The Palestinian Authority: Unsettling Status Quo Scenarios

ملخص تنفيذي

النقاط الرئيسية

  • بالرغم من أن السلطة الفلسطينية في الظاهر لا تزال في محور السياسة الفلسطينية، فإنها لم تُحدِث سوى تغييرات حقيقية قليلة في طريقة حكم الضفة الغربية بعد 22 عامًا من استحداثها.
  • ضعف السلطة الفلسطينية هو أحد أسباب فشل حل الدولتين. ومع ذلك، فإن البدائل لا تقتصر على حل الدولة الواحدة، بل تشمل أيضًا نسخًا متباينة من الوضع الراهن - وجميعها تفاقم حالة الفصل العنصري.
  • إذا وُجِدَ مناخٌ إقليمي ودولي مؤات أكثر مع مرور الوقت فقد يوجدُ سيناريو مختلف - ثوري بطبيعته - ليصبحَ البديل للفصل العنصري.

ماذا تغير على صعيد الحكم في مرحلة ما بعد أوسلو (وماذا لم يتغير)

بالرغم من استحداث السلطة الفلسطينية منذ العام 1994، ظلَّ إطار الحكم السابق لاتفاقات أوسلو ساريًا في معظمه في الضفة الغربية المحتلة. ففي ظل السلطة الفلسطينية واصلت البلديات ولجان مخيمات اللاجئين، على سبيل المثال، عملَها كما كانت تفعل قبل إنشاء السلطة. ولا تزال المؤسسات الدينية في المجتمعات المتنوعة في الضفة الغربية تنظم قوانين الأسرة والأحوال الشخصية كما كانت تفعل قبل وجود السلطة. وأبقت السلطة الفلسطينية كذلك على المحاكم العسكرية كما استحدثتها منظمة التحرير الفلسطينية. وظلَّ النظامان التشريعيان النافذان في الضفة الغربية وقطاع غزة منفصلين.

ومع ذلك، ثمة مجالٌ واحد أحدثت فيه السلطة الفلسطينية تأثيرًا حقيقيًا وهو قطاع الأمن. فقد أوجدت السلطة الفلسطينية شبكةً ضخمة من موظفي الخدمة المدنية وعناصر قوات الأمن المعتمدين عليها في أرزاقهم. وهم في المقابل يبقونها على قيد الحياة ويمكِّنونها من الحفاظ على حدٍ أدنى من السيطرة على السكان. غير أن هذه الأجهزة الأمنية مفككة. فالأنظمة الداخلية لا تتواصل فيما بينها، وقلما تتبادل الأقسامُ المعلومات. وبالتالي لا يوجد جسمٌ سياسي فلسطيني حقيقي ومتماسك أو عاملٌ بتناغم في الأرض الفلسطينية المحتلة.

السيناريوهات المحتملة لمستقبل السلطة الفلسطينية: استمرار الوضع الراهن

لا تحكم السلطةُ الفلسطينية قطاعَ غزة منذ 2007. وقد يقولَ قائلٌ إنها لا تحكم الضفة الغربية كذلك. وسوف تستمر فترةُ ولاية السلطة الفلسطينية في الأجلين القريب والمتوسط بسبب إدامة الوضع الراهن على الأرجح، والذي تدعمه التجزئة المستمرة للضفة الغربية وقطاع غزة.

سوف يتحول عهد السلطة الفلسطينية على الأرجح إلى نسخة أشد من الوضع الراهن - وهو ما يسميه الكاتب "الوضع الراهن المطوَّر"، أي دولة فلسطين معدومة السيادة ومعتمدة كليًا على مجتمع المانحين الدولي وإسرائيل. وبموجب هذا النظام، سوف تُدخِل إسرائيل مناطقَ أكثر في سيطرتها، وسوف تظل السلطة الفلسطينية مسؤولةً عن السكان الفلسطينيين المحليين دون أي سلطةٍ تجاه الإسرائيليين. وسوف تستمر النخب السياسية والاقتصادية الفلسطينية في التربح من الامتيازات التي تقدمها سلطة الاحتلال. وهذا النظام سوف يمأسس نظام الفصل العنصري.

الوضع الراهن المطوَّر سوف يؤدي إلى موت حل الدولتين، لكن البديل لن يكون حلَّ الدولة الواحدة، وإنما حل اللادولة والذي يعني إدامةَ سلطات الحكم الذاتي الفلسطينية وتعزيزها، ولكن في مجالات تحددها السلطات الإسرائيلية. يمكن أن يتمخض حل اللادولة في مرحلة لاحقة عن حل الدول الثلاث هي: إسرائيل التي ستحتفظ بالأراضي التي حصلت عليها في 1948 والأراضي التي ضمتها بتوسيع مسار جدار الفصل العنصري، ودويلة يُنشؤها الفلسطينيون في قطاع غزة، ودولة ثالثة في الضفة الغربية باستثناء القدس الشرقية تطبِّقُ نظام الفصل العنصري وستؤول بعد حين إلى دولةٍ ثنائية القومية. وبمرور الزمن يمكن أن تندمج في إسرائيل أو تصبح دولةً ذات صبغةٍ يهودية متزايدة.

