الانتفاضة الفلسطينية… ست ملاحظات
مضت ستة أشهر على انطلاق هبّة الغضب الشبابية الفلسطينية، واستمرار حلقات الاشتباك الفردية والجماعية مع المحتل الإسرائيلي. ما أهم الملاحظات التي يمكن تسجيلها من متابعة أحداث الأشهر الستة؟ وما الدروس المستوحاة من التجربة؟ تسجل هذه المقالة ست ملاحظات رئيسية.
أولاً، أظهرت الأشهر القليلة الماضية بكل وضوح مدى ضعف بنية الأحزاب السياسية الفلسطينية وفعلها وشرعيتها، من يمينها إلى يسارها؛ إذ فشلت هذه الأحزاب "التاريخية" في توفير الإطار المؤسساتي أو الدعم السياسي للشباب المنتفض ضد البنى القمعية المتعدّدة. فشلت في تعبئة الجماهير، وفي تسليح الشباب المنتفض بالتعليم السياسي المناسب والكافي، كما فشلت في تحدّي البنى السلطوية والقمعية لأجهزة أمن السلطة الفلسطينية، وتحدي قرارات قيادتها السياسية. بل إن أحزاباً أظهرت بوضوح عدم اكتراثها أو رغبتها باستئناف النضال الوطني لإحراز الحقوق السياسية والمدنية، وفضّلت إدامة الأمر الواقع المقيت الذي لا يصب في صالح الفلسطينيين. لم تكن أوجه الفشل المتعدّدة هذه فقط بسبب ضعف الأحزاب أو عدم فعاليتها، وإنما الأهم بسبب افتقادها الإرادة السياسية والقرار السياسي المستقل، وربما أيضاً لأن قيادة معظم الأحزاب السياسية الموجودة، وبرامجها السياسية، لا تلبي الحد الأدنى من تطلعات الجماهير، أو أنه انتهى تاريخ صلاحيتها. وبالتالي، تكون شرعية هذه الأحزاب والقيادات دوماً على المحك. وقد تجذّر هذا الضعف للأحزاب السياسية التقليدية في التحولات المصاحبة للبنى السياسية للنظام السياسي الفلسطيني، والبرنامج السياسي لقيادته، وأنظمة الحوكمة المرتبطة به. وبالتالي، الضعف هو فلسطيني ذاتي، ارتبط، بشكل خاص وأساسي، بحالة التشتت والتفتت الفلسطينية الداخلية، والتي ترافقت مع مشروع "بناء الدولة" في الضفة الغربية ومشروع "تجميع القوة وتكريسها" في قطاع غزة.