مقال - الديمقراطية في الضفة الغربية وقطاع غزة: أكثر من مجرد انتخابات

مقدمة 

جدَّد رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، في شهر أيلول/سبتمبر الماضي، تعهدَه بعقد انتخابات برلمانية، ودعا إلى حضور مراقبين دوليين لمتابعتها. وتحدَّث منذ مطلع العام 2019 عن الانتخابات في مناسبات مختلفة، بيد أن العديد من منتقديه يقولون إنه كلامٌ بلا فعل يسعى من وراءه لإرضاء المُطالبين بالديمقراطية في الأرض الفلسطينية المحتلة. فعباس نفسه، الذي أصبح رئيسًا في 2005، تجاوزَ فترةَ ولايته ذات الأربع سنوات بعقدٍ ونيِّف، وثمة الكثيرون ممن يُشكِّكون في صِدقه حين يتحدث عن الديمقراطية الفلسطينية وهو الذي دأب على إدارة شؤون الحكم بالمراسيم الرئاسية طوال هذه الفترة التي شهدت أيضًا تنامي الاستبداد في السلطة الفلسطينية.

يرى البعض أن الدعوات لعقد الانتخابات ليست إلا محاولةً من السلطة الفلسطينية لتجديد شرعيتها في وقتٍ هَوَت فيه شعبيتها إلى الحضيض، وسجَّل موقفها على الساحة الديبلوماسية الدولية ضَعفًا غير مسبوق. لا يخفى بالتأكيد أن الضغوط الداخلية والخارجية الداعية إلى تنظيم عمليةٍ انتخابية قد بلغت ذروتها. وفي حين أن الجهات الفاعلة الدولية تحرص على عقد الانتخابات للمضي قدمًا، وجّهت فصائلُ سياسيةٌ فلسطينية عديدة دعوتَها لعباس كي يعقد اجتماعًا وطنيًا للاتفاق على مسائل عدة قبل تحديد موعد الانتخابات. غير أن عباس يرفض هذه الدعوة، وسوف يمضي على الأرجح في إجراء الانتخابات بموجب مرسوم رئاسي، وهو ما يُظهر حجم المفارقة. الأمر المهم والمثير للدهشة هو أن الكثيرين في فتح وحماس يوافقون على عقد انتخابات تشريعية ورئاسية. ويبقى العائق الوحيد متمثلًا في إجراء الانتخابات في القدس الشرقية. 

مواضيع مرتبطة

صرَّح عباس إن الانتخابات لن تُعقد إلا إذا أُجريت في العاصمة الفلسطينية، وقد تقدمت السلطة الفلسطينية بطلب رسمي إلى السلطات الإسرائيلية في هذا الصدد. ولم ترُد السلطات الإسرائيلية بعد، ولكن إسرائيل عمومًا تقمعُ نشاطَ السلطة الفلسطينية السياسي في القدس، حيث تدَّعي السيادة الإسرائيلية على المدينة بأكملها. وهذا القمعُ يتجاوز السلطةَ الفلسطينية ليطالَ الشخصيات السياسية والناشطين بالاعتقال، والمؤسسات الثقافية الفلسطينية بالإغلاق. ومن المستبعد أن تسمحَ الحكومة الإسرائيلية بعقد انتخابات فلسطينية في القدس، لأنها بذلك ستعترف بشرعية الوجود الفلسطيني في المدينة وبالتالي الطعنَ الفلسطيني في الادعاء الإسرائيلي بالسيادة على المدينة كاملةً. ووفقًا لعباس ومسؤولين آخرين، بمن فيهم صائب عريقات، فإن مسألة القدس يمكن أن تَحُول دون عقد الانتخابات.

تطغى التمثيليات السياسيةُ المبينةُ آنفًا على الحاجة إلى إجراءِ نقاشٍ أشمل حول الديمقراطية الفلسطينية. ففي حين أن الانتخابات قد تبدو عمليةً ديمقراطية مهمة، إلا أن إجراءها في الضفة الغربية وقطاع غزة في ظل الوضع الراهن سيكون مناقضًا للديمقراطية، لأنها ببساطة ستتمخض عن نظامٍ لا يدع حيزًا للعمل الديمقراطي، ولا يسعى لإنتاج قيادة ديمقراطية مُمثِّلة. 

يتناول هذا التعقيب السياساتي عناصرَ الديمقراطية الحقيقية، ويتقفى تاريخ الفلسطينيين في القيادة والممارسة الديمقراطية. وبينما تنأى الكاتبةُ عن تمجيد الماضي، ترى أن على الفلسطينيين الاستفادةَ من تجاربهم من أجل بلوغ التحرر – وهي عملية أكبر بكثير من الانتخابات المقترحة.