فشل حل الدولتين وإمكانيات ثورية

هناك أسبابٌ عديدة تفسر فشل حلِّ الدولتين، ومنها انفصال قطاع غزة عن بقية الأرض الفلسطينية المحتلة والذي بات يزدادُ تجذرًا على نحوٍ لا رجعة فيه، واعتماد السلطة الفلسطينية على إسرائيل بوصفها سلطة الاحتلال، والتجزئة المستمرة للضفة الغربية بسبب المستوطنات والطرق الالتفافية وجدار الفصل العنصري.

من المرجح أن يقود السيناريوهان الأوليان الناجمان من هذا الفشل - الوضع الراهن المطوَّر وحل اللادولة -  إلى "الاستقرار" في الأجلين القريب والمتوسط، وسيؤدي السيناريو الثالث - حل الدول الثلاث - إلى المزيد من الانقسام في الجسم السياسي الفلسطيني. غير أن هذا الاستقرار لن يكون حقيقيًا، بل سينتج حصرًا من احتواء السكان المحليين، وإدارة الضغوط الإقليمية والدولية. وهذه الترتيبات ليست مستدامة في الأجل البعيد لأن السيطرة على الشعوب بهذا النحو لا يمكن أن تستمر للأبد. أمّا إذا وُجِدَ مناخٌ إقليمي ودولي مؤات أكثر مع مرور الوقت، فقد يطرأ سيناريو رابع - ثوري بطبيعته - يمكن أن يصبح بديلا للوضع الراهن.

نظرة عامة

تضطلع السلطة الفلسطينية، بحسب التفكير التقليدي، بدورٍ أساسي في حكم الأرض الفلسطينية المحتلة. فغالبًا ما توصَف السلطة الفلسطينية بأنها إنجازٌ وطني لأنها مكَّنت الفلسطينيين من حكم أنفسهم، لأول مرة، على الأرض الفلسطينية. تؤمِّن السلطة الفلسطينية أيضًا مئات آلاف الوظائف للفلسطينيين في القطاع العام. وهي المُحاوِر المفضَّل لدى المجتمع الدولي، مقارنةً بمنظمة التحرير الفلسطينية. وبالنسبة إلى إسرائيل، تعمل السلطة الفلسطينية على حفظ النظام العام في المدن الكبرى في الضفة الغربية.1

وبالرغم من أن السلطة الفلسطينية في الظاهر لا تزال في صميم السياسة الفلسطينية، داخليًا وخارجيًا، فإنها لم تُحدِث سوى تغييرات حقيقية قليلة في طريقة حكم الضفة الغربية بعد 22 عامًا من استحداثها. بل إن دور السلطة الفلسطينية في الحكم ليس له قيمة من الناحية العملية. وهذا الضعف سيؤثر في الوضع السياسي الراهن بطرقٍ يجدرُ بواضعي السياسات والمدافعين عن حقوق الإنسان فهمُها.

ماذا تغير على صعيد الحكم في مرحلة ما بعد أوسلو (وماذا لم يتغير)

تأسست السلطة الفلسطينية في 1994 نتيجةً لاتفاقات أوسلو. وكان من المفترض أن تستمر لمدةٍ أقصاها خمسُ سنوات، وكان من المفترض أن تكون المفاوضات النهائية قد نجحت عندئذ. غير أن إطار الحكم المفروض بموجب اتفاقات أوسلو ظلَّ على حاله إلى حدٍ كبير بينما فشلت مفاوضات السلام مرةً تلو الأخرى. وهذا سمحَ لإسرائيل بأن تظل قوة احتلال تمارس صلاحيات سيادية على الأرض الفلسطينية المحتلة، بينما أصبحت السلطة الفلسطينية المزودَ الرئيسي للخدمات العامة للسكان الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة.

واصلت البلديات ولجان مخيمات اللاجئين في ظل السلطة الفلسطينية عملَها كما كانت تفعل قبل إنشاء السلطة. وللكثير منها تاريخٌ طويل كبلدية رام الله التي احتفلت مؤخرا بذكراها المئوية الأولى. أدخلت السلطة الفلسطينية بالطبع بعضَ التشريعات الجديدة المؤثرة في الحكم المحلي، بما في ذلك تنظيم عملية انتخاب أعضاء المجالس البلدية وإنشاء وزارة الحكم المحلي. ومع ذلك، فإن هياكل البلديات، وعمليات تحصيل الإيرادات، وإدارة موظفي الخدمة المدنية في البلديات قد احتفظت بخصائصها التي تعود إلى حقبة ما قبل السلطة الفلسطينية، مع اعتمادها بالحد الأدنى على المؤسسات المركزية للسلطة الفلسطينية، فضلًا على غياب أي جهةٍ حكومية محلية للتنسيق بين البلديات والسلطة المركزية، ولم تصدر أي دعوات في هذا الصدد من أجل التغيير.

