Dangerous Bill in Congress to Crush the PLO and PA

تنظر اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ الأمريكي في الوقت الراهن في مشروع قانون طرحه الحزبان الديمقراطي والجمهوري من شأنه أن يهدد قدرة منظمة التحرير الفلسطينية على استخدام الوسائل الدبلوماسية والقانونية لدعم التطلعات الوطنية الفلسطينية، وطلب المساءلة من خلال الآليات الدولية، ويهدد كذلك مستقبل العلاقات الأمريكية الفلسطينية.
يُعد مشروع القانون رقم 2132 المعروف باسم مشروع قانون إحقاق الأمن والعدالة لضحايا الإرهاب لسنة 2019 تعديلًا لقانون مكافحة الإرهاب (آتكا-Anti-Terrorism Clarification Act) ويهدف إلى إجبار منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية على دفع ما يزيد على 655 مليون دولار أمريكي كتعويض للضحايا الأمريكيين المتضررين من العنف السياسي في إسرائيل، وهي المطالبات التي ردتها سابقًا محكمةُ استئناف الدائرة الثانية في 2016. ويسعى مشروع القانون إلى ما هو أكثر من انتزاع تعويضات لأسر الضحايا. إذا دخل هذا القانون حيز النفاذ، سوف تعود الولايات المتحدة إلى معاملة منظمة التحرير كمنظمة إرهابية غير ممثِّلة وطنيًا.

ما هو قانون آتكا وما الداعي لتعديله؟

صَدَر قانون آتكا في تشرين الأول/أكتوبر 2018 ليُمكِّن المواطنين الأمريكيين من مقاضاة الكيانات الأجنبية عن الأعمال الإرهابية المرتكبة قبل تاريخ سريان القانون في حال كانت تلك الكيانات تتلقى مساعدات أمريكية. وجاء هذا القانون كاستجابةٍ لفشل مركز “شورات حادين” القانوني الإسرائيلي في تحميل المسؤولية لمنظمة التحرير والسلطة الفلسطينية، أمام المحاكم الأمريكية، عن مقتل مواطنين أمريكيين قضوا في الفترة ما بين 2002 و2004 إبان الانتفاضة الثانية. فقد قضت محكمةٌ ابتدائية بمنح ما يزيد على 655 مليون دولار لأحد عشرة أسرة أمريكية، غير أن محكمة استئناف الدائرة الثانية أمرت برد المطالبات بداعي أن الهجمات وقعت بكُليتها خارج الأرض الأمريكية ولغياب الدليل على أن الأمريكيين الذين قتلوا كانوا مستهدفين على وجه التحديد. ورفضت المحكمة العليا التماس مركز شورات حادين بمراجعة حُكم الاستئناف.

قام عضو مجلس الشيوخ عن ولاية آيوا، الجمهوري تشاك غراسلي، بتسريع قانون آتكا دون عرضه على المداولات وذلك باتباع إجراء يُسمى “hotlining”. ففي الظروف الاعتيادية، يحظى أعضاء اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ بالوقت الكافي لتحليل مشروع القانون والنظر في الكيفية التي سيجبر بها السلطةَ الفلسطينية على رفض كافة المساعدات الأمريكية، بما فيها الأموال المخصصة للتعاون الأمني الفلسطيني-الإسرائيلي. ولكن حيلة غراسلي الإجرائية المتمثلة في تمرير قانون آتكا عبر اللجنة القضائية، جاءت في وقتٍ كان فيه الأعضاءُ مشغولين بجلسة المصادقة على مرشح المحكمة العليا بريت كافانو، حالت دون التدبر في تداعيات القانون. غير أن الحاجة إلى “إصلاح” آتكا باتت واضحة للكونغرس عندما بعث رئيس الوزراء الفلسطيني برسالة إلى وزير الخارجية الأمريكي يرفض فيها قبول أي مساعدة أمريكية في المستقبل.

 تعديل قانون آتكا سيغير اللعبة

إن مشروع قانون إحقاق الأمن والعدالة لضحايا الإرهاب لسنة 2019 هو قانون معدِّل لقانون آتكا يسمح للسلطة الفلسطينية بقبول المساعدات الأمنية دون أن تخضع لولاية قضائية تَفرض عليها دفع مطالبات متصلة بقضايا الإرهاب. ولكنه يستحدث طُرقًا جديدة لتحميل المسؤولية لمنظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية، فإذا حافظت منظمة التحرير على صفتها كدولة في وكالات الأمم المتحدة وهيئاتها أو في المحكمة الجنائية الدولية، أو إذا دخل مسؤولو المنظمة أو السلطة الولايات المتحدة في عمل رسمي أو إذا افتتحوا مكاتب لهم على أرضٍ أمريكية، فإن المطالبات بالتعويض التي ردتها المحكمة في السابق سوف تصبح مستحقة، وستنظر المحاكم الأمريكية في أي مطالبات مستقبلية. وتُستثنى من ذلك البعثة الفلسطينية إلى مقر الأمم المتحدة في نيويورك في حدود العمل الرسمي في إطار الأمم المتحدة، ولا يُسمح بأعمال المناصرة والمؤازرة باسم فلسطين أو الفلسطينيين داخل الولايات المتحدة.

