Article - Debating Palestine: Representation, Resistance, and Liberation

يتصاعد الجدل الفلسطيني الحالي حول مجموعة من القضايا المترابطة كقضية التمثيل واستراتيجية التحرير وطبيعة الدولة الفلسطينية المستقبلية وعلاقتنا بالثورات العربية. وقد تطرق عدد من الزملاء والزميلات كنورا عريقات، وجميل هلال، وحيدر عيد، وآخرين في بحثها في أوراقهم التي نشرتها الشبكة. وهنا أتقدم بوجه نظري حول هذه المسائل الحيوية عبر استعراض تاريخي نقدي لبعض منعطفات المقاومة الفلسطينية.
بادئة هذه القضايا وربما من أهمها تمثيل الشعب الفلسطيني: من يمثلنا؟ وهل آن الأوان لدق مسمار نعش منظمة التحرير الفلسطينية؟ إن الإجابة ببساطة هي لا. باعتقادي إنه لم يئن الأوان لفقدان الأمل بمنظمة التحرير الفلسطينية رغم الجهود التي تبذلها السلطة الفلسطينية في رام الله لطمس الفوارق بينهما – وهي ممارسة منطقية كون مصداقية منظمة التحرير الفلسطينية، حتى في أضعف مراحلها، ما زالت تتفوق نوعيا على مصداقية السلطة في أوساط الشعب الفلسطيني. فالسلطة والمنظمة ليستا وجهين لعملة واحدة وهما لا تتطابقان في تاريخهما ولا مصادر شرعيتهما. فالأولى تستقي شرعيتها من مشروع أوسلو الاستعماري بينما تستمد الثانية شرعيتها من النضال الطويل الذي ضحى خلاله مئات الفلسطينيين والفلسطينيات بأرواحهم وبكل ما هو غال لتثبيت حق هذا الشعب في تمثيل نفسه وتقرير مصيره.

ثانيا القول بأن م.ت.ف لا تمثل كافة الشعب الفلسطيني ليس حجة مقنعة لأن م ت ف، حتى في عز شعبيتها، لم تستطع (لا هي ولا أي حركة تحرر أخرى) تمثيل كل فلسطيني أو فلسطينية بسبب تعدد الآراء والولاءات والمصالح وهذه مسألة بديهية تنطبق على كل حركات التحرر في العالم وليست مقتصرةً على الشعب الفلسطيني. ولكن يمكننا الجزم بأن فصائل منظمة التحرير الفلسطينية إضافة إلى حركتي حماس والجهاد الإسلامي بمجملها تمثل غالبية الشعب الفلسطيني. والصحيح أن عدد الذين استقالوا أو غير المنتمين لفصائل المنظمة اليسارية وخاصة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي والمنظومة الاشتراكية، أو فتح وحلفائها عقب أوسلو قد تصاعد، ومع ذلك فإنه من الواضح أن هناك تعاطفًا مستمرًا مع مواقف وأفكار الفصائل الرئيسية (بما فيها حماس والجهاد الإسلامي) مما يعزز مقولة استمرارية (relevance) ل م.ت.ف والفصائل الوطنية.

استناداَ الى هذه المعطيات، علينا أن نُصرَ على بقاء “القيادة السياسية للشعب الفلسطيني … ضمن هيكلية منظمة التحرير الفلسطينية،” واتفق في هذا الصدد مع عمر البرغوثي. ولكن هذا لا يعني القبول بالوضع القائم لمنظمة التحرير كمؤسسة صغيرة الحجم والفاعلية نوعًا وكما يحاول مهندس أوسلو استخدامها كأداة لتشريع المشاريع الاستعمارية مما يتطلب النضال الدؤوب لاستعادة الرؤية الأصلية لمنظمة التحرير الفلسطينية كحركة مقاومة للاستعمار ترفض مساومته أو حتى التعاطي معه، بمعنى استعادة مضمون منظمة التحرير التي دفعت بجماهير الشعب الفلسطيني لاتخاذ القرار يومياَ لاختيارها كممثله الشرعي والوحيد رغم تكلفة هذا الموقف الوطني وخصوصاَ لأولئك الرازحين تحت طغيان الاستعمار الإسرائيلي أو المشتتين في مخيمات اللجوء في البلدان العربية. وهذا إنجازٌ عظيم علينا أن لا نتخلى عنه بسهولة رغم كل الانتقادات المشروعة والواردة لمنظمة التحرير، فطريق الحرية للشعب والوطن معبدة بالعقبات والعراقيل التي تتطلب النفس الطويل.