تنظم المؤسسات الدينية في المجتمعات المتنوعة في الضفة الغربية قوانين الأسرة والأحوال الشخصية. فالطوائف المسيحية المختلفة تطبق قوانين مختلفة للأحوال الشخصية، وتبتّ المحاكم الكنسية في مسائل الأحوال الشخصية دون اختصاص من المحاكم المدنية. 2وتعمل المحاكم الشرعية الخاصة بالمسلمين بطريقة مشابهة في الضفة الغربية.3 وهكذا لم يتمخض تأسيس السلطة الفلسطينية عن استحداث قوانين جديدة أو تغيير القوانين النافذة في هذا المجال، ولم يُحدث تغييرات في هيكل المحاكم الشرعية والكنسية أو اختصاصها. ولا تزال المحاكم الفلسطينية في الضفة الغربية تنظر في القضايا المدنية والجنائية بناءً على مجلة الأحكام العدلية العثمانية والقانون الجنائي الأردني.4

أبقت السلطة الفلسطينية على المحاكم العسكرية كما استحدثتها منظمة التحرير الفلسطينية. ويعني الإبقاء على هذه المحاكم أن القوانين العسكرية لا تزال تُطبق على الفلسطينيين – وكانت قد طبقت أيضاً على المدنيين منهم بواسطة ما كان يسمى محاكم أمن الدولة. وفي الوقت نفسه، تنظم المحاكم العسكرية الإسرائيلية حكمَ إسرائيل في المناطق الخاضعة لسيطرتها في الضفة الغربية (كالمناطق العسكرية ومناطق المحميات الطبيعية، والمنطقة (ج)). أُنشئت المحاكم العسكرية الفلسطينية والإسرائيلية قبل السلطة الفلسطينية، وواصلت عملها المعتاد بعد إنشاء السلطة الفلسطينية.

“ضعف السلطة الفلسطينية سيؤثر في الوضع السياسي الراهن بطرقٍ يجدرُ بواضعي السياسات والمدافعين عن حقوق الإنسان فهمُها”

بالرغم من أن السلطة الفلسطينية استحدثت قوانين جديدة بقصد توحيد النظامين القضائيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، ظلَّ النظامان مختلفين في الممارسة العملية، بل وتفاقمت اختلافاتهما الكبيرة أصلًا بعد سيطرة حماس على قطاع غزة في 2007. وحاولت السلطة الفلسطينية توحيد القوانين بإصدار تشريعات مركزية. وعلى الرغم من أن المجلس التشريعي الفلسطيني اعتمد معظم هذه القوانين بعد الانتخابات الأولى التي أجريت في 1996، فإنه عجز عن الانعقاد منذ انقلاب حماس في قطاع غزة في 2007. ومنذئذ، ظلت التشريعات تصدر من رئيس السلطة الفلسطينية بموجب قرارات بقانون، وتسري في الضفة الغربية فقط. وقد تعززت حالةُ انعدام المساءلة بسبب السيطرة المباشرة التي يمارسها رئيس السلطة الفلسطينية على السلطة التنفيذية، ولا سيما أنه يرأس أيضًا اللجنةَ التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.

أخذت حماس بعد العام 2007 تصدر تشريعات في قطاع غزة، وأدارت القطاع بواسطة حكومة تسيير أعمال برئاسة إسماعيل هنية. ضمَّت حكومة الوفاق الوطني المتفق عليها في حزيران/يونيو 2014 17 شخصية تكنوقراطية، وترأسها رامي الحمد الله. وكان من المفترض ألا تزيد ولايتها على ستة أشهر، وكانت مهمتها الرئيسية التحضير للانتخابات التشريعية والرئاسية. غير أن هذه الخطة لم تتحقق، ولا تزال الحكومة تضطلع بأعمالها إلى الآن. ولم تستطع الحكومة زيارةَ غزة سوى مرةٍ واحدة دون امتلاك القدرة في الواقع على حكمها. وتبعًا لذلك، استمر النشاط التشريعي في الأرض الفلسطينية المحتلة دون وجود هيئة تشريعية مركزية.

تتصدى حكومة السلطة الفلسطينية الحالية إلى المسائل الداخلية في المقام الأول، بينما ينخرط الرئيس وحاشيته – دون مشورة العامة – في التفاوض مع إسرائيل وإدارة العلاقة بالمجتمع الدولي رغم أن ذلك من مسؤوليات منظمة التحرير الفلسطينية. وكثيرًا ما لا توافق اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية على الخطوات التي يُقدِمُ عليها الرئيس، كاستئناف المحادثات مع إسرائيل دون تجميد الاستيطان.

توضح هذه الأمثلة نقطةً أساسية مفادها غياب الجسم السياسي الفلسطيني الحقيقي والمتماسك أو العامل بانسيابية في الأرض الفلسطينية المحتلة. ولا يزال الفضاء السياسي ممزقًا ويفتقر إلى سلطةٍ تنفيذية موحدة داخل السلطة الفلسطينية وإلى نظام حكمٍ محدد. ولا تزال السلطة الفلسطينية تعوِّل على أفرادٍ يشغلون مناصب معينة، ولا سيما على علاقاتهم بمجتمع المانحين الدولي الذي يدعم ما يسمى عمليةَ السلام، ولا تزال تحافظ على تعاونها وتنسيقها الأمني مع إسرائيل.

