لمحة عامة
تتعرض إمكانات الديمقراطية الفلسطينية للإضعاف إلى حدٍ كبير على يد إسرائيل واحتلالها العسكري، والفاعلين الفلسطينيين مثل فتح وحماس، وأعضاء رئيسيين في مجتمع المانحين. وهذا الوضع يستديم الاختلال الوظيفي الذي يعتري النظام السياسي الفلسطيني، ويستديم الفاعلين السياسيين غير المنتخبين وغير الممثلين المهيمنين على حياة الشعب الفلسطيني. ومن خير الشواهد على ذلك الفشل الأخير المسيَّس في تنظيم انتخابات المجالس المحلية في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة المحتلة والمحاصرة، ومؤتمر فتح المختتم للتو والذي أكَّد سوداوية الوضع الراهن.
يتناول محللو الشبكة في هذه الحلقة النقاشية مفهومَ الديمقراطية في ظرف الاحتلال، محاولين فهم ما تنطوي عليه وطُرق التعبير عنها. يتفق المحللون جميعًا على أن الديمقراطية مقيدة بشدة في ظل الظروف الحالية. يحتج معين رباني بأن الانتخابات الفلسطينية ظلت تساهم منذ أوسلو في تفتيت الشعب الفلسطيني ونظامه السياسي، وترسخ الوضع الراهن الذي تحتفظ إسرائيل من خلاله بسلطة لامحدودة. ويتحرى باسم الزبيدي هذا التشرذم الوبيل من منظور انتخابات أعوام 1996 و2005 و2006. ويتناول طارق دعنا مشكلة الانقسامات داخل الحركة الوطنية الفلسطينية، وتُبرز أمل أحمد القيود المفروضة على الديمقراطية بسبب الهيكل الاقتصادي للاحتلال. أدار هذه الحلقة النقاشية مدير برامج الشبكة علاء الترتير.
مواضيع مرتبطة
معين رباني
لا ينبغي أن يكون السؤال عمّا إذا كانت الديمقراطية ممكنة في ظل الاحتلال، وإنما عن معناها وجدواها في هذا الظرف. فالتاريخ الاستعماري حافلٌ بأمثلة للانتخابات المحلية والجهوية والوطنية، ولكنها كانت تنزِعُ إلى إضفاء الشرعية على الحكم الأجنبي وترسيخه بدلا من تحديه. لذا فإن القضية الرئيسية تخص السياق الذي تجري فيه الانتخابات، وأهدافها، وكيف تؤثر في العلاقة بين المستعمِر والمستعمَر.
في حالة فلسطين، أجريت انتخابات تحدَّت الاحتلال، وانتخابات رسَّخت الوضع الراهن. ومن أمثلة الانتخابات التي تحدت الاحتلال الانتخابات البلدية في الضفة الغربية عام 1976 التي استغلتها منظمة التحرير الفلسطينية ببراعة لتأكيد مكانتها باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، رغم أن إسرائيل دعت إليها في بادئ الأمر لتعزيز القوات الموالية للهاشميين وإضعاف منظمة التحرير الفلسطينية الصاعدة (على افتراض أن فصائل منظمة التحرير الفلسطينية المختلفة كانت ستقاطع الانتخابات مجددًا). أتاحت نتائج الانتخابات أيضًا تشكيل مؤسسات جديدة لتنظيم الفلسطينيين وتعبئتهم في الأرض الفلسطينية المحتلة لمواجهة التحدي المتمثل في اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل ومخطط الحكم الذاتي الذي كان عنصرًا أساسيًا فيها.
وفي المقابل، نزعت الانتخابات التي أعقبت اتفاقات أوسلو إلى المساهمة في تفتيت الشعب الفلسطيني والنظام السياسي الفلسطيني، ولربما الأهم من ذلك، في ترسيخ الوضع الراهن الذي تحتفظ فيه إسرائيل بسلطة لامحدودة على الأرض الفلسطينية المحتلة.