الانتخابات الفلسطينية تُناقض الديمقراطية

الديمقراطيةُ، بحسب تعريفها الدارج، شكلٌ من أشكال الحوكمة ذات القيادة المُمثِّلة والمسؤولة. وبحسب تعريف أساتذة العلوم السياسية، فيليب شميتر وتيري كارل، فإن:

“الديمقراطية السياسية الحديثة هي نظامُ حكمٍ يساءلُ فيه الحكامُ عن أفعالهم في الشأن العام من قبل المواطنين الذين يؤثرون بشكل غير مباشر من خلال تنافس وتعاون ممثليهم المنتَخبين”

يُبرزُ هذا التعريف “المواطنة” كمكوِّن أساسي للديمقراطية، لأنها تُحدد مَن بوسعه المشاركة فيها. وهكذا تكون المواطنة آليةً للإدماج والإقصاء في آن واحد. وللديمقراطية أنواعٌ عديدة وممارسات تختلف باختلاف الخصوصيات الاجتماعية والسياسية والتاريخية والاقتصادية المميزة للدول. فوضع اللوائح التنظيمية والمِلكيات الجماعية يُعدُّ من المقاربات الاشتراكية للديمقراطية، في حين أن المقاربات الليبرالية “تدعو إلى تقييد المجال العام قدر الإمكان”.

إن إجراء الانتخابات في الضفة الغربية وقطاع غزة في ظل الوضع الراهن سيكون مناقضًا للديمقراطية Click To Tweet

يُتوقعُ من الأنظمة الديمقراطية أن تُعزز الممارسات الديمقراطية مثل التعددية السياسية، ليس في المؤسسات الحكومية وحسب، وإنما في مفاصل المجتمع كافة. وهذه نقطةٌ مهمة لأن الكثيرين يفترضون خطًأ، ولا سيما في الضفة الغربية وغزة، بأن الانتخابات مرادفةٌ للديمقراطية. وهذا غيرُ صحيح لأن الانتخابات تطبيقٌ أو إجراء عملي يمكن أن يكون ناتجًا من عمليةٍ وثقافة ديمقراطية حقيقية، ويمكن أن يكون جزءًا من مجتمعٍ يفتقر إلى السمات الديمقراطية. لذا لا بد للانتخابات الديمقراطية أن تكون مكوِّنًا في بناءٍ أكبر يُطبق المساءلة الديمقراطية في مفاصل المجتمع كافة ويضمن للتعدديةِ السياسية القبولَ والتحفيز. غير أن نظرةً سريعة على الضفة الغربية وقطاع غزة تكشف أن الحال ليست كذلك، بل هناك سلطتان تعملان بصفةٍ بوليسية وقمعية متزايدة في ظل نظامٍ استعماري استيطاني متنامي العَسكَرة.

تاريخ القيادة الفلسطينية والممارسة الديمقراطية

لم يحظ الفلسطينيون قط بحيزٍ خالٍ حقًا من التدخلات الخارجية لممارسة الديمقراطية. فمنذ الإمبراطورية العثمانية مرورًا بالانتداب البريطاني إلى دولة إسرائيل، فرضت الأنظمة الإمبريالية والاستعمارية تدابير قمعية لِلَجم السياسة الفلسطينية والتعبير الديمقراطي. وبرغم تلك الظروف، ظلَّ الفلسطينيون يحاولون دومًا استعادةَ زمام الفاعلية السياسية. وكانت المرة الرئيسية الأولى التي مارس فيها الفلسطينيون العملَ الديمقراطي عندما تولت حركة فتح قيادة منظمة التحرير الفلسطينية في 1969. فقد أسَّست الدولُ العربية منظمةَ التحرير الفلسطينية في مسعى لاستيعاب النضال التحرري الفلسطيني. ومع تولي فتح قيادة المنظمة، بدأت حقبةٌ جديدة من التعددية السياسية لم تقتصر على الأحزاب السياسية بل انخرطت فيها الاتحادات والنقابات وغيرها من المنظمات. وبالتزامن مع تنامي الممارسة الديمقراطية، كان هناك استياءٌ من طريقةِ ياسر عرفات المستبدة في تعيين الممثلين وتثبيتهم، ومِن التمثيل المُفرط للنُخب في الشتات – رغم أنه كان على الأرجح نتيجةً حتمية لأن المنظمةَ كانت في جوهرها تعبيرًا عن اللاجئين في المنفى.