غير أن هناك مجالًا واحدًا أحدثت فيه السلطة الفلسطينية تأثيرًا حقيقيًا وهو قطاع الأجهزة الأمنية. فهذا القطاع يضطلع بدورٍ محوري في هيكل السلطة الفلسطينية منذ العام 2007، وجزءٌ كبير من المساعدات الخارجية المقدمة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مخصصٌ لتدريب القوات الأمنية. وجُلّ ميزانية السلطة الفلسطينية مخصصٌ لقوات الأمن ودفع رواتب مسؤولي السلطة الفلسطينية المدنيين، وهذا خلق شبكةً ضخمة من موظفي الخدمة المدنية وقوات الأمن تُعين على استمرار السلطة الفلسطينية وتمكِّنها من الحفاظ على حدٍ أدنى من السيطرة على السكان. وهكذا فإن العلاقة بين السلطة الفلسطينية والأجهزة الأمنية التي أوجدتها هي علاقة احتياج متبادل.

“لا تحكم السلطة الفلسطينية قطاعَ غزة منذ 2007. وقد يقولَ قائلٌ إنها لا تحكم الضفة الغربية كذلك”

غير أن الإدارات الأمنية والمدنية في السلطة الفلسطينية غير موحدة. فالأنظمة الداخلية غير مترابطة، وقلما تتبادل الأقسام المعلومات، فضلًا على أن قوات الأمن تخضع لقيادة مجزأة، وتتبع في المقام لرئيس السلطة الفلسطينية وليس لوزير الداخلية في السلطة الفلسطينية أو حتى مجلس الوزراء. ساهمت الإصلاحات المنفذة منذ العام 2003 في بث شعورٍ بزيادة النظام في المدن الفلسطينية الخاضعة للسلطة الفلسطينية، ولكن ليس بسبب إعادة التنظيم الداخلي، بل لأن التنسيق مع السلطات الإسرائيلية، ولا سيما في برامج بناء قدرات قوات الأمن، أفضى إلى ندرة أعمال العنف التي تعرضت لها إسرائيل منذ 2007 – ولغاية عمليات الطعن والهجمات الفردية الأخيرة التي نفَّذ معظمَها شبابٌ فلسطينيون. وأدى ذلك بدوره، حتى وقتٍ قريب، إلى تخفيف القيود في بعضِ نقاط التفتيش وزيادة عدد التصاريح الممنوحة للفلسطينيين لدخول القدس الشرقية المحتلة وإسرائيل (ولكن ليس غزة).

لقد أدى تضخم التوظيف في القطاع العام بسبب السلطة الفلسطينية إلى اعتمادٍ شديد في الضفة الغربية وقطاع غزة على استدامة السلطة الفلسطينية بالرغم من المشاكل القائمة مثل التفاوت في توزيع الرواتب وعدم الكفاءة في استخدام الموارد البشرية. وبالإضافة إلى السياسات المالية الأخرى التي تنتهجها السلطة الفلسطينية والتي تزيد تبعية الفلسطينيين اقتصاديًا لها، بات من الممكن أن يُسفر زوال السلطة الفلسطينية عن أزمة اقتصادية ومالية.

ساعدت السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية في تسريع وتيرة الازدهار الاقتصادي في قطاعات معينة، ولا سيما قطاع الإنشاءات، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الأراضي والمساكن. وتحولت رام الله، المركز السياسي للسلطة الفلسطينية، إلى مرتعٍ للأثرياء كملاك الأرض السابقين والمقاولين والشركات الكبيرة والمتنفعين من الصفقات المتولدة من اتفاقات أوسلو التي ساعدت كبار المسؤولين في السلطة الفلسطينية في ممارسة الاحتكار، ولا سيما في مجال استيراد المنتجات الأساسية. وهكذا تتداخل النخبة الاقتصادية الجديدة مع القيادة السياسية الحالية وتجمعهما مصالح مشتركة. تعني هذه التطورات أيضًا أن ما يبدو وكأنه تحسنٌّ في الوضع الاقتصادي إنما هو اتساعٌ مستمرٌ في الفجوة بين الأغنياء والفقراء. فضلًا على أن معظم النمو يعتمد على القروض، والأسعار لا تعكس القيمة الحقيقية.

السيناريوهات المحتملة لمستقبل السلطة الفلسطينية: استمرار الوضع الراهن

لا تحكم السلطة الفلسطينية قطاعَ غزة منذ 2007. وقد يقولَ قائلٌ إنها لا تحكم الضفة الغربية كذلك. فوظيفة السلطة الفلسطينية تنحصر في استدامة الأجهزة الأمنية والإدارة المدنية، وسوف تبقى السلطة طالما حافظت على علاقة الاعتماد المتبادل مع مجتمع المانحين الدولي وأجهزة الأمن الإسرائيلية.

