Collapse of the PA: Society

يتناول هذا القسم التداعيات الاجتماعية لانهيار السلطة الفلسطينية أو تفككها أو إعادة تشكيلها على الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة وإجمالًا، ويركّز بشكل أكبر على التداعيات على المدى القصير حيث يتطلب التنبؤ على المدى الطويل بيانات ومقاربات مختلفة.
سيؤثر انهيار السلطة الفلسطينية على مستقبل الفلسطينيين في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، وغزة بدرجات متفاوتة على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والديموغرافية. كما سيؤثر على المجتمعات الفلسطينية في أراضي عام 1948 وفي الشتات. فعلى سبيل المثال يمكن أن تعزز هذه التداعيات إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية على أسس ديمقراطية وتمثيلية جديدة، فضلاً عن مشروع وطني جديد.

زوال السلطة الفلسطينية لن ينهي القضية الوطنية الفلسطينية، فمع السلطة الفلسطينية أو بدونها، يصعب على النظام الإسرائيلي أن يدعي انتصار المشروع الصهيوني بينما نصف الشعب الفلسطيني لا يزال يقيم في وطنه التاريخي ويقاوم بطريقة أو بأخرى، بينما أولئك القاطنون في الشتات والمنفى ملتزمون بسردهم التاريخي وحقهم في العودة. فيمكن القول أنه من المحتمل أن يؤدي انهيار السلطة الفلسطينية – والتي تُعتبر مؤسسة فاسدة ومتواطئة – أو حلها أو إعادة تشكيلها أثناء بقاء منظمة التحرير الفلسطينية في الوجود إلى تعزيز حركة المقاطعة (BDS)، لا سيما في الولايات المتحدة وأوروبا، الأمر الذي قد يولد تضامنًا جديدًا بين بعض اليهود الإسرائيليين والعرب في المنطقة وغيرهم في جميع أنحاء العالم.

يفترض في هذا السيناريو أن حل السلطة الفلسطينية أو إعادة تشكيلها هو قرارًا تم اتخاذه من قبل منظمة تحرير فلسطينية تم إعادة إحيائها بشرعية وطنية، وباعتراف عربي ودولي. وسيستند هذا التجديد إلى فرضية أن منظمة التحرير الفلسطينية سبقت اتفاقيات أوسلو ولم تنبثق عنها مثل السلطة الفلسطينية، حيث تتمتع منظمة التحرير الفلسطينية بسجل وطني وثوري واسع ولا تزال تتمتع بسلطة تقرير مصير ودور ومهام السلطة الفلسطينية. فإذا قررت منظمة التحرير الفلسطينية حل السلطة الفلسطينية، فيجب وضع مجموعة من الإجراءات لمنع التفكك الاجتماعي في الضفة الغربية وغزة وظهور تشكيلات أو عصابات قبائلية محلية. وسيكون من الضروري أيضًا إنشاء هياكل تحافظ على تمكين المجتمع المدني الفلسطيني في جميع أنحاء العالم، فضلاً عن تعزيز التضامن بين مختلف مكونات الشعب الفلسطيني. قد يتطلب حل السلطة الفلسطينية أيضًا مرحلة انتقالية لإنشاء بديل وطني وتوفير قيادة محلية للفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة، وهذا من شأنه أن يمنع ظهور مجموعات بتحريض من الجهات الفاعلة المحلية أو النظام الإسرائيلي، والتي يمكن أن تتعارض مع المصالح والحقوق الوطنية.

كما سيكون من الضروري تعزيز تطوير مؤسسات المجتمع المدني التمثيلية والشاملة لتشكيل الأسس القاعدية لمنظمة التحرير الفلسطينية التي تم إحياؤها، والتي ستكون ضرورية لتعزيز الروابط بين الفلسطينيين من خلفيات قطاعية ومهنية وتضامنية مختلفة – والذين يتشاركون في التطلعات التحررية والديمقراطية – وكذلك مع حركات العدالة الاجتماعية الأخرى. ولا ينفي هذا الخصائص الفريدة لكل مجموعة واحتياجاتها وحقوقها الحالية والتاريخية، فضلاً عن استراتيجيتها النضالية، بل ستكون هذه المؤسسات تعددية في الأساس.

إذا انهارت السلطة الفلسطينية قبل إعادة إحياء منظمة التحرير الفلسطينية وقبل إعادة تشكيل وظائف ومؤسسات السلطة، سيتوجب التركيز أولاً على معالجة تفكك المجتمع على أسس جغرافية أو قبائلية أو عائلية، حيث سيتوجب التركيز على منع تدهور الوضع الأمني من خلال تشكيل عصابات تسيطر على السلطة وتبتز الأموال وتعمل مع قادة محليين أو وكلاء لقوى خارجية، بما فيها النظام الإسرائيلي والسلطات الإقليمية.

كما سيكون من الضروري حماية حقوق الفئات المهمشة مثل النساء والفقراء وكبار السن والأطفال والعاطلين عن العمل واللاجئين. بل فسيكون من المهم تمكين هذه المجموعات من خلال إنشاء منظمات تتقاطع مع الجنس والطبقة الاجتماعية والعمر ومكان الإقامة. قد يكون هذا مستوحى من التعبئة السابقة، بما في ذلك اللجان الشعبية خلال الانتفاضة الأولى والتي مكنت المواطنين من الصمود في وجه الاحتلال الإسرائيلي من خلال التضامن والتعاضد، إضافة إلى دورها في تنظيم مختلف أشكال المقاومة الشعبية.