وفي الوقت نفسه، علينا أن ندعم كافة الجهود القائمة لتشكيل حكومة وحدة وطنية في أعقاب المصالحة بين حركتي فتح وحماس. والأهم من ذلك أن يستند توحيد العمل الوطني الفلسطيني على قاعدتين أساسيتين هما احترام التعددية الفكرية والسياسية (أي الالتزام بمبدأ عدم احتكار الحقيقة) ومبدأ التمثيل النسبي في المجلسين الوطني والتشريعي.

لا أدعي بأن هذه المهمة سهلة وبدون تعقيدات. ويبدو لي بأن تسجيل الفلسطينيين كخطوة أولى لإجراء انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني (الذي ما هو إلا مؤسسةٌ من مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية)، قد لا يضمن تمثيل الفلسطينيين المهمشين في مخيمات اللاجئين في لبنان وسوريا والأردن ناهيك عن المواطنين في الضفة الغربية وقطاع غزة أو فلسطينيي الداخل (الخط الاخضر) الذين ما زالت جذورهم امتدادا للأرض المحتلة عام 1948 فعندما نفكر في شمولية القضية الفلسطينية لا يكون مقبولاَ تصور أي حلول ولا استراتيجيات لشريحة أو شريحتين من مجمل الشعب كما هو حاصل حالياً. والحقيقة إنني لا أتوقع أن تقبل القيادة الفلسطينية الحالية هذه المقترحات حيث إنها ستحد من نفوذها وتقوض أسس اتفاقيات أوسلو التي تستمد منها “شرعيتها” حالياً ولكن جديتنا تجاه صياغة استراتيجية تحرير مقرونة بشحذ الأذهان لانتاج افكارٍ خلاقة. ونحن نحتاج الى معادلة تفرّق بشكل واضح ما بين منظمة التحرير الفلسطينية كحركة تحررية معادية للاستعمار الاستيطاني التوسعي من ناحية والسلطة الفلسطينية كونها حكماً ذاتياً على مساحة ضيقة تقيدها جنازير أوسلو الاستعمارية من ناحية أخرى.

لقد خرجت الفصائل الفدائية الفلسطينية التي قادت منظمة التحرير الفلسطينية في أواخر الستينات من القرن المنصرم باستراتجية مقاومة ومناهضة للاستعمار ولكن هذه الاستراتيجية لم تطبق بكاملها، ويعود ذلك إلى التأثير السلبي والنوعي لعائدات النفط على الحركة الفلسطينية بحيث دفعت ببعض فصائل العمل الوطني، ولا سيما أكبرها وهي حركة فتح، لتبني مواقف حيادية تجاه حركات التحرر العربية والأنظمة الاستبدادية التي تقمعها على حد سواء وكأنها “سويسرا” العالم العربي. وكما علّمتنا تجاربنا وتجارب كافة الشعوب فإن تبني الحياد إزاء الظالم والمظلوم لا يؤدي إلاّ الى إعادة إنتاج الوضع القائم واستمرارية الظلم، وفي حالتنا فقد أدى الى إبقاء الأنظمة القمعية في سدة الحكم في الوطن العربي لتواصل اضطهادها للشعوب.