سوف تستمر فترةُ ولاية السلطة الفلسطينية في الأجلين القريب والمتوسط بسبب إدامة الوضع الراهن على الأرجح، والذي يعتمد جزئيًا على التجزئة المستمرة للضفة الغربية وقطاع غزة. وهذا الفصل لا يتوقف على الانقسام بين فتح وحماس لأنه أقدم من انقلاب 2007، حيث تعود جذوره إلى العام 1948 حين خضعت الضفة الغربية للسيطرة الأردنية وقطاع غزة للسيطرة المصرية. وقد فاقمت السياسة الإسرائيلية المتبعة في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ 1967 هذا التفتت الذي من المتوقع أن يستمر حتى وإنْ وقعت المصالحة بسبب الاختلافات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المتجذرة.

لعلَّ حماس في قطاع غزة هي الكيان الأقل استدامةً مقارنةً بفتح في الضفة الغربية. فقد تمخَّض التغيرُ الحاصل في النظام المصري عام 2013 عن رئيسٍ أكثر تعاطفًا مع السلطة الفلسطينية، ومُنكبٍ على تضييق الخناق على تحركات الإخوان المسلمين والحركات الإسلامية عمومًا في مصر. هذا التحول في الظروف يفيد السلطة الفلسطينية على نحو غير مباشر وسوف يساعد في جميع الأحوال في إبقائها على قيد الحياة. وفي المقابل، قد يساهم هذا التغيير في زوال حكم حماس في قطاع غزة.

حتى وإنْ بقيت حماس في سدة الحكم – وبدون اتفاق رسمي بين حماس وإسرائيل – فمن المرجح أن يتم التوصل إلى “حل” مؤقت لقطاع غزة. وحلٌ من هذا النوع لن يبتعد عن المنطق الذي استُخدم لتبرير انسحاب أرييل شارون من غزة سنة 2005. ومن المحتمل أن يُسفرَ عن حركةٍ محدودة للبضائع والأفراد من قطاع غزة وإليه عبر الحدود المؤمَّنة مع إسرائيل. ولن يتسنى التوصل إلى هذا الاتفاق إلا بدعمٍ وضمانةٍ من مصر، حكومةً وجيشًا، لأن إسرائيل لا تسيطر على معبر رفح؛ المعبر الرسمي الوحيد من غزة إلى مصر. وهذا عنصرٌ واحد من العناصر التي يمكن أن تشكل حالةً تُسمى “الوضع الراهن المطوَّر”.5

“لن يكون نظام الوضع الراهن المطوَّر مستدامًا مع مرور الوقت لأنه لن يلبي حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير”

الوضع الراهن المطوَّر هو المصطلح الذي أصفُ به دولةَ فلسطين معدومة السيادة والمعتمدة كليًا على مجتمع المانحين الدولي وإسرائيل. وهذا يعني أن السياسات الإسرائيلية الحالية الرامية إلى زيادة المناطق الخاضعة لسيطرتها، وإنشاء نظام مزدوج في الضفة الغربية – أحدهما للمستوطنين والمواطنين الإسرائيليين والآخر للسكان المحليين – سوف تتوطد بمرور الزمن. وسوف تظل السلطة الفلسطينية مسؤولةً عن السكان الفلسطينيين المحليين، دون أي سلطةٍ تجاه الإسرائيليين. وسوف يستلزم ذلك أن تستمر في تنسيقها مع إسرائيل لإبقاء السكان المحليين تحت السيطرة. وهذا النظام يلبي جميع المتطلبات والشروط الضرورية لمأسسة نظام الفصل العنصري.6

سوف تقتصر وظيفة السلطة الفلسطينية على العمل كوسيط لدى الشعب الفلسطيني في ظل نظام الفصل العنصري هذا. ولن تكون سلطةً وطنية مركزية، بل ستتكون من مجموعة من النخب السياسية والاقتصادية، وأجهزة الأمن والإدارة المدنية، والتي يمكن تسميتها “البيروقراطية الفلسطينية”. وبمرور الوقت ستزداد هذه المجموعة تواطؤًا فيما يتعلق بهيكل الفصل العنصري في الضفة الغربية.

سوف تتربح هذه النخب السياسية والاقتصادية من الامتيازات التي تقدمها سلطة الاحتلال. وسوف تواصل إسرائيل بناءَ مستوطنات جديدة، أمّا جدارُ الفصل العنصري، الذي يفصل القدس الشرقية عن سائر الأرض الفلسطينية المحتلة ويضم فعليًا أجزاءَ من الأراضي الفلسطينية وراء الخط الأخضر، فسوف يُمعِن في تفتيت المناطق المأهولة في الضفة الغربية من أجل إدماج معظم المستوطنات الإسرائيلية ووادي الأردن. وبفضل الأرباح المكتسبة من وراء “دولة فلسطين” المعترف بها حديثًا سوف تنفصل البيروقراطية الفلسطينية حينها على الأرجح عن منظمة التحرير الفلسطينية (أو عن الكيان الذي يدعي تمثيل السكان الفلسطينيين في الشتات).

