Continuation of the Status Quo: Political Overview

شغور منصب الرئيس أو تشكيل مجلس تشريعي جديد، لن يكون له تأثير كبير على الواقع الحالي، وذلك لكون المشروع الاستعماري الاستيطاني أوسع من الضفة الغربية وغزة، فيما هذه البنى المؤسساتية صلاحيتها مرتبطة بأجزاء من الضفة وغزة فقط، ولكون السلطة الفلسطينية محكومة الآن بمراكز نفوذ عميقة لا تتأثر بتغير رأس الهرم. على أيّة حال، فإن شغور منصب الرئيس أمر متوقّع في المدى المنظور على الأقل لأسباب صحّية يعاني منها الرئيس الحالي محمود عباس.
في حال شغور منصب الرئيس قبل إجراء انتخابات تشريعية فلسطينية، فهذا سيزيد من حالة الاحتقان الداخلي في السلطة وسيكرّس الانقسام، إذ أن معضلة دستورية ستتشكل في حينها، حيث يشير القانون الأساسي إلى أنّ رئيس المجلس التشريعي هو الذي يتولّى مهام رئيس السلطة في حالة شغور المنصب إلى حين عقد الانتخابات، وبما أنّه لا يوجد مجلس تشريعي حالي، فسيكون هناك أربعة احتمالات.

أولاً: صراعات داخلية بين مراكز القوى في حركة فتح لاحتكار السلطة، وهذا أمر كان متوقعاً قبيل رحيل ياسر عرفات، إلّا أنه لم يحدث في حينها. بيد أنّ المرحلة الحالية مختلفة، فالخلافات تحولت إلى انشقاقات في صفوف فتح، وهناك تيار رئيسي يقوده أبو مازن لكنه يضم أجنحة متصارعة ستظهر علناً بعد رحيل أبو مازن عن المشهد، بالإضافة إلى تيار محمد دحلان وتيار مروان البرغوثي وناصر القدوة، وسيحدد الطرف الأقوى كيفية التعامل مع منصب الرئيس، خصوصاً إذا استطاع حشد المناصرة الدولية والعربية. 

ثانياً: تتولى الحكومة إدارة السلطة بشكل كامل إلى حين إجراء انتخابات، وهذا ممكن فقط في حالة توافق الأجنحة المتصارعة في تيار الرئيس على تماسك السلطة وتقاسم النفوذ، كخيار أفضل من التنازع مع التيارات الأخرى كالبرغوثي ودحلان، بحيث تعطي الأجهزة الأمنية غطاءً للحكومة كي تدير السلطة إلى حين تقرير إجراء انتخابات وفق تقديرات الأمن الفلسطيني. 

ثالثاً: التوافق بين أجنحة فتح على قائم بأعمال الرئيس، وهو احتمال يعتمد على ذات الأسباب التي شكلت الاحتمال الثاني، لكن دون أن تعطى الحكومة صلاحيات الرئيس، فيتم التوافق على قائم بأعمال الرئيس، أو تشكيل مجلس انتقالي. 

رابعاً: أن يتولى رئيس المجلس التشريعي المنحل مهام رئيس السلطة، وهذا خيار مستبعد، إذ سيكون مرفوضاً من حركة فتح، وغير محبّذ من حركة حماس وإن أعلنت عكس ذلك كجزء من إدارة العلاقة مع حركة فتح، إلّا أنّ إدراجه في قائمة الاحتمالات مرتبط بإحراز تقدم في ملف المصالحة بعد رحيل عباس، بغية قطع الطريق على تيار دحلان والبرغوثي والقدوة بحيث تقدم الأجنحة المنطوية تحت تيار أبو مازن تنازلات لحركة حماس، وفي هذه الحالة فإن الاحتمال قد يتجاوز رئيس المجلس التشريعي المنحل، ويتم التوافق على قائم بأعمال الرئيس بشكل مؤقت إلى حين إجراء انتخابات عامة. 

أما مسألة إجراء انتخابات للمجلس التشريعي الفلسطيني، فرغم أنّه تم النكوص على إجرائها لسنوات طويلة وبمسوّغات عدّة، إلا أنّ احتمالية إجرائها ما زالت واردة، وإن شكل وتركيبة المجلس التشريعي القادم ستعتمد على الفترة التي ستجرى فيها الانتخابات، فلو أجريت في وقت قريب، ستكون الكفة لصالح حركة حماس، حيث تعاني حركة فتح من فقدان جزء من مؤيديها، مضافاً إلى انشقاقاتها، وسيتكرر ما جرى عام 2006. 