ولا أدعي هنا بأن الاستراتيجية القديمة هي استراتيجية متكاملة فهناك مجموعة من المسائل التي ينبغي علينا الإجابة عليها الآن وبشكل لا يحتمل الانتظار ومنها قضية الكفاح المسلح الذي ليس ولا يجب أن يكون الوسيلة الوحيدة لتحرير فلسطين أو أي شعبٍ آخر، فمقاومة الاستعمار الاستيطاني هي أمرٌ مشروع (بما فيها قرارات الأمم المتحدة) وتكون المقاومة المسلحة أحياناً هي الأسلوب الوحيد لمعذبي الأرض والذين ليسوا من يختار مكان وزمان ووسائل المعركة التي تفرض عليهم فرضاً. ولكن هناك استراتيجيات أخرى لمقاومة الاستعمار ومن أبسطها وأهمها استراتيجية الصمود على الأرض ورفض مغادرتها رغم كل الضغوطات والممارسات الإسرائيلية التى تهدف الى إفراغ الأرض من أصحابها واستعمارها. وهذه الاستراتجية التي أبدع فيها أهل القرى والمدن في الضفة ومناطق 1948 (وغزة من قبل) تحول كل خطوةٍ للمشروع الاستعماري الاسرائيلي هدفها محو الوجود الفلسطيني في وطنه إلى مشروع مكلف ماديًا ومعنويًا، بما في ذلك الخسائر التي تمنى بها إسرائيل على صعيد العلاقات العامة. ويتزامن هذا الصمود الفلسطيني مع تعاظم الدعم الأممي للحملة العالمية للمقاطعة وفرض العقوبات وسحب الاستثمارات ( (BDSوهي استراتيجية سلمية بادرت بإطلاقها قوى ومؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني، وهي ليست كما يسيء البعض فهمها كبديل لاعنفي يهدف الى إدانة المقاومة الفلسطينية المسلحة أو إعلان براءة الذمة ممّن ضحوا بأرواحهم من أجل الوطن. ونحتاج اليوم، وربما أكثر من أي وقت مضى، إلى رسم رؤية استراتيجية شمولية لا تقع في الفخ الصهيوني الذي يصنف على هواه أساليب المقاومة وسبل فك الارتباط بمن يستعمر أرضنا وشعبنا. إن شمولية وتعددية استراتيجيات المقاومة (بدلًا من الاستراتيجيات المجزوءة والمنفصلة وغير المنسجمة مع بعضها) كان عاملًا رئيسيًا (بالإضافة الى الإجماع على البرنامج السياسي في صفوف المؤتمر الوطني الإفريقي والحركة الشعبية ونقابات العمال) لإحراز النصر وتقويض الأسس السياسية لنظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا. وهذه إحدى الدروس الأساسية التي يمكن أن نستقيها من كفاح شعب جنوب إفريقيا وحركات التحرر في أماكن أخرى كفيتنام مثلاَ.

وتجدر الإشارة إلى أنه رغم ترابط استراتيجية المقاومة باستراتيجية التحرير فإنهما أمران مختلفان عن بعضهما. وفي هذا السياق أراجع أيضًا تاريخنا النضالي وتحديدًا ماهية مضمون الفلسطنة من قبل فصائل العمل الوطني وتحالفاتها الأممية وخصوصاَ من أواخر الستينات في القرن الماضي. لقد كان الجميع، صديقا كان أم عدواَ، يتصورها كحركة جذرية للمقاومة ضد كافة أشكال القمع والاضطهاد – ثورة على الوضع القائم لا تضع تحرير الأرض على رأس الأولويات إلا إذا ترافق هذا مع تحرير الشعب، ففلسطين أرض وشعب لا يتجزآن، ولا تبشر باستثنائية استعمار أو تحرير فلسطين وكأننا مميزون عن بقية الإنسانية مضطهدون أكثر من غيرنا أو نستحق العدالة والإسناد قبل الآخرين من الشعوب والأمم المناضلة من أجل تحررها. أدرك تماما بأن هناك عدة رؤى وذكريات لحركة المقاومة، ومع ذلك ليس هناك شك بأن الأمة التي نتخيلها (إن استعرت مفهوم أندرسون) في تلك المرحلة كانت حركة واسعة تستوعب الجميع على أساس القاعدة بعدم تجزئه العدالة. إننا بحاجة ماسة لاستعادة هذه الرؤية ومقاومة النزعات الشوفينية التي تعتبر فلسطين وكأنها حالة استثنائية للمعاناة أو التحرر. وهذا يتطلب من كل منا بذل مجهود فكري جاد ومتعب أحيانا بشكل فردي وجماعي للخروج بأفكار حول سُبل توسيع الفضاء المتاح لتعددية الآراء والأيديولوجيات، وهو أمرٌ لن يكون من السهل تحقيقه نظرًا للعلاقات المتشابكة التي تربط البعض بمصالح مادية ولامادية بهياكل القوى المستبدة وغير المستبدة على أسس هيكلية للفروقات الطبقية والعرقية والجندرية والجنسية وما إلى ذلك من اعتبارات. ومن الواضح أن هذه القائمة ليست للحصر وغير شمولية بكافه القضايا التي يجب بحثها ونقاشها جدياً.

علينا أيضاً إعادة النظر في الميثاق الوطني الفلسطيني ليس باتجاه تفريغه من مضمونه الثوري التاريخي ومواقفه المناهضة للاستعمار (كما حدث في أعقاب أوسلو) وإنما لننقاش سوياً من له الحق في أن يعتبر هذه الأرض وطناً له وكذلك لتحديد شكل ومضمون الدولة الفلسطينية المستقبلية. لقد طالب الميثاق الأصلي بإقامة “دولة ديمقراطية علمانية في فلسطين،” وعرَّف الإنسان الفلسطيني بأنه من له أب فلسطيني (أو أُم فلسطينية). وهاتان المسألتان – الهوية الفلسطينية وطبيعة فلسطين المستقبلية – تطرحان عدة تساؤلات.