اعتبرت إسرائيلُ إصلاحَ منظمة التحرير الفلسطينية وانضواءَها تحت قيادة عرفات تهديدًا جديًا، وسعت إلى تهميشها وإضعافها. وعلى سبيل المثال، فرضت السلطات الإسرائيلية في 1976 انتخابات بلدية في الضفة الغربية بهدف استحداث مناطق إدارية مستقلة تتفاوض مباشرةً مع سلطات الاحتلال. وكانت إدارة الاحتلال الإسرائيلي تأمل في تنصيب قادة محليين من أجل إضعاف سلطة المنظمة التي كانت لا تزال آنذاك في المنفى وأخذ مكانتها كمُمثلة للشعب الفلسطيني. وأشارت مجلة الهدف الأسبوعية الصادرة عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين إلى أن النظام الإسرائيلي كان يُعطي الفلسطينيين استقلاليةً مصطنعة داخل إطار الدولة الإسرائيلية. ومع ذلك، أفضت الانتخابات إلى عكس ما طمحته إسرائيل، حيث انتُخب ممثلون مؤيدون لمنظمة التحرير الفلسطينية، الأمر الذي عزَّز شرعية المنظمة في أعين الناس في الضفة الغربية وقطاع غزة.

بَلَغت الديمقراطيةُ السياسية الفلسطينية ذروتَها في عقد الثمانينات ومطلع التسعينات إبان الانتفاضة الأولى. وقد وصفها أستاذ القانون جورج بشارات بأنها:

أكثرُ حركات الشعب الفلسطيني ديمقراطيةً، ومُلهبةُ المشاعر الشعبية والنشاط التي نقلت القدرة على المبادرة السياسية مؤقتًا من يد زعماء الشتات والمُصلحين السياسيين إلى يد قيادةٍ شابة لامركزية في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وقد اضطلعت بقيادة جهود التعبئة إبان تلك الفترة قيادةٌ موحدة لمؤسسات أهلية وأخرى سعت لعرقلة النظام الإسرائيلي، حيث أسَّست العديد من النقابات والاتحادات والمنظمات الطلابية والجمعيات التعاونية واللجان الشعبية إجماعًا ثوريًا حول تشكيل “سلطة شعبية”. وتوضح ليندا طَبر بأن “سلطة الشعب الفلسطيني ركزت على استحداث هياكل جديدة يمكن أن توفر بديلًا للاستغلال الاقتصادي الرأسمالي والهيمنة الأبوية.” فقد بذلت المرأة الفلسطينية جهودًا مكثفة إبان الانتفاضة الأولى وشقَّت طريقها نحو المشاركة في الفضاءات السياسية والتعبوية التي كان يهيمن عليها الرجال في السابق. غير أن العلامات الواعدة في تلك الفترة المبشرة بممارسة الديمقراطية الثورية سرعان ما اضمحلت مع بدء اتفاقات أوسلو، لأن إخماد الانتفاضة وانطلاق المفاوضات بين منظمة التحرير الفلسطينية وبين إسرائيل كان بدايةً لتحييد النضال الفلسطيني سياسيًا.

شهدت أوسلو تأسيس السلطة الفلسطينية لتكون حكومةً مؤقتة ونواةً لدولة فلسطين. ونظرًا لضعف قدرة السلطة الفلسطينية على جني الأموال، اعتمدت كثيرًا على مساعدات المانحين التي أغرقت الضفة الغربية وقطاع غزة تحت مظلة بناء المؤسسات وتعزيز الديمقراطية. غير أن هدف المعونة الحقيقي المتمثل في ترسيخ السياسات النيوليبرالية وتقوية شوكة الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية كشفَ أجندةً راسخة عند المانحين، وعبَّر عن عملية “نقض الديمقراطية” وفقًا لليلى فرسخ، التي ترى أن هذه العملية نتجت بسبب التهميش المتعمد الذي استهدف “الأحزاب السياسية والمؤسسات البرلمانية والاتحادات العمالية واللجان الشعبية” لصالح تعزيز المنظمات غير الحكومية، وبسبب تبني “أجندة نيوليبرالية تجعل من السوق العامل الأساس للتغيير”. 