سوف يحتم الوضع الراهن المطوَّر على السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية أن تبحثَ عن مصادر لبسط “سيادتها” على المناطق الواقعة خارج رقعتها الجغرافية المتصلة أو السيطرة الموحدة على السكان. إن اعتراف الجمعية العامة للأمم المتحدة بفلسطين رسميًا كدولةٍ غير عضو في 2012، وكذلك التصديق على المعاهدات الدولية، سيساعد في تسريع عملية البحث عن سيناريوهات لما بعد قيام الدولة، حتى قبل إقامة دولة حقيقية.7

سوف تحتاج السلطة الفلسطينية إلى زيادة التعاون مع السلطات الأردنية لهذا السبب. وسوف ينطوي سعيها إلى تعزيز العلاقات مع الأردن على الأرجح على مخططات سابقة مثل إقامة الكونفدرالية قبل إقامة الدولة الحقيقية. غير أن الأردن سيسعى على الأرجح إلى تجنب الزيادة في عدد سكانه الفلسطينيين.8 ولعل هذا الوضع سيرضي إسرائيل والأردن، حيث سوف تواصل إسرائيل سيطرتها على معظم أراضي الضفة الغربية دون مقاومة حقيقية، وستؤمِّن حدودها، بينما سيحُول الأردن دون أي عمليةٍ تهدف إلى ترحيل السكان إليه وبوسعه أن يبدأ (أو يكثف) سحب الجنسية من بعض مواطنيه ذوي الأصول الفلسطينية بذريعة إقامة الدولة الفلسطينية حتى وإنْ كانت دولةً بالاسم فقط.

لن يكون نظام الوضع الراهن المطوَّر مستدامًا مع مرور الوقت لأنه لن يلبي حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير. ويعتقد الكثيرون أن هذا الواقع المستقبلي سيؤدي إلى موت حل الدولتين، لكن البديل لن يكون حلَّ الدولة الواحدة، كما هو سائد، وإنما حل اللادولة. ويعني هذا “الحل” إدامةَ سلطات الحكم الذاتي الفلسطينية وتعزيزها، ولكن في مجالات تحددها السلطات الإسرائيلية. وهذا سينطبق على الضفة الغربية وقطاع غزة على نحو منفصل، بل ويمكن أن ينطبق بشكل منفصل على مناطق مختلفة في الضفة الغربية.

يمكن أن يُفضي حل اللادولة في الأجل المتوسط إلى حل الدول الثلاث (على الأقل). فبالإضافة إلى إسرائيل التي ستحتفظ بالأراضي التي حصلت عليها في 1948 والأراضي التي ضمتها بتوسيع مسار جدار الفصل العنصري، سوف يُنشئ الفلسطينيون دويلةً في قطاع غزة منزوعةَ السلاح ومحميةً ومدعومةً من الحكومة المصرية. وستنشأ دولةٌ ثالثة في الضفة الغربية باستثناء القدس الشرقية. وستظهر هذه الدولة كهيكلٍ اتحادي عرقي يوفر حيزًا لليهود المستوطنين، وحيزًا للسكان الفلسطينيين المحليين، ولكنه في واقع الأمر سيكون نظامَ فصل عنصري سيصبح بمرور الوقت دولةً ثنائية القومية. وبمرور المزيد من الوقت يمكن أن تندمج في إسرائيل أو ربما تأخذ مسارها المنفصل وبالتالي تساعد إسرائيل أن تصبح دولةً ذات صبغةٍ يهودية متزايدة.

وفي حال بقيت “دولة” الفصل العنصري/”الدولة” ثنائية القومية منفصلةً عن إسرائيل، فلن تعترف بها أي دولة سوى إسرائيل. وسوف تقيم إسرائيل مع تلك الدولة علاقةً متغيرةً بحسب مقتضى الحال على غرار علاقة تركيا بقبرص التركية. سوف تخدم “دولة الضفة الغربية” (الاستيطانية) (أو ربما “دولة يهودا والسامرة”) إسرائيل بالحفاظ على أمن حدود هذه الأخيرة. وسوف يساعد وجود السكان الفلسطينيين في تلك الدولة إسرائيلَ أيضًا في تعزيز علاقاتها بالدول العربية في المنطقة، ويعين على إدماج إسرائيل في الشرق الأوسط. بل إن تلك الدولة قد تساعد إسرائيل في سحب جنسيتها من مواطنيها الفلسطينيين. وبالرغم من أن إسرائيل ستبقي على هؤلاء فيها لتجنب ردة فعل المجتمع الدولي، الذي لن يتعاطف مع الترحيل القسري للسكان، فإنهم سيصبحون مواطنين في الدولة ثنائية القومية الجديدة. وسوف تنطوي عملية التجريد من الجنسية في هذا السياق على إجراءات قانونية وسياسية تستبعد الفلسطينيين من الجسم السياسي الإسرائيلي دون تهجيرهم مكانيًا.

