لمحة عامة
تشهد هذه الأيام غزارةً في التحليلات والأنشطة لإحياء الذكرى المئوية لوعد بلفور التي تصادف 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2017. كان الوعد بمثابة خَتم إمبريالي على قرار الحركة الصهيونية الصادر في مؤتمرها الأول في بازل في 1897 والذي نصَّ على “تأسيسِ موطنٍ للشعب اليهودي في فلسطين بموجب القانون العام،” وشُنَّت بموجبه حربٌ أزلية لسلب ممتلكات الفلسطينيين وتشتيتهم واحتلالهم.1
هل كان من الممكن أن يأخذَ التاريخُ مسارًا مغايرًا؟ هل مرَّ على الفلسطينيين موقفٌ في السنوات المائة الماضية كان يمكنهم فيه أن يغيروا مجرى الأحداث؟ طلبنا من المؤرخين والمحللين في الشبكة أن يحددوا موقفًا مفصليًا كان من الممكن عنده أن يختلفَ مجرى الأمور لو اختار الشعب الفلسطيني خيارًا غير الذي اختاره بالفعل، وطلبنا منهم أن يستخلصوا الدروسَ والعِبر التي ينبغي الاستفادة منها في مسعى تقرير المصير ونيل الحرية والعدالة والمساواة.
يستهلُّ الحلقةَ النقاشية رشيد الخالدي بحديثه البليغ عن القيادات الفلسطينية وسوء فهمها المزمن لديناميات القوة العالمية، مستخدمًا الكتاب الأبيض لعام 1939 ليوضح نقطة الضعف القاتلة هذه. ثم تتناول زينة الآغا تقرير لجنة بيل المشكَّلة في العام 1936، والذي ينص على التقسيم كحلٍ لأول مرة في تاريخ القضية، وتتساءل عمّا إذا كان التقسيم محتومًا بالفعل، حتى في يومنا هذا، كما جزمت اللجنة.
يتناول جميل هلال خطة التقسيم ذاتها – قرار الأمم المتحدة رقم 181 لعام 1947 – مشيرًا إلى منطق الفلسطينيين القلة الذين أيدوا قبولَ الخطة لكسب الوقت حتى تستعيد الحركة الوطنية قوتها بعد أن سحقها البريطانيون والصهاينة. ويطرح هلال سؤالًا محددًا فيما يتعلق باستخلاص الدروس من وعد بلفور وقرار التقسيم وعملية أوسلو: “عندما نتساءل ما هي الدروس والعبر التي يمكن أن نتعلمها، نحن الفلسطينيون، من التاريخ، فإن سؤالي دائمًا هو: مَن سيستخلص هذه الدروس؟ وكيف من الممكن دفعه لكي يتصرف على أساسها؟”
ما أهمية دور المحرقة في قيام دولة إسرائيل؟ تحاجج نجوى القطان بأن المحرقة وقيام إسرائيل حدثان لا يرتبطان بعلاقةٍ سببية بالرغم من علاقتهما القائمة بحكم المسار التاريخي. وتحضُّ على قراءة التاريخ قراءةً نقديةً لبلورةِ فهمٍ أفضل للمستقبل. يطعن معين رباني في الروايات التي ترى في زيارةِ أنور السادات للقدس سنة 1977 مبادرةً واعدةً لم تفلح، ويقول إن الرئيسَ المصري، حين ألغى الخيار العسكري العربي ضد إسرائيل، إنما حرمَ منظمة التحرير الفلسطينية والدول العربية من خيارٍ دبلوماسي موثوق. يقارن جابر سليمان مصيرَ الانتفاضة الأولى لعام 1987 ضد الاحتلال الإسرائيلي بمصير الثورة الفلسطينية لعام 1936 ضد الاحتلال البريطاني، ويستخلص دروسًا عدة، ولا سيما أهمية ربط التحركات التكتيكية برؤية وطنية استراتيجية واضحة تقود النضال الفلسطيني في كل مرحلة. أدارت هذه الحلقة النقاشية المديرة العامة للشبكة نادية حجاب.
رشيد الخالدي: الكتاب الأبيض لسنة 1939 وسوء الفهم المنهجي للقوة والنفوذ
هل كان من الممكن أن يشكِّل الكتابُ الأبيض لسنة 1939 نقطةَ تحولٍ في التاريخ الفلسطيني؟2 لو كان كذلك، لكان نقطة تحول ثانوية. لو قبلت القيادة الفلسطينية بالكتاب الأبيض، لكان باستطاعتها أن تُعيد تمركزها في مواجهة القوة الاستعمارية ولحسَّن ذلك مكانتها في نهاية ثورة 1936-1939 ولوضعها في صف بريطانيا بينما انقلب الصهاينة ضدها.
