Abbas’s Craven Response to the US UNRWA Cuts

لم يعترض الكثيرون من القيادات والشخصيات العامة على قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتجميد جزء كبير من مساهمة الولايات المتحدة في وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) والازمة الإنسانية التي ستتسبب بها، بل ركزوا على التطرف الفلسطيني المُفترض الذي سينتج عن خفض التمويل. وعلى سبيل المثال، بعثَ أعضاءٌ من الحزب الديمقراطي رسالةً إلى ترامب نقلوا فيها عن الناطق الرسمي السابق في الجيش الإسرائيلي، بيتر ليرنر، قولَه “إن إضعاف الأونروا سيجعل الفلسطينيين أكثرُ عرضةً للمزيد من التطرف والعنف.” وحذروا ترامب أيضًا من أن تقليص التمويل “سوف يضر المصالح الأمريكية.”
لا يُستغرب من المسؤولين الإسرائيليين والساسةِ الأمريكيين أن يُلصقوا صفةَ العنف بشعبٍّ مستَعمَر، وأن يؤكدوا أن الأونروا تكبح “التطرف” الفلسطيني، ولكن المحيِّر هو أن يُعربَ رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس عن رأي مماثلٍ في خطابه الأخير أمام مجلس الأمن، حيث حذَّر من أن تقليص التمويل الأمريكي سيدفع اللاجئين الفلسطينيين ليصبحوا “إرهابيين” و/أو لإغراق الدول الغربية – في خطاب شبيه بذلك الذي يُغذي رُهاب الأجانب في الأوروبي. ولم يذكر عباس حقَّ العودة في خطابه ولا حتى لمرةٍ واحدة، وإنما استعاض عنه بالإشارة إلى “الحل العادل” – وهذه كناية عن التنازل.

الأونروا لا تكبح المقاومة الفلسطينية ولا تحث عليها. وبرهان ذلك أن الوكالة استهلت عملَها في خمسينات القرن الماضي، ولم تبدأ منظمة التحرير الفلسطينية الكفاح المسلح إلا في منتصف الستينات. الفلسطينيون يقاومون سواء كانوا مسجلين لدى الوكالة أم لم يكونوا مسجلين – والكثير من أعمال المقاومة الفلسطينية سلمية.

يبين تصريح عباس بشأن تقليص التمويل استخدام السلطة الفلسطينية للاجئين كأداة خطابية وسياسية Share on X

اليوم، يتوسل عباس والسلطة الفلسطينية عند أقدام إمبراطورية تتعدى على الحقوق الوطنية الفلسطينية. ويأتي اعتراف الولايات المتحدة مؤخرًا بالقدس عاصمةً لإسرائيل، وقرارَها بنقل سفارتها إليها في ذكرى النكبة كمثالٌ رئيسي على ذلك. ومع ذلك تتمسك السلطة الفلسطينية بحل الدولتين غير القائم، والذي لم تكن إسرائيل ولا الولايات المتحدة عازمةً يومًا على تنفيذه، والذي محته الولايات المتحدة من المفاوضات. تُبيِّن كلمةُ عباس حول تقليص تمويل الأونروا كيف أن السلطة الفلسطينية تستخدم اللاجئين الفلسطينيين بشكل مُعيب كأداةٍ خطابية وسياسية لتأمين التمويل ومواصلةِ هذه المهزلة. وبما أن السلطة الفلسطينية لن تدافع عن حقوق الفلسطينيين كما هو واضح، فلا بد للفلسطينيين حول العالم أن يعملوا بأنفسهم لإيجاد حلٍ عادل.

نداء من أجل التحرك الفلسطيني

بالرغم من العلاقة المضطربة في كثير من الأحيان بين الأونروا واللاجئين، إلا أنها ضرورية من أجل تأمين حقوقهم. لذا يتعين على الموظفين في الوكالة والمستفيدين منها أن يعملوا معها للتصدي للهجمات التي تطالها وتطال وضع اللاجئين.

ينبغي للفلسطينيين وحلفائهم في مناصرتهم لحقوقهم أمام الحكومات الوطنية والهيئات الدولية والخبراء القانونيين أن يضغطوا تجاه تحميل الأمم المتحدة مسؤولية اللاجئين الفلسطينيين ومسؤولية الأونروا لأنها شاركت في خلق أزمة اللاجئين من خلال: 1) إقرار خطة التقسيم لعام 1947 التي انتهكت مبدأ تقرير المصير المنصوص عليه في ميثاق عصبة الأمم لعام 1922، و2) قبول عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة في 1949، بشرط أن تنفذ إسرائيل الميثاق وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولا سيما القرار 181 (II) – قرار التقسيم – والقرار 194 (III) – حق العودة. غير أن إسرائيل لم تلتزم بأيٍّ من هذه القرارات.

يجب على المجتمع المدني الفلسطيني وممثلي الشعب الفلسطيني أن يدعوا إلى إعادة اللاجئين إلى وطنهم كجزء من الكفاح من أجل تقرير المصير، وأن يدعوا أيضًا إلى حماية مخيمات اللاجئين. فالمخيمات مسؤوليةٌ دولية وعنوان المأزق الوطني والنضال من أجل العودة.