فشل حل الدولتين وإمكانيات ثورية

ليس هناك شكٌ في أن حلَّ الدولتين قد فشل. وثمة أسبابٌ عديدة لهذا الفشل، ومنها أن انفصال قطاع غزة عن بقية الأرض الفلسطينية المحتلة بات يزدادُ تجذرًا على نحوٍ لا رجعة فيه نتيجة انسحاب إسرائيل في 2005 وانقلاب حماس في 2007. إن اعتماد السلطة الفلسطينية على إسرائيل بوصفها سلطة الاحتلال لا يمكن إنكاره، ولم يتأثر هذا الاعتماد بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة التي اعترفت بفلسطين كدولةٍ غير عضو. وما انفكت الضفة الغربية تتجزأ أكثر فأكثر بسبب إنشاء الطرق الالتفافية للمستوطنين، وبناء مستوطنات جديدة، وتوسيع المستوطنات القائمة، وإقامة جدار الفصل العنصري. وكل هذه التطورات جعلت حلَّ الدولتين أمرًا مستحيلا.

إن حلَّ الدولة الواحدة ليس البديلَ الوحيد المتاح بالضرورة. بل إن الوضع الراهن مرشحٌ بقوة ليستمر، ولكن مع بعض التغييرات التي من شأنها أن تؤدي إلى وضعٍ راهن مطوَّر. وهذا قد يُفضي في المدى المتوسط إلى حل اللادولة في الضفة الغربية وقطاع غزة، والذي يمكن أن يتطور بدوره إلى حل الدول الثلاث: دولة فلسطينية، ودولة يهودية، ودولة ثنائية القومية أو اتحادية عرقيًا بمسماها الرسمي ولكنها في واقع الأمر نسخةٌ محدثة من نظام الفصل العنصري تضطلع فيه النخب البيروقراطية الفلسطينية بدور المتحاور مع السكان المحليين.

من المرجح أن يقود السيناريوهان الأوليان إلى “الاستقرار” في الأجلين القريب والمتوسط، وسيؤدي السيناريو الثالث إلى المزيد من الانقسام في الجسم السياسي الفلسطيني. غير أن الاستقرار الذي ستجلبه هذه السيناريوهات المحتملة ليس حقيقيًا. وسوف يَنتج حصرًا من تدجين السكان المحليين واحتوائهم، ومن إدارة الضغوط الإقليمية والدولية. وهذه الترتيبات غير مستدامة في الأجل البعيد لأنها مبنية على كيان غير شرعي يستخدم القوة للسيطرة على سكان معارضين. وبحسب السوابق التاريخية، فإن نظامًا كهذا قد يستمر لبرهة من الوقت ولكنه لا يمكن أن يستمر إلى أجل غير مسمى.

إذا وُجِدَ مناخٌ إقليمي ودولي مؤات أكثر مع مرور الوقت فقد يوجدُ سيناريو رابع – ثوري بطبيعته – ليصبح بديلا للوضع الراهن، والوضع الراهن المطوَّر، وحل الدول الثلاث. وهذا الخيار الثوري بطبيعته لا يمكن التنبؤ به. غير أنه إذا – أو متى – ما حدث فإن أحدًا لن يستطيع أن يفسِّرَ كيف صمدت الخيارات الأخرى لفترة طويلة.

  1. تتوفر كافة إصدارات الشبكة باللغتين العربية والانجليزية (اضغط/ي هنا لمطالعة النص بالإنجليزية). لقراءة هذا النص باللغة الفرنسية، اضغط/ي هنا. تسعد الشبكة لتوفر هذه الترجمات وتشكر مدافعي حقوق الإنسان على هذا الجهد الدؤوب، وتؤكد على عدم مسؤوليتها عن أي اختلافات في المعنى في النص المترجم عن النص الأصلي.
  2. عاصم خليل، “المحاكم الكنسية في فلسطين،” القضاء الشرعي والكنسي في فلسطين (بيرزيت، فلسطين: معهد الحقوق، 2012)، 4-27.
  3. هذه الحال أيضًا في قطاع غزة. أمّا في القدس الشرقية، فالقانون المتبع هو القانون الأردني لأن الأردن احتفظ بارتباطه بالقدس الشرقية بعد فك ارتباطه بالضفة الغربية في العام 1988. وللاستزادة في هذا الشأن، انظر محمود دودين، “تقرير حول المحاكم الشرعية في فلسطين،” القضاء الشرعي والكنسي في فلسطين (بيرزيت، فلسطين: معهد الحقوق، 2012)، 28-51.
  4. صدرَ مؤخرًا في قطاع غزة في عهد حماس قانونٌ جديد للأحوال الشخصية. أمَّا القانون الجنائي النافذ في غزة فمستمدٌ من القانون الجنائي البريطاني الموضوع زمن الانتداب.
  5. يستخدم الكاتب هنا مصطلح “الوضع الراهن المطوَّر” لغياب الترجمة الأكثر ملائمة للمصطلح “StatusQuo+” والمستخدم في النسخة الإنكليزية من هذه الورقة والتي لا يجب أن تعطي الانطباع بأن الكاتب يتحدث عن وضع راهن يكون أفضل من الوضع القائم حالياً وإنما عبارة عن استمرار الوضع الراهن مع بعض التغييرات التي تعمل تدريجيا على تعزيز التفتيت القائم على الأرض الفلسطينية من جهة واستمرار سياسة التمييز العنصري في الأرض الفلسطينية المحتلة.
  6. يعي الكاتب الاختلافات القائمة بين نظام الفصل العنصري (الأبرتهايد) السابق في جنوب إفريقيا وبين الاحتلال الإسرائيلي الحالي لفلسطين، ولكن الاختلاف لا يعني أن القضية الفلسطينية لا ترقى إلى الفصل العنصري. ففي ظل غياب المقارنة الأكثر ملاءمةً يظل الفصل العنصري التجربة الأشبه بما يحدث في الأراضي التي تحتلها إسرائيل منذ 1967.
  7. طلب رئيس السلطة الفلسطينية في أيلول/سبتمبر 2011 العضوية الكاملة في الأمم المتحدة لفلسطين. وهذا الطلب يستلزم توصيةً من مجلس الأمن بتصويت 9 من أصل 15 عضوًا، بمن فيهم الأعضاء الخمسة الدائمون، وتصويتًا بأغلبية الثلثين في الجمعية العامة. غير أن الطلب لم يُقبَل لأن فلسطين لم تحصل على الأصوات اللازمة في مجلس الأمن. انظر