غير أن بريطانيا كانت قوةً آفلة. وكان الأمريكان والسوفييت على أهبة الاستعداد، وسرعان ما ظهروا على الساحة بقوة. وفي 1941 هاجم النازيون الاتحاد السوفييتي، وهاجمت اليابان ميناء بيرل هاربر، وتغير العالم. فكيفما تصرَّف الفلسطينيون مع بريطانيا، ما كان تصرفهم ليغير شيئًا يُذكر على الأرجح. وبعبارة أخرى يمكن القول إن الثورة الفلسطينية الكُبرى جاءت بعد فوات الأوان. فقد ثار المصريون في 1919، والعراقيون في 1920، والسوريين في 1925. وبحلول عقد الثلاثينات، ولا سيما بعد مجيء النازيين إلى السلطة، كان المشروع الصهيوني قد ترسَّخ تمامًا في فلسطين.
غير أن ما تُبرزه تلك الفترة بوضوح هو المشكلة المزمنة التي أضرَّت القيادة الفلسطينية على الدوام ألا وهي فهمها القاصر لميزان القوى العالمية. لقد كان الفلسطينيون يُنافسون حركةً استعمارية مقرها أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، تضم أوروبيين، لغاتهم أوروبية، ولهم علاقات بشخصيات متنفذة ومؤثرة في أوروبا والولايات المتحدة.
لمنافسة حركةٍ من هذا القبيل كانَ على القادة الفلسطينيين أن يمتلكوا صِلات داخل ذلك النظام ممن يُجيدون تلك اللغات ويفهمون السياسة الدولية والمحلية. ولكن لم يمتلك الفلسطينيون ذلك إبان الانتداب البريطاني – وهذا جلي في مذكراتهم. امتلك بعضهم أفكارًا غير مكتملة بالفعل ولكنهم لم يرقوا لمستوى المنافسة قبل وعد بلفور وبعده، وقبل الكتاب الأبيض وبعده. ولم يتغير الكثير في المائة عام الماضية، ولا سيما فيما يتعلق بالولايات المتحدة. امتلكت منظمة التحرير الفلسطينية فهمًا جيدًا جدًا للعالم الثالث وطريقة تسييره، وفهمًا جيدًا للاتحاد السوفييتي، وشيئًا من الفهم لأوروبا الغربية، وهذا يُفسر إحرازَ المنظمة كل تلك الانتصارات الدبلوماسية في عقد السبعينات. ولكن فهمها لسياسة الولايات المتحدة الأمريكية كان الأضعف ولا يزال.
لا تزال القيادة الفلسطينية بعيدةً كل البُعد من امتلاك استراتيجية للتعامل مع الولايات المتحدة Share on Xيتبوأ الجيل الفلسطيني الفتي الذي نشأ وترعرع في الولايات المتحدة وأوروبا مكانةً أفضل بكثير. فهو يمتلك الصِلات، ويفهم تلك المجتمعات، وهو ما افتقده القادة الفلسطينيون، بل وحتى جيل الآباء. ومع ازدياد الثروة والنفوذ لدى أبناء هذا الجيل، كمحامين وأطباء وإعلاميين ومديرين ماليين، ستختفي من طريقهم العوائق التي تحول دون تسخير نفوهم وتأثيرهم من أجل تحقيق العدالة للفلسطينيين.
إذا كان ثمة درس واحد نستفيده من التاريخ ونستخلصه من هذا النقاش الموجز، فهو ألا تقصد الرأس، أي لا تذهب للتحدث إلى اللورد بلفور أو وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون. إنما هي هياكل السلطة التي عليك أن تدركها – بلفور كان جزءًا في حكومة، في حزبٍ سياسي، في فئةٍ، في نظام، وهكذا حال تيلرسون. فعلى المرء أن يفهم هذه الهياكل، ووسائل الإعلام، وأن يضعَ استراتيجية للتعامل معها. أمّا فكرة الذهاب إلى رأس الهرم فهو وهمٌ لطالما اعتقده الفلسطينيون والعرب عمومًا بسبب طريقة الملوك والطغاة العرب في إدارة أنظمتهم وحُكم شعوبهم. ولا تزال القيادة الوطنية بعيدةً كل البُعد من امتلاك استراتيجية للتعامل مع الولايات المتحدة، وهذا أمرٌ مؤسف. وعلى النقيض، يضطلع ناشطو المجتمع المدني الفلسطيني بعمل رائع، سواء في الشتات أو داخل فلسطين، فهم الذين يفهمون كيف يسير العالم ويُدار.
زينة الأغا: التقسيم وتقرير لجنة بيل وأسس السياسات
شَهِدَ تاريخ الغزو الاستعماري الطويل والمشؤوم في فلسطين أخطاءً وفرصًا ضائعة عديدة. وفي سياق الذكرى المئوية لوعد بلفور، يُعد تقرير لجنة بيل، الذي أصدرته القوة الإمبريالية نفسها التي أصدرت وعد بلفور في العام 1917، نقطةً مفصلية، وإنْ كانت مُغفَلةً، في تاريخ السعي الفلسطيني من أجل تقرير المصير.
