قد تبدو المصالحة المعلنة بين فتح وحماس في 12 تشرين الأول/أكتوبر كأنها اختراق، ولكن ثمة أسئلة كثيرة لا تزال قائمة. إنّ أي تقدم على صعيد جَسر الهوة بين الجانبين هو تطورٌ يرحب به أهل غزة الذين ما انفكوا يعانون حصارًا إسرائيليًا وحشيًا منذ 2007 ومن السلطة الفلسطينية التي أقرَّت مؤخرًا تخفيضات جائرة على رواتبهم وكمية الكهرباء المحولة إليهم، غير أن التقارب بين حماس وفتح – إنْ حدَث وهو ناقص – ستكون له آثارٌ بعيدة المدى أكثر تدميرًا ممّا يكابده الفلسطينيون في الوقت الحاضر.1
سوف ينشأ، على سبيل المثال، خطرٌ كبير من إقامة نظامٍ سياسي مزدوج في قطاع غزة، أو بعبارة أخرى تقاسم مؤسسات القطاع العام على أساس حزبي. فبموجب هذا النظام، سوف تتقاسم شخصيات من حماس وفتح ظاهريًا السيطرةَ على الوزارات والدوائر الحكومية، ولكنها في واقع الأمر سترأس أقسامًا منفصلة داخل مؤسسات السلطة الفلسطينية. ويمكن أن يقود هذا الوضع إلى أن تُشعِل الخلافات العميقةُ بين الطرفين توترًا وعنفًا أسوأ ممّا حدث في 2007.
إن وضعًا كهذا سيعود بالنفع على إسرائيل التي تتخذ من الانقسام بين فتح وحماس ذريعةً لتزعم بأن الفلسطينيين غير مؤهلين لإدارة دولة. وهذا سيسمح لإسرائيل بأن تواصل مشروع بناء المستوطنات والفصل العنصري بأريحية أكثر. وحتى إنْ عملت فتح وحماس معًا بسلام في غزة، فإن الخطوات الحالية المتخذة نحو المصالحة يمكن أن تُفضي إلى “دولة” فلسطينية إشكالية حيث سيكون مقر الحكومة المركزية في غزة مع وجود كانتونات مقطَّعة الأوصال في الضفة الغربية. وهذا الحل قد يروق لإسرائيل والولايات المتحدة التي ترتأي حلَّ القضية الفلسطينية في إطار تسوية إقليمية بين الدول العربية وإسرائيل، ولكنه سوف يحطم آمال الفلسطينيين في إقامة دولة على أساس حدود عام 1967 أو دولة واحدة تضمن حقوقًا متساوية للجميع.
وتجنبًا لهذه المزالق ولكي تعمل حركتا فتح وحماس معًا بصدق نحو تقرير المصير وإحراز حقوق الشعب الفلسطيني، ينبغي اتخاذ الخطوات التالية:
- على قادة فتح وحماس أن يركزوا على الوحدة والوفاق الوطني فيما يتعلق بالأهداف الوطنية الفلسطينية. إن توحدهم في فهم المرحلة الحالية في النضال الفلسطيني ومتطلبات تعزيزه سوف يمكِّن الفلسطينيين من التوحد في مواجهة إسرائيل واستراتيجية الإمعان في تجزئة الضفة الغربية.
- نقطة الخلاف بين الطرفين هي قضية السلاح والجناح العسكري لحركة حماس. امتلك الفلسطينيون قبل 1982 مجلسًا عسكريًا أعلى، برئاسة ياسر عرفات، وكانت منظمة التحرير الفلسطينية توجه قرارات المجلس. وقد نص اتفاق المصالحة الفاشل لعام 2011 بين فتح وحماس على تشكيل مجلس عسكري يتخذ شكلَ لجنةٍ أمنية عُليا، وينبغي إحياء ذلك. فحين تقود المجلس قيادةٌ سياسية موحدة ذات برنامج سياسي موحد، فإن السلاح لن يكون في يد الفصائل المنفصلة لترفعه في وجه بعضها، بل سيكون للدفاع عن الشعب الفلسطيني كافة كوسيلة لردع العدوان الإسرائيلي.
- يجب أن تقتدي حماس بحركة النهضة في تونس وأن توافق على التنازل عن السلطة، بشرط أن تحصل على مقعد على الطاولة السياسية. وهذا يستوجب أن تسمح السلطةُ الفلسطينيةُ بمشاركةِ حماس في منظمة التحرير الفلسطينية، وفي لجنتها التنفيذية، والمجلس الوطني الفلسطيني، والمجلس التشريعي الفلسطيني الذي سيستأنف انعقاده. وينبغي لحماس أن تمارسَ حقها في المشاركة في الانتخابات حتى لو تعهدت بعدم تشكيل حكومة جديدة في حال فوزها.
- تتوفر كافة إصدارات الشبكة باللغتين العربية والانجليزية (اضغط/ي هنا لمطالعة النص بالإنجليزية). لقراءة هذا النص باللغة الفرنسية، اضغط/ي هنا. تسعد الشبكة لتوفر هذه الترجمات وتشكر مدافعي حقوق الإنسان على هذا الجهد الدؤوب، وتؤكد على عدم مسؤوليتها عن أي اختلافات في المعنى في النص المترجم عن النص الأصلي.