Letter from Gilboa Jail

أيار/مايو 2010

لقد سنحت لي الفرصة لكي أكتب هذه الرسالة القصيرة من داخل سجني، سجن جلبوع، بعدما سُمح لي بالخروج من عزلتي التامة والحصول على ورقة وقلم بعد انقطاع استمر على مدار الأسابيع الثلاثة الماضية.

إنها لفرصة عظيمة بالنسبة لي أن أُعرب عن خالص شكري وتحياتي وتقديري لكافة الزملاء والأصدقاء والمتضامنين معي من المنظمات والأفراد الأجانب والعرب في المنطقة والإسرائيليين والفلسطينيين في الوطن وفي الشتات. وتحية خاصة جداً أبعث بها إلى كل من زار عائلتي وساندها بعد الصدمة التي مرت بها في السادس من أيار/مايو في ذلك الوقت المتأخر من الليل.

إنها فرصة أعبر فيها عن بالغ تقديري لجميع منظمات حقوق الإنسان الدولية والمحلية التي صدحت بصوتها عالياً.

كما أُعرب عن تقديري للمنظمات الشريكة لاتحاد الجمعيات الأهلية العربية – اتجاه في شتى أنحاء العالم والتي ساندت كفاحي/كفاحنا من أجل العدالة والحصول على محاكمة عادلة كي أتمكن من إثبات براءتي.

ما زالت معاناتي الجسدية كبيرة جداً ولكن معنوياتي عالية لأن التضامن يمنح إحساساً عظيماً.

تتلخص قصتي في أن جهاز الاستخبارات الإسرائيلية، الشاباك، قد افترض شيئاً من دون علم ودون أي دليل. وقد طلبوا مني وأجبروني أن أشرح لهم وبالتفصيل الدقيق كيف فعلت بالضبط ما لم أفعله قط. وفي حال واجهتهم أي مشكلة منطقية في سبيل إتمام الأحجية، فإن لديهم الوسائل القانونية الكفيلة بسد الثغرات بواسطة ما يُسمى الأدلة السرية التي ليس لي ولا للمحامين المدافعين عني حق قانوني في معرفتها.

ووفقاً لوسائل الإعلام في إسرائيل، فأنا مذنب منذ الآن وإرهابي ومؤيد للإرهاب أيضاً. فقواعد اللعبة تنص على أني مذنب سواءً أثبت بأني لست مذنباً أم لم أثبت ذلك. ويأتي هذا الافتراض الجماعي قبل انعقاد المحكمة وبدء إجراءات المحاكمة.

إن التلاعب بالأدلة والإجراءات القانونية العادلة أمر حاسم. فجهاز الشاباك قادر على سرد الأكاذيب أمام المحكمة بواسطة ما يسمى “الأدلة السرية” وعن طريق حظر عقد اللقاءات مع المحامين، ومنع نشر المعلومات، وفرض عزلة تامة وغيرها من وسائل التعذيب المتطورة للغاية والتي لا تترك أي دليل مباشر رغم شدة قسوتها (انظر عدالة-المركز القانون لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل: www.adalah.org). وأنا أومن بأن قضيتي تتيح فرصة لدراسة هذه الأدوات بوصفها أدوات لتجريم المدافعين عن حقوق الإنسان.

وأود مرة أخرى أن أشدد على دعمكم وتضامنكم. وإنني لأنظر إلى جهودكم هذه كرسالة جوهرية وحاسمة للغاية في دعم الضحية وكف يد الظالم. شكراً لكم. ولنواصل المسير نحو تحقيق العدالة والكرامة الإنسانية وحقوق الإنسان وضمان الفرصة في الحصول على محاكمة عادلة.

مع خالص تقديري،

أمير مخول

يشغل أمير مخول منذ سنوات عديدةٍ منصبَ المدير العام في تحالف "اتجاه – اتحاد جمعيات أهلية عربية" وهو أكبر تحالف لمنظمات المجتمع المدني في أوساط...
في هذه المقالة

أحدث المنشورات

بعد مرور أكثر من عام ونصف من القتل الإسرائيلي الممنهج والإبادة الجماعية التي خلَّفت دمارًا شاملًا وألمًا لامنتهيًا، يصعب الحديث عن مستقبل غزة وسبل إعادة الإعمار، كما يبدو إحياء غزة واسترجاع أشكال الحياة المفقودة فيها صعبًا إن لم يكن مستحيلًا وسط تعثر المفاوضات، وانهيار اتفاق وقف إطلاق النار، والقصف المستمر على البشر والحجر. ولكن تفرض علينا ظروف وتبعات الإبادة الجماعية ومخططات الترحيل القسري، التي تحاول الإدارة الأمريكية -بوقاحة- فرضها كأمر واقع، ضرورة التركيز في إعلاء صوت سياساتي فلسطيني نقدي لوضع غزة ومستقبلها.  في الوقت الذي يسعى فيه فاعلون غير فلسطينيين إلى فرض رؤيتهم لما بعد الحرب، يناقش محللو الشبكة: طلال أبو ركبة، محمد الحافي، وعلاء الترتير، في هذا التعقيب ضرورة التمركز في رؤية فلسطينية قائمة على الوحدة وحق تقرير المصير. ويشدد الكُتّاب على أن إعادة الإعمار السياسي، وليس فقط المادي، هو أمر جوهري للبقاء الجماعي والتحرر الوطني.
 المجتمع المدني
هذه الحرب المتصاعدة على ثلاث جبهات لا تُشن على المخيمات كمكان جغرافي فحسب، بل على العودة بكل معانيها ومقوماتها، وهي بمثابة هجوم على جوهر القضية الفلسطينية وذاكرتها الجمعية. فما هي أسباب التصعيد المتسارع ضد المخيمات ومآلاته؟ وما هو تأثير إضعاف أو حتى تفكيك الأونروا على حق العودة؟ وهل من بدائل تضمن حقوق اللاجئين الفلسطينيين وعودتهم؟
 المجتمع المدني
بعد عام من عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها حماس، أطلقت مؤسسة هيريتج "مشروع إستر"، الذي يهدف إلى قمع التضامن مع فلسطين تحت ذريعة مكافحة معاداة السامية. يعتمد المشروع على الرقابة على حرية التعبير، واستغلال الأدوات القانونية، والترهيب لتفكيك حركة الدفاع عن حقوق الفلسطينيين، وذلك في إطار حملة قمع أوسع متعددة الأطراف ازدادت حدة في ظل إدارة دونالد ترامب الثانية. يناقش هذا الموجز السياساتي مشروع إستر ضمن سياق التصعيد المتزايد ضد حرية التعبير والمعارضة، ويُظهر كيف أن قمع مناصرة فلسطين يشكّل اختبارًا حاسمًا للديمقراطية الأميركية. كما يسلّط الضوء على إستراتيجيات تهدف إلى مقاومة هذا التحول الاستبدادي، وضمان بقاء النضال من أجل تحرير فلسطين جزءًا محوريًّا من معركة أوسع من أجل العدالة والمساواة.
Al-Shabaka Tariq Kenney-Shawa
طارق كيني-الشوَّا· 15 أبريل 2025
Skip to content