تشكلت اللجنةُ برئاسة اللورد بيل نتيجة البعثة البريطانية إلى فلسطين في العام 1936. وتمثلت أهدافها المعلنة في “معرفة أسباب الاضطرابات” في فلسطين عقب الإضراب العام الكبير الذي دام ستة أشهر، و”التحقيق في طريقة تنفيذ صك الانتداب على فلسطين فيما يتعلق بالتزامات الدولة المنتدبة تجاه العرب واليهود.”
أفادَ التقريرُ الصادر في تموز/يوليو 1937 بأن المصالحةَ متعذرةٌ في الصراع بين العرب واليهود، ولذلك أوصت اللجنة بإنهاء الانتداب البريطاني وتقسيم فلسطين إلى دولتين: دولة عربية وأخرى يهودية. وافترضت اللجنة بأن التقسيم هو السبيل الوحيدة إلى “حل” طموحات الجانبين القومية المتناقضة وتخليص بريطانيا من مأزقها.
وعلى الرغم من الالتزامات الواردة في وعد بلفور واتفاقية سايكس بيكو والمراسلات بين مكماهون والشريف حسين، كانت التوصيةُ بالتقسيم اعترافًا رسيمًا بتعارض التزامات بريطانيا تجاه الجانبين. فكانت لجنة بيل الاعترافَ الأول بعدم إمكانية الدفاع عن فرضية الانتداب البريطاني، بعد نحو 20 عامًا على إنشائه. وكانت أيضًا المرةَ الأولى التي ذُكر فيها التقسيم باعتباره “حلًا” للصراع الذي أوجدته بريطانيا.
أصبح قرار التقسيمُ العقيدةَ الراسخة لمنظمة الأمم المتحدة المنشأة حديثًا Share on Xرفضَ الطرفان توصيةَ اللجنة. فلم يرضَ قادةُ الصهاينة بمساحة الأراضي المخصصة رغم تأييدهم التقسيمَ كحل، بينما اعتبر الفلسطينيون التقسيمَ انتهاكًا لحقوق السكان العرب في فلسطين. وأشعل تقريرُ اللجنةِ فتيلَ الثورةِ الفلسطينية التي اندلعت بعفوية في 1936 واستمرت حتى سحقها البريطانيون في 1939.
إن من الصعب أن يجزمَ المرء بماهية المسارات البديلة. لقد قادت الثورة الفلسطينية (وفشل المؤتمر البريطاني-العربي-اليهودي في لندن في شباط/فبراير 1939) إلى إصدار الكتاب الأبيض لسنة 1939 والذي جاء فيه: “ولذلك، فإن حكومة جلالته تعلن الآن بعبارات لا لبس فيها ولا إبهام أنه ليس من سياستها أن تصبح فلسطين دولة يهودية.” وكان ذلك انتصارًا بجميع المقاييس للمجتمع الفلسطيني. غير أن ما أعقبه، وتحديدًا الحرب العالمية الثانية وأهوال المحرقة، هو ما أمالَ الموازين بشدة لصالح إقامة دولة لليهود في فلسطين.
تُذكِّرنا لجنة بيل وما انبثق منها بأن تقسيمَ فلسطين لم يكن قط ركيزةً للانتداب البريطاني. بل إن التقسيم اقتُرحَ كتدبير يائس لتخليص بريطانيا كقوة استعمارية من المستنقع الفلسطيني. ثم أصبح التقسيمُ العقيدةَ الراسخة لمنظمة الأمم المتحدة المنشأة حديثًا، ولم تكن كل جولة تفاوضية تقريبًا منذئذٍ حتميةً ولا منطقية بأي حالٍ من الأحوال. ولعله يجدر بنا، ونحن نتطلع إلى استخلاص الدروس من أجل المستقبل، أن نُخلخلَ الأسطورة المترسخة القائلة بأن تقسيم فلسطين التاريخية هو الوسيلة الوحيدة لإرساء السلام، أيًا كان شكل هذا السلام.
جميل هلال: خطة التقسيم ومفترق الطرق
لكي يستوعب المرء الخيارات التي لم تُطرَق عند تبني القرار 181 في الأمم المتحدة (المعروف أيضًا باسم خطة التقسيم) في عام 1947، فعليه أن يعود إلى وعد بلفور عام 1917 ونتائجه. عبّر وعد بلفور عن مصالح بريطانيا في المنطقة، وتحديدًا نظرتها لفلسطين كضمانة لسيطرتها على قناة السويس وكمنطقة عازلة لصد الأطماع الفرنسية في جنوب سوريا. وهكذا كانت الشواغلُ البريطانية اقتصاديةً (استخدام القناة واستغلال النفط والغاز والتحكم فيهما) وسياسيةً (السيطرة على فلسطين بموجب قرار عصبة الأمم). وتفسِّر هذه السيطرة سبب التزام بريطانيا بإقامة “وطن يهودي” في فلسطين، وليس دولةً يهودية.