لم يحظ الفلسطينيون قط بحيزٍ خالٍ حقًا من التدخلات الخارجية لممارسة الديمقراطية Click To Tweet

إن تفضيل المجتمع الدولي/مجتمع المانحين السلطة الفلسطينية على منظمة التحرير الفلسطينية، بالإضافة إلى العوامل الداخلية التي ساهمت في تهميش المنظمة، أدى إلى أن تأخذ السلطة مكان المنظمة. غير أن السلطةَ الفلسطينية، بخلاف المنظمة التي اكتسبت شرعيةً شعبية كممثلةٍ للفلسطينيين كافة بمكوناته الاجتماعية والسياسية أينما وجدوا، مسؤولةٌ عن الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة فقط. أي أن استحداث السلطة الفلسطينية أدى إلى حصر فلسطين والفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة، ومن ثم إلى حرمان الفلسطينيين خارجهما من حقوقهم. فضلًا على أن سيطرة فتح المتنامية على السلطة الفلسطينية، وسوء إدارتها وفسادها ونيلها الممنهج من الحقوق الديمقراطية قد أجَّج مشاعر الإقصاء السياسي في المناطق الواقعة تحت إدارتها. 

يُعد فوز حماس في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني في 2006 ردةَ فعل على الوضع المتردي الذي أوجدته عملية أوسلو، حيث عبَّر الفلسطينيون في الضفة الغربية وقطاع غزة بلغة صناديق الاقتراع عن عدم رضاهم عن السلطة الفلسطينية التي تسيطر عليها فتح. غير أن هذا التعبير جوبه بالرفض فورًا من المجتمع الدولي الذي فرض عقوبات على السلطة الفلسطينية وصلت حدَّ تعليق المعونة المقدمة إلى الفلسطينيين. وتسبب ذلك في اندلاع معركة بين حركتي فتح وحماس أسفرت عن طرد فتح من غزة وفرض حصار عسكري على القطاع لا يزال قائمًا حتى يومنا هذا. 

بناء ديمقراطية حقيقية في الضفة الغربية وقطاع غزة 

يشهد حيز الديمقراطية والممارسة السياسية في الضفة الغربية وقطاع غزة تضاؤلًا مستمرًا، حيث إن احتكار فتحٍ السلطةَ الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية (واحتكار حماسٍ السلطةَ في غزة) وقيام عباس وأقرب حلفائه بإحكام قبضتهم على الحكم أدى إلى ترسيخ نظام الحزب الواحد. ولاستدامة احتكار السلطة السياسية، أخذت السلطة الفلسطينية تزداد استبدادًا بقمعها المتكرر للمعارضين السياسيين بمن فيهم الصحفيون والطلاب الناشطون. وفي 2018، نشرت منظمة هيومن رايتس ووتش تقريرًا يطرح تحليلًا يشبه تحليلات منظمات حقوق الإنسان المحلية، ويبين كيف أن السلطات الفلسطينية 

…نفذت في السنوات الأخيرة عددا كبيرا من الاعتقالات التعسفية على خلفية النقد السلمي للسلطات، وخصوصا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بين صفوف الصحفيين المستقلين، وفي حرم الجامعات، وفي المظاهرات. ومع ازدياد الخلافات بين فتح وحماس بالرغم من محاولات المصالحة، استهدفت قوى أمن السلطة الفلسطينية الموالين لحماس، والعكس صحيح. تعتمد السلطة الفلسطينية وحماس الاعتقال لمعاقبة النقاد وثنيهم هم والآخرين عن أي نشاطات بالاعتماد بشكل أساسي على القوانين الفضفاضة التي تجرّم أي نشاط، مثل التسبب “بالنعرات المذهبية” أو الإساءة إلى “مقامات عليا”.

أقدم المجتمع الدولي كذلك على تجريم أحزاب سياسية أخرى مثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الأمر الذي ساهم في زيادة الاضطهاد السياسي. ولا بد أن ننظر إلى الانتخابات في الضفة الغربية وقطاع غزة في ضوء هذا السياق المتسم بمحدودية حيز العمل السياسي والديمقراطي. فمن الممكن أن تُعقد الانتخابات بطريقة حرة ونزيهة من الناحية الفنية، وأن تلتزم بمعايير المراقبين الدوليين، ولكن غياب المنافسة والتعددية السياسية يعني أن الانتخابات لن تُعبِّر عن ممارسة ديمقراطية حقيقية. وفي هذا السياق، يُعقِّب طارق دعنا:

“لكي تكون العملية الانتخابية مجدية ومثمرة، لا بد من إجرائها في بيئة صحية حيث تكون معايير الديمقراطية الأساسية مدمجة في بنية المؤسسات الوطنية، ونظام الأحزاب السياسية، والمجتمع المدني، ونظام التعليم، والإطار الثقافي العام”.

وبعبارة أخرى، لا بد من ممارسة الديمقراطية بمعناها الشامل حتى تكون الانتخابات ممارسةً ديمقراطية حقيقية، وإلا فإنها ببساطة ستعزز النظام الحاكم القائم.