    Michele K. Esposito, “Update on Conflict and Diplomacy: 16 August 2011–15 November 2011,” Journal of Palestine Studies 41, 2 (2012): 153-189.

  8. قال ملك الأردن في خطاب ألقاه في حزيران/يونيو 2012 إن أي نقاش في هذا الصدد لن يكون ممكنًا قبل إنشاء دولة مستقلة كاملة الأركان. ونُشرت مقتطفات من الخطاب في مجلة الدراسات الفلسطينية 24، 96 (2013).
العضو السياساتي في الشبكة عاصم خليل أستاذ القانون العام، يشغل كرسي الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني للقانون الدستوري والقانون الدولي في جامعة بيرزيت. شغل...

أحدث المنشورات

 السياسة
بعد عام من المعاناة تحت وطأة العنف والدمار المستمرين ، يقف الفلسطينيون عند لحظة مفصلية. تتناول يارا هواري، في هذا التعقيب، الخسائر الهائلة التي تكبدها الشعب الفلسطيني منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023 والفرص المنبثقة عنها للعمل نحو مستقبل خالٍ من القمع الاستعماري الاستيطاني. وترى أنّ الوقت قد حان الآن لكي تتحول الحركة من رد الفعل إلى تحديد أولوياتها الخاصة. وكجزء من هذا التحول، تحدد يارا ثلاث خطوات ضرورية: تجاوز التعويل على القانون الدولي، وتعميق الروابط مع الجنوب العالمي، وتخصيص الموارد لاستكشاف الرؤى الثورية لمستقبل متحرر.
Al-Shabaka Yara Hawari
يارا هواري· 22 أكتوبر 2024
منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، قتلت القوات الإسرائيلية ما يزيد عن 40,000 فلسطيني في غزة، وجرحت 100,000 آخرين، وشرَّدت كامل سكان المنطقة المحتلة تقريبًا. وفي ذات الوقت شرَعَ النظام الإسرائيلي في أكبر اجتياح للضفة الغربية منذ الانتفاضة الثانية مما أدى إلى استشهاد ما يزيد عن 600 فلسطيني واعتقال 10,900 آخرين. كما وسعت إسرائيل نطاق هجومها الإبادي الجماعي في لبنان، مما أسفر عن مقتل ما يزيد على ألف شخص ونزوح أكثر من مليون آخرين. يسلط هذا المحور السياساتي الضوء على مساعي الشبكة في الاستجابة لهذه التطورات على مدار العام الماضي، من وضع أحداث السابع من أكتوبر في سياق أوسع للاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي، إلى استجواب آلة الحرب الإسرائيلية متعددة الأوجه، إلى تقييم العلاقات الإقليمية المتغيرة بسرعة. هذه المجموعة من الأعمال تعكس جهد الشبكة المستمر في تقديم رؤية فورية للوضع الفلسطيني.
لا تنفك شركات الأسلحة البريطانية تتربّح من بيع الأسلحة لإسرائيل من خلال التراخيص الصادرة من الحكومة البريطانية، حيث بلغ إجمالي هذه الصادرات منذ العام 2008 ما يقدر بنحو 740 مليون دولار، وهي ما تزال مستمرة حتى في ظل الإبادة الجماعية الجارية في غزة. يشعر البعض بتفاؤل حذر إزاء احتمال فرض حظر على الأسلحة بعد فوز حزب العمال في انتخابات يوليو/تموز 2024، وبعدَ أن وعدَ بالانسجام مع القانون الدولي. في سبتمبر/أيلول 2024، علقت الحكومة البريطانية 30 ترخيصاً من أصل 350 ترخيصاً لتصدير الأسلحة إلى إسرائيل. ويرى الناشطون وجماعات حقوق الإنسان أن مثل هذا القرار محدود للغاية. وبناء على ذلك، تُفصِّل هذه المذكرة السياساتية الالتزامات القانونية الدولية الواقعة على عاتق بريطانيا وكذلك المناورات الحكومية الممكنة فيما يتصل بمبيعات الأسلحة لإسرائيل.
شهد الحموري· 15 سبتمبر 2024
Skip to content