لبَّى اليهود الأوروبيون “وعدَ بلفور” عبر ممارسة الاستعمار الاستيطاني رغمًا عن السكان الأصليين، العرب الفلسطينيين. وهذا الاستعمار الأوروبي لفلسطين والذي حرضت عليه بريطانيا سبقَ الفظائعَ التي ارتكبها نظام هتلر في ألمانيا النازية بوقت طويل. ومن المعروف أن الاستعمار المزدوج في فلسطين لقي مقاومةً فلسطينية كبيرة اشتهرت بأحداث أبرزها الثورة الفلسطينية الكبرى 1936-1939. وانقسمت قيادة الحركة الوطنية الفلسطينية التي حاربت الاستعمار الصهيوني في موقفها إزاء الحكم البريطاني على فلسطين، حيث ظنَّ بعض القادة أن من الممكن كسب بريطانيا إلى صفهم، بينما اعتبرها الآخرون عدوهم الرئيس. ولا يزال هذا الانقسام في الموقف إزاء القوة الإمبريالية والعدو المباشر المستعمر جليًا حتى يومنا هذا.
تسببت التدابير التي اتخذها البريطانيون والقوات الصهيونية لسحق ثورة 1936-1939 في إجهاد الحركة الوطنية واستنفاد قواها، وتشتيت قياداتها، وتدمير الاقتصاد الفلسطيني. ولم تعقبها استراتيجيةٌ واضحة غير المطالبة بالاستقلال، وهو وضعٌ مشابهٌ للوضع الراهن.
تجلى إنهاك الحركة الوطنية في الرد الفلسطيني على خطة الأمم المتحدة للتقسيم Share on Xتجلى إنهاك الحركة الوطنية في الرد الفلسطيني على خطة الأمم المتحدة للتقسيم. فلم تكن هناك استراتيجية موحدة ولا مناقشات لاستشارة الشعب بشأن الخطوة المثلى التالية على الصعيدين التكتيكي والاستراتيجي. فئةٌ صغيرة فقط في الحركة الوطنية كانت مستعدة لقبول الخطة. أمّا الغالبية فقد رفضتها، ولكنها لم تطرح بديلًا واضحًا. اعتقدت الأقلية التي دافعت عن قبول الخطة أن من الممكن استخدامها لإحباط المشروع الصهيوني الرامي إلى احتلال أكبر قدرٍ من الأرض بأقل عددٍ من سكانها الأصليين. ورأت أن قبول الخطة سوف يعطي الفلسطينيين الحيز والوقت لبناء قوتهم وقدراتهم، وإقامة دولة، وتطوير علاقاتهم بدول المنطقة والعالم. واحتج آخرون بأن قبول الخطة لن يحبط المخطط الصهيوني.
كان رفض خطة التقسيم مفهومًا بطبيعة الحال. فقد عنت بالنسبة إلى الفلسطينيين التنازلَ عمّا يزيد على نصف وطنهم لحركة استيطانية استعمارية أوروبية غزت بلادهم واستعمرتها بالقوة وبحماية الإمبراطورية البريطانية. وكانت الخطة انتهاكًا لحقهم في تقرير المصير والاستقلال ودعوتهم إلى إقامة دولة ديمقراطية تضمن حقوق مواطنيها كافة بغض النظر عن دينهم واثنيتهم. وبالإضافة إلى ذلك، لم يستهدف المشروع البريطاني الصهيوني الفلسطينيين وحسب، بل شمل المنطقة العربية بأسرها.
انتهزت الحركة الصهيونية رفضَ الخطة باعتباره رفضًا للتسوية السلمية، وتبريرًا لشن حربٍ ضد الفلسطينيين وهم غير مستعدين ولا منظمين وبلا قيادة. وهكذا لم توضع بدائل لخطة التقسيم وتُناقَش بالكامل. فلم تُناقَش الحجج التي طرحها المناصرون لخيار قبول الخطة نقاشًا وافيًا، ولم تكن ثمة محاولات لصياغة استراتيجية جديدة لمواجهة الحركة الصهيونية. فلربما أثَّر هذا المسار في إسرائيل وأفضى لاحقًا إلى إعادة توحيد فلسطين على أساس ديمقراطي. فتلك الأفكار كانت تستحق النقاش على الأقل.
ومن المفارقات أن بعض تلك الحجج سيقت في العام 1974 لترويج البرنامج المرحلي المعروف أيضًا باسم برنامج النقاط العشر الذي هَدَف إلى إقامة دولة (سلطة مقاتلة) على أي جزء يتحرر من فلسطين. وقد سهَّلَ البرنامجُ، الذي أقره المجلس الوطني الفلسطيني في العام 1974، دخولَ منظمة التحرير الفلسطينية الجمعية العامة للأمم المتحدة كعضو غير مصوت.
وفي عام 1988، تبنى المجلس الوطني الفلسطيني حلَّ الدولتين بعدما حشدت الانتفاضة الأولى دعمًا عالميًا كبيرًا للقضية الفلسطينية. ومع ذلك، تسببت اتفاقات أوسلو لعام 1993 وما تلاها بتقسيم فلسطين على نحو أكثر إضرارًا بكثير من خطة التقسيم الأصلية، وهو قبل في لحظة تاريخية يميل ميزان القوى محليًا وإقليميًا ودوليًا لصالح كفة إسرائيل بشدة.