من هو الفلسطيني اليوم؟ هل تشمل الهوية الفلسطينية اليهود العرب الفلسطينيين كما المسلمين والمسيحيين أم تستثنيهم؟ وهذا التساؤل ينطبق على اليهود المعادين للصهيونية والذين يعتبرون أنفسهم كفلسطينيين لا يتعاطفون مع إسرائيل ولا مع نهجها الاستعماري الاستيطاني العنصري – واضرب مثلاً أوري ديفيس العضو المنتخب في المجلس الثوري لحركة فتح في مؤتمرها الأخير في بيت لحم وقد كان أوري قد طرح علي هذا السؤال في منتصف الثمانينات في القرن الماضي بقوله: “أنا ولدت عام 1943 ولكن أختى ولدت بعد عام 1948. فهل هذا يعني أنه سيتسنى لي البقاء ]في فلسطين المحررة[ ولكن يحتم عليها المغادرة؟” وبالعودة مجددًا إلى النموذج الجنوب إفريقي فإننا نجد ان ميثاق المؤتمر الوطني الإفريقي قد استند في تعريف المواطنة على أساس “شخص واحد، صوت واحد” وليس على أساس “شخص أسود واحد، صوت واحد” وبمعنى آخر فإن الالتزام بمبدأ العدالة غير القابلة للتجزئة هو ما يجب أن يحكم أسس وقوانين المواطنة بدلا من ربطها بفهم ضيق لتعريف الانتماء وأسسه.

كذلك فإن الإصرار على كون فلسطين المستقبلية “دولة ديمقراطية علمانية” لم يستند إلى القبول بمواقف الأصولية العلمانية والتي تعود بتاريخها إلى عصر التنوير الأوروبي، وإنما كان بالأساس وسيلة للتاكيد على أن فلسطين المحرَّرة ستكون استراتيجياَ مناهضة لفكر الإقصاء الصهيوني – ونحن اليوم أيضاً بحاجة إلى بذل الجهود الفكرية اللازمة لنتجنب إعادة إنتاج الدولة الصهيونية في لباس فلسطيني بل نبني وطناً مِضيافا للديانات والتنوعات الروحانية كافة بما فيها العقائد المادية اللادينية.

وختامًا ثمة قضية نوقشت كثيرًا حينها وباتت اليوم تلقى صدى كبيرًا وهي قضية العلاقة ما بين تحرير فلسطين ومسألة تحرر الوطن العربي. لقد كان الفلسطينيون واليساريون بالذات (في كافة الفصائل بما فيها فتح) يرفعون شعار “طريق التحرير إلى فلسطين الحرة تمر عبر العواصم العربية المحررة”. وكانت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (انطلاقاً من جذورها في حركة القوميين العرب) من أوائل من صاغ هذا الشعار ولكنها وللأسف قللت من شأنه في مرحلةٍ لاحقة، ولا سيما في مرحلة انتفاضة الثمانينات في القرن الماضي (1987-1993). واليوم وفي ظل الثورات العربية واستمرارية مركزية القضية الفلسطينية في برامج قوى الثورات العربية وخصوصاً تلك التي تمتلك رؤية أكثر راديكالية وثورية فقد آن الأوان لطرح السؤال مرة أخرى حول ماهية العلاقات التي يجب لأصحاب استراتيجية تحرير فلسطين المناهضة للاستعمار إقامتها مع قيادات وشعوب الثورات العربية؟ وكيف نرى الثوار العرب؟ هل هم منا ونحن منهم، انتصاراتهم هي انتصاراتنا وآلامنا آلامهم ودعمهم واجبٌ علينا على أساس العدالة غير المجزأة؟ أم نصيغ علاقاتنا فقط على أساس ما يمكنهم أن يفعلوه لأجلنا؟ جوابنا على هذا السؤال بلا شك يتعلق بالرؤية التي نختارها.

الدكتورة رباب إبراهيم عبد الهادي هي أستاذة مشاركة في الدراسات الإثنية ودراسة العِرق والمقاومة في جامعة سان فرانسيسكو. وهي أيضًا كبيرة الباحثين/الباحثات في المبادرة الأكاديمية...

