“Oil. Religion. Occupation. ... A Combustible Mix.”

لمحة عامة

حصلت الشبكة بموجب طلبٍ قدمته إلى وزارة الخارجية والكومنولث البريطانية عملًا بقانون حرية المعلومات على وثائقَ جديدةٍ بخصوص حقول الغاز في غزة، وكشفت الوثائق عن معلومات جديدةٍ حول احتمال وجود حقول نفطٍ في الضفة الغربية. تؤيد الوثائق المُفرَج عنها الورقةَ التي نشرتها الشبكة سابقًا بعنوان حقول الغاز قبالة غزة: نعمةٌ أم نقمة؟ والتي أكدت بأن حجر العثرة الرئيسي القابع في طريق تطوير حقول الغاز في غزة هو رفض إسرائيل دفع سعر السوق مقابل ذلك الغاز. وتكشف الوثائق الجديدة كذلك بأن إسرائيل لربما تكون عاكفةً على استغلال حقلٍ نفطي يقع بالقرب من رام الله داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة. وتتطرق الوثائق إلى الشائعات عن وجود حقلي نفطٍ آخرين قرب قلقيلية وحقل نفطٍ آخر قرب الخليل. وينبري مدير برامج الشبكة فكتور قطان في هذه الورقة لتحليل وثائق المراسلات وما تحمله من معاني.

ماذا جاء في الوثائق بشأن النفط

أفرجت وزارة الخارجية البريطانية بموجب قانون حرية المعلومات عن سبع وثائقَ للمؤلِف بعد انتظارٍ دام ثمانية أشهر تخللته طلبات متكررة. خضعت الوثائق لتمحيص دقيق وطُمِست أسماء الأفراد المرسلين والمستقبلين لرسائل البريد الإلكتروني. وكانت الوثائق المفرَج عنها عبارةً عن أربعةِ رسائلَ إلكترونيةٍ بين وزارة الخارجية في لندن والقنصلية البريطانية العامة في القدس، ورسالتين إلكترونيتين مرسلتين من السفارة البريطانية في تل أبيب (منهما واحدةٌ من ماثيو غولد السفير البريطاني لدى إسرائيل) إلى وزارة الخارجية في لندن، ورسالةٍ برلمانية من النائب إيفان لويس.

تُقرّ بعض المحاورات الصريحة الواردة في الرسائل الإلكترونية التي أفرجت عنها وزارة الخارجية بأن الدولة الفلسطينية المستقلة قادرةٌ على أن تكون مكتفيةً ذاتيًا اقتصاديًا وأقل اعتمادًا على المساعدات حالما تتحرر من السيطرة الإسرائيلية الممارَسة على الموارد الطبيعية الفلسطينية. فبالإضافة إلى العوائد الضريبية، تستطيع دولة فلسطين الحرة وذات السيادة أن تجني الأموال من أنشطةٍ اقتصاديةٍ كثيرةٍ أخرى كالسياحة وتصدير الغاز الطبيعي – وإنْ صدقت الوثائق المفرَج عنها من وزارة الخارجية – من حقول النفط الواقعة في الضفة الغربية.

تشير هذه المعلومات التي لم يسبق الكشف عنها إلى إمكانية قيام قطاعٍ نفطي فلسطيني. كانت إحدى الوثائق المفرَج عنها من وزارة الخارجية عبارةً عن رسالة بريد إلكتروني داخلي ضمن القنصلية البريطانية العامة في القدس وحملت تاريخ 13 كانون الثاني/يناير 2012. واستنادًا إلى هذه الوثيقة “يعكف مستشاران نرويجيان على إجراء دراسةٍ استطلاعيةٍ لـ [مطموس] محتمل لتعزيز قدرة الفلسطينيين على إدارة قطاع نفطي. وهي تنطوي على دراسة السياق السياسي والتجاري والتساؤل حول ما إذا كان لدى الفلسطينيين قطاع نفطي.”

