تعمل ست مؤسسات مجتمع مدني فلسطينية (مركز العمل المجتمعي، مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، مؤسسة سانت إيف، مؤسسة الحق، مركز بديل، الشبكة) بالتعاون مع Visualizing Palestine من أجل فضح الانتهاكات الجسيمة المرتكبة بحق الفلسطينيين المقدسيين من خلال العمل على سلسلة من المخططات البيانية (الانفوجرافيك)، والتي تركز على إظهار السياسات الإسرائيلية العنصرية الممنهجة في شرق القدس والهادفة إلى تهجير المقدسيين قسريا؛ الأمر الذي يشكل انتهاكا جسيما للقانون الدولي لحقوق الانسان والقانون الدولي الإنساني.
المخطط البياني الأول: الحياة في ظل سياسات الاستعمار في القدس
تعتبر شرق مدينة القدس أرضاً محتلة. وحسب القانون الدولي، فإن ضم شرق القدس من قبل الحكومة الاسرائيلية يعتبر غير قانونيّ. عملت إسرائيل طوال سنوات الاحتلال على تنفيذ سياسات وقوانين عنصرية من أجل تقليص الوجود الفلسطيني في شرق القدس. حيث أعلنت إسرائيل عن سياسة حكومية واضحة (حسب مخطط 2020) تسعى فيها للحفاظ على توازن سكاني بنسبة 60% من اليهود و40% من العرب الفلسطينيين داخل حدود بلدية القدس التي أعلنتها إسرائيل – والتي أعلنت من جانب واحد على أنها “عاصمة موحدة لإسرائيل” في عام 1980.
يضع بين أيدينا المخطط البياني (الانفوجرافيك) الأول لمحة عامّة عن السياسات التمييزية الإسرائيلية التي تستهدف السكان الفلسطينيين في شرق القدس ، وغيرها من السياسات التي تسعى إلى الزيادة غير المشروعة في عدد سكان المستوطنات الإسرائيلية في المدينة. وتشمل هذه السياسات: سياسة مركز الحياة؛ قانون الجنسية لعام 2003، وقانون الدخول؛ وقانون أملاك الغائبين، ونظام البناء وإعطاء التصاريح التمييزي، بالإضافة إلى قانون العودة. تحت مظلة كل هذه السياسات “القانونية”، خَلقت إسرائيل ظروف معيشية لا تطاق للفلسطينيين، وانخرطت في تهجيرهم القسري الصامت.
الإجراءات العقابية التي تستهدف السكان الفلسطينيين على وجه التحديد في شرق القدس تشمل:
– مصادرة الأراضي والممتلكات، ورفض إصدار تصاريح البناء، وهدم منازل الفلسطينيين بأسلوب تمييزي ممنهج.
– فرض قيود مشددة على التطور الطبيعي للأحياء الفلسطينية، مقابل تسهيل توسّع المستوطنات الإسرائيلية في شرق القدس.
– سحب حق إقامة الفلسطينيين المقدسيين.
– فرض قيود مشددة على لم شمل العائلات وتسجيل الأطفال الفلسطينيين المقدسيين.
بالتوازي مع الإجراءات الإسرائيلية العقابية، يتم عزل الفلسطينيين في شرق القدس المحتل وأجزاء أخرى من الضفة الغربية وقطاع غزة، عن بعضهم البعض. وتهدف إسرائيل من خلال فرض نظام الإغلاق الشامل على الفلسطينيين في الأرض الفلسطينية المحتلة إلى تعزيز سيطرتها على القدس وفرض محاولات فصلها تماما عن بقية الأرض الفلسطينية المحتلة.
السياسات الإسرائيلية الممنهجة التي تستهدف السكان الفلسطينيين في شرقي القدس المحتل
تتبع إسرائيل سياسات ممنهجة للتقليل من نسبة السكان العرب الفلسطينيين في مدينة القدس بحيث لا تتجاوز نسبتهم 40% من إجمالي السكان. بحسب مخططات البناء في شرق مدينة القدس، يسمح للفلسطينيين بالبناء على 13% فقط من أراضي شرق القدس التي قامت إسرائيل بضمها بطريقة غير شرعية. وتشير التقديرات إلى وجود نقص يصل إلى 43,000 وحدة سكنية لتغطية الاحتياجات الناتجة عن الزيادة السكانية للفلسطينيين، ومع ذلك، فإن نسبة رخص البناء التي تم منحها للفلسطينيين خلال السنوات الأخيرة لم تتجاوز الـ 7% من الرخص التي تم منحها (مع العلم أن نسبة الفلسطينيين في شرقي القدس هي 40%). وبالإضافة إلى سياسة التخطيط العنصرية، فإن رسوم رخصة البناء مرتفعة جدا بالمقارنة مع دخل السكان الفلسطينيين والذين يعيش جزء كبير منهم تحت خط الفقر (تصل نسبتهم إلى 75.4%).