الفلسطينيون والمتضامنون معهم قد لا يدركون تمامًا كيف أن مشروع قانون إحقاق الأمن والعدالة لضحايا الإرهاب قد ينال من جهود الدفاع عن حقوقهم الإنسانية Share on X

وفي تموز/يوليو 2019، أقرَّ مجلس النواب الأمريكي مشروعَ قانون أكثر محدودية يسعى أيضًا إلى تعديل قانون آتكا بحيث يضمن تعويضًا لضحايا الإرهاب، ويُعرف باسم مشروع قانون تعزيز التعاون الأمريكي الإسرائيلي والأمن الإقليمي. يربط مشروع القانون هذا الولايةَ القضائية بتقدم المنظمة بطلب الانضمام لعضوية الأمم المتحدة أو بفتحها مكتبًا على أرض أمريكية. ولا يزال يتعين التوفيق بين التعديلات المختلفة التي أقرها مجلسا النواب والشيوخ على قانون آتكا.

وإذا أُقرت نسخة مجلس الشيوخ من تعديلات قانون آتكا، فإنه سيتعين على منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية أن تختارا ما بين:

  • الاحتفاظ بمكانتيهما في الأمم المتحدة وتحمل المسؤولية عن المطالبات بتعويض ضحايا الإرهاب والتي ردتها المحكمة في السابق، أو
  • تخفيض مكانتيهما في الأمم المتحدة، والتخلي عن دعواهما المرفوعة ضد إسرائيليين بارتكاب جرائم حرب وذلك بالانسحاب من نظام روما الأساسي، المعاهدة المنشئة للمحكمة الجنائية الدولية، واستئناف تلقي الدعم الأمني الأمريكي.

بموجب الخيار الأول، سوف تعلن السلطة الفلسطينية إفلاسها، وسوف تعامل الولايات المتحدة منظمةَ التحرير الفلسطينية كمنظمة إرهابية بحتة. وبموجب الخيار الثاني، سوف تتخلى منظمة التحرير الفلسطينية عن كل ادعاء بأنها قادرة فعلا على تمثيل حقوق الشعب الفلسطيني ومصالحه. وكلتا الحالتين تعني نهاية الشريك المفاوض الفلسطيني في أي محادثات سلام مستقبلية.

التمسك بالحقوق الفلسطينية في التمثيل

ربما تكون هذه المحصلة هي ما يسعى إليه جمهوريون كُثر، غير أن الديمقراطيين الذين لا يزالون يؤيدون حل الدولتين قد لا يفهمون تداعيات تعديل قانون آتكا، مثلما لم يفهموا تأثير قانون آتكا نفسه في بادئ الأمر.

وعلاوةً على ذلك، ومع كل التركيز على القرارات المناهضة لحركة المقاطعة والمؤيدة لها في مجلس النواب الأمريكي، فإن الكثيرين من الفلسطينيين والمتضامنين معهم قد لا يدركون تمامًا كيف أن سحب شرعية منظمة التحرير الفلسطينية أو إفلاسها دوليًا قد يؤثر في جهود الدفاع عن حقوقهم الإنسانية في الولايات المتحدة وعلى الصعيد الدولي. ومهما كانت الآراء إزاء منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية، فإن عدم ارتباط التطلعات الوطنية للشعب الفلسطيني بأي كيان سوف يزيد من صعوبة الدفاع عن الحقوق الفلسطينية في الولايات المتحدة ودوليًا.

ينبغي للفلسطينيين والمهتمين في إحلال السلام العادل أن ينبِّهوا أعضاء الكونغرس بشأن تأثيرات مشروع القانون على مستقبل العلاقات الأمريكية الفلسطينية وعلى إمكانية التوصل إلى حل دبلوماسي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني. ولا ينبغي التفريط بالمسعى الفلسطيني نحو تقرير المصير والمساءلة عن جرائم الحرب من أجل إحراز مكاسب سياسية محلية قصيرة المدى ذات تداعيات بليغة على السلام في الشرق الأوسط.