وقد ذهب المستشاران النرويجيان لرؤية موقعٍ للحفر وُصِف بأنه يقع على الخط الأخضر أو في منطقة التماس الواقعة شمال غرب رام الله بالقرب من قرية رنتيس. ووفقًا للرسالة الإلكترونية، فإن المستشاران النرويجيان قالا إنهما:

  • “لم يستطيعا التيقّن من وجود حقلٍ نفطي يمتد تحت الضفة الغربية، ولكن ثمة احتمالٌ قوي يرجح ذلك (فلماذا إذن الحفر على مقربةٍ كبيرةٍ من الخط الأخضر).
  • رَأَيَا “اشتعالًا” في الموقع. وفي حين أنهما لم يتمكنا من الاقتراب بما يكفي للتبين بوضوح، فإن “الاشتعال” من هذا القبيل يدل في العادة على الحفر من أجل التنقيب، ويدل في الغالب على الاستخراج.
  • عَلِما من محاوريهما الفلسطينيين أن الحفر كان يجري في الواقع على يد منظمةٍ يهوديةٍ متدينةٍ وأن هنالك أساسًا لاهوتيًا وتجاريًا يقوم عليه العمل.
  • سَمِعا أيضًا عن اكتشافٍ آخر للنفط في جنوب الضفة الغربية قُرب الخليل.”

ورغم أن المراسلات المفرَج عنها لا تقولها بوضوح، فإن إسرائيل على ما يبدو قد أقامت منشأةً للحفر في إحدى المستوطنات القريبة من الخط الأخضر، أي الخط الفاصل بين إسرئيل والضفة الغربية التي سقطت في أيدي الإسرائيليين في حرب حزيران/يونيو 1967.

inline_795_http://alshabaka.wpengine.com/wp-content/uploads/2012/08/Kattan_PolicyBrief_Aug_2012_image21.jpgوفي تلك الأثناء، يبدو أن السلطةَ الفلسطينية جادةٌ في التحقق من وجود موارد نفطية في الأراضي المحتلة. ووفقًا لوزير الدولة في السلطة الفلسطينية والمسؤول الكبير في حركة فتح، ماهر غنيم، فإن السلطة الفلسطينية عاكفةٌ على إجراء دراسات لمعرفة ما إذا كان بوسعها التنقيب عن النفط. فحينما كانت الضفة الغربية خاضعةً للسيطرة الأردنية، جرى التنقيب في بيرزيت بالقرب من رام الله وفي السموع جنوب الخليل. ويقول الوزير: “لم تكن النتائج مشجعةً نظرًا لتدني سعر النفط حينها، ولكن استخراج النفط قد غدا أسهل الآن.”

نشرت وكالة معًا الإخبارية تقريرًا إخباريًا في نيسان/إبريل 2012 جاء فيه أن “خبراء دوليين ومحليين قد بدأوا البحث قبل أشهر في رام الله وجنوب الخليل وعثروا على حقلٍ نفطي في قرية رنتيس غرب رام الله.” ووفقًا للخبر المنشور أيضًا، ثمة شائعةٌ تفيد بوجود حقلٍ ثالث للنفط والغاز، فضلًا على الحقل الواقع في السموع جنوب الخليل، اكتشفه الإسرائيليون سنة 2008 في المنطقة الواقعة بين قلقيلية واللطرون وهم يتكتمون عليه.

إسرائيل لن تدفع السعر الكامل لقاء غاز غزة

تؤكد الوثائق ما جاء في ورقتنا المنشورة في نيسان/إبريل حول أسباب عدم استغلال حقول الغاز قبالة ساحل غزة. فوفقًا لرسالةٍ إلكترونية يعود تاريخها إلى تشرين الثاني/نوفمبر 2009 تبادلتها مجموعة الشرق الأدنى التابعة لوزارة الخارجية البريطانية والقنصلية البريطانية العامة في القدس وجاءت ردًا على طلبٍ من النائب إيفان لويس ردًا على سؤالٍ من نائبٍ آخر، فإن إسرائيل ترفض أن تشتري الغاز في غزة بسعر السوق. وكنتيجةٍ لذلك، فإن الغاز لا يزال يرقد في قاع البحر رغم أن شركة الغاز البريطانية (BG Group)، وهي شركةٌ متعددةُ الجنسيات ومتخصصةٌ في الغاز والنفط تتخذ من بريطانيا مقرًا لها، قد اختبرت جدوى حقل الغاز الواقع في مياه غزة قبل 12 سنة. ووفقًا للمعلومات التي حصلت عليها الشبكة في وقت سابق من وزارة التنمية الدولية بموجب قانون حرية المعلومات، فإن “شركة الغاز البريطانية حفرت بئرين سنة 2000 أثبتا وجود حقلٍ للغاز الطبيعي.”

