Collapse of the PA: Governance & Security

إنّ من المستبعد أن يتمخض إحياءُ منظمة التحرير الفلسطينية عن تغييرٍ في القيادة. فقد ثبتَ أن تنظيم انتخابات حقيقية لاختيار أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني، الهيئة التشريعية في منظمة التحرير الفلسطينية، هو أمرٌ بعيد المنال بسبب المعوقات السياسية وليس العملية.
فعلى سبيل المثال، يتزعَّمُ رئيس السلطة الفلسطينية كلًا من السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية منذ إنشاء السلطة في 1994، حتى لم يعد بالإمكان التفريق بين المؤسستين. وعلى الرغم من الإشارة إليهما أحيانًا كمرادفين، إلا أنهما منظمتان مختلفتان بالأساس ولهما صلاحيات منفصلة، إذ تملك السلطة الفلسطينية صلاحيات إدارة شؤون الفلسطينيين المحلية في الضفة الغربية وغزة، بينما تضطلع منظمة التحرير باتخاذ القرارات الأشمل المتعلقة بالفلسطينيين في جميع أنحاء العالم، مما يضعها في منزلة أعلى من السلطة الفلسطينية. ومع ذلك، تزايد التركيزُ على السلطة الفلسطينية منذ نشأتها في التسعينات كمصدرٍ للتوجيه السياسي والقيادة. وعلاوة على ذلك، فإن تنظيم انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني بمشاركة الفلسطينيين المنتشرين حول العالم أمرٌ غير عملي، إنْ لم يكن مستحيلًا. وينطبق هذا تحديدًا على دول المنطقة التي تزخر بالحساسيات السياسية والديموغرافية الداخلية.

وبسبب عدم تغير القيادة، سوف تظل قوات أمن السلطة الفلسطينية حزبية، لأن القيادة الحالية تستند إلى شبكة معقدة يدعمها قطاع الأمن. ولن يسمح النظام الإسرائيلي ولا المجتمع الدولي بإحياء جيش التحرير الفلسطيني، الجناح المسلح لمنظمة التحرير الفلسطينية، لأنه يتناقض والأساس المنطقي الذي قام عليه بناء أوسلو منذ ثلاثة عقود، ألا وهو إنشاء سلطة فلسطينية حاكمة منزوعة السلاح. فضلًا على أن وجود هيئة فلسطينية حاكمة، حتى وإنْ كان دورها هامشيًا، سوف يستلزم استمرار التنسيق مع إسرائيل كما هو منصوص عليه في الاتفاقات السابقة. وستبقى قوات أمن السلطة الفلسطينية أو ما ينبثق عنها في صميم تلك الاتفاقات بما يضمنأمن إسرائيل أولًا.”

أمّا إذا أُعيد إحياء منظمة التحرير، فإن الاختلافات الرئيسية في الممارسة القضائية ستكون على الأرجح سطحية، ولن تطال الولاية القضائية نفسها. أي أنه إذا حدث تغييرٌ سياسي ومؤسسي أشمل، فإن قطاع العدالة سيضطر للخضوع إلى مراجعة من حيث هيكله التنظيمي وتسلسله الهرمي الداخلي، وسينجم عنها إصلاح شامل لمكوناته وولايته القضائية ومدوناته القانونية. ومن المستبعد أن يحدث ذلك لأن العديد من تلك الهياكل ظلت قائمة منذ عقد السبعينات، حتى بعد إنشاء السلطة الفلسطينية. بل إن المحاكم العسكرية التابعة للسلطة الفلسطينية، والتي تَنظر في غالبية القضايا الجنائية، ما زالت تطبق القوانين الثورية التي وضعتها منظمة التحرير الفلسطينية في السبعينات.

تهاني مصطفى، محللة مجموعة الأزمات الدولية في فلسطين، حيث تعمل على قضايا الحوكمة الأمنية والقانونية والسياسية والاجتماعية. تحمل درجة الدكتوراه في السياسة والدراسات الدولية من...
(2022, نوفمبر 21)
إنّ من المستبعد أن يتمخض إحياءُ منظمة التحرير الفلسطينية عن تغييرٍ في القيادة. وبالتالي سوف تظل قوات أمن السلطة الفلسطينية حزبية، لأن القيادة الحالية تستند إلى شبكة معقدة يدعمها قطاع الأمن.
في هذه المقالة