وحيث أن اتفاقات أوسلو لم تُسفر عن قيام دولة فلسطينية مستقلة، علينا أن نسأل: هل ينبغي للفلسطينيين أن يتمسكوا بمشروع الدولتين بينما ينتظرون تغيرًا في ميزان القوى؟ أم هل ينبغي أن يتبنوا استراتيجيةً جديدة تدعو إلى إقامة دولة ديمقراطية على أرض فلسطين التاريخية – وهو الشعار الذي رفعه أعضاء الحركة الوطنية المتنورون قبل النكبة، ومرة أخرى في أواخر الستينات؟ غير أن الإجابة على هذا السؤال في هذه المرة لا بد أن تقترن برؤية واستراتيجية واضحتين وأن تكون بالتحاور مع مكونات الشعب الفلسطيني في فلسطين التاريخية والشتات.
لكن النقاش غير كاف. فعندما نتساءل ما هي الدروس والعبر التي يمكن أن نتعلمها، نحن الفلسطينيون، من التاريخ، فإن سؤالي دائمًا هو: مَن سوف يستخلص هذه الدروس؟ وهل مَن يملك سلطة القرار لديه الإرادة للتصرف على ضوء هذ الدروس؟ يعتقد المفكرون في الغالب أن تحليلاتهم سوف تصل بطريقة ما إلى الطبقة السياسية القادرة على الفعل. ولكن دون فعل من جماعات الضغط والحركات الاجتماعية والأحزاب السياسية والنقابات العمالية وغيرها من أشكال الحراكات الجماعية، لن يتحقق سوى قليل القليل في أحسن الأحوال.
نجوى القطان: قراءة التاريخ بمنظار الواقع
قامت دولة إسرائيل في 1948 نتيجة تطورات تاريخية تعود إلى القرن التاسع عشر. وبالرغم من أن المحرقة لعبت دورًا في ولادة إسرائيل، فإنها كانت بمثابة القابلة وليس الوالدة إنْ جاز التشبيه. ومع ذلك، ثمة تصورٌ، عند الغرب والفلسطينيين على حدٍ سواء، بأن الحدثين مرتبطان بعلاقةٍ سببية. إنما هي الفترة الزمنية القصيرة ذات الست سنوات الفاصلة بين الحدثين التي ينبغي أن نقف عليها. وأنا أقول في هذا المقال إنه لا توجد علاقة سببية مباشرة بين الحدثين، وأقترح أسبابًا تفسر ربطهما في المخيلة الشعبية. وأختم بذكر الدروس التي يمكن استخلاصها من التاريخ بنظرةٍ ناقدة أكثر.
عندما أعلن ديفيد بن غوريون مولد إسرائيل في أيار/مايو 1948، كان يتوج خمسين عامًا من الجهود الصهيونية. فإسرائيل هي حصيلةُ تطورات تاريخية طويلة الأجل وقصيرة الأجل: معاداة السامية العنصرية أو الحديثة في أوروبا في القرن التاسع عشر، ونشوء الحركة الصهيونية كردٍ على معاداة السامية الحديثة وعلى الحركات القومية في روسيا وأوروبا الغربية، ونجاح الصهيونية الأولى في الجمع بين الاشتراكية والقومية لتوطين “شعبٍ بلا أرض” على “أرضٍ بلا شعب”، والانتداب البريطاني على فلسطين الذي قامت تحت حمايته – المنصوص عليها في وعد بلفور – موجاتٌ متعاقبةٌ من هجرة اليهود الأوروبيين ببناء مؤسسات الدولة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعسكرية.
بلغَ عدد الناجين من المحرقة الذين هاجروا إلى فلسطين في الفترة السابقة لعام 1948 نحو 120،000 ناجٍ ضمن قرابة 600،000 يهودي من أوروبا. تزايد عدد سكان إسرائيل بسرعة في سنواتها الأولى عقب نشأتها مع وصول مهاجرين جدد، حيث هاجر إليها 300,000 ناجٍ آخر من المحرقة، و475,000 يهودي من الشرق الأوسط وأماكن أخرى. وبالنظر إلى الفكرة الصهيونية المروِّجة للدولة اليهودية كملاذ من معاداة السامية في أوروبا ووطن قومي للشعب اليهودي، كانت تلك ضربةً معنوية وسياسية للصهيونية التي ظنّت أن إنشاء الدولة سيتكفل بهجرة اليهود إليها، ولكن الملايين لم يأتوا حتى بعد فاجعة المحرقة، التي راح ضحيتها ستة ملايين يهودي.