يرى فلسطينيون كثيرون أن ردة الفعل على انتخابات 2006 كشفت لهم ماذا سيحدث إذا اختاروا قيادةً تتحدى الأجندة السياسية للنظام الإسرائيلي ومجتمع المانحين الدولي، حيث أدت تداعيات ذلك إلى انقسامٍ مستغلِق بين فتح وحماس. ومن شأن عقد الانتخابات قبل المصالحة أن يُعطي كل طرف فرصًا لإلقاء اللوم على الطرف الآخر عن الإخفاقات. 

لا بد للفلسطينيين أن يبنوا على تجاربهم الجماعية السابقة في التعبيرات والممارسة الديمقراطية التي تتجاوز الإطار الانتخابي المحدود القائم Click To Tweet

وهكذا فإنه من غير المستغرب أن تكون ثقة الفلسطينيين ضعيفة في العملية الانتخابية. وهذا يتطلب منا أن نفكر في نوع الديمقراطية الممكنة تحت الاحتلال، إذ برهَنَ النظام الإسرائيلي على أنه سيسحق أي ديمقراطية فلسطينية تتحدى الاحتلال والوضع الراهن الذي يعتمد على وجود قيادة فلسطينية تابعة. فضلًا على أنه بات من الواضح ضمن هذا السياق أن السلطة الفلسطينية لن تُحقق التحرير الفلسطيني ولن تُحقق أي نوع من السيادة الفلسطينية. 

السبيل الوحيدة للديمقراطية الحقيقية بالنسبة إلى الفلسطينيين هي العودة إلى الإجماع الثوري من خلال التعددية والمصالحة بين المنظمات السياسية والمكونات والشرائح الفلسطينية على اختلاف مواقعها الجغرافية، والالتفاف حول أجندة سياسية واحدة للتحرير. ولا بد للفلسطينيين، بعيدًا عن تمجيد الماضي والتغني به، أن يبنوا على تجاربهم الجماعية السابقة في التعبيرات والممارسة الديمقراطية التي تتجاوز الإطار الانتخابي المحدود القائم.

يستند هذا التعقيب إلى مقالة نشرتها مؤسسة روزا لوكسمبورغ في كانون الأول/ديسمبر 2019.  

يارا هواري هي مديرة الشبكة بالمشاركة. عملت سابقًا كزميلة سياساتية للشبكة في فلسطين وكمحللة رئيسية في الشبكة. نالت درجة الدكتوراه في سياسة الشرق الأوسط من...
في هذه المقالة

أحدث المنشورات

وفي حين لا يزال من غير الواضح كيف ومتى سترد إسرائيل على العملية الإيرانية، إلا أن من المؤكد أن الوضع الجيوسياسي قد تغير بالفعل. في هذه الحلقة النقاشية، يعرض محللو الشبكة، فادي قرعان وفتحي نمر وطارق كيني الشوا ويارا هواري، رؤاهم بشأن التأثير الإقليمي للمناورة الإيرانية الأخيرة ويضعون الإبادة الجماعية الجارية في غزة ضمن هذا السياق الأوسع.
 السياسة
تكشفُ تغطيةُ وسائل الإعلام الرئيسية في الغرب لمجريات الإبادة الجماعية في غزة تحيزَها الشديد للنظام الإسرائيلي، وتُبرزُ أيضًا سهولةَ نزع الصفة الإنسانية عن الفلسطينيين. تتناول يارا هواري في هذا التعقيب استراتيجيةَ إسرائيل في نزع الصفة الإنسانية عن الفلسطينيين في المجال العام، ودور وسائل الإعلام الغربية في تحقيق أهداف إسرائيل. وتبين أنماطَ التقصير الصحفي المستمرة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، وتخلُص إلى أنّ وسائل الإعلام الغربية متواطئة حتمًا في الإبادة الجماعية التي يرتكبها النظام الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني في غزة.
Al-Shabaka Yara Hawari
يارا هواري· 03 أبريل 2024
لعبت كل من مصر والأردن عبر التاريخ أدواراً جيوسياسية مهمة في القضية الفلسطينية، حيث شكلت حدودهم مع قطاع غزة والضفة الغربية على التوالي المنفس الوحيد للعمق العربي وخاصة بعد حرب 1967. تزايدت وتضاءلت نفاذية هذه الحدود مع اختلاف الحكومات والظروف في المنطقة، لكن يمككنا الجزم أن مع مرور الزمن أصبحت هذه الحدود بشكل تدريجي جزءاً من الحصار على الشعب الفلسطيني وأداة ضغط على الفلسطينيين.
Skip to content