وفي الواقع، كانت الانتفاضة الأولى هي التي أعادت التمثيل لمؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية وحشدت المكونات الأخرى للمجتمع الفلسطيني لدعم النضال الوطني الفلسطيني الشعبي، كما أنها كانت الدافع وراء التضامن الشعبي العربي والدولي. تشكل أمثلة العصيان المدني والمقاومة الشعبية والتضامن المحلي المنظم في التاريخ الفلسطيني الحديث دروسًا مهمة يجب أن تتعلم منها مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات السياسية في الضفة الغربية وغزة، وكذلك حركات التضامن العربية والدولية، في حالة حل السلطة الفلسطينية سواء قبل أو بعد إحياء منظمة التحرير الفلسطينية.

جميل هلال هو باحث اجتماعي وكاتب فلسطيني مستقل. نشر العديد من الكتب والمقالات عن المجتمع الفلسطيني، الصراع العربي الإسرائيلي، وقضايا الشرق الأوسط. شغِل هلال، وما...
(2022, نوفمبر 21)
إذا انهارت السلطة الفلسطينية قبل إحياء منظمة التحرير الفلسطينية وقبل تشكيل وظائف ومؤسسات السلطة، سيتوجب التركيز أولاً على معالجة تفكك المجتمع على أسس جغرافية أو قبائلية أو عائلية.
في هذه المقالة

أحدث المنشورات

 السياسة
يقع محو الشعوب الأصلية في صميم السرديات الاستيطانية الاستعمارية، إذ تعتمد هذه السرديات على إنكار وجود الجغرافيات والمجتمعات والتاريخ لتبرير تهجير السكان الأصليين وإحلال مستوطنين مكانهم، ولم يزِغ المشروع الصهيوني عن هذا النهج. فمن الأساطير التي قام عليها زعمُه أنه "أحيا الصحراء"، وأن المستوطنين الأوائل أسسوا درَّة تاجه، تل أبيب، من كثبان رملية قاحلة وخلاء مُقفرٍ غير صالحٍ للسكن. تطمس هذه الرواية حقيقةَ أن تل أبيب أُنشئت بدايةً على مشارف مدينة يافا الفلسطينية المزدهرة والعامرة بالحياة الثقافية، المشهورة بتجارة البرتقال الرائجة. أمّا اختيار وصف "الكثبان الرملية"، فيوحي بالخلاء ويُخفي الحياة الزراعية والاجتماعية النابضة التي كانت مزدهرة في المنطقة. وقد أسهمت هذه الرواية التي صوَّرت الأرض وكأنها لم تكن صالحة للعيش حتى مجيء المستوطنين في تبرير سلبها والتغول الاستعماري فيها. وقد تسارعت هذه العملية في أعقاب 1948، حين ضمت تل أبيب أراضي القرى الفلسطينية المطهَّرة عرقيًّا، بما فيها صميل وسَلَمة والشيخ مُوَنِّس وأبو كبير، لتمتد في نهاية المطاف إلى مدينة يافا. إن هذا الخطاب الاستعماري الاستيطاني نفسه هو ما يغذي الحرب الإبادية المستمرة على غزة، إذ يُعاد تأطير الدمار من خلال رواية "عدم صلاحية القطاع للعيش،" التي تصوِّر غزة كأنقاض، وهي رواية بعيدة عن الحياد. يرى هذا التعقيب أن مصطلح "غير صالح للعيش" مصطلحٌ مشحون سياسيًّا يعفي الجاني من المسؤولية، ويُعيد إنتاج المحو الاستعماري، ويشكِّل السياسات والتصورات العامة بطرق تؤثر في حياة الفلسطينيين ومستقبلهم تأثيرًا عميقًا. ويتناول التعقيب جذورَ هذا الخطاب ووظيفته وتبعاته في إطار المنطق الأوسع للاستعمار الاستيطاني. ويدعو في خاتمته إلى تحوُّل جذري في اللغة، من روايات تتستر على العنف إلى روايات تُثبِّت الوجود الفلسطيني وتاريخه وحقه في السيادة.
عبدالرحمن كتانة· 27 أغسطس 2025
 السياسة
في مختبر السياسات هذا، ينضم إلينا الأستاذ جابر سليمان، والأستاذ وسام سباعنة، بمشاركة الميسر فتحي نمر، في جلسة تحليلية تبحث في دلالات خطة نزع سلاح اللاجئين الفلسطينيين، وتقاطعاتها مع الحسابات الإقليمية.
تَطرح هذه الحلقة النقاشية بمشاركة محلِّلات السياسات في "الشبكة": ديانا بطو، وإيناس عبد الرازق، والمديرة المشاركة للشبكة يارا هواري الأسئلة التالية: لماذا الآن؟ وما المصالح السياسية أو الإستراتيجية وراء هذه الاعترافات؟ وماذا يعني الاعتراف شكليًّا بدولة فلسطين دون التعرض لبُنى الاحتلال والفصل العنصري والنظام الإبادي الذي يغذِّي استمرارها؟
Skip to content