هذا لا ينفي العلاقةَ التاريخية بين الحدثين. فأول رابط من روابط العلاقة بين المحرقة وإنشاء دولة إسرائيل هو التوقيت. بالرغم من أن بناة الدولة الصهيونية كانوا قد أجمعوا بحلول العقود الأولى من القرن العشرين على الهدف النهائي المتمثل في إقامةِ دولةٍ يهودية في فلسطين، إلا أنهم اختلفوا على التوقيت الأمثل (وعلى مساحة الدولة). ولا بد، في هذا السياق، ذكر أن المحرقةَ حَدَت بالقيادة الصهيونية إلى تأكيد الحاجة الملحة لإنشاء الدولة (برنامج بلتيمور، 1942) كما فعل إعلانُ بريطانيا خططَها للانسحاب من فلسطين في 1947. ومع ذلك، هذا لا يعني أن الحدث الأول تسبب في وقوع الثاني. فمخططات إنشاء الدولة والأنشطة المصاحبة كانت قد دخلت مرحلةً متقدمةً جدًا بحلول ذلك الحين.
المحرقة لعبت دورًا في ولادة إسرائيل ولكنها كانت بمثابة القابلة وليس الوالدة إنْ جاز التشبيه Share on Xالرابط الثاني هو مادةُ الدعاية السياسية، فغالبًا ما يُستَخدم الربط بين المحرقة وإسرائيل في استنكار الانتقادات الموجهة لإسرائيل بمعادة السامية وفي محو حالة انعدام الجنسية وتهجير الشعب الفلسطيني من الرواية. حتى إن نتنياهو قد شطَحَ قبل عامين إلى حدّ الادعاء زورًا وبهتانًا بأن الفلسطينيين هُم مَن أوحى إلى هتلر بفكرة الحل النهائي.
يتصور الفلسطينيون أحيانًا، سواء الرازحون تحت الاحتلال أو المهجَّرون في الأرض، بأنه لولا المحرقة لما وُجِدت إسرائيل. غير أن إعادة تخيل الماضي لا يُجدي نفعًا، والأحرى بنا أن نتعلم من الماضي لكي نبني مستقبلًا حافلًا بالسلام والإنسانية. أولاً، يكمن سر بناء الدولة الفلسطينية (بغض النظر عن شكلها) في كثافة وصحة شعبها ومؤسساتها ومجتمعها المدني، وفي عزم قيادتها السياسية ومجتمعها المدني على تحدي الاحتلال الإسرائيلي وإنكار الحقوق الفلسطينية. ثانيًا، بالرغم من أن المحرقة لم تكن سببًا مباشرًا في نشوء دولة إسرائيل، إلا أنه ينبغي لنا أن نتمنى لو لم تحدث لسببٍ وحيد، هو الوازع الأخلاقي والإنساني.
معين رباني: سلام أنور السادات وصداه
يبدو أن الأعوام التي تنتهي تواريخها بالرقم سبعة تحمل شؤمًا للشعب الفلسطيني. فقد انعقد المؤتمر الصهيوني الأول في مدينة بازل السويسرية عام 1897. وشَهِدَ عام 1917 صدور وعد بلفور المُخزي الذي ألزم بريطانيا العظمى بتحويل فلسطين إلى وطن قومي لليهود، وفي 1937 رفعت لجنة بيل تقريرها الذي أوصت فيه بأن تتبنى لندن سياسة التقسيم كسياسة رسمية، وفي 29 تشرين الثاني/نوفمبر 1947 تبنت الأمانة العامة للأمم المتحدة القرار رقم 181 الذي يوصي بتقسيم فلسطين، وفي 1967 احتلت دويلة إسرائيل ما تبقى من فلسطين بالإضافة إلى أراض عربية أخرى، وأضحت إسرائيل بعدها بنصف قرن، أي في 2017، راسخةً فيها على نحو شبه دائم. أمّا الاستثناء البارز لهذا النمط المأساوي فهو العام 1987 الذي اندلعت فيه الانتفاضة في الأرض الفلسطينية المحتلة لتبث الأمل في التحرر الوطني مجددًا في نفوس الفلسطينيين أينما كانوا.
كثيرًا ما يغيب عن هذه القائمة العامُ 1977 الذي أطلق فيه الزعيم المصري أنور السادات مبادرته بإقامة سلام منفصل مع إسرائيل. يُشار في العادة إلى “حِجة” السادات، كما سمَّاها، إلى أحضان مناحيم بيغن على أنها البداية المبشرة لعملية السلام العربية الإسرائيلية التي تدهورت لاحقًا. ولا يحتاج المرء لهذا الإدراك المتأخر ليعرف أنها لم تكن مبشرة وما كانت لتكون كذلك أبدًا.