ويجدر بنا أن نتذكر أن الديمقراطية الانتخابية لا تكاد تكون محورية أو حتى جزءًا في الكفاح من أجل التحرر الوطني – بالنظر، على سبيل المثال، إلى الجزائر وأنغولا وفيتنام. ولطالما اتسم الكفاح الفلسطيني في هذا السياق بالتعددية اللافتة، إذ يضم فصائلَ متعايشة بل ومتعاونة في الغالب مثل فتح والجبهة الشعبية والحزب الشيوعي الفلسطيني والجهاد الإسلامي وحماس. فالتاريخ الفلسطيني، ولا سيما الفترة بين عامي 1968 و1993، يبرهن بوضوح على وجود قدرة مؤسسية على تمثيل الشعب الفلسطيني الممتد من ولاية بنسلفانيا إلى فلسطين إلى بابوا غينيا الجديدة من خلال حركة وطنية لا منازع لها. إن المبادئ الأساسية في هذا الصدد تتمثل في توافق الآراء وتقاسم السلطة، وليس الانتخابات التي ينظمها جزءٌ من الشعب الفلسطيني لنفسه، ومع ذلك يدعي أهميتها الوطنية.
ولنا في شخص الراحل ياسر عرفات عبرة، حيث لم تكن شرعيته يومًا أعلى ممّا كانت عليه حين قاد الشعب الفلسطيني على أساس توافق الآراء حول قيادته والبرنامج الوطني. ومن المفارقة أن التشكيك في شرعيته وقيادته لم يبلغ قط مقدار ما بلغ بعد انتخابه لرئاسة السلطة الفلسطينية في انتخابات حرة ونزيهة.
إن مساءلة القادة السياسيين من خلال الانتخابات في سياق الكفاح من أجل التحرر الوطني غير مضمونة، ما لم يكن الحديث عن انتخابات قروية أو محلية أو حزبية مثلًا. فأفضل الضمانات في هذا الصدد هي المؤسسات الممثلة والشاملة للكافة والتي تؤدي وظائفها كما ينبغي، وليس المؤسسات التي تفصل في المسائل من خلال صناديق الاقتراع. من الغايات الأساسية للانتخابات في النظم الديمقراطية المتقدمة اختيارُ الرابحين والخاسرين. فالناجحون في الانتخابات لا يدعون الخاسرين إلى المشاركة في الحكم أو في أي شيء آخر إلا إذا عجزوا عن بلوغ نصاب الأغلبية، ويتفق معظم الناس على أن الأمور ينبغي أن تكون هكذا. ولكن هل هذا حقًا نموذج يناسب الفلسطينيين وهم يواجهون تحديات وجودية متعددة؟
إن التحدي الحقيقي الماثل أمامنا اليوم لا يكمن في إجراء انتخابات أخرى بل في إعادة بناء الحركة الوطنية الممثلة والشاملة للكافة التي تمثل الفلسطينيين أينما كانوا على أساس استراتيجية وبرنامج سياسي مصمم تحديدًا للتحرر الوطني.
باسم الزبيدي
الانتخابات بالمعنى الديمقراطي هي فرصة للأحزاب السياسية كي تتنافس وتخدم المصلحة العامة، وهي فرصة للتنافس وليس التناحر والإقصاء، حيث يعترف كل طرف بالأطراف الأخرى وبشرعيتها وحقها في أن تكون جزءا من اللعبة السياسية للوصول للحكم. وفي حين أن تلك الأطراف قد تختلف على السبل والاستراتيجيات الموصلة للأهداف، وغالبًا على الأهداف نفسها، فإنها لا تختلف على النظام وإجراءاته المتبعة في توزيع السلطة.