أحدث المنشورات

 السياسة
في يوم الخميس، 19 حزيران/يونيو 2025، وقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام موقع الضربة الإيرانية قرب بئر السبع، وقال للصحفيين: "ما نعيشه اليوم يذكّرني حقًّا بما تعرّض له الشعب البريطاني أثناء قصف لندن (البليتز) في الحرب العالمية الثانية. نحن نُقصف اليوم بطريقة مماثلة". كانت البليتز حملة قصف جوي مكثفة شنَّتها ألمانيا النازية ضد المملكة المتحدة في الفترة بين أيلول/سبتمبر 1940 وأيار/مايو 1941. أراد نتنياهو بهذه المقارنة الدرامية استعطافَ الغرب وتأمين حصول حكومته على دعمٍ غير مشروط في عدوانها غير المبرر على إيران الذي يشكل تصعيدًا عسكريًّا وانتهاكًا جديدًا للقانون الدولي. ومثل تلك المراوغات الخَطابية ليست بشيءٍ جديد، بل هي نمط راسخ في الخطاب السياسي الإسرائيلي الذي يصوِّر إسرائيل كضحية دائمًا ويصف خصومها بالنازيين المعاصرين. لطالما راودت نتنياهو طموحاتٌ بضرب إيران بدعمٍ مباشر من الولايات المتحدة، غير أن التوقيت ظلّ دائمًا العنصر الحاسم. وعليه، فلا ينبغي النظر إلى هذه اللحظة على أنها مجرّد عدوان انتهازي، بل كجزء من إستراتيجية أوسع محسوبة بعناية. فشنّه هذه الحرب غير المبرّرة اليوم، نابع من حالة الإفلات غير المسبوقة من العقاب التي يتمتع بها، التي تزامنت مع تحوّلات إقليمية متسارعة أعادت تشكيل موازين القوى في المنطقة، إلى جانب الهشاشة المتفاقمة في المشهد السياسي الداخلي الإسرائيلي. يتناول هذا التعقيب التصعيدَ الأخير في هذا السياق، ويُسلّط الضوء على الدوافع السياسية التي تقف خلف شنّ الحرب في هذا التوقيت تحديدًا.
Al-Shabaka Yara Hawari
يارا هواري· 26 يونيو 2025
 السياسة
في خضمّ هذا التصعيد، تصبح ديناميكيات القوى الدولية والإقليمية وعلى رأسها الولايات المتحدة، والصين، وروسيا، وتركيا عاملاً حاسماً في تحديد مسار الصراع. ويعد دعم الولايات المتحدة للكيان الصهيوني بمثابة انحراط فعلي في الحرب كيف يمكن أن يؤثر هذا التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران على موازين القوى في الشرق الأوسط؟ وما هي تبعات الحرب على القضية الفلسطينية؟ في مختبر السياسات هذا، ينضم إلينا الدكتور بلال الشوبكي، وزيد الشعيبي، مع الميسر فتحي نمر، لمناقشة الأبعاد الدولية والاقليمية للحرب على إيران.
في 26 أيار/مايو 2025، تم إطلاق نظام توزيع المساعدات الجديد المدعوم من إسرائيل في غزة، الذي يجري تأمينه من قِبَل شركات أمنية أمريكية خاصة. تسبب هذا النظام في قتل أكثر من 100 فلسطيني، أثناء محاولتهم الوصول إلى نقاط توزيع المساعدات الواقعة قرب مواقع عسكرية على حدود رفح، وسط ظروف غير إنسانية. وتُثير هذه الخسائر الفادحة تساؤلات مهمة حول سلامة نظام المساعدات الجديد ودور الشركات الأمنية الأمريكية التي تعمل تحت إشراف مباشر من قوات الاحتلال الإسرائيلي. يُبيّن هذا الموجز السياساتي أن خصخصة المساعدات والأمن في غزة تمثّل انتهاكًا للمبادئ الإنسانية الأساسية، إذ تُحوِّل المساعدات إلى أداة للسيطرة السياسية، والتطهير العرقي، وإدامة الاستعمار. كما تهدّد حياة الفلسطينيين من خلال ربط الحصول على المساعدات بظروف قسرية، وتسهيل التهجير القسري، وتوفير غطاء قانوني وأخلاقي لانتهاكات الاحتلال. كذلك، تُسهم هذه الخصخصة في تهميش وتقويض دور المؤسسات المحلية والدولية، وعلى رأسها الأونروا، التي لعبت دورًا محوريًّا في دعم اللاجئين الفلسطينيين في غزة طوال عقود.
الشبكة جودة
صفاء جودة· 10 يونيو 2025
Skip to content