يجب على الفلسطينيين حول العالم أن يستعدوا لحشد قواهم لمعارضة أي اتفاقٍ مستقبلي بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل من شأنه أن يتنازل عن الحقوق الكاملة للاجئين وحق العودة. وعليهم أن يقولوها صراحةً بأن تقرير المصير لا يتحقق إذا كان الطرف المعني غير مُمثَّلٍ بالكامل في تحديد مستقبله. وإلى أن تصبح منظمة التحرير الفلسطينية ممثِّلةً للشعب الفلسطيني بمكوناته وأطيافه كافة، بما في ذلك اللاجئون، فإنها ستظل تفتقر إلى الشرعية اللازمة للتفاوض.

رندة فرح هي أستاذة مشاركة في جامعة ويسترن أونتاريو، قسم الانثروبولوجيا. كتبت الدكتور فرح في الذاكرة الشعبية الفلسطينية وإعادة بناء الهوية مستندة على العمل الميداني...
في هذه المقالة

أحدث المنشورات

كشفت الإبادة الجماعية المستمرة التي يرتكبها النظام الإسرائيلي في غزة عن فشل الأطر القانونية الدولية في حماية المدنيين، ما شكَّل انهيارًا غير مسبوق في الوظيفة الحمائية للقانون الدولي. فعلى الرغم من أن اتفاقية الإبادة الجماعية تُلزِم الدول بمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، وأن اتفاقيات جنيف تفرض حماية المدنيين تحت سلطة الاحتلال، فإن هذه الآليات أثبتت عجزها في غياب الإرادة السياسية اللازمة لإنفاذها. في هذا السياق، أطلقت ثماني دول من الجنوب العالمي -جنوب إفريقيا، ماليزيا، ناميبيا، كولومبيا، بوليفيا، السنغال، هندوراس، وكوبا- مجموعة لاهاي، وهي مبادرة قانونية ودبلوماسية تهدف إلى إنفاذ القانون الدولي ومساءلة النظام الإسرائيلي. وتتناول هذه المذكرة السياساتية جهود مجموعة لاهاي في مواجهة حالة الإفلات الممنهج من العقاب الذي يتمتع به النظام الإسرائيلي، وتُبرز الإمكانات التي يتيحها التحرك الجماعي للدول في مساءلة المنتهكين للقانون الدولي، رغم القيود البنيوية التي تحد من إنفاذه.
Al-Shabaka Munir Nuseibah
منير نسيبة· 08 يوليو 2025
 السياسة
في يوم الخميس، 19 حزيران/يونيو 2025، وقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام موقع الضربة الإيرانية قرب بئر السبع، وقال للصحفيين: "ما نعيشه اليوم يذكّرني حقًّا بما تعرّض له الشعب البريطاني أثناء قصف لندن (البليتز) في الحرب العالمية الثانية. نحن نُقصف اليوم بطريقة مماثلة". كانت البليتز حملة قصف جوي مكثفة شنَّتها ألمانيا النازية ضد المملكة المتحدة في الفترة بين أيلول/سبتمبر 1940 وأيار/مايو 1941. أراد نتنياهو بهذه المقارنة الدرامية استعطافَ الغرب وتأمين حصول حكومته على دعمٍ غير مشروط في عدوانها غير المبرر على إيران الذي يشكل تصعيدًا عسكريًّا وانتهاكًا جديدًا للقانون الدولي. ومثل تلك المراوغات الخَطابية ليست بشيءٍ جديد، بل هي نمط راسخ في الخطاب السياسي الإسرائيلي الذي يصوِّر إسرائيل كضحية دائمًا ويصف خصومها بالنازيين المعاصرين. لطالما راودت نتنياهو طموحاتٌ بضرب إيران بدعمٍ مباشر من الولايات المتحدة، غير أن التوقيت ظلّ دائمًا العنصر الحاسم. وعليه، فلا ينبغي النظر إلى هذه اللحظة على أنها مجرّد عدوان انتهازي، بل كجزء من إستراتيجية أوسع محسوبة بعناية. فشنّه هذه الحرب غير المبرّرة اليوم، نابع من حالة الإفلات غير المسبوقة من العقاب التي يتمتع بها، التي تزامنت مع تحوّلات إقليمية متسارعة أعادت تشكيل موازين القوى في المنطقة، إلى جانب الهشاشة المتفاقمة في المشهد السياسي الداخلي الإسرائيلي. يتناول هذا التعقيب التصعيدَ الأخير في هذا السياق، ويُسلّط الضوء على الدوافع السياسية التي تقف خلف شنّ الحرب في هذا التوقيت تحديدًا.
Al-Shabaka Yara Hawari
يارا هواري· 26 يونيو 2025
 السياسة
في خضمّ هذا التصعيد، تصبح ديناميكيات القوى الدولية والإقليمية وعلى رأسها الولايات المتحدة، والصين، وروسيا، وتركيا عاملاً حاسماً في تحديد مسار الصراع. ويعد دعم الولايات المتحدة للكيان الصهيوني بمثابة انحراط فعلي في الحرب كيف يمكن أن يؤثر هذا التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران على موازين القوى في الشرق الأوسط؟ وما هي تبعات الحرب على القضية الفلسطينية؟ في مختبر السياسات هذا، ينضم إلينا الدكتور بلال الشوبكي، وزيد الشعيبي، مع الميسر فتحي نمر، لمناقشة الأبعاد الدولية والاقليمية للحرب على إيران.
Skip to content