العضوة السياساتية في الشبكة، زها حسن، هي محامية عن حقوق الإنسان، وزميلة زائرة في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي. تركز في عملها البحثي على السلام بين...
في هذه المقالة

أحدث المنشورات

 السياسة
في يوم الخميس، 19 حزيران/يونيو 2025، وقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام موقع الضربة الإيرانية قرب بئر السبع، وقال للصحفيين: "ما نعيشه اليوم يذكّرني حقًّا بما تعرّض له الشعب البريطاني أثناء قصف لندن (البليتز) في الحرب العالمية الثانية. نحن نُقصف اليوم بطريقة مماثلة". كانت البليتز حملة قصف جوي مكثفة شنَّتها ألمانيا النازية ضد المملكة المتحدة في الفترة بين أيلول/سبتمبر 1940 وأيار/مايو 1941. أراد نتنياهو بهذه المقارنة الدرامية استعطافَ الغرب وتأمين حصول حكومته على دعمٍ غير مشروط في عدوانها غير المبرر على إيران الذي يشكل تصعيدًا عسكريًّا وانتهاكًا جديدًا للقانون الدولي. ومثل تلك المراوغات الخَطابية ليست بشيءٍ جديد، بل هي نمط راسخ في الخطاب السياسي الإسرائيلي الذي يصوِّر إسرائيل كضحية دائمًا ويصف خصومها بالنازيين المعاصرين. لطالما راودت نتنياهو طموحاتٌ بضرب إيران بدعمٍ مباشر من الولايات المتحدة، غير أن التوقيت ظلّ دائمًا العنصر الحاسم. وعليه، فلا ينبغي النظر إلى هذه اللحظة على أنها مجرّد عدوان انتهازي، بل كجزء من إستراتيجية أوسع محسوبة بعناية. فشنّه هذه الحرب غير المبرّرة اليوم، نابع من حالة الإفلات غير المسبوقة من العقاب التي يتمتع بها، التي تزامنت مع تحوّلات إقليمية متسارعة أعادت تشكيل موازين القوى في المنطقة، إلى جانب الهشاشة المتفاقمة في المشهد السياسي الداخلي الإسرائيلي. يتناول هذا التعقيب التصعيدَ الأخير في هذا السياق، ويُسلّط الضوء على الدوافع السياسية التي تقف خلف شنّ الحرب في هذا التوقيت تحديدًا.
Al-Shabaka Yara Hawari
يارا هواري· 26 يونيو 2025
 السياسة
في خضمّ هذا التصعيد، تصبح ديناميكيات القوى الدولية والإقليمية وعلى رأسها الولايات المتحدة، والصين، وروسيا، وتركيا عاملاً حاسماً في تحديد مسار الصراع. ويعد دعم الولايات المتحدة للكيان الصهيوني بمثابة انحراط فعلي في الحرب كيف يمكن أن يؤثر هذا التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران على موازين القوى في الشرق الأوسط؟ وما هي تبعات الحرب على القضية الفلسطينية؟ في مختبر السياسات هذا، ينضم إلينا الدكتور بلال الشوبكي، وزيد الشعيبي، مع الميسر فتحي نمر، لمناقشة الأبعاد الدولية والاقليمية للحرب على إيران.
في 26 أيار/مايو 2025، تم إطلاق نظام توزيع المساعدات الجديد المدعوم من إسرائيل في غزة، الذي يجري تأمينه من قِبَل شركات أمنية أمريكية خاصة. تسبب هذا النظام في قتل أكثر من 100 فلسطيني، أثناء محاولتهم الوصول إلى نقاط توزيع المساعدات الواقعة قرب مواقع عسكرية على حدود رفح، وسط ظروف غير إنسانية. وتُثير هذه الخسائر الفادحة تساؤلات مهمة حول سلامة نظام المساعدات الجديد ودور الشركات الأمنية الأمريكية التي تعمل تحت إشراف مباشر من قوات الاحتلال الإسرائيلي. يُبيّن هذا الموجز السياساتي أن خصخصة المساعدات والأمن في غزة تمثّل انتهاكًا للمبادئ الإنسانية الأساسية، إذ تُحوِّل المساعدات إلى أداة للسيطرة السياسية، والتطهير العرقي، وإدامة الاستعمار. كما تهدّد حياة الفلسطينيين من خلال ربط الحصول على المساعدات بظروف قسرية، وتسهيل التهجير القسري، وتوفير غطاء قانوني وأخلاقي لانتهاكات الاحتلال. كذلك، تُسهم هذه الخصخصة في تهميش وتقويض دور المؤسسات المحلية والدولية، وعلى رأسها الأونروا، التي لعبت دورًا محوريًّا في دعم اللاجئين الفلسطينيين في غزة طوال عقود.
الشبكة جودة
صفاء جودة· 10 يونيو 2025
Skip to content