وإنه للغزٌ محير كيفَ أن إسرائيل إلى الآن لم تُسمِّ مستوطنةً على اسم أنور السادات Share on Xأمضى السادات جلَّ عقد السبعينات، ولا سيما السنوات التي تلت حرب أكتوبر 1973، في إعادة ضبط مكانة مصر التي كانت سابقًا مركزَ الثقل في العالم العربي وحققت شهرةً عالمية قبل أن تُختَزل تدريجيًا في عهده إلى دولةٍ تابعة للولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية. وفتحت الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية المصاحبة – سياسة الانفتاح – أبواب مصر لكل رأسمالي منحرف مستعد لدفع ثمن الدخول. وأدت تلك السياسة أيضًا في العام 1977 إلى تفجر اضطرابات شعبية لم يسبق لها مثيل منذ انقلاب 1952، وكانت قاب قوسين أو أدنى من الإطاحة بحكمه. وكان ذهاب السادات إلى تل أبيب في وقت لاحق من ذلك العام نتيجةً مباشرةً لتلك التطورات. غير أن جو الحتمية الذي استُثمرت فيه مبادرته، حيث تُقدَّمُ كنتيجة منطقية ولازمة لاتفاقات فض الاشتباك في سيناء لعامي 1974-1975 في أعقاب الحرب العربية الإسرائيلية في تشرين الأول/أكتوبر 1973 – يرقى إلى قراءة التاريخ بالعكس. فقد فاجأت الصديق والعدو على حدٍ سواء لسبب وجيه.
لقد أسقط الزعيم المصري المتفرد والمتزايد جنوحه الخيارَ العسكري العربي ضد إسرائيل جملةً واحدة. وبذلك حرمَ منظمةَ التحرير الفلسطينية والدولَ العربية من امتلاك خيار دبلوماسي موثوق.
تمثلت النتيجة المباشرة في الاجتياح الإسرائيلي المدمر للبنان في 1982 وطرد الحركة الوطنية الفلسطينية منه. وبعد عقد من الزمان، أُبرِمت اتفاقات أوسلو في 1993 تفصيلًا لخطة الحكم الذاتي المذكورة في معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية عام 1979. وإنه للغزٌ محير كيفَ أن إسرائيل إلى الآن لم تُسمِّ مستوطنةً على اسم أنور السادات.
لو قاومت مصر إغراءات إبرام السلام المنفصل مع إسرائيل في أواخر السبعينات – كما كادت تفعل – لكان الشرق الأوسط اليوم مختلفًا جدًا، ولكان في حالٍ أفضل بكثير على نحو شبه مؤكد، ولحَافظَ الفلسطينيون والدول العربية على خيار دبلوماسي موثوق، ولكانوا في وضعٍ يمكِّنهم من فرض ضغوط عسكرية مجدية إذا رفضت إسرائيلُ الانصياع.
جابر سليمان: إستحضار دروس الإنتفاضة الأولى
تميزت “الإنتفاضة الأولى” (1987) بمشاركة كل فئات الشعب الفلسطيني في أنشطتها وفعالياتها، وإتسمت بقدر كبير من الوحدة والتنظيم والإبداع والإبتكار فيما يتعلق بأساليب النضال وأشكاله، فقدمت تجربة فذة ومتميزة لنضال الشعب الفلسطيني في مواجهة الإحتلال الإسرائيلي. وتمكنت من إعادة وضع القضية الفلسطينية على خارطة الإهتمامات الدولية، بعد تراجع الإهتمام بها، إثر خسارة منظمة التحرير الفلسطينية لمركز ثقلها في بيروت عام 1982.
وقد بتنا نتساءل عند كل حدث فلسطيني ساخن ضد الإحتلال، هل تقوم إنتفاضة جديدة؟ هل تقع الإنتفاضة الثالثة، باعتبار أن إنتفاضة العام 2000 هي الثانية؟ وهذا ما يقود البعض إلى التسرع والإستعجال في إطلاق تسمية “الإنتفاضة”، على أي حراك شعبي/شبابي واعد، مثل الحراك الشبابي (أواخر عام2015) و”هبة القدس” الأخيرة (2017) المستمرة، وإن بشكل متقطع، وإضفاء رقم متسلسل عليه أو عليها.
كل هذا يؤكد المكانة المفصلية لهذه الإنتفاضة التي استمرت لما يقارب الثلاث سنوات أو يزيد، والتي لا يضاهيها في مغزاها النضالي أي حدث مفصلي آخر، سوى الثورة العربية الكبرى في فلسطين (1936-1939)، التي لاقت المصير المفجع ذاته الذي لاقته الإنتفاضة الأولى، وإن في سياقات نضالية مختلفة باختلاف الظروف التاريخية، الذاتي منها والموضوعي، على حدّ سواء.
حبذا لو أن القيادة الفلسطينية تستلهم في ممارساتها العملية الروح الكفاحية العالية لشعبها Share on Xآنذاك، استجابت قيادة الحركة الوطنية الفلسطينية لنداء القادة العرب بوقف الثورة، إعتماداً على “حسن نوايا حليفتنا بريطانيا”، التي تعهدت بتلبية المطالب العربية. وفي حال الإنتفاضة الأولى، كان التيار الرئيسي في منظمة التحرير الفلسطينية قد اتخذ قراره ومنذ الدورة 19 للمجلس الوطني (1988)، باستثمار الأنتفاضة سياسياً لتحقيق ما سمي بهدفي “الحرية والإستقلال”، إقتناعاً منه بأنها قد حولت مركز ثقل النضال الفلسطيني من خارج فلسطين إلى داخلها، ووفرت قوة الدفع الذاتية لتطبيق البرنامج السياسي المرحلي (1974)، المتضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على أي جزء يتم تحريره من أرض فلسطين. وكانت النتيجة “كيان فلسطيني” مشوه، كما أثبت الوقائع الناجمة عن عملية سلام أوسلو.