هذه القاعدة لا تنطبق على الانتخابات في الحالة الفلسطينية لعدة أسباب أهمها أولا: سعة مساحة المسألة الوطنية وتنوع العناصر المكوّنة لها والتي يصعب ضبطها وإدارتها عبر الانتخابات، ثانيا: الطبيعة الانتقالية للحالة الفلسطينية، ومنها غموض القواعد والأحكام الناظمة للشأن العام بسبب سياسات الاحتلال الإسرائيلي، والموروث النضالي السابق للفلسطينيين، ومتطلبات إدارة السلطة الفلسطينية الحالية، ثالثا: فقدان الفلسطينيين للسيادة الفعلية يتعارض جديّا مع حقهم في رفض ما لا يريدون، وهو ما يفترض أن تحققه الانتخابات، رابعا: عدم وضوح الحدود الفاصلة بين عناصر ومركبات الحياة السياسية الفلسطينية كالمنظمة والسلطة، والحكم والمعارضة، والحزب الحاكم وحكومته (فتح في الضفة الغربية وحماس في غزة)، الأمر الذي يترتب عليه صعوبة تحديد ما تمثله تلك الأطراف وبالتالي شرعيتها، خامسا: طغيان الإرث السلطوي الذي ما زال يلون بنية القيادة السياسية للفلسطينيين منذ الرئيس الراحل عرفات.
ساهمت جميع هذه العوامل في جعل الانتخابات صيغة غير فعالة في إدارة الشأن العام الفلسطيني. وقد اتضح ذلك فيما سبق من انتخابات تشريعية (1996 و2006) وانتخابات رئاسية (2005)، حيث ترتب عليها جميعها مزيد من الانقسام والتشظي، لعدم انبثاقها من الصالح الوطني العام رغم الادعاء الرسمي بعكس ذلك.
لم تأتِ انتخابات عام 1996 كإجراء ديمقراطي يجسد الإرادة العامة للفلسطينيين وإنما جاءت كصيغة لتسويق مشروع حركة فتح (اتفاق أوسلو)، ولصناعة “شريك” فلسطيني على مقاس ذلك الاتفاق، ولمنحه “الشرعية” الداخلية والخارجية لتمكينه من إنهاء الصراع مع إسرائيل، الأمر الذي قاد إلى شرخ عميق بين الفلسطينيين، قسّمهم إلى أخيار يديرون عملية “السلام” (فتح وسلطتها) وأشرار يضعون العصي بالدواليب (حماس والآخرون)، وترتب عليه الإضرار بالمسألة الوطنية التي يدّعي الطرفان خدمتها.
ساهمت انتخابات 2006 في تعميق الخلاف والتنافر بين فتح وحماس، وأفضت إلى حصار خارجي وداخلي للأرض المحتلة، قامت حماس على إثره بتشكيل “قوة تنفيذية” سيطرت على قطاع غزة بالقوة منذ صيف 2007.
الانتخابات الرئاسية لعام 2005 أيضًا جاءت لتمكين حركة فتح من استدامة نظام أوسلو رغم فشله الذريع، وليس لإيجاد بديل آخر يخدم الخير العام للفلسطينيين. أسّست تلك الانتخابات لرئاسة شبه مطلقة، تدير “البلاد” عبر مراسيم وعبر سياسات حكومية مُنحازة، تنقصها الرصانة وبعد النظر ومراعاة المصلحة الوطنية العليا. وقد أمست الرئاسة مؤسسة قوية مغلقة، لديها موارد مادية ورمزية وفيرة، ونفوذ يتجاوز نفوذ جميع المؤسسات الأخرى على الرغم من انتهاء شرعية رأس تلك المؤسسة منذ سنوات.
باتت توجهات مؤسسة الرئاسة خاضعة لقرار بطانة من أصحاب المصالح والرغبات الضيقة، الذين أقاموا ساترًا فولاذيًا بين الرئاسة والناس الذين أنهكهم الاحتلال والانقسام والضرائب وجموح أجهزة الأمن. ومما يساعد على تمادي تلك المؤسسة نحو الفردية والسلطوية والزبائنية عدمُ فاعلية الفعل التشريعي والانقسام السياسي بين الضفة الغربية وقطاع غزة وغياب الرأي العام وإلهاء الناس بأكذوبة المفاوضات وبالقروض والوعود السنغافورية التي لم ولن تحقق للناس التحرر.