أحدث المنشورات

 اللاجئين
أعاد المسؤولون اللبنانيون طرح مسألة نزع سلاح الفصائل الفلسطينية داخل المخيمات، باعتبارها جزءًا من الجهود المبذولة للحدِّ من "الأسلحة غير الشرعية" وتعزيز سيادة الدولة. غير أن هذا الطرح يُنظر إليه، من قِبَل كثير من الفلسطينيين والمراقبين الإقليميين، باعتباره تمهيدًا لمرحلة جديدة من الضغوط السياسية والأمنية على اللاجئين ضمن رؤية أوسع لإعادة تشكيل البنية الأمنية الإقليمية. كما أنه يثير ذكريات جماعية مؤلمة عن حملات نزع السلاح السابقة التي تركت المخيمات عرضة للمجازر والدمار.
 الاقتصاد
تقدّم شركات التكنولوجيا الأمريكية الكبرى نفسها على أنها صانعةُ عالمٍ أفضل، مدفوعٍ بالذكاء الاصطناعي، والحوسبة السحابية، والحلول المبتكرة المدعومة بالبيانات. وتحت شعاراتٍ، مثل: "الذكاء الاصطناعي من أجل الخير" (AI for Good)، تَعِدُ بابتكارٍ أخلاقي مسؤولٍ يخدم الإنسانية. إلا أنّ هذه السرديات قد انهارت في غزة، إلى جانب المعايير الدولية وما تبقّى مما يُعرف بالنظام الدولي المحكوم بالقواعد. لقد سلّطت الحرب الإبادية التي شنّتها إسرائيل على غزة الضوء على الدور الذي تلعبه شركات التكنولوجيا الكبرى في تمكين العمليات العسكرية ودعم الاحتلال. فخلف هذا الدمار تكمن البُنى التحتية الرقمية، من خوادمٍ وشبكاتٍ عصبيةٍ اصطناعيةٍ والبرمجيات التي طوّرتها بعض من أكثر الشركات التقنية ريادةً عالميًّا. ومع تسليح إسرائيل الذكاءَ الاصطناعي وتكنولوجيا تحليل البيانات لقتل الفلسطينيين وتدمير منازلهم، يشهد العالم عسكرة للتقنيات والبنى التحتية الرقمية بشكل يعيد تعريف المساءلة القانونية ويكشف عن فراغٍ خطِر في الحوكمة العالمية. يستعرض هذا الموجز السياساتي كيف امتدّ تواطؤ الشركات ليشمل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية، ويدعو إلى تنظيمٍ عاجلٍ لعسكرة الذكاء الاصطناعي.
Al-Shabaka Marwa Fatafta
مروة فطافطة· 26 أكتوبر 2025
على مدى عامين، ألحقت إسرائيل دمارًا هائلًا بغزة، متسببة في أعدادٍ هائلة من الشهداء بسبب القصف المتواصل وسياسة التجويع الممنهجة. ولا تزال الجهود الدولية للاعتراف بجرائم الحرب الإسرائيلية ووقف عملية القضاء على الشعب الفلسطيني متأخرة وقاصرة. في 16 أيلول/سبتمبر 2025، خلصت لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة إلى ما كان الفلسطينيون قد أكدوه منذ البداية: أن إسرائيل ترتكب جريمة الإبادة الجماعية. وفي 29 سبتمبر/أيلول، كشف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن مقترحٍ يعد بوقف إطلاق النار، لكنه يخضع الفلسطينيين في غزة لحكم خارجي، وينكر عليهم حقهم في تقرير المصير، ويُرسّخ السيطرة الإسرائيلية على الأرض. ورغم أن الخطة تُقدَّم كأنها مبادرة سلام، فإنها في الواقع محاولة من الولايات المتحدة لحماية النظام الإسرائيلي من المساءلة، في تجسيد واضح لتواطؤ الغرب في استعمار فلسطين وإبادة شعبها. وفي هذا السياق، تُعدّ موافقة حركة حماس على إطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين إشارة إلى التزامها بإنهاء العنف الدائر، وفي الوقت نفسه نقلًا للمسؤولية إلى النظام الإسرائيلي وإدارة ترامب لتوضيح وتعزيز التزاماتهم بعملية وقف إطلاق النار. يجمع هذا الموجز السياساتي تحليلات الشبكة خلال العام الماضي، مسلطًا الضوء على السياق البنيوي لفهم جريمة الإبادة الجماعية وآثارها الإقليمية. كما يرصد ويحلل الحملة الإبادية التوسعية التي ينفذها النظام الإسرائيلي في غزة والضفة الغربية والمنطقة الأوسع، كاشفًا تواطؤ الغرب ليس فقط في تمكين النظام الإسرائيلي من ارتكاب جرائمه، بل أيضًا في حمايته من المساءلة. وفي الوقت نفسه، يُبرز هذا الموجز المبادرات التي تتصدى لحصانة إسرائيل، وتدفع باتجاه تحقيق العدالة والتحرر.