وكما جاء على لسان أحد مسؤولي وزارة الخارجية وهو يشرح صراحةً لزميله فإن “إسرائيل لن (أولًا) تدفع الثمن الكامل [مقابل الغاز] (ثانيًا) تكفل إعطاء السلطة الفلسطينية نصيبًا معينًا بصورةٍ مباشرة. لذا فإن شركة الغاز البريطانية ليست بصدد استخراج هذا الغاز من قاع البحر. فهي قانعةٌ باستغلال احتياطيات أخرى وستعود لهذا الغاز عندما يصبح السعر مواتيًا.”

قدّم مسؤولٌ آخر في القنصلية البريطانية في القدس شرحًا لوزارة الخارجية في لندن قائلًا: “تريد شركة الغاز البريطانية أن تحصل على السعر الكامل لقاء بيع الغاز لشركة الكهرباء الإسرائيلية (وهي شركة مملوكة للحكومة الإسرائيلية) ولا سيما أن أسعار النفط والغاز لا تنفك ترتفع. وبحسب شركة الغاز البريطانية، فإن هذا قرارٌ تجاريٌ بحت بالنسبة لها وهي لا تكترث بالبُعد السياسي.”

وأضاف المسؤول: “وفقًا لشركة الغاز البريطانية وخبراء آخرين في مجال الطاقة، فإن إسرائيل لا تعرض دفع السعر الكامل والعادل لأنها تحصل على غازٍ رخيصٍ نسبيًا من مصر (1.25 دولار أمريكي للوحدة) ولكن ثمة في الوقت نفسه ضغطٌ متزايدٌ داخل مصر لإعادة النظر في هذه الأسعار التفضيلية.”

وعلى الرغم من أن اكتشاف كمياتٍ ضخمةٍ من الغاز في المياه العميقة بين إسرائيل وقبرص يعني أن إسرائيل ستصبح في نهاية المطاف مصدرًا صافيًا للغاز، فقد بدرت بعض المؤشرات على وجود اهتمامٍ داخل إسرائيل بإمكانية استخدام حقل غزةَ البحري “كتدبيرٍ مرحلي لسد الفجوة قبل أن تدخل الحقول المكتشفة حديثًا طور التشغيل التام” (رسالة إلكترونية، 29 حزيران/يونيو 2010)

وفي 8 شباط/فبراير 2011، أرسل السفير البريطاني لدى إسرائيل، ماثيو غولد، رسالةً إلكترونيةً إلى وزارة الخارجية البريطانية يُبين فيها بأن إسرائيل كانت تنظر في إمكانية رفع القيود المفروضة على تطوير حقل غزة البحري (حقل الغاز الواقع في مياه غزة الإقليمية) لأنها أدركت أن ذلك سوف “يعزز فرص الفلسطينيين؛ ويقلل اعتماد غزة على إسرائيل؛ وينوِّع مصادر الغاز الذي تحصل عليه إسرائيل. [مطموس] أضاف بأن هذه النقطة الأخيرة قد حظيت بأهميةٍ إضافيةٍ بسبب الهجوم الذي استهدف خط أنابيب الغاز القادم من مصر في عطلة نهاية الأسبوع.”

ولا يتضح من الوثائق ما إذا كانت إسرائيل قد عاودت منذ ذلك الحين فتحَ باب الحوار مع شركة الغاز البريطانية لتشغيل مشروع حقل غزة البحري تجاريًا. غير أن من الواضح أن منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية لن يتمكنا من استغلال الموارد الفلسطينية في الأراضي المحتلة إلا إذا اعتقدت إسرائيل أن بإمكانها تحقيق أقصى منفعةٍ ممكنةٍ من ذلك.

العواقب المترتبة بالنسبة لمنظمة التحرير الفلسطينية/السلطة الفلسطينية

دفعت هذه الاكتشافات النفطية أحد العاملين في القنصلية البريطانية العامة في القدس إلى إبداء ملاحظةٍ لزميل آخر، حيث قال: “نفطٌ ودينٌ واحتلال وربما الخليل أيضًا. ذاك مزيجٌ قابل للاشتعال. بوم بوم.”

وأضاف أن “الأخطر من ذلك هو أنه إذا ما تبين بأن إسرائيل عاكفةٌ على استخراج احتياطيات النفط بصورة غير قانونية من أراضي الضفة الغربية (في مخالفةٍ للقانون الإنساني الدولي والمحكمة العليا الإسرائيلية) فستكون لدينا قضية أخرى نضيفها إلى قائمة القضايا التي تنطوي على ممارسة الضغط وحشد التأييد. فهذه قضية سيادية تخص المنطقة جيم وقضيةٌ تخص دافع الضرائب البريطاني. فثمة صعوبةٌ كبيرةٌ أصلًا في تبرير إنفاق 100 مليون جنيه استرليني سنويًا على اقتصادٍ بوسعه الاكتفاءُ ذاتيًا لو استطاع استغلال موارده الطبيعية الخاصة به. وسيكون التبرير أصعب لو اشتملت تلك الموارد على النفط.”