أما فيما يتعلق بسياسة هدم المنازل المبنية بشكل “غير قانوني”؛ أي التي تم بناءها من غير ترخيص مسبق، نجد تمييزاً واضحاً ضد السكان الفلسطينيين بالمقارنة مع الإسرائيليين. فبحسب مركز التعاون والسلام الدولي، فإن الأغلبية العظمى، بما يصل نسبته إلى 78.4% من مخالفات البناء حدثت في غرب القدس ولكن لم يخضع إلا 27% من المخالفين إلى أوامر هدم. وبالمقابل، ومع أن نسبة المخالفات في شرق القدس تصل إلى 21.5% إلا أن 84% من المخالفين صدرت بحقهم أوامر هدم. يقدّر اليوم عدد المنازل المهددة بالهدم في شرقي القدس بـ 60,000 منزلاً.
من الواضح أن سياسة التخطيط والبناء تستهدف تقليص عدد السكان الفلسطينيين في مدينة القدس ودفعهم، بسبب القيود المفروضة على عملية البناء، إلى ترك المدينة والانتقال للسكن في مناطق أخرى بما فيها مناطق الضفة الغربية، بحيث يعرضون أنفسهم بحسب القوانين الإسرائيلية لفقد الحق في الإقامة في مدينتهم. تعتبر سياسة سحب الإقامات من فلسطينيي القدس الأداة الأكثر فعالية المستخدمة لتهجير السكان الفلسطينيين قسراً من القدس. بين العام 1967 والعام 2015، تم سحب ما يزيد عن 14,500 إقامة، من ضمنها 11,000 إقامة سحبت ما بعد العام 1990. تطورت سياسة تهجير الفلسطينيين من القدس من خلال إلغاء حق الإقامة في ثلاث مراحل رئيسية:
- ما بين عام 1967 وعام 1995: يفقد الفلسطيني من سكان شرق القدس حق الإقامة في حال “إقامته خارج إسرائيل” لفترة سبع سنوات، أو في حال حصوله على وضع مقيم أو مواطن في بلد آخر. تم إلغاء ما يقارب 3,150 إقامة خلال الـ28 عاماً هذه.
- منذ عام 1995 فصاعداً: تم توسيع المعايير المذكورة أعلاه بحيث يفقد الفلسطيني من سكان شرقي القدس حق الإقامة نتيجة نقل “مركز حياته” خارج إسرائيل، حتى إذا كان يقيم في الخارج لمدة تقل عن 7 سنوات ولم يحصل على حق إقامة أو جنسية في دولة أجنبية. وأصبحت إسرائيل تعتبر الانتقال إلى الضفة الغربية وقطاع غزة “إقامة في الخارج”. بناءً على هذه السياسة تم إلغاء أكثر من 11,300 تصريح إقامة خلال 19 عاماً.
- منذ عام 2006 فصاعداً: إضافة إلى سياسة إثبات “مركز الحياة”، يجوز لوزير الداخلية الإسرائيلي بشكل عقابي إلغاء حق الإقامة لفلسطينيي شرق القدس الذين “خالفوا واجب الولاء لدولة إسرائيل”. ونتيجة لذلك يصبح فلسطينيو شرق القدس الذين لم يغادروا القدس أبداً عرضة لإلغاء الإقامة. الإلغاء العقابي لحق الإقامة هو أحدث سياسة تهدف إلى تهجير الفلسطينيين قسرا من شرق القدس وجرى إلغاء 13 إقامة على الأقل حتى الآن تبعا لهذه السياسة.
منذ عام 2002 فرضت قوات الاحتلال الإسرائيلية قيود جديدة بهدف تقليص عدد السكان الفلسطينيين في شرقي القدس وذلك من خلال إجراء تعديلات على قانون الجنسية والدخول إلى إسرائيل، حيث لا يمنح لم شمل للزوج أو الزوجة إذا كانـ/ت من باقي سكان الضفة الغربية أو قطاع غزة. وقد تم، بناءً على هذا القانون، رفض ثلث طلبات لم الشمل المقدمة ما بين الأعوام 2000-2013 (تم رفض 20% من الطلبات بسبب إدعاءات أمنية). ومنذ عام 2006 منعت إسرائيل لم الشمل لأيّ من سكان قطاع غزة. أما الأطفال الذين يولدون لعائلات يكون أحد الوالدين فيها ليس لديه إقامة دائمة في القدس، فلا يحصلون بشكل تلقائي على إقامة دائمة. ووفقا لصعوبات التسجيل التي تفرضها إسرائيل، فإن ما يزيد عن 10,000 طفل فلسطيني مقيم في القدس غير مسجلين.