طارق دعنا
اتسمت الحركة الوطنية الفلسطينية ومؤسساتها بسياستها الإقصائية بعد ظهور منظمة التحرير الفلسطينية. وبالرغم من أن بعض الساحات السياسية الفرعية، كالحركات الطلابية والمنظمات الشعبية السابقة لأوسلو، تمتعت ببعض السمات الديمقراطية، إلا أن هذه السمات لم تصبح ميزة أساسية من مميزات التركيبة المؤسسية الفلسطينية. أمّا البديل الإسلامي الذي تطرحه حماس فهو غير ديمقراطي، ويشكك حتى في معنى الديمقراطية. وهكذا فإن ما نشهده اليوم من حكم استبدادي متنامٍ وقمعٍ مفرط وغياب شبه تام للتمثيل هو نتيجة حتمية لمسار الحركة الوطنية التاريخي.
بثت عملية أوسلو الشقاق والخلاف على مستويات مختلفة في الجسم السياسي الفلسطيني والمجتمع الفلسطيني بعمومه. الديمقراطية هي بلا شك النهج الأفضل لحل الاختلافات السياسية والاجتماعية بطرق سلمية. غير أن القادة الفلسطينيين لطالما افتقروا إلى الرؤية والإرادة السياسية لخدمة القضية الفلسطينية والمصالح العامة في مجملها. بل إنهم تخلوا عن قواعدهم السياسية والاجتماعية، وتبنوا جدول أعمال يخدم مصالحهم الذاتية ويرسخ سلطتهم وامتيازاتهم. وكانت النتيجة نظامًا سياسيًا معطَّلًا يفتقر إلى التمثيل الشعبي ويتعرض لضغوط خارجية ثقيلة، حتى باتت إسرائيل والولايات المتحدة والقوى الإقليمية والجهات المانحة الدولية الممكِّنَ الرئيس لبقاء النخبة السياسية في السلطة الفلسطينية ومُقررَ مصيرِ المؤسسات الفلسطينية.
إن اعتبار الانتخابات مرادفة للديمقراطية هو من المسلَّمات المضللة. فالانتخابات عملية فنية لتيسير التمثيل وتداول السلطة. ولكي تكون العملية الانتخابية مجدية ومثمرة، لا بد من إجرائها في بيئة صحية حيث تكون معايير الديمقراطية الأساسية مدمجة في بنية المؤسسات الوطنية، ونظام الأحزاب السياسية، والمجتمع المدني، ونظام التعليم، والإطار الثقافي العام. وينبغي أيضًا أن تكون القوى السياسية والأجندات المتنافسة خاضعةً لقواعد تتفق عليها الأطراف وتلتزم بها، ومن دونها تنتهي الانتخابات إلى كارثة.
لقد دفعَ الجسم السياسي الفلسطيني والمجتمع الفلسطيني ككل ثمنًا باهظًا بسبب غياب هذه العناصر. فالنتائج التي أفرزتها الانتخابات التشريعية لعام 2006، والتي حققت فيها حماس فوزًا ساحقًا ثم مُنعت من الحُكم، كانت – ولا تزال – مصدرًا رئيسيًا لتأجيج الانقسامات السياسية والمؤسسية والاقتصادية والاجتماعية بين الضفة الغربية وقطاع غزة. ولا يزال الانقسام الفلسطيني الداخلي بعد عقدٍ من الزمن يمهدُ الطريقَ أكثر لإسرائيل لتتلاعب بالسياسة الفلسطينية تحقيقًا لمصالحها الخاصة، ويساهمُ في تفتيت المجتمع الفلسطيني. ونظرًا لعدم وجود حركة وطنية هادفة وموحدة في الوقت الحاضر، برزت ولاءات فصائلية عديمة الرؤية وولاءات دون وطنية تقليدية، كالولاءات القبلية، وصارت تهدد ما تبقى من النسيج السياسي والاجتماعي الفلسطيني.
إن من المستبعد كثيرًا أن تكون الانتخابات في هذا السياق مجدية. الأمل الوحيد يكمن في قدرة الفلسطينيين واستعدادهم لإعادة بناء حركة تحرر وطني تخدم المصالح الوطنية والجماعية. ولكي تكون هذه المصالح محمية ومحصنة من التلاعب الإسرائيلي والتدخل الخارجي، لا بد من إدراج مبادئ الديمقراطية والتمثيل والاحترام المتبادل في مشروع الحركة. وحينها فقط يمكننا الحديث عن الانتخابات.