أفاد تقريرٌ إخباري نشرته صحيفةٌ سعودية (لم يعد متاحًا على شبكة الإنترنت) بأن السلطة الفلسطينية تفكر في اتخاذ “إجراءات قانونية ضد إسرائيل لسرقتها الموارد الطبيعية في الأراضي المحتلة.”

وقد أعلنت منظمة التحرير الفلسطينية/السلطة الفلسطينية عزمها مؤخرًا على طلب صفة “دولةٍ غير عضو” في افتتاح أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر، وهي منزلةٌ أعلى من صفتها الحالية المتمثلة بكونها مراقبًا (رغم أن التقارير تفيد بأنها تنوي الانتظار لإجراء التصويت إلى حين انتهاء الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة المقررة في تشرين الثاني/نوفمبر). ورغم المشكلات الكثيرة المرتبطة بهذا الطلب، بما فيها احتمال الإضرار بحقوق اللاجئين الفلسطينيين، فإن صفة الدولة غير العضو قد تمهد الطريق أمام فلسطين للانضمام إلى المؤسسات الدولية حيث يمكنها طلب الانتصاف من إسرائيل بسبب توسعها الاستيطاني اللاقانوني عديم الشفقة واستغلالها الموارد الطبيعية الفلسطينية.

تعي السلطات البريطانية جيدًا العواقب القانونية الوخيمة المترتبة على الاستغلال الفعلي والمحتمل للموارد الفلسطينية من جانب إسرائيل، كما يظهر في تصريح المسؤول القنصلي البريطاني المذكور آنفًا. لذا، قد يُتاح لمنظمة التحرير الفلسطينية/السلطة الفلسطينية أن تضغط على بعض البلدان الأوروبية وغير الأوروبية لمحاسبة إسرائيل بموجب القانون الدولي. فالمطلوب هو فقط الإرادة السياسية التي كانت مفقودةً ولا تزال.

للاطلاع على المراسلات كاملةً، انقر هنا.

فيكتور قطان زميل باحث أقدم لدى معهد الشرق الأوسط في جامعة سينغافورة الوطنية. عَمِل في السابق مديرًا لبرامج الشبكة، وكان زميلًا في مرحلة ما بعد...
في هذه المقالة

أحدث المنشورات

دأبت إسرائيل على الإحجام عن تحويل إيرادات المقاصة الفلسطينية لمعاقبة السلطة الفلسطينية أو التلاعب بها. ومنذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، أمعنَ النظام الإسرائيلي في سرقة الأموال الفلسطينية، دافعًا السلطة الفلسطينية إلى شفير الانهيار المالي. يرى الكاتب في هذه المذكرة السياساتية أنّ استخدام إسرائيل إيرادات المقاصة كسلاح ليس استمرارًا لتدابير سابقة وحسب، بل يعكس أجندةً جديدة أكثر تطرفًا يقودها اليمين المتطرف.
عصمت قزمار· 01 ديسمبر 2024
 السياسة
في مختبر السياسات القادم ينضم إلينا من غزة د. طلال أبوركبة ود. محمد الحافي مع الميسر د. علاء الترتير لمناقشة غزة ومستقبلها من منظور فلسطيني.
في 5 تشرين الثاني/نوفمبر 2024، صوَّت الناخبون الأمريكيون لدونالد ترامب رئيسًا لولاية ثانية في الانتخابات الرئاسية الستين. وفي حين لا تزال العديد من أوجه خطط السياسة الخارجية للإدارة القادمة غير مؤكدة، فإن تبعاتها الكارثية على الشعب الفلسطيني ستستمر بلا شك. وفي هذه الحلقة النقاشية، يُقدِّم محللو الشبكة طارق كيني الشوا وعبد الله العريان وأندرو كادي وهناء الشيخ رؤيتهم إزاء ترامب مقارنةً بسلفه، وتأثير رئاسته على السياسة الأمريكية في المنطقة العربية، وما تعنيه لفعاليات التضامن مع فلسطين في الولايات المتحدة، وتأثيرها المادي على الأرض في فلسطين.
Skip to content