاستكشاف الرؤى الثورية لمستقبل متحرر.
Al-Shabaka Yara Hawari
يارا هواري· 22 أكتوبر 2024
منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، قتلت القوات الإسرائيلية ما يزيد عن 40,000 فلسطيني في غزة، وجرحت 100,000 آخرين، وشرَّدت كامل سكان المنطقة المحتلة تقريبًا. وفي ذات الوقت شرَعَ النظام الإسرائيلي في أكبر اجتياح للضفة الغربية منذ الانتفاضة الثانية مما أدى إلى استشهاد ما يزيد عن 600 فلسطيني واعتقال 10,900 آخرين. كما وسعت إسرائيل نطاق هجومها الإبادي الجماعي في لبنان، مما أسفر عن مقتل ما يزيد على ألف شخص ونزوح أكثر من مليون آخرين. يسلط هذا المحور السياساتي الضوء على مساعي الشبكة في الاستجابة لهذه التطورات على مدار العام الماضي، من وضع أحداث السابع من أكتوبر في سياق أوسع للاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي، إلى استجواب آلة الحرب الإسرائيلية متعددة الأوجه، إلى تقييم العلاقات الإقليمية المتغيرة بسرعة. هذه المجموعة من الأعمال تعكس جهد الشبكة المستمر في تقديم رؤية فورية للوضع الفلسطيني.
لا تنفك شركات الأسلحة البريطانية تتربّح من بيع الأسلحة لإسرائيل من خلال التراخيص الصادرة من الحكومة البريطانية، حيث بلغ إجمالي هذه الصادرات منذ العام 2008 ما يقدر بنحو 740 مليون دولار، وهي ما تزال مستمرة حتى في ظل الإبادة الجماعية الجارية في غزة. يشعر البعض بتفاؤل حذر إزاء احتمال فرض حظر على الأسلحة بعد فوز حزب العمال في انتخابات يوليو/تموز 2024، وبعدَ أن وعدَ بالانسجام مع القانون الدولي. في سبتمبر/أيلول 2024، علقت الحكومة البريطانية 30 ترخيصاً من أصل 350 ترخيصاً لتصدير الأسلحة إلى إسرائيل. ويرى الناشطون وجماعات حقوق الإنسان أن مثل هذا القرار محدود للغاية. وبناء على ذلك، تُفصِّل هذه المذكرة السياساتية الالتزامات القانونية الدولية الواقعة على عاتق بريطانيا وكذلك المناورات الحكومية الممكنة فيما يتصل بمبيعات الأسلحة لإسرائيل.
شهد الحموري· 15 سبتمبر 2024
Skip to content