أمل أحمد
يُحدِّد هوية الفائزين في الانتخابات الديمقراطية في فلسطين المسيطرون على العملية السياسية الذين تعتمد عليهم الأغلبية في رعايتها. لذا من السذاجة أن نتصور أن طرفًا آخر غير فتح وحماس سيخرج منتصرًا. وهذه الديمقراطية غير مجدية إذا كانت ببساطة تشرعن الخصومة وتشحنها بين مجموعتين غير منتجتين وتفتقران إلى استراتيجية طويلة الأجل لمقاومة نظام الفصل العنصري الإسرائيلي.
الأهم من ذلك أن الديمقراطية أيضًا غير ممكنة في ظل الاحتلال، لأن الديمقراطية لا تؤدي وظيفتها إلا إذا تم الالتزام بنتائج الانتخابات قانونيًا ومؤسسيًا. غير أن إسرائيل تملك السلطة العليا على الإلزام والإنفاذ في فلسطين، ولا تسمح بتطبيق الديمقراطية ما لم تكن تطلعات الشعب الفلسطيني الديمقراطية توافق المصالح الاستراتيجية الإسرائيلية أو تخدمها. وخير مثال على ذلك انتخاب حماس في العام 2006.
حتى لو كانت الانتخابات الديمقراطية ممكنة ومجدية في السياق الفلسطيني، فإنها لن تنجح في مساءلة القادة السياسيين والأحزاب السياسية. إن من السهل أن نفترض أن الفساد ناجمٌ عن غياب الديمقراطية، لأن بوسع الناخبين أن يترجموا رغباتهم في المساءلة والشفافية إلى سياسات من خلال الانتخابات، ولكن هذا يتجاهل الظروف الاقتصادية التي تقيد هذه السياسة. تدير جميع النظم السياسية، الديمقراطية وغير الديمقراطية، الصراعَ على الموارد وتوزع الاستحقاقات على المجموعات المتنفذة التي تلعب دورًا أساسيًا في إحلال الاستقرار السياسي؛ والسؤال هنا عمَّا إذا كان التوزيع يتم بشفافية أم من خلال علاقات التنفيع والمحسوبية. في فلسطين، شبكات الفساد والمحسوبية متأصلة في الاقتصاد الفلسطيني المتخلف بشدة. وبسبب هذا التخلف والفساد، تفتقر فلسطين إلى الحيز المالي الذي يمكِّن الحكومة من توزيع الاستحقاقات بشفافية. فمن دون ميزانية معتبرة وذات سيادة تتيح توزيع الاستحقاقات علانيةً، ستظل شبكات التنفيع والمحسوبية هي الأسلوب الرئيس المتبع في التوزيع، وسيستمر الفساد.
لأن نتائج الانتخابات في فلسطين ليست مجدية على وجه الخصوص ولا مدعومة مؤسسيًا، ولأن العملية الانتخابية لا تستطيع تغيرَ الظروف الاقتصادية، فإن من غير المرجح أن تؤسس الانتخابات لنظام تمثيلي. بل إن الطريقة الفضلى لضمان تمثيل الشعب الفلسطيني تكمن في اتباع استراتيجية تحظى بتوافق معظم الفلسطينيين ولا تحتاج إلى مصادقة من نظام ديمقراطي رسمي. ومن أمثلتها استراتيجية المقاومة الشعبية واستراتيجية حركة المقاطعة العالمية، وهاتان استراتيجيتان مبنيتان على الحقوق المدنية والإنسانية للفلسطينيين في الأرض الفلسطينية المحتلة، وفي إسرائيل، وفي الشتات. تنطلق هذه المبادرات من مَواطن القوة وتنال من نظام الفصل العنصري الإسرائيلي. وهذا لا ينطبق على الانتخابات التي حين تأتي بنتائج كارثية تُبرزُ ببساطة ضعفَ النهج الانتخابي في سياق الاحتلال والتخلف الإنمائي.