وهذا ما يطرح السؤال الجوهري والإشكالي التالي: إذا لم تكن الظروف الذاتية والموضوعية للثورة الكبرى مواتية لأن تحفر مساراً يؤدي إلى تطبيق حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، أما كان بالإمكان أن تتخذ الإنتفاضة الأولى – في ظل التجربة النضالية الغنية التي إكتسبها النضال الوطني الفلسطيني منذ ثلاثينيات القرن الماضي وحتى اندلاعها- مآلاً أخرغير المآل المفجع الذي إنتهت إليه، بسبب استعجال إستثمارها في سياق إتفاقيات أوسلو، التي لا يزال الشعب الفلسطيني يجني حصادها المرّ، إنقساماً وتفككاً لحركتة الوطنية، وإضعافاً لوزنها المعنوي والأخلاقي، وللمكانة المتميزة التي تبوأتها بين حركات التحرر الوطني العالمية في مرحلة صعودها في منتصف السبعينيات؟
يكتسب السؤال هذا مشروعية وإلحاحية أكبر في أجواء الذكرى المئوية لوعد بلفور، ومع وصول عملية سلام أوسلو البائسة إلى طريق مسدود، بعد أكثر من عقدين من المفاوضات العبثية، ومع رفض إسرائيل القاطع للإنسحاب من المناطق المحتلة عام 1967 وإمعانها في خلق الوقائع الإستيطانية على الأرض، التي تجعل من حل الدولتين أمراً مستحيلاً، بل ضرباً من الوهم والركض وراء السراب. ويرتبط هذا السؤال بسؤال آخر لا يقل إلحاحاً وأهمية بالنسبة لمستقبل الصراع العربي /الصهيوني؛ ما هي دروس المستفادة من الإنتفاضة الأولى ومآلاتها، كما تمثلت في اتفاقيات أوسلو:
- الأهمية التاريخية لتوفر رؤية إستراتيجية واضحة للنضال الوطني الفلسطيني، وتأسيس علاقة جدلية سليمة بين التكتيكي والإستراتيجي في كل مراحل النضال وتحولاته، تأخذ بعين الإعتبار موازين القوى والتحالفات الدولية التي تحكم مسار الصراع. وبالتالي، أهمية عدم إساءة تطبيق مفهوم “مرْحَلة النضال”، وعدم تغليب المحدِدات السياسية للصراع على محدِداته التاريخية، ما يؤدي إلى تغييب الرواية الفلسطينية للصراع لصالح رواية العدو.
- التمسك بالمرجعية القانونية للصراع، إنطلاقا من مبادئ العدالة التي تسمو في ميثاق الأمم المتحدةعلى مبادئ القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية (المادة الأولى من الميثاق)، وبالتالي عدم التلاعب بالمرجعية القانونية للحقوق الفلسطينية، بحيث يظل الحق مرجعية المفاوضات، أية مفاوضات، بدل أن تكون المفاوضات بذاتها مرجعية للحق- كما كان الحال في أوسلو.
- ضرورة أن تستوحي أي قيادة فلسطينية حالية أو مقبلة، وأن تستلهم في ممارساتها العملية الروح الكفاحية العالية لشعبها، التي عبرت عنها تجربته النضالية التاريخية الممتدة لما يزيد عن قرن من الزمان في مواجهة المشروع الصهيوني، وأن تتعلم من تلك التجربة، بما يعزز ثقتها في الطاقات الثورية الكامنة لهذا الشعب، وبما يحول دون الإستثمار السياسي، الضيق وقصير النفس لمحطات نضالية مضيئة في المسيرة الكفاحية للشعب الفلسطيني في إتجاه تاريخي معاكس للحقوق الوطنية الفلسطينية. وليست الإنتفاضة الأولى سوى مثلاً على ذلك.
- تتوفر كافة إصدارات الشبكة باللغتين العربية والانجليزية (اضغط/ي هنا لمطالعة النص بالإنجليزية). لقراءة هذا النص باللغة الفرنسية، اضغط/ي هنا. تسعد الشبكة لتوفر هذه الترجمات وتشكر مدافعي حقوق الإنسان على هذا الجهد الدؤوب، وتؤكد على عدم مسؤوليتها عن أي اختلافات في المعنى في النص المترجم عن النص الأصلي.
- اعتمدت الحكومة البريطانية الكتاب الأبيض في العام 1939، وظل بمثابة السياسة المطبقة حتى نهاية الانتداب البريطاني عام 1948. رفض الكتاب الأبيض فكرة التقسيم، ونصّ على قيام وطن قومي يهودي داخل فلسطين المستقلة مع فرض قيودٍ على الهجرة.