أمّا إن استطاعت حركة فتح لملمة أزماتها الداخلية واتحدت تحت مظلة واحدة، فربما تسيطر على أغلبية طفيفة بالتحالف مع فصائل أخرى، وبذلك سيتم النفخ من جديد في روح خيار التسوية، وستصبح حركة حماس أكثر تركيزاً على الدخول إلى منظمة التحرير الفلسطينية، وستبقى تستخدم مقدّراتها في غزة لإسناد برنامجها السياسي، ولن يكون بمقدور أي حكومة تغيير حقيقة أن حركة فتح تحكم الضفة الغربية وحركة حماس تحكم غزة، فالانتخابات التي ستجرى دون تغيير جذري في بيئة الضفة وغزة على مستوى الحقوق والحريات لا يمكن اعتبارها جزء من عملية ديمقراطية بقدر ما هي إعادة إنتاج السلطوية، وسيكون هذا السيناريو عبارة عن إطالة عمر السيناريو الأول.

بلال الشوبكي، رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الخليل، فلسطين. وهو محلل سياساتي في شبكة السياسات الفلسطينية. وهو مؤسس ومنسق برنامج درجة الماجستير المزدوج في...
شغور منصب الرئيس أو تشكيل مجلس تشريعي جديد، لن يكون له تأثير كبير على الواقع الحالي، وذلك لكون المشروع الاستعماري الاستيطاني أوسع من الضفة الغربية وغزة.
في هذه المقالة

أحدث المنشورات

 المجتمع المدني
أحدثت الصحوة العالمية التي أعقبت السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 قطيعة في الكيفية التي يُفهم بها واقع فلسطين عالميًّا. فقد كشفت إبادة غزة عن أن العنف الإسرائيلي واسع النطاق ليس استثنائيًّا ولا ردَّ فعل طارئًا، بل هو عنصر تأسيسي في المشروع الصهيوني. وما كان يُقدَّم سابقًا بوصفه "صراعًا" ينبغي إدارته، بات يُعترف به على نطاق واسع كنظام هيمنة يجب تفكيكه. وقد دشَّن ذلك تحوُّلًا بعيدًا عن اللغة التكنوقراطية لعمليات السلام، نحو مواجهة صادقة مع الحقائق البنيوية التي سمَّاها الفلسطينيون منذ زمن طويل: الاستعمار الاستيطاني، والفصل العنصري، والنكبة المستمرة. ويجادل هذا التعليق بأن الحملة الإسرائيلية الإبادية في غزة أعادت تشكيل الوعي العالمي على نحوٍ راديكالي. فحين تسير الحشود في عواصم العالم مطالبةً بتحرير فلسطين، فإنها تُفصح في الوقت نفسه عن مطالب بإلغاء الرأسمالية العنصرية، والأنظمة الاستخراجية، والظلم المُناخي، وكل أشكال الفاشية المعاصرة. وفي هذه اللحظة من الوضوح الراديكالي، تصبح فلسطين عدسةً تُكشَف من خلالها البنية العميقة للهيمنة العالمية، ومنها تتبلور آفاق جديدة للحرية الجماعية.
طارق بقعوني· 21 ديسمبر 2025
استخدمت الإمبراطوريات الأوروبية الإرساليات المسيحية لإضفاء الشرعية على غزواتها في إفريقيا وخدمة مصالحها الإمبريالية، ما أسَّس لظهور شكل سياسي من الصهيونية المسيحية. وقد اضطلع الإنجيليون البريطانيون بدور محوري في تحويل الصهيونية المسيحية من معتقد لاهوتي إلى أداة للإستراتيجية الإمبريالية، عبر الترويج لإعادة توطين اليهود في فلسطين بوصفه وسيلة لتعزيز النفوذ البريطاني. ولا يزال هذا التزاوج بين الأيديولوجيا الدينية والطموح الإمبريالي قائمًا في الحركات المعاصرة للصهيونية المسيحية، التي تُقدِّم إسرائيل على أنها تحقُّق للنبوءات التوراتية، وتُعيد تأطير الوجود الفلسطيني باعتباره عقبة أمام نظام مُقدَّر إلهيًّا. يسلَّط هذا الموجز السياساتي الضوء على سبل ترسُّخ هذه السرديات وآثارها في السياسات العامة داخل الجنوب العالمي، بما في ذلك جنوب إفريقيا. وفي هذا السياق، يعتمد النظام الإسرائيلي بشكل متزايد على شبكات الصهيونية المسيحية بهدف إضعاف التضامن التاريخي مع الشعب الفلسطيني وتعبئة الدعم للاحتلال.
Al-Shabaka Fathi Nimer
فتحي نمر· 07 ديسمبر 2025
 السياسة, الاقتصاد
في مختبر السياسات هذا، نستضيف الأستاذتين مروة فطافطة وإسلام الخطيب، وبمشاركة الميسر فتحي نمر، في جلسة تحليلية تبحث في استخدام الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا المعلومات في قمع وابادة